أبوظبي (الاتحاد)
شهد سموّ الشيخ ذياب بن محمد بن زايد آل نهيان، عضو المجلس التنفيذي لإمارة أبوظبي، إعلان مبادرة «بلوغ الميل الأخير» ومنظمة «ملاريا نو مور» توسيع مبادرتهما المعنية بالمناخ والصحة العالمية «التنبؤ بمستقبل صحي»، من خلال دعمها بمنحة جديدة لمدة ثلاث سنوات بمبلغ خمسة ملايين دولار أميركي. وتمثل مبادرة «التنبؤ بمستقبل صحي» اتحاداً يضم منظمات صحية وتقنية رائدة تعمل على الحد من تأثير تغير المناخ على المساعي الرامية للقضاء على المرض. وتأتي المبادرة، التي تم إطلاقها في عام 2020 من خلال التمويل الأولي المقدم من مبادرة بلوغ الميل الأخير، في مقدمة الجهود المبذولة للقضاء على الملاريا المرتبطة بالتغيرات المناخية.
ومن خلال تطوير أدوات للتنبؤ الصحي بانتشار هذه الأمراض ووضع خطط ممنهجة وسياسات داعمة لمساعدة الحكومات على تنفيذها، يمكن تحديد التوقيت الملائم للتدخلات الصحية اللازمة واستهداف هذه الأمراض بشكل أكثر فعالية. وقع وثيقة تمديد المبادرة كل من نصار المبارك، ممثل مبادرة بلوغ الميل الأخير، ومارتن إيدلوند، الرئيس التنفيذي لمنظمة ملاريا نو مور، والبروفيسور الدكتور إريك زينغ، رئيس جامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي.
وأكد سموّ الشيخ ذياب بن محمد بن زايد آل نهيان، أن دعم مبادرة «التنبؤ بمستقبل صحي» يأتي امتداداً لجهود دولة الإمارات العربية المتحدة المستمرة في مكافحة الأمراض التي يمكن الوقاية منها والتي أطلقها المؤسس المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، «طيب الله ثراه».
وأضاف سموّه: «أنه بتوجيهات صاحب السموّ الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، «حفظه الله» تواصل دولة الإمارات العمل بالتعاون مع أبرز الشركاء والمؤسسات المتخصصة في مجال الصحة العالمية، وذلك من خلال إطلاق شراكات هادفة يكون لها تأثير حقيقي وملموس في مساعدة المجتمعات لتعيش حياة أكثر صحة».
وثمّن سموّه الإنجازات التي تحققت بفضل الجهود الدؤوبة التي يبذلها فريق عمل مبادرة «التنبؤ بمستقبل صحي» وشركاؤها، بالإضافة إلى الدعم الكبير من الشركاء في جامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي والجهود المشتركة للقضاء على هذا المرض والاقتراب من عالم خالٍ من الملاريا».
أقدم الأمراض
وتعد الملاريا إحدى أقدم الأمراض وأكثرها فتكاً في العالم، والتي تطيل دورة الفقر في العديد من المجتمعات والدول وتدمر العائلات.
ووفق تقرير الملاريا العالمي لعام 2021 الصادر عن منظمة الصحة العالمية، بلغت حالات الإصابة بالملاريا 247 مليون حالة وأكثر من 619 ألف وفاة، وكانت كل ثلاث من أربع حالات وفاة هي لأطفال لم تتجاوز أعمارهم الخمس سنوات.
وفي الوقت الذي يأتي فيه العمل المناخي على رأس جداول الأعمال الحكومية في جميع أنحاء العالم، فإن تأثير تغير المناخ في القضاء على الملاريا وغيره من الأمراض المعدية الحساسة للمناخ يمثل قضية ملحة، حيث يؤدي ارتفاع درجات الحرارة وتغير أنماط هطول الأمطار والطقس القاسي إلى تعطيل النظم الصحية وتغيير نطاق الأمراض المنقولة ومواسم انتشارها. ويجدر بالذكر أن صنفاً واحداً من البعوض والذي يحمل اسم «أنوفيليس ستيفنسي»، استطاع توسيع نطاق انتشاره ليشمل المناطق المأهولة وأظهر مقاومة متزايدة لمختلف أنواع المبيدات الحشرية.
ووفقاً لتقرير منظمة الصحة العالمية، تم إطلاق مبادرة جديدة في سبتمبر الفائت تهدف إلى الحد من انتشار هذا الصنف من البعوض، عبر زيادة عمليات المراقبة وتحسين تبادل المعلومات اللازمة وزيادة أولوية الأبحاث المتعلقة بهذا الصنف.
وتشهد الجهود المبذولة نحو القضاء على مرض الملاريا تقدماً ملحوظاً في النتائج المرجوة، حيث أظهر تقرير الملاريا العالمي لعام 2021 تسجيل 35 دولة موبوءة أقل من 1000 حالة إصابة جديدة بالملاريا، فيما تراجعت أعداد الوفيات المرتبطة بالملاريا في خمس من البلدان الأكثر تأثراً بالمرض، وتشير هذه النجاحات المحققة في محاربة الملاريا إلى أن استخدام الأدوات المناسبة وتوجيه التمويلات كفيل بإنقاذ الكثير من الأرواح.
شراكة مبتكرة
تمثل مبادرة «التنبؤ بمستقبل صحي» شراكة مبتكرة مع منظمة «ملاريا نو مور» واتحاداً من الشركات العالمية العاملة في مجال الصحة والتكنولوجيا.
وأكدت مبادرة «بلوغ الميل الأخير» التزامها بدعم مبادرة «التنبؤ بمستقبل صحي» من خلال التزامها بتقديم «5» ملايين دولار لدعم جهود الأخيرة، وتم تقديم جائزة تمهيدية من قبل بلوغ الميل الأخير قدرها «1.5» مليون دولار، قدمتها خلال عام 2020 لتقييم جدوى إستراتيجيات الملاريا المستندة إلى المناخ. كما تتلقى المبادرة دعماً من شركة (The Weather Company) التابعة لشركة (IBM) ومؤسسة (Tableau Foundation) وأعضاء آخرين.
وفي شهر يناير 2022 أطلقت مبادرة «التنبؤ بمستقبل صحي» المعهد الجديد للملاريا والحلول المناخية (IMACS)، وهو معهد عالمي يعنى بمكافحة الملاريا في مواجهة تغير المناخ وتقلبات الطقس.
الأهداف الأساسية
تتضمن المرحلة الثانية من مبادرة التنبؤ بمستقبل صحي الأهداف الأساسية التالية: زيادة الوعي والعمل في المجالات المشتركة بين تغير المناخ والصحة العالمية، من خلال توعية صناع السياسات وقادة الفكر والجهات المانحة، بشأن التأثير المتزايد لتغير المناخ على صحة الإنسان وتعزيز الاستثمار في الحلول الاستباقية القائمة على التكنولوجيا، بجانب إصلاح السياسات الداعمة واللازمة لتبني أنظمة صحية مرنة.
وكذلك تحسين فعالية أنظمة الإنذار المبكر من الأمراض، وتشمل توسيع شبكة الخبراء الذين يقودون تطوير أنظمة إنذار مبكر متطورة وإظهار إمكانات الذكاء الاصطناعي ومصادر البيانات الجديدة في إنشاء أنظمة تنبؤ واستجابة دقيقة بصورة متزايدة للملاريا وغيرها من الأمراض المعدية التي تتأثر للمناخ. ودعم تنفيذ حلول التنبؤ والتخطيط من خلال توفير الدعم الفني للأنظمة الصحية لتصميم حلول ناشئة لتلبية المتطلبات المحلية، إضافة إلى التكامل مع الأنظمة الحالية ومصادر البيانات واعتماد السياسات والممارسات اللازمة للحفاظ عليها، بجانب التحقق من التأثير على القضاء على المرض الجهود وفعالية التكلفة.
تمهيد الطريق
قال مارتن إيدلوند، الرئيس التنفيذي لمنظمة ملاريا نو مور، إنه بعد جمهورية مصر العربية ينقل العالم مساعيه وآماله فيما يتعلق بجهود مواجهة تغير المناخ إلى دولة الإمارات التي تستضيف مؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ «COP28» العام الحالي، مشيراً إلى أنه نظراً للمساعي التي تبذلها دولة الإمارات للقضاء على الأمراض منذ فترة طويلة، فإنها بلا شك الوجهة المثالية لتسليط الضوء على الآثار المعقدة لتغير الظروف المناخية على أمراض مثل الملاريا.
وأضاف: أنه مع الالتزام المتجدد للشركاء المؤسسين وفي مقدمتهم مبادرة «بلوغ الميل الأخير»، فإن مبادرة «التنبؤ بمستقبل صحي» تأمل بتمهيد الطريق لاعتماد حلول صحية عالمية ومبتكرة من شأنها توفير الحماية للأشخاص والمجتمعات الأكثر ضعفاً في سياق تغير المناخ. وابتداءً من شهر ديسمبر عام 2022، يطلق المعهد الجديد للملاريا والحلول المناخية «IMACS» عملياته في جمهورية إندونيسيا بالتعاون مع جامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي والشركاء في إندونيسيا من القطاع العام والأوساط الأكاديمية. وقال البروفيسور إريك زينغ رئيس جامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي: «أصبح الذكاء الاصطناعي أداة قوية للباحثين وصانعي القرارات بفضل الكميات الهائلة من البيانات التي تساهم في وضع الرؤى واتخاذ القرارات المناسبة، كما هو الحال بالنسبة للبيانات التي تتوفر لدينا عن الملاريا وطرق انتقاله، والتأثيرات البيئية والمناخية على انتشاره، التي تساعد في تطوير استراتيجيات تضمن لنا على القضاء على هذا المرض». وأضاف: «أنه من خلال التعلم الآلي، يمكننا تحليل كميات هائلة من بيانات الأقمار الصناعية والأحوال الجوية في الوقت الفعلي للتنبؤ بالتغيرات المناخية المحتملة وتوجيه الفرق المعنية لتحليل وتحديد المخاطر الوشيكة واتخاذ الإجراءات المناسبة تجاهها. وبصفتنا أول جامعة بحثية للذكاء الاصطناعي في العالم، يشرفنا أن ندعم منظمة ملاريا نو مور، ومبادرة بلوغ الميل الأخير، في جهودهما لتخليص البشرية من الملاريا إلى الأبد».