إبراهيم سليم (أبوظبي)
تعتبر العلاقات الثنائية بين دولة الإمارات العربية المتحدة وشقيقتها سلطنة عُمان وعلى امتداد أكثر من أربعة عقود نموذجاً يحتذى به لما ينبغي أن تكون عليه العلاقات بين الأشقاء، سواء على الصعيد الثنائي أو في إطار مجلس التعاون لدول الخليج العربية، علاقة البلدين تجسد وحدة المصير، وخلال السنوات الماضية قدمت القيادة الحكيمة في البلدين الشقيقين الإرادة القوية والدعم المتواصل لدفع العلاقات العميقة والراسخة بينهما إلى آفاق رحبة تضعها في مرتبة العلاقات الخاصة والمتميزة على مختلف المستويات، الأمر الذي عكس مستوى من التميز والرقي قلما تتصف به العلاقات بين الدول.
تتسم العلاقة بين الشعبين الشقيقين بالمتانة والصلابة، إضافة إلى تبادل وجهات النظر حول التطورات والمستجدات الراهنة على المستويات الخليجية والعربية والدولية، والقضايا ذات الاهتمام المشترك، مدفوعة بعلاقات ضاربة في عمق التاريخ بالجوار والمصاهرة والامتدادات الاجتماعية الغنية عبر الأزمنة.
وجسدت الزيارة التاريخية التي قام بها المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان «طيب الله ثراه» إلى سلطنة عُمان في عام 1991، نقطة انطلاق جديدة في العلاقات الأخوية للبلدين الشقيقين، وتمخض عنها عدد من الاتفاقيات المعززة للتعاون، وليجني ثمارها أبناء الشعبين حتى الآن، وأكد المغفور له على ما يكنه وشعب الإمارات للشعب العُماني من أخوة صادقة وحميمة، وتقدير عميق للسلطان قابوس، وأكد في حينها أن دولة الإمارات تعتبر التقدم والرخاء الذي تشهده السلطنة تقدم لنا ولشعبنا وأن ما تحققه السلطنة من إنجازات عظيمة يعود بالخير على الجميع، وتربطنا بإخوتنا في السلطنة أوثق الروابط التاريخية، في الماضي والحاضر والمستقبل، وهي روابط عميقة الجذور بين البلدين الحريصين على توثيق عرى التعاون بينهما لما فيه فائدة للشعبين.
علاقات أخوية
وتأتي الاتفاقيات الموقعة بين البلدين في إطار العلاقات الأخوية التي تربط البلدين والشعبين الشقيقين والتي ترتكز على وشائج القربى وصلات المودة والأسرة الواحدة وحسن الجوار، وعلى امتداد السنوات الماضية استطاعت العلاقات الاستراتيجية والمصيرية التي تجمع البلدين أن تقدم نموذجاً مميزاً من العمل الأخوي من أجل صياغة نهج شامل وواضح وراسخ قادر على التعامل والتفاعل بقوة وإيجابية مع متطلبات الحاضر والانطلاق نحو مستقبل أفضل، وقد أدى هذا التعاون إلى المجالات كافة، بما يسمح لمواطني البلدين بتحقيق المزيد من التلاحم والتعاون والعمل المستمر لصالح بلديهما استثماراً لمختلف الإمكانيات المتاحة للمحافظة على امنهما واستقرارهما وتحقيق رفاهيتهما.
لجنة عليا للتعاون
وتعزيزاً للجهود تم إنشاء اللجنة المشتركة انطلاقاً من رغبة كلا البلدين في تطوير وتعزيز التعاون الفعال بينهما على مبدأ المصلحة المتبادلة والمشتركة في مختلف المجالات، وتنفيذاً لتوجيهات قيادتي البلدين، تم الإعلان عن إنشاء اللجنة العليا المشتركة للتعاون بين دولة الإمارات العربية المتحدة وسلطنة عُمان في مايو عام 1991.
وقد بدأت أول اجتماعاتها في نوفمبر من عام 1991، وشملت مجالات التعاون الآتية: «التعاون في مجال الربط الآلي في المنافذ البرية، التعاون في النقل البري للركاب والبضائع، التعاون في مجال أسواق المال، التعاون في مجال حماية المستهلك، التعاون في مجال البيئة البحرية، التعاون في مجال الربط الكهربائي، التعاون في مجال الطيران المدني، التعاون في مجال الخدمة المدنية، التعاون في المجال التربوي، والتعاون في مجال الصحة.
نهج الأخوة
آمن المغفور لهما الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان «طيب الله ثراه»، والسلطان قابوس، بأن العلاقات، المبنية على نهج الأخوة تبقى إلى الأبد، ويتوارث ثمارها الأجيال، فارتبط الراحلان الكبيران، بعلاقات أخوة وصداقة وتعاون تجسدت على أرض الواقع، حيث يتشارك الإماراتيون والعُمانيون في الاحتفالات الوطنية، ويعبر كل من الشعبين عن سعادته ومحبته للشعب الآخر في هذه الاحتفالات، تجسيداً لعلاقة الأخوة المتينة بينهما، والتي أسسا لها منذ عقود.
واتسمت العلاقات التاريخية الوثيقة بين البلدين والشعبين، بالمتانة والعمق، مستهدفةً تعزيز التعاون والتنسيق المشترك في المجالات كافة، والتي تعكس الصورة المثلى لعلاقات التعاون الوثيق بين دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، لتحقيق المصالح المشتركة، وتوفير الحياة الكريمة والرخاء لشعوبها على مختلف الصعد، بل وحماية الأجيال من أي شيء يعكر صفو هذه العلاقات، وليس أدل على ذلك من توقيع اتفاقية ترسيم حدود بين الإمارات وعمان في عام 1999.
تاريخ مشترك
وضع المغفور لهما، بإذن الله تعالى، الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان «طيب الله ثراه»، والسلطان قابوس أسساً قوية للتعاون المشترك والعلاقات الوطيدة بين البلدين، وترسخت عبر السنين أواصر الأخوة والمحبة بين شعبي البلدين الشقيقين، انطلاقاً من وشائج القربى والتاريخ المشترك وحسن الجوار.