آمنة الكتبي (دبي)
كشف الدكتور حمد المرزوقي، مدير مشروع الإمارات لاستكشاف القمر أنه سيتم الإعلان قريباً عن اتفاقية تعاون مع 3 محطات أرضية عالمية للتواصل مع المستكشف راشد، بهدف زيادة نافذة التواصل مع المستكشف، مبيناً أن المحطة الأرضية في دبي تسمح بعدد 6 ساعات للتواصل، بينما المحطات الأخرى تسمح بساعات أكثر تصل إلى 20 ساعة ونصف الساعة في اليوم. وأضاف: سيتم جدولة عمليات التواصل مع المستكشف راشد مع المحطات الأرضية المختلفة، ولفت إلى وجود نظام اتصال رئيس، والذي سيتم استخدامه بشكل أساسي، وسيكون عن طريق مركبة الهبوط في إرسال كل البيانات وأوامر القيادة، وفي حالة وجود أي مشكلة في هذا النظام سيتم الاعتماد على نظام الاتصال الاحتياطي الموجود على المستكشف، وهو وسيلة الاتصال الرئيسة بين المستكشف والمحطة.
وبين أنه يتم التواصل مع المستكشف راشد يومياً من خلال المحطة الأرضية لمدة 10 دقائق، ويتم تشغيل نظام الكمبيوتر ونظام الاتصال والنظام المسؤول عن قياس درجات الحرارة، وكذلك نظام البطارية ونظام الطاقة للتأكد من كفاءة عمل الأجهزة، بهدف جمع البيانات وتنزيلها بالمحطة الأرضية بالخوانيج، موضحاً أن جميع أجهزته مستقرة.
وأضاف: سيتم التواصل بشكل يومي مع المستكشف حتى وصوله إلى سطح القمر في أبريل المقبل، ومن ثم ستبدأ المهمة الأساسية، وقبل ذلك سيتم التأكد من سلامة الأجهزة والتأكد من صحة الكاميرات ومن ثم سيتم إطلاق الذراع الروبوتية ومعايرة نظام التشغيل، ونظام الاتصال الهوائي.
وقال مدير مهمة الإمارات لاستكشاف القمر: سيتم توفير البيانات العلمية لمهمة المستكشف راشد مجاناً للمجتمع العلمي الدولي وذلك بعد عام من انتهاء المهمة، حيث سيتم تجميعها وتحليلها ومعالجتها ووضعها في المنصة العلمية، مؤكداً أن الخطة العلمية جاهزة قبل تنفيذها وتتم مراجعتها من قبل الفريق العلمي.
وأكد أن هناك فريقاً علمياً لمهمة الإمارات لاستكشاف القمر يضم 30 عالماً من جهات عالمية مختلفة، حيث سيتم توفير البيانات لهم بطريقة سريعة وسلسلة خلال المهمة وبعدها ومن ثم سيتم مشاركتها للمجتمع العلمي، موضحاً أن المخرجات العلمية للمهمة ستكون إضافة للمجتمع العلمي العالمي ومن بينها برنامج مهمة أرتميس الأميركية، خاصة أن مثل هكذا بيانات لمختلف المهمات العالمية يمكن مشاركتها وإفادة الجميع منها.
وحول المسافة التي سيقطعها المستكشف يومياً، قال المرزوقي: لا تعتمد مركبة هبوط المستكشف على المسافة التي تقطعها يومياً، بقدر المسار الذي تتخذه، والمتمثل بالخروج من مدار كوكب الأرض للوصول إلى أبعد نقطة عن الكوكب، البالغة 1.4 مليون كيلومتر، وذلك في 20 يناير 2023، والتي تعتبر النقطة المحورية لإعادة توجيه المسار بطريقة صحيحة، كي يتم ما يشبه السقوط الحر نحو الجاذبية القمرية، والذي يستغرق إلى حتى مارس المقبل، ليبدأ لاحقاً الدخول في المدار القمري.
وأضاف: هذه النقطة المحورية هي التي ستحدد مدى نجاح المهمة وكفاءتها وهبوط المركبة على سطح القمر والموقع المحدد لذلك، كذلك مرحلة الدخول في المدار حول القمر، والتي تتطلب تعديلاً في المسار، بالإضافة إلى الهبوط على سطح القمر، مبيناً أنه إذا كان الخطأ كبيراً في إحداثيات المسار، فإنه قد يتسبب في فشل المهمة، كما أن «شركة آي سبيس» زودت المركبة بكمية وقود أكثر من اللازم، تحسباً لأي تعديل بالمسار، لكن أحياناً من الصعب تعديل بعض الأخطاء وخاصة بالإحداثيات.
وبين أن مدة الرحلة لا تعتمد على نوع الوقود بقدر الكمية التي يتم حرقها، حيث إن أقرب مدة وصول للقمر تتطلب 6 أيام، لكنها تتطلب أيضاً حرق وقود أكثر، موضحاً أن مهمة الإمارات مختلفة، حيث إن «آي سبيس» اعتمدت على قوة دفع صاروخ الإطلاق «فالكون 9»، والذي وضع مركبة الهبوط في مدار يسمح لها بالابتعاد مسافة 1.4 مليون كم، وبعد ذلك فإن الوقود المطلوب حرقه يكون خلال تعديل المسار بأوقات محددة.
وقال المرزوقي: إن المهمة تشمل 7 مراحل أساسية، وقد تم النجاح في أول 4 منها، وهي الإطلاق، والتأكد من سلامة المركبة بشكل عام، والتأكد من سلامة الحمولة بالمركبة ومن ضمنها «المستكشف»، كذلك التأكد من قدرة أنظمة الدفع والتحكم بالمسار على المضي قدماً.
أول صورة
حول أول صورة سيتم التقاطها فور الهبوط على سطح القمر، قال المرزوقي: ستكون من الكاميرا الأمامية لمركبة الهبوط، والتي ستلتقط موقع نزول المستكشف، من أجل قيام الفريق بدراسة طبيعة المنطقة وتضاريسها تفادياً لمواجهة صعوبات محتملة، يلي ذلك منح الإذن لـ«آي سبيس» بإنزال المستكشف، حيث سيتم حينها التقاط صورة أخرى للمستكشف في منطقة الهبوط، ومن ثم سيتم التقاط أكثر من صورة بوساطة كاميرا الذراع الروبوتية الخاصة بالمستكشف للمنطقة المحيطة به، ثم يتم تحرير المستكشف من منصة الإنزال، يبدأ أولى خطواته على تربة القمر.
وتابع: وبعد نزول مركبة الهبوط على سطح القمر، فإنها تحتاج إلى 8 ساعات، للتأكد من سلامة الأنظمة جميعها وتشغيل نظام الاتصال السريع، كما أن المستكشف راشد يحتاج إلى 4 ساعات لتحرير الذراع الروبوتية وهوائي الاتصال من أجل إجراء سلسلة الاختبارات قبل بدء مهامه.
مهمة المستكشف
قال د. حمد المرزوقي، مدير مشروع الإمارات لاستكشاف القمر إن مهمة المستكشف على سطح القمر ستستغرق نهاراً قمرياً واحداً، يبدأ بعد شروق الشمس في منطقة الهبوط على سطح القمر، إلى ما قبل غروب الشمس، حيث يعمل المستكشف خلال هذه الفترة على تنفيذ الفكرة الأساسية من المهمة، وهي التحرك على سطح القمر، وزيارة أماكن مختلفة، وكل موقع ستكون له خطة علمية واضحة، تشمل التصوير وقياس الشحنات الكهربائية، وتكون هذه الخطط بالتنسيق بين الفريقين العلمي والهندسي في المركز، ومن ثم ترسل إلى فريق العمليات، الذي بدوره ينفذ الخطة، ويستقبل البيانات، لافتاً إلى أن الفريق لديه المرونة لتغيير الخطط بناء على الواقع على سطح القمر، ويتم ذلك بسرعة فائقة لتحقيق الاستفادة القصوى من مدة المهمة على سطح القمر.
ولفت إلى أن النهار القمري يشهد شروق الشمس واستمرارها حتى غروبها لمدة 14 يوماً، من أيام الأرض، ثم يدخل في سُبات ليلي، وتغلق أجهزته كافة، موضحاً أنه تبلغ مدة رحلة المستكشف إلى القمر أربعة أشهر، مؤكداً أن عمل الأجهزة في النهار القمري التالي ستكون مهمة إضافية، لأن المهمة الأساسية تكون في النهار القمري الذي يسبق دخوله في السبات الليلي.
وأوضح أنه بعد الانتهاء من المهمة الرئيسة سوف يحاول الفريق إجراء مهمة إضافية، وسيتم التواصل مع المستكشف عن طريق المحطة الأرضية في الخوانيج، بالإضافة إلى محطات أرضية إضافية، والتأكد من طاقة المستكشف وكفاءته لإجراء تجارب علمية إضافية، موضحاً أنه إذا تم تشغيل المستكشف راشد بعد المهمة المحددة يعد إنجازاً كبيراً لأن أغلب المهمات تنتهي بعد الليل القمري، من دون الحاجة إلى الطاقة النووية.
وأوضح أنه بعد هبوط المستكشف على سطح القمر سيتم إجراء معايرة واختبار كفاءة النظام الميكانيكي والأجهزة الخاصة به، وذلك استعداداً لبدء المهمة العلمية والتحرك في منطقة «ماري فريغوريس»، وتحديداً منطقة «فوهة أطلس» التي تم اختيارها، حيث سيتحرك في محيط دائرة نصف قطرها 500 متر.
وأضاف أن تحرك المستكشف يعتمد على وجوده بقرب مركبة الهبوط اليابانية «هاكوتو- آر» وذلك لتوفير اتصال جيد بينهما يساعد على تنفيذ الأوامر بدقة، حيث يجب أن يكون المستكشف في مجال رؤية واضح للمركبة، كما أنه ومن جانب آخر فإن حركة المستكشف ترتبط بزاوية أشعة الشمس التي تعتمد عليها خلايا الألواح الشمسية في الحصول على طاقتها التي تساعدها بتنفيذ المهمة، لافتاً إلى أن توفير بيانات علمية دقيقة وجديدة أهم في هدفه من زيادة تحرك المستكشف في محيط مكاني أكبر.
وعن طبيعة التواصل بين فرق عمل مهمة الإمارات لاستكشاف القمر، بين أن هناك تواصلاً بين الفريق العلمي والهندسي والعمليات، بحيث يتم وضع الخطط لتنفيذ المهمة بالتنسيق بينها جميعاً، حيث لكل فريق أدوار مناطة له، ويعتمد عليها عمل الفريق التالي، ولذلك فإن هذه الفرق وخلال مرحلة الرحلة الجارية، يقومون بإجراء العديد من التدريبات والتنسيق ومحاكاة تنفيذ المهام استعداداً للمرحلة الأهم والهبوط بنجاح على سطح القمر.
تصوير سطح القمر
أوضح المرزوقي أن المهمة العلمية تتركز على تصوير سطح القمر من غير التفاعل على التربة، مبيناً أن المستكشف يتميز بعدد من المزايا والمواصفات التقنية العالية الجودة والكفاءة، منها كاميرات ثلاثية الأبعاد، ونظام تعليق وأنظمة استشعار واتصال متطورة، إضافة إلى هيكل خارجي وألواح شمسية لتزويده بالطاقة.
وأضاف: سيعمل المستكشف بالاعتماد على ألواح الطاقة الشمسية، حيث يضم 4 كاميرات تتحرك عمودياً وأفقياً، تشمل كاميرتين أساسيتين، وكاميرا المجهر، وكاميرا التصوير الحراري، إضافة إلى أجهزة استشعار وأنظمة مجهزة لتحليل خصائص التربة والغبار والنشاطات الإشعاعية والكهربائية والصخور على سطح القمر، كما يتضمن نظاماً لتعزيز كفاءة التصاق عجلات المستكشف بسطح القمر، وتسهيل عملية تخطي الحواجز الطبيعية، وهيكلاً متيناً لحماية الأجهزة والمحركات من تغير درجات الحرارة.
سبب تأجيل الإطلاق
تطرق مدير مشروع الإمارات لاستكشاف القمر إلى سبب تأجيل إطلاق المستكشف راشد على متن الصاروخ «سبيس إكس»، أكثر من مرة وأن سبب ذلك كان لوجود أسباب فنية بالصاروخ، والتي كان لزاماً معها تأجيل الإطلاق لحين التأكد من كفاءته، مبيناً أنه وفي مثل هذه الحالات لا يجب على الإطلاق المجازفة، خاصة إذا كانت هناك نسبة ضئيلة لوجود موانع فنية توفر إطلاقاً ناجحاً.
رحلة
بين المرزوقي أنه حالياً تتم متابعة رحلة المستكشف من خلال محطة التحكم الأرضية في مركز محمد بن راشد للفضاء، وأنهم مرتاحون جداً كفريق عمل لأدائه حتى الآن والذي ينعكس من خلال البيانات التي يتم استلامها يومياً خلال اختبارات الأداء لأجهزته، فيما ستستمر هذه المراجعات والاختبارات حتى الوصول إلى سطح القمر بحلول أبريل المقبل.
وذكر أنه فيما يخص المهمات التي ستذهب للقمر حالياً، فإنه يوجد 3 مهمات من بينها مهمة الإمارات، فضلاً عن مهمتين أخريين أميركيتين، واللتين كان مقرراً إطلاقهما في 2021، لكن جائحة كوفيد 19 أجلت الإطلاق، فيما أتاح ذلك الفرصة لمهمتهم للانطلاق أولاً، مشيراً إلى أن تعاونهم مع الشركة اليابانية آي سبيس خلال أول مهمة تجارية لها، هو أمر جيد خاصة أنها الأولى من نوعها للقمر، وأن المهمات العالمية حالياً بدأت تتجه للشركات التجارية في إطلاقها بما توفره من خدمات وتسهيلات كبيرة، وأن العديد من وكالات الفضاء بدأت تتجه نحو ذلك.