طه حسيب (أبوظبي)
بعد عامين على توقيع الاتفاقيات الإبراهيمية، استطلعت «الاتحاد» آراء نخبة من المحللين حول تقييمهم لهذه النقلة النوعية في المنطقة.
منافع مشتركة
وأشار السفير أحمد الحوسني إلى أن الاتفاق الإبراهيمي للسلام يعزز العلاقات مع إسرائيل بالتفاعل والحوار والتعاون التجاري؛ من أجل التأسيس لسلام شامل ودائم في المنطقة من خلال بناء علاقات طويلة الأمد تقوم على أساس المنافع الاقتصادية المتبادلة والقيم المشتركة.
دولة الإمارات وإسرائيل تؤكدان أن الاتفاقات الإبراهيمية للسلام قادرة على التأسيس لمستقبل أكثر إشراقاً لمجتمعات الشرق الأوسط.
وخلال هاتين السنتين، شهدت العلاقات بين البلدين تطوراً سريعاً، وتم خلالها إنجاز العديد من الاتفاقيات، فوقعت دولة الإمارات وإسرائيل على اتفاقية التجارة الحرة بين البلدين، ومن خلالها يتم الإعفاء الجمركي لـ95 بالمئة من المنتجات المتداولة تجارياً بين البلدين.
سعي دائم للسلام
ويرى الدكتور محمد البشاري، أمين عام المجلس العالمي للمجتمعات المسلمة، أنه بمناسبة مرور عامين على اتفاقات السلام الإبراهيمية، يتجدد التأكيد في هذه المناسبة المشرقة على كرامة الإنسان، وحقه في العيش ضمن منظومة متناسقة من التعايش والترابط الذي يسمو على كافة مظاهر النزاع والعنف التي عانى منها الوجود الإنساني، إذ تحتفي دولة الإمارات العربية المتحدة بالذكرى الثانية لتوقيع اتفاقات السلام الإبراهيمية، تأكيداً منها على ثقة خطواتها، واستمرار همتها الدافعة بكل ما فيه خير للإنسان، وإعلاء لقيم المشترك الإنساني، وتتويجاً لجهود الإنسان، الممتدة امتداد التاريخ، بمحطة استقرار وطمأنينة، وبسيرورة استراتيجية تغرس نباتها الطيب الدائم السعي للسلام الذي ثبّت رواسيه، كل شيوخ هذا البلد الطيب المعطاء، وحملوه على كواهلهم، كرسالة قيمية ورسالة واجب.
خطوة شجاعة
ويصف الكاتب والمحلل السياسي الإماراتي، سالم حميد، الاتفاق بأنه جسد خطوات شجاعة من الإمارات التي استشرفت المستقبل وقررت أن تكون سباقة في التأكيد على أن مستقبل الشرق الأوسط لم ولن يكون إلا من خلال التسامح والسلام وإنهاء الصراعات، وأضاف حميد: ما حققناه كان من أجل شعوب المنطقة ككل؛ فإن سنوات الصراع لم تجلب الاستقرار للمنطقة، والطريق الوحيد لمساعدة شعوب المنطقة هو في السعي لإنهاء الصراع من خلال تقريب وجهات النظر عبر التقارب والحوار، كي يتحقق السلام الشامل بين الفلسطينيين والإسرائيليين. ويرى حميد أن هذا الاتفاق سيفتح الآفاق مستقبلاً ويتيح لنا مساعدة الفلسطينيين أيضاً. وعن الجانب الاقتصادي الذي هو مفتاح رفاهية الشعوب، فإن الاتفاق حقق منجزات كبيرة في البلدين.
إعادة الحيوية لاتفاقيات السلام
ويرى الكاتب والباحث البحريني، عبدالله الجنيد، أنه بعد مرور عامين من التوقيع على المواثيق الإبراهيمية، شهدت المنطقة تحولات عدة، حيث نجد واقعاً جيوسياسياً مغايراً لكل ما عهدته المنطقة منذ الحرب العالمية الثانية. الجغرافيا السياسية والبشرية حققت تواصلاً كان له عميق الأثر للنظرة المستقبلية من مواجهة التحديات المشتركة، إلى تطوير رؤى مشتركة ومتقدمة لمعنى التعاون الإقليمي، الذي من المأمول أيضاً أن يعزز مسار عملية السلام، حيث منع الاتفاق الإبراهيمي عملية ضم الضفة الغربية، كما تعهد بذلك نتنياهو. ولدى الجنيد قناعة بأن التحول الأهم هو إعادة الحيوية لاتفاقيات السلام العربية ـ الإسرائيلية، (الأردن/ مصر/ إسرائيل)، وما مثله ذلك من تأثير على التعاون الإقليمي أمنياً واقتصادياً.
تغيير هيكلي في النظام الإقليمي
ويرى الدكتور طارق فهمي، الأكاديمي المتخصص في الشؤون الاستراتيجية، أن الاتفاقيات الإبراهيمية ستغير المعطيات الراهنة للبيئة الأمنية والاستراتيجية في المنطقة العربية، وستدفع لتغييرات هيكلية حقيقية في النظام الإقليمي الراهن، بحيث تتعامل الدول المنضوية في الاتفاقيات مع واقع استراتيجي مستجد يدشن بالفعل مرحلة جديدة لنظام أمني عربي إقليمي يتجاوز الإطار الراهن للأمن الإقليمي، على أسس من الواقعية الاستراتيجية الإقليمية والدولية وعلى المديين القصير والمتوسط.
ويشير فهمي إلى أن الاتفاقيات فتحت الباب أمام تطوير النظام الأمني والاستراتيجي الراهن وفق أسس ومقومات جديدة، وقيام الأطراف الرئيسية في النظام الإقليمي بلعب دور جديد يتجاوز الأدوار التقليدية المعتادة في البيئة الأمنية الحالية، باعتبار أن الدول التي وقعت الاتفاقيات الإبراهيمية لديها المقومات والركائز المؤهلة لذلك، حيث تعد الإمارات ثاني أكبر اقتصاد عربي. هذه الاتفاقيات -حسب فهمي- أرست قواعد جديدة في التعاملات السياسية والاستراتيجية والاقتصادية بالمنطقة. ويتوقع فهمي أن الدول الموقعة على الاتفاقيات الإبراهيمية سيكون لها دور في أمن البحر الأحمر والخليج العربي وباب المندب والبحر المتوسط، وسبق أن أبدت إسرائيل مقترحات لأمن البحر الأحمر في إطار التحديات المشتركة. ويؤكد فهمي قناعته بأننا أمام مناخ عربي وإقليمي جديد يتشكل بمقتضى معاهدات السلام، والقادم هو الأهم في جني ثمار ما تحقق، أملاً في الوصول إلى حالة من الاستقرار السياسي والاقتصادي لخدمة شعوب المنطقة العربية.
اختراق تاريخي بقيادة الإمارات
أكد الكاتب والباحث السعودي عبدالله بن بجاد العتيبي، أن الاتفاقيات الإبراهيمية جاءت بوعيٍ وحكمةٍ لتجاوز واحداً من أكثر العوائق التاريخية في المنطقة والعالم المعاصر، فلأكثر من سبعين عاماً ظلّ النظر لأزمات المنطقة الكبرى والصغرى ينطلق من الصراع العربي الإسرائيلي، وتغيّرت المنطقة وتغير العالم بأسره فكان التغيير ضرورةً للدول الحية والفاعلة. وأضاف العتيبي: إذا كان اختيار الرئيس المصري الراحل أنور السادات اختراقاً تاريخياً فإن «الاتفاقيات الإبراهيمية» مثلت قبل عامين اختراقاً تاريخياً جديداً بقيادة الإمارات، فالسلام هو الحل، و«التعايش» و«التسامح» هما السبيل، وقوة الأفكار تجلب حلولاً حقيقيةً للواقع الراهن، بشرطي القدرة على التجاوز ورؤية المستقبل.
قيادة حكيمة
واستنتجت الكاتبة والإعلامية البحرينية، عهدية أحمد السيد، أن الاتفاقيات الإبراهيمية بين دولة الإمارات ومملكة البحرين ودولة إسرائيل، وبعد مرور عامين على توقيعها، تعكس النهج الحكيم للقيادة في الإمارات والبحرين، وهو نهجٌ قائم على قيم الحوار والتسامح والتعايش والتواصل مع كل دول المنطقة من أجل إحلال السلام في المنطقة بمشاركة جميع الأطراف المعنية، أملاً في إحراز تقدم على مسارات التنمية لدى جميع شعوب الشرق الأوسط، عبر مد جسور التعاون ودعم العلاقات مع الدول الشقيقة والصديقة من أجل تحقيق ما هو أفضل للجميع. وتعد الاتفاقيات الإبراهيمية من أهم الخطوات والقرارات التي تعكس نهج وموقف الإمارات والبحرين الثابت الداعم لحقوق الشعب الفلسطيني الشقيق، ومواصلة العمل مع الشركاء لتحقيق السلام العادل والشامل. وتؤكد عهدية السيد أن توقيع اتفاقية السلام أسس واقعاً جديداً يسود فيه العمل الجماعي البناء، ويتمكن فيه الجميع من تحقيق النهضة الشاملة وتعزيز استقرار المنطقة السياسي وازدهارها الاقتصادي.