عدد اليوم
أبوظبي (الاتحاد)
أشاد ماديار مينيلبيكوف سفير جمهورية كازاخستان الصديقة لدى الدولة، بالمستوى الرفيع من الشراكة والتعاون والتفاهم بين بلاده ودولة الإمارات، بفضل ما تحظى به هذه العلاقات من رعاية واهتمام ودعم القيادة في البلدين الصديقين، وما يجمعهما من تفاهم ووجهات نظر متطابقة تجاه العديد من القضايا الإقليمية والدولية. وقال في حوار مع «الاتحاد»، بمناسبة حلول الذكرى الثلاثين لإقامة العلاقات الدبلوماسية بين جمهورية كازاخستان، ودولة الإمارات العربية المتحدة، إن المستوى الرفيع لما تحقق للعلاقات بين البلدين ترجمته الزيارات الرفيعة المستوى المتبادلة بينهما على أعلى المستويات والوفود الرسمية في مختلف القطاعات، مضيفاً أن هذه الزيارات واللقاءات أسهمت في تعزيز العلاقات بين البلدين الصديقين، وأكسبتها زخماً متواصلاً تجسد في كون الإمارات أحد الشركاء التجاريين الرئيسيين لكازاخستان في منطقة الشرق الأوسط وواحدة من الوجهات الأكثر شعبية لرجال الأعمال الكازاخستانيين، مشيراً إلى أن حجم التبادل التجاري بين البلدين خلال 10 أعوام بلغ 3.75 مليار دولار أميركي، وهناك خطط وبرامج لتوسيع آفاق الشراكة والتعاون الاقتصادي والتجاري للفترة المقبلة، مع وجود 23 مشروعاً في كازاخستان، بمشاركة رأس المال الإماراتي، بقيمة 4.2 مليار دولار.
وفي ما يلي نص الحوار:
*يصادف هذا العام الذكرى الثلاثين لتأسيس العلاقات الدبلوماسية بين كازاخستان والإمارات.. كيف تقيمون المستوى الذي وصلت إليه علاقات البلدين؟
- في الواقع، يصادف الأول من أكتوبر 2022 مرور 30 عاماً على إقامة العلاقات الدبلوماسية بين جمهورية كازاخستان ودولة الإمارات العربية المتحدة.
وتعتبر الذكرى الثلاثون للعلاقات الدبلوماسية مناسبةً جيدةً لتذكر المعالم الرئيسية على الطريق الذي قطعناه لتقييم الآفاق التي يفتحها لنا المستقبل. فعلى مدى ثلاثة عقود شهد العالم تغيرات كبيرة في القياس الإقليمي والعالمي وفي العلاقات بين الدول. على الرغم من ذلك، فإن المبادئ التي تقوم عليها العلاقات بين جمهورية كازاخستان ودولة الإمارات العربية المتحدة ظلت دائماً ثابتة بفضل الدعم المتبادل والإرادة السياسية الراسخة لقادة البلدين. ولقد كان افتتاح سفارة لدولة الإمارات العربية المتحدة في عاصمة كازاخستان عام 2005 وسفارة لكازاخستان في أبوظبي عام 2006 بمثابة صفحة جديدة في العلاقات الثنائية بين البلدين وتعزيز التعاون بينهما.
لقد أصبح المستوى العالي من التطور في العلاقات الكازاخستانية الإماراتية ممكناً بفضل إنشاء إطار قانوني متين وتبادل منتظم للزيارات على أعلى المستويات. وتظل العلاقات التجارية والاقتصادية والاستثمارات المتبادلة مجالات رئيسية للتعاون بين البلدين، ويستمر العمل النشط لتعزيز التعاون في المجالات العلمية والتعليمية والتكنولوجية والثقافية والإنسانية.
* لقد تحدثتم عن الزيارات على أعلى المستويات، فهل من إضاءة أوسع في هذا الصدد؟
- على مدار 30 عاماً تمت إقامة حوار سياسي موثوق بين البلدين على أعلى المستويات، وشهدت تطوير العلاقات التجارية والاقتصادية والثقافية والإنسانية والبرلمانية.
تتميز العلاقات الكازاخستانية الإماراتية بالزيارات النشطة على أعلى مستوى. وتم وضع أساس متين للعلاقات الثنائية نتيجة للزيارات الرسمية وزيارات العمل التي قام بها فخامة نورسلطان نزارباييف الرئيس الأول لجمهورية كازاخستان إلى دولة الإمارات العربية المتحدة (1998، 2000، 2004، 2005، 2006، 2008، 2009، 2010، 2011، 2012، 2013، 2014، 2016، 2017، 2018، 2019)، وكذلك الزيارة الرسمية للشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رحمه الله، إلى جمهورية كازاخستان في عام 2008 وزياراته الخاصة في أعوام 2004 و2006 و2007 و2009 و2010 و2011 و2013. وكما تعلم، في 15 مايو 2022 وصل فخامة قاسم جومارت توكاييف إلى دولة الإمارات لتقديم واجب العزاء شخصياً لصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، وإلى آل نهيان وشعب الإمارات في وفاة الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، حيث قرر فور تلقيه الخبر التوجه إلى أبوظبي والتعبير عن تعازيه شخصياً.
كما أود أن أؤكد أنه في يناير 2020، تمت أول زيارة رسمية لرئيس جمهورية كازاخستان قاسم جومارت توكاييف إلى دولة الإمارات العربية المتحدة. وعقد رئيس كازاخستان اجتماعات مع صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ومع صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، وكذلك مع رؤساء الشركات الوطنية الإماراتية. وتم خلال الزيارة تنظيم طاولة مستديرة مع «قادة الأعمال» الإماراتيين بمشاركة أكثر من 50 شركة إماراتية كبرى. وفي عام 2021 تم تنظيم ثلاث زيارات لرئيس وزراء جمهورية كازاخستان إلى دولة الإمارات العربية المتحدة.
وفي 19-20 سبتمبر 2022 قام رئيس وزراء جمهورية كازاخستان معالي علي خان إسماعيلوف بزيارة رسمية إلى دولة الإمارات العربية المتحدة. وبالتالي فإن استمرار كثافة اجتماعات القمة الجارية يؤدي إلى نتائج حقيقية في مجال التعاون السياسي والاقتصادي.
ومما لا شك فيه أن مثل هذه الزيارات تعطي دفعة للتعاون بين البلدين وتعكس حقيقة أن العلاقات بين البلدين لها جذور عميقة وآفاق كبيرة.
* ما أثر الزيارات المبادلة في إضفاء زخم على العلاقات بين كازاخستان والإمارات في مختلف المجالات السياسية والاقتصادية والاستثمارية؟
- تتكون القاعدة القانونية للتعاون الثنائي من أكثر من 100 وثيقة. إنها بمثابة أساس متين وتحدد الاتجاهات الرئيسية للعلاقات بين البلدين. ومنذ إقامة العلاقات الدبلوماسية هناك وجهات نظر متقاربة بشأن جميع القضايا العالمية والإقليمية الرئيسية. وتمكنا من إقامة تعاون وتفاعل فعال على منصات متعددة الأطراف، بما في ذلك من خلال الأمم المتحدة ومنظمة التعاون الإسلامي وغيرها، حيث يتخذ الطرفان مواقف مشتركة بشأن العديد من القضايا الرئيسية في السياسة الدولية. كما أن العلاقات البرلمانية الثنائية تتطور بشكل مستمر ويتم عقد المشاورات السياسية بين وزارتي الخارجية في البلدين الصديقين بشكل منتظم.
ولا شك أن التعاون التجاري والاقتصادي والاستثماري هو العنصر الأهم في العلاقات الكازاخستانية الإماراتية. حيث تعد دولة الإمارات العربية المتحدة اليوم أحد الشركاء التجاريين الرئيسيين لكازاخستان في منطقة الشرق الأوسط. على الرغم من جائحة كورونا تمكن بلدانا من الحفاظ على العلاقات التجارية، بل وحتى عززتها في بعض المجالات.
اليوم، يمكننا القول إنه نظراً لنظام الإعفاء الضريبي والاقتصاد القوي والطلب على السلع الكازاخستانية، تعد الإمارات واحدة من الوجهات الأكثر شعبية لرجال الأعمال الكازاخستانيين.
نلاحظ كل عام زيادة في عدد العقود طويلة الأجل لتوريد المنتجات من كازاخستان إلى سوق الإمارات العربية المتحدة. بالإضافة إلى ذلك، تفتح المزيد من الشركات الكازاخستانية مكاتب في دبي وأبوظبي.
وبذلك، بلغ حجم التبادل التجاري بين الدولتين في عام 2021 رقماً قياسياً - 709 ملايين دولار، وبلغت الصادرات من كازاخستان إلى الإمارات 634 مليون دولار، والواردات 75 مليون دولار.
بلغ إجمالي حجم التجارة خلال السنوات العشر الماضية (2012-2021) حوالي 3.75 مليار دولار أميركي، منها صادرات جمهورية كازاخستان إلى الإمارات 3 مليارات دولار، والواردات - 750 مليون دولار.
على مدى السنوات الخمس الماضية، زاد حجم مبيعات الصناعة التحويلية بين جمهورية كازاخستان والإمارات العربية المتحدة بنسبة 21%، بينما زادت الصادرات - بنسبة 16.3%، والواردات - بنسبة 41.3%.
ويعمل الطرفان بنشاط على استخدام جميع أدوات التفاعل بين البلدين، بالإضافة إلى الزيارات المنتظمة التي ذكرتها أعلاه، تعمل اللجنة الكازاخستانية الإماراتية المشتركة بنجاح، وقد عقدت اللجنة حتى الآن ثماني جلسات.
ومن المقرر عقد الاجتماع التاسع للجنة في نوفمبر من هذا العام. ويعتزم البلدان توسيع شراكتهما التجارية بشكل ملحوظ خلال السنوات المقبلة.
يتم إيلاء اهتمام خاص لتطوير التعاون الاستثماري. لقد حددت قيادة كازاخستان أهدافا واضحة لتوسيع وتعزيز العلاقات التجارية والاقتصادية والاستثمارية مع الدولة. أود أن أشير إلى أنه في ديسمبر 2018 تم نقل مهام واختصاصات جذب الاستثمارات إلى وزارة الخارجية. الآن، بالإضافة إلى حماية حقوق ومصالح مواطنينا في الخارج، تعمل البعثات الدبلوماسية لكازاخستان بنشاط لتعزيز سياسة الاستثمار وجذب رأس المال الأجنبي. في هذا السياق، أود أن أشير إلى العلاقات التجارية المتنامية مع المستثمرين من دولة الإمارات العربية المتحدة، المهتمين بنشاط في الزراعة والبتروكيماويات والصناعات الكيماوية والعقارات والتنمية والطاقة المتجددة والتعليم والرعاية الصحية في بلدنا. في الوقت الحاضر، يتم بالفعل تنفيذ بعض الأفكار في الصناعات المذكورة ويتم التخطيط لمشاريع جديدة. على وجه الخصوص، تم إطلاق 13 مشروعاً في كازاخستان، بمشاركة رأس المال الإماراتي بقيمة إجمالية تبلغ حوالي 1.2 مليار دولار أميركي، وحوالي 10 مشاريع أخرى تزيد قيمتها على 3 مليارات دولار في مرحلة التنفيذ النشطة. يظل بناء مجمع «أبوظبي بلازا» في نور سلطان أكبر مشروع استثماري ثنائي. التكلفة الإجمالية للمشروع 1.6 مليار دولار أميركي. المشروع في المرحلة النهائية من الاكتمال ومن المقرر الافتتاح الكامل للمجمع قبل نهاية هذا العام.
ومنذ إقامة العلاقات الدبلوماسية استثمر رواد الأعمال الإماراتيون حوالي 2.7 مليار دولار في كازاخستان. بدوره، بلغ حجم الاستثمارات الكازاخستانية في الإمارات أكثر من مليار دولار أميركي. في العام الماضي، ارتفع إجمالي تدفقات الاستثمار المباشر من الإمارات العربية المتحدة بنسبة 43% إلى 243.4 مليون دولار.
وفي الوقت نفسه، يهتم المستثمرون الأجانب بشكل خاص بالعديد من المزايا والتفضيلات، فضلاً عن الفرص المتاحة في موقع «مركز أستانا المالي الدولي». بشكل عام، أستطيع أن أشير إلى أن المستثمرين من دولة الإمارات العربية المتحدة يبدون استعدادهم واهتمامهم بتعميق التعاون التجاري والاقتصادي والاستثماري مع كازاخستان. من جانبنا، نقدم كل الدعم اللازم للمستثمرين الإماراتيين من أجل التنفيذ الناجح لمشاريعهم في كازاخستان.
أعتقد أن هناك إمكانات هائلة للتنمية في المجالات التجارية والاقتصادية والاستثمارية. لدى بلداننا آفاق واسعة للنمو والتعاون في مجالات مثل الطاقة، والطاقة المتجددة، والخدمات اللوجستية، وقطاع الصناعة الزراعية، والمستحضرات الصيدلانية، والرقمنة، والخدمات المالية.
* ماذا عن التعاون الثقافي والإنساني وتفاعل الشعوب باعتبارها من المجالات المهمة؟
- تميزت السنوات الماضية بتعميق التعاون الثقافي والإنساني بين البلدين، والذي يشكل تقليدياً مجالاً مهماً للعلاقات الكازاخستانية الإماراتية. حيث يشارك ممثلو الفن الشعبي الكازاخستاني بانتظام في مهرجان الشيخ زايد وهو مهرجان ثقافي ترفيهي عالمي. ويقام منذ عام 2009 ويهدف إلى توسيع التعاون الثقافي بين الدول المختلفة، وكذلك تعريف سكان الإمارات بالتراث الوطني والثقافي لمختلف شعوب العالم، وحرفهم وفنونهم وإبداعهم..
كما أنه في عام 2018، تم توقيع اتفاقية تعاون ثقافي بين وزارة الثقافة والرياضة في جمهورية كازاخستان ووزارة الثقافة والشباب في دولة الإمارات العربية المتحدة في نور سلطان. وتم توقيع على مذكرة تعاون في مجال السياحة بين وزارة الثقافة والرياضة في جمهورية كازاخستان ودائرة الثقافة والسياحة في أبوظبي في سبتمبر 2022.
والسياحة هي أيضاً مجال واعد للتعاون، ودولة الإمارات العربية المتحدة هي مركز سياحي عالمي معترف به. وبحسب بيانات المجلس العالمي للسفر والسياحة، قفزت الإمارات العام الماضي إلى المرتبة الثامنة عالمياً في حجم إنفاق السياح الدوليين فيها، مقارنة بالمرتبة العاشرة في عام 2019، بحسب البيانات الاقتصادية لمجلس السفر والسياحة العالمي.
وارتفعت نسبة مساهمة القطاع الإجمالية بالناتج المحلي الإجمالي للدولة عام 2021 إلى 6.4%، ما يعادل 99.1 مليار درهم، مقارنة مع 4.6% في عام 2020، أي ما يعادل 70.3 مليار درهم. وهناك أكثر من 40 رحلة جوية مباشرة في كلا الاتجاهين أسبوعياً بين مدن بلدينا.
مما لا شك فيه أن إدخال نظام الإعفاء من التأشيرة لحاملي جوازات السفر الوطنية لمواطني جمهورية كازاخستان ودولة الإمارات العربية المتحدة في عام 2018 ساهم في زيادة تدفق السياح.
بالإضافة إلى ذلك، تتعاون جمهورية كازاخستان ودولة الإمارات العربية المتحدة في مجال المساعدات المالية والفنية والإنسانية، وكذلك في مواجهة التحديات والتهديدات الحديثة، مثل جائحة COVID-19، على سبيل المثال، تجدر الإشارة إلى مساعدات الدولة في المكافحة ضد الوباء من أبريل إلى سبتمبر 2020 وبلغت حوالي 100 طن من معدات الحماية الشخصية.
كما قدمت الإمارات مليون دولار أميركي كمساعدة في إعادة التشجير في منطقة كوستاناي التي تعرضت لحرائق هائلة في سبتمبر 2022.
كما أن كازاخستان شاركت في المعرض العالمي إكسبو 2020 دبي بنجاح كبير. وساهمت المشاركة في المعرض في تعميق العلاقات الثنائية بين جمهورية كازاخستان والإمارات، وفي الواقع، على مدار 6 أشهر تابع المجتمع الدولي بإعجاب مسار إكسبو 2020 دبي واعترف على النحو الواجب بالنجاح الهائل الذي حققته دولة الإمارات العربية المتحدة في تنظيم ومحتوى مثل هذا الحدث المهم.
وكان الجناح الوطني لكازاخستان أيضاً ناجحاً. فقد تم الاعتراف بجناحنا باعتباره ثاني أفضل جناح من بين 192 دولة في العالم، بعد أن حصل على جائزة فضية من مكتب المعارض الدولية في فئة تقديم الموضوعات. بالإضافة إلى ذلك، حصل جناح كازاخستان على المركز الأول في فئة «أفضل عرض» والمركز الثالث في فئة «أفضل جناح كبير» بحسب مجلة «العارض» العالمية. ووفقاً للجنة المنظمة لمعرض إكسبو 2020 دبي، دخل جناح كازاخستان في قائمة أفضل 10 أجنحة للمعارض. خلال فترة المعرض زار جناح كازاخستان مليون و617 ألف شخص إجمالاً.
مما لا شك فيه أن المعرض ساهم في تعزيز التعاون التجاري والاقتصادي. لمدة ستة أشهر من العمل في المعرض، أقيم 51 حدثاً تجارياً وثقافياً في الجناح الكازاخستاني. ونتيجة لذلك تم توقيع 16 اتفاقية ومذكرة في مجال التعاون التجاري والاقتصادي.
