هالة الخياط (أبوظبي)
تواصل دولة الإمارات العربية المتحدة ريادتها العالمية في المحافظة على الطبيعة وحماية أنواع الحياة الفطرية، ونجحت من خلال برنامج الشيخ زايد لإطلاق الصقور في المحافظة على التوازن الطبيعي للصقور، وديمومة رياضة الصيد بالصقور بأفضل الممارسات العالمية المستدامة، تحت رعاية صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، وبمتابعة سمو الشيخ حمدان بن زايد آل نهيان، ممثل الحاكم في منطقة الظفرة، رئيس مجلس إدارة هيئة البيئة – أبوظبي.
وخلال الـ28 سنة الماضية أعاد البرنامج 2155 صقراً إلى الطبيعة، ليواصل تحقيق رؤية برنامج الشيخ زايد لإطلاق الصقور في تحقيق الاستدامة البيئية وحماية التنوع البيولوجي، والمحافظة على الأنواع المهمة في التراث الإنساني وتخفيف تأثير المخاطر التي تواجهها، مسجلاً أطول رحلة هجرة لأنثى صقر الشاهين بقطعها مسافة 40 ألف كيلومتر خلال 3 سنوات مع رصد عودتها لمنطقة الخليج العربي ضمن مسار هجرتها.
ويتم إطلاق الصقور في إطار النهج المستدام للصقارة العربية المتأصلة في التراث. فعلى مدى قرون، دأب الصقارون المحليون على الإمساك ببعض الصقور البرية خريفاً أثناء مرورها في مناطق شبه الجزيرة العربية ضمن رحلة هجرتها من مواقع تكاثرها في روسيا وآسيا الوسطى نحو مناطق اشتائها في أفريقيا.
ومن ثم كانت تلك الطيور تخضع للتدريب على صيد الطرائد المفضلة لدى الصقارين في شبه الجزيرة العربية، مثل الحبارى والكروان الصخري والأرانب البرية. ومع تراجع أعداد الطرائد في الربيع بسبب هجرتها عائدة إلى مواقع تكاثرها، يعاد إطلاق الصقور نحو البرية.
ويواصل الصقارون المحليون اليوم هذا التقليد العريق الذي يعزز استدامة الحياة الفطرية بإطلاق مجموعات من الصقور مع حلول الربيع في إطار برنامج الشيخ زايد لإطلاق الصقور.
اعتراف «اليونسكو» بتراث الصقارة
ولقد استطاع برنامج الشيخ زايد لإطلاق الصقور، الذي تشرف على تنفيذه هيئة البيئة - أبوظبي مع الصندوق الدولي للحفاظ على الحبارى الذي يتولى الجوانب الفنية والميدانية، ومستشفى أبوظبي للصقور الذي يتولى توفير الخدمات البيطرية، إثبات أن الصقارة العربية تراث إنساني يحتوي على أسمى معاني النبل والارتباط بين الإنسان والطبيعة، ويستحق بجدارة الإنجاز الذي حققته الإمارات والدول التي تعاونت معها في إعداد ملف الصقارة في عام 2010، والذي نجح في الحصول على اعتراف منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة «اليونسكو» بأهمية الصيد بالصقور في التراث العالمي، وتم إدراج الصقارة في قائمة التراث الثقافي غير المادي للإنسانية.
وحققت الإمارات في ديسمبر الماضي إنجازاً جديداً يتمثل في إعادة تمديد ملف الصقارة للمرة الرابعة في القائمة التمثيلية للتراث الثقافي غير المادي في منظمة التربية والعلم والثقافة «اليونسكو» ليصبح إجمالي الدول المشاركة 24 دولة من حول العالم، بعد انضمام 6 دول جديدة للملف.
وقالت الدكتورة شيخة سالم الظاهري الأمين العام لهيئة البيئة - أبوظبي، إن برنامج الشيخ زايد لإطلاق الصقور منذ إطلاقه عام 1995، استمر في تحقيق النجاح والتأكيد على أهميته كأحد البرامج الرائدة في العالم للحفاظ على الأنواع، وعلى الرؤية الثاقبة للمغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، والتزام دولة الإمارات واهتمامها بحماية رياضة الصيد بالصقور والحفاظ عليها باستخدام أفضل الممارسات العالمية في الإطلاق وإعادة التوطين.
أنماط الهجرة
كما يؤكد استمرار البرنامج في تحقيق أهدافه خلال 28 عاماً على إيمان دولة الإمارات بقضايا البيئة والمحافظة عليها وتشجيع ودعم البحوث واستخدام أحدث التقنيات والوسائل العلمية لإكثار الطيور البرية وزيادة أعدادها في الطبيعة حيث غطت عمليات الإطلاق مناطق انتشار صقور الحر والشاهين في باكستان وقرغيزستان وإيران وكازاخستان، وذلك ضمن استراتيجية تهدف إلى الحفاظ على الصقور ودراسة أنماط هجرتها وزيادة أعدادها في الطبيعة.
وأشارت الظاهري إلى أن البرنامج ساهم في توفير أكبر قدر ممكن من المعلومات المتعلقة بأنماط هجرة الطيور لمساعدة العلماء في الحصول على معلومات علمية ودقيقة حول هذه الأنواع، وبشكل خاص صقور الحر والشاهين. وقد ساهم إدخال أجهزة التتبع عبر الأقمار الصناعية في دراسات الصقور بشكل كبير في تحديد مسارات الهجرة وتوزيعها الجغرافي وبيولوجيتها، بالإضافة إلى تحديد أماكن تكاثرها ودراسة المخاطر التي تهدد وجودها ودراسة مقدرتها على البقاء والانتشار والتكيف والاندماج مرة أخرى في الحياة البرية وتقييم النجاح الكلي لعملية الإطلاق من أجل الإعداد الأفضل للإطلاقات المستقبلية، الأمر الذي جعل حكومة أبوظبي من المساهمين الرئيسين في جهود المحافظة على رياضة الصيد بالصقور كتراث مهم في المنطقة العربية.
وأكدت استمرارية «الهيئة»، بمتابعة من سمو الشيخ حمدان بن زايد آل نهيان ممثل الحاكم في منطقة الظفرة، رئيس مجلس إدارة هيئة البيئة - أبوظبي، بالإشراف على تنفيذ البرنامج للتعرف على المزيد من المعلومات عن هذه الأنواع، ووضع الخطط والبرامج لحمايتها وزيادة أعدادها في الطبيعة، بالاشتراك مع الصندوق الدولي للحفاظ على الحبارى المسؤول عن الجوانب الفنية والميدانية، ومستشفى أبوظبي للصقور الذي يتولى توفير الخدمات البيطرية.
تقنيات حديثة في الاتصالات.. واختبارات وفحوص بيطرية دقيقة
أوضح محمد صالح البيضاني، المدير التنفيذي لبرنامج الشيخ زايد لإطلاق الصقور، أن عدد الصقور التي أعادها البرنامج إلى البرية منذ تأسيسه وحتى العام الجاري وصل إلى 2155 طائراً من صقور الحر والشاهين المعرضة للمخاطر في البرية.
وقال إن برنامج الشيخ زايد لإطلاق الصقور مبادرة واعية ومتقدمة في رؤيتها وتطبيقها واعتمادها على أحدث الأبحاث والمفاهيم العلمية والتقنيات الحديثة في الاتصالات والدراسات العلمية والبيئية، حيث تخضع الصقور المرشحة للإطلاق لاختبارات وفحوص بيطرية دقيقة، ويعاد تأهيلها وتدريبها لاستعادة حالة التوحش الطبيعي ورفع مستوى لياقتها البدنية، قبل أن يتم ترقيمها ونقلها وإطلاقها في أجزاء مناسبة من مواطن تكاثرها وممرات هجرتها لضمان سلامتها ونجاحها في الافتراس والهجرة والتزاوج مع أقرانها المطابقة لها في الأصول الوراثية.
وأضاف «تعلمنا من البرنامج كيفية تمييز أنواع وسلالات الصقور بخصائصها الشكلية والوراثية، وتعلمنا الكثير عن مواطن تكاثرها ومواعيد ومسارات هجرتها عبر البحار والوهاد وبين الشعاب وسفوح الجبال والهضاب من أقصى آسيا وأوروبا إلى أفريقيا مروراً بالخليج وشبه الجزيرة العربية».
وأشار البيضاني إلى النجاحات التي تحققت من خلال البرنامج ومنها الوصول إلى مناطق نائية وبعيدة في أقاصي الأرض، ما كان لنا أن نبلغها لولا حرصنا على نجاح صقور البرنامج في العودة إلى المناطق التي تجد فيها المأوى الآمن والمناخ الملائم والفرائس الوفيرة.
وبدأ البرنامج بأول إطلاق له في إقليم بلوشستان الباكستاني بالتعاون مع الصندوق الدولي لصون الطبيعة فرع باكستان. وتوالت الإطلاقات في باكستان ودول أخرى إلى أن استقر البرنامج في كازاخستان في عام 2009، ليداوم على الإطلاق السنوي لصقوره هناك، ما عدا عام 2020 الذي انتقل فيه إلى أوزبكستان بسبب صعوبات متعلقة بترتيبات مكافحة الوباء العالمي ل«كوفيد - 19».
وباستقراره في كازاخستان، توثق ارتباط برنامج الشيخ زايد لإطلاق الصقور بالصندوق الدولي للحفاظ على الحبارى الذي يحتفظ في هذا البلد بعلاقات تعاون وعمل وثيقة تمتد إلى تسعينيات القرن الماضي، حينما أكدت الدراسات والأبحاث وبيانات التتبع الفضائي للحبارى الآسيوية أهمية كازاخستان كموطن ونقطة ارتكاز محوري للحبارى الآسيوية المتكاثرة والمهاجرة التي يصل بعضها إلى الإمارات وبقية دول المنطقة، وتطورت هذه الشراكة إلى إجراء الأبحاث وأعمال البحث الميداني المشترك، وإلى جهود المحافظة على الأنواع وحماية الموائل الطبيعية. وتكللت بإنشاء فرع للصندوق الدولي للحفاظ على الحبارى في كازاخستان وإنشاء المركز الأكبر والأكثر تطوراً للمحافظة على الحبارى الآسيوية، وهو مركز الشيخ خليفة لإكثار الحبارى- كازاخستان، والذي يضم تحت مظلته العديد من المنشآت البيئية والمجتمعية لدعم الاقتصادات والمجتمعات المحلية.
«أنثى الشاهين» قطعت 40 ألف كيلومتر طيراناً
سجل البرنامج تفرداً ونجاحاً برصده لرحلة الهجرة السنوية للصقور، حيث أظهرت دراسات التتبع نجاح أثنى صقر الشاهين في قطعها مسافة 40 ألف كيلومتر خلال ثلاث سنوات مستمرة من الهجرة، حيث تم رصد أثنى الشاهين لثلاث مرات متتالية تزور الدولة في مواسم هجرتها، وبهذا الرقم تكون أنثى صقر الشاهين قد قطعت أطول وأبعد مسافة من أي صقر آخر يحمل جهاز تتبع في تاريخ برنامج الإطلاق.
وهذه الرحلة الطويلة لهذه الشاهين وقدرتها على التحمل ومثابرتها على الهجرة، جعلتها رمزاً لرؤية الشيخ زايد للعلاقة المستدامة بين الإنسان والطبيعة، وشاهداً على 28 عاماً من الجهود المتصلة لزيادة أعداد هذه المخلوقات المهيبة، ومؤشراً لنجاح برنامج الإطلاق في إنقاذ الأنواع المعرضة للخطر، معززاً تقليداً عريقاً يمتد عمره إلى نحو 8 آلاف عام.
رحلة مدهشة إلى سيبيريا
وانخرطت أنثى صقر الشاهين في برنامج الشيخ زايد لإطلاق الصقور لأول مرة في عام 2018، وبعد إعادة تأهيلها والعناية اللازمة بها تم نقلها إلى كازاخستان ليتمَ إطلاقها في مناطق انتشارها ومعابر هجرتها من الجنوب إلى الشمال. وبعد إطلاق الشاهين سجل جهاز التتبع الخاص بها رحلة مدهشة إلى سيبيريا، حيث قضت الصيف في واحدة من أبعد المناطق الشمالية على المحيط المتجمد الشمالي، لتغدو هذه الشاهين من أهم الصقور الملهمة لدراسة أنماط هجرة الشاهين في إطار برنامج الشيخ زايد لإطلاق الصقور.
من روسيا إلى سلطنة عُمان
وفي نهاية الصيف، حلقت جنوباً عبر روسيا وكازاخستان وأوزبكستان وتركمانستان، مروراً بإيران لينتهي بها المطاف على ضفاف بحر العرب في سلطنة عُمان حيث أمسك بها بعض الصيادين. ولكنهم سرعان ما أعادوها إلى البرنامج عندما اكتشفوا من الحلقة التي تزين ساقها أنها جزء من برنامج الشيخ زايد لإطلاق الصقور. فعلى الرغم من أن هذه الشاهين كانت ستكون رفيقاً عزيزاً لهؤلاء الصقارين، إلا أنهم كانوا على وعي تام بالدور الحيوي للبرنامج.
وبعد إعادتها إلى برنامج الإطلاق، أُعيد تأهيل أنثى الشاهين وتم إطلاقها مرة أخرى في كازاخستان وفي نفس موقع إطلاق العام السابق، لتهاجر مرة أخرى شمالاً وقضت الصيف في سيبيريا في مناطق تكاثرها بالقرب من المحيط المتجمد الشمالي، وعندما بدأ الطقس بالتغير وهبت الرياح الباردة في نهاية فصل الصيف، حلقت جنوباً مرة أخرى وعادت إلى حيث تم الإمساك بها في العام السابق. بيد أنها أمضت الشتاء هذه المرة بالقرب من حدود دولة الإمارات العربية المتحدة مع سلطنة عُمان، لتعود في الربيع إلى سيبيريا للتكاثر.
الرحلة الثالثة
وفي خريف 2020، راقب الباحثون في برنامج الشيخ زايد لإطلاق الصقور تقدم الشاهين جنوباً نحو شبه الجزيرة العربية للعام الثالث على التوالي لتستقر في نفس موقع العام السابق. وفي أواخر ديسمبر من ذلك العام، تلقى فريق برنامج الشيخ زايد لإطلاق الصقور مكالمة من اثنين من الصقارين الإماراتيين الموجودين في المنطقة المتاخمة للحدود مع عُمان. فبينما كان أحد صقورهم يطارد فريسته، اصطدم بها صقر آخر في الجو مما أدى إلى مقتل صقرهم. ولدى اصطياد الصقر الآخر أدركوا أنه جزء من برنامج الشيخ زايد لإطلاق الصقور. وعادت أنثى الشاهين ليبدأ تحضيرها مرة أخرى للإطلاق في كازاخستان خلال الربيع المقبل، إلا أنها لقيت حتفها، لتتوقف رحلة هجرتها وتبدأ قصص نجاح جديدة لهجرة صقور الشاهين.
تأهيل الصقور البرية
بينت الدكتورة مارجريت غابرييل مولر، مدير مستشفى أبوظبي للصقور، أن مستشفى أبوظبي للصقور يتولى إجراء المراقبة البيطرية وإعادة تأهيل الصقور البرية للإطلاق، وكذلك تثبيت أجهزة التتبع عبر الأقمار الصناعية لمراقبة مسارات هجرتها وتوفير البيانات حول معدلات بقائها على قيد الحياة.
وقالت إن «البرنامج ساهم في فهم ما إذا كانت الطيور المهاجرة مثل الشاهين والصقر الحر يمكن أن تحافظ على نفس مسارات الهجرة المعتادة. ونأمل من خلال ذلك في أن نكون بمثابة مساعدة وخط أساسي لتطوير المبادئ الإرشادية الدولية لإعادة تأهيل الصقور».
استمرارية
ولاستمرارية نجاح البرنامج، شجعت هيئة البيئة وشركاؤها جميع الصقارين والمهتمين بالحياة البرية على المشاركة بالصقور البرية من نوعي الحر والشاهين وحثتهم على تسليمها إلى مستشفى أبوظبي للصقور بعد انتهاء موسم الصيد أو في أي وقت من السنة، ليتم فحصها وتأهيلها وإطلاقها وفق النظم والبروتوكولات العلمية المتبعة لتعزيز الحياة البرية ودعم جهود المحافظة على الصقور في مواطنها الطبيعية.
وبدأت الاستعدادات لبرنامج الإطلاق والذي سيكون في مايو المقبل، تحت إشراف مستشفى أبوظبي للصقور والصندوق الدولي للحفاظ على الحبارى. وتتم دعوة الصقارين للمشاركة في البرنامج بتقديم الصقور التي يودون إطلاقها إلى المستشفى.
ومن خلال معرض أبوظبي الدولي للصيد والفروسية، خصص الصندوق الدولي للحفاظ على الحبارى جانباً من الجناح للتوعية ببرنامج الشيخ زايد لإطلاق الصقور والتوضيح للصقارين بشأن أهمية المشاركة في البرنامج والتبرع بالصقور التي لديهم.
رحلة الإطلاق
يتم الاستعداد لبرنامج الإطلاق قبل نهاية موسم القنص السنوي تحت إشراف هيئة البيئة - أبوظبي والصندوق الدولي للحفاظ على الحبارى الذي يقوم بالتنسيق وإدارة عمليات التتبع الفضائي وتنفيذ العمليات مع الشركاء الدوليين. ويتولى مستشفى أبوظبي للصقور تأهيل الصقور المرشحة للإطلاق.
ويحدد البرنامج توقيت الإطلاق ليناسب موسم هجرة الصقور إلى مناطق التكاثر، ويتم اختيار المناطق بعناية فائقة من بين المواقع الآمنة التي تقع على مسارات الهجرة.
كما تخضع الصقور قبل إطلاقها إلى برنامج مكثف يتضمن الإشراف البيطري والفحص للتأكد من خلوها من أي التهابات جرثومية أو طفيلية أو فيروسية.
وتخضع الصقور المختارة لتمارين يومية لرفع لياقتها، تستمر أسابيع عدة، يتم خلالها تزويدها بغذاء خاص لزيادة وزنها من أجل تحسين فرص بقائها خلال الفترة الحرجة لإعادة التكيف مع الطبيعة، والتي قد تمتد لمدة أسبوعين بعد الإطلاق.
ويحتفظ المستشفى بجميع الصقور غير الجاهزة للإطلاق -وتكون عادة بأعداد قليلة- ليعاد تأهيلها وإطلاقها في الأعوام التالية. وبالرغم من حجم العمل المطلوب، فإن البرنامج يحرص على عدم إطلاق أي طيور إلا إذا كانت من أصل بري خالص وكانت لائقة تماماً من الناحية الصحية. كما يتم الحصول على التراخيص اللازمة لنقل الصقور من الإمارات إلى مواقع الإطلاق بناء على اتفاقية الاتجار الدولي في الحيوانات والنباتات المهددة بالانقراض المعروفة ب«سايتس».
الترقيم
يخصص لكل صقر رقم متسلسل على حلقة في رجله وفي شريحة إلكترونية تتم زراعتها تحت الجلد وتتم قراءة معلوماتها بماسح ضوئي خاص لتحديد هوية الطير في حالة وقوعه في الأسر.
كما يتم نقل الصقور وفق بروتوكول دقيق تُراعى فيه سلامة الصقور وراحتها ووصولها في موعد مناسب للإطلاق، ويتم رش الصقور بالماء للمحافظة على هدوئها وبرودة أجسامها طوال الرحلة.
ويساهم شركاء البرنامج في دول الإطلاق في المساندة الفنية والعلمية والإدارية، ويعاد فحص الصقور عند وصولها وتقاس أوزانها ويتم التأكد من عدم إصابتها بالجفاف وعدم وجود كسور في أرياشها. ويتم إطلاق الصقور الجاهزة تماماً لتحظى بفرصة كاملة للعودة بسلام إلى الطبيعة.
الحياة البرية
يقوم أعضاء الفريق بفحص مختلف المواقع عبر مئات الأميال. ويبحثون عن الأماكن المناسبة التي توفر بيئة ملائمة للصقر ليبدأ في الاعتماد على نفسه منذ اللحظة الأولى وينخرط في الافتراس لتأمين بقائه. ويمكن أن تكون تلك المواقع بالقرب من مصادر المياه أو الجبال أو السهول.
ويقوم فريق العمل بإعادة مسح المنطقة المختارة للتأكد من خلوها من المخاطر وتحديد اتجاه الرياح والبحث عن أي جوارح منافسة مثل طيور العقاب الكبيرة. وبذلك، تتاح للصقور أفضل فرصة للبقاء في الحياة البرية.
كما ساهمت التكنولوجيا الحديثة في تتبع تحركات الصقور بعد إطلاقها للتعرف على مقدرتها على البقاء والتكيف مع الطبيعة، حيث يتم اختيار عينة من الصقور وتزويدها بأجهزة تتبع متصلة بالأقمار الصناعية تعمل بالطاقة الشمسية. وتوفر هذه الأجهزة إمكانية تتبع الصقور حتى تنتهي صلاحية البطاريات التي تزودها بالطاقة والتي يصل عمرها الافتراضي إلى 3 - 5 سنوات.
وتوفر أجهزة التتبع بيانات حيوية حول الموقع والارتفاع ودرجة حرارة الجسم. ويتم بث هذه البيانات يومياً عبر الأقمار الصناعية، حيث تتم تصفيتها وإرسالها عبر البريد الإلكتروني إلى المركز الوطني لبحوث الطيور التابع للصندوق الدولي للحفاظ على الحبارى في أبوظبي. وبذلك نجح البرنامج في جمع بيانات دقيقة من خلال تتبع مجموعة من الصقور لفترات متفاوتة بعد الإطلاق.