في الوقت الذي انتهى قصر باكنغهام من احتفاله باليوبيل البلاتيني بمناسبة مرور سبعة عقود على تولي الملكة البريطانية إليزابيث الثانية عرش المملكة المتحدة، كانت السفينة التاريخية «كوين إليزابيث 2» القابعة في أقصى الشرق، تحديداً في مرسى ميناء راشد، تستعد للاحتفال بمرور أربع سنوات على تحويل دفّتها وافتتاحها كأكبر فندق عائم فاخر وفريد من نوعه في دبي. وقامت وكالة أنباء الإمارات/ وام/ بجولة على متنها لاستكشاف معالمها، والتعرف على تاريخها العريق من خلال معرض ومتحف «كيو إي 2» التراثي التفاعلي الذي يعرض تاريخ رحلاتها خلال ذروتها في الستينيات، حيث راكمت رصيداً كبيراً من الذكريات خلال أعوامها الأربعين في عرض البحار، فبعد ما يقرب من نصف قرن من الزمان وانتهاء رحلتها اختارت التقاعد في إمارة دبي في ميناء راشد. و«الملكة إليزابيث 2» QE2 - أكبر فندق عائم في دبي - أطلقتها ملكة بريطانيا عام 1967، وبدأت رحلتها عبر الأطلسي بعد عامين من إطلاقها، وأكملت 25 رحلة عالمية، عبرت المحيط الأطلسي لأكثر من 806 مرات، وأتمت السفينة آخر رحلاتها يوم 11 نوفمبر 2008 حينما اتجهت من المملكة المتحدة إلى دولة الإمارات. بدأت رحلتنا الغامرة داخل السفينة الأسطورية مع مسؤولي السفينة، فمنذ أن وطأت أقدامنا المرفأ تسللت إلينا رائحة البلوط الخشبي القديم، تتهادى بجمالياتها الفريدة على صفحة مياه دبي، بعد ترميمها بنحو 100 مليون دولار من أجل إعادة مجدها السابق والحفاظ على التصميم الداخلي من قطع الأثاث القديمة ولوحاتها الشهيرة، تستشعر في كينونتك عبق التاريخ والزمان لتلك السفينة الملكية، والتي قاومت صخب الموج لعقود طويلة، لتغدو كأنها قطعة مليئة بأسرار البحار وعوالمه. أبحرنا في جولة مليئة بالسحر والكنوز، فشاهدنا مثلاً: صورة للملكة إليزابيث الأم تقدر قيمتها بـ 2.6 مليون جنيه إسترليني، وصورة أخرى للملكة الحالية رسمها الفنان إدوارد هيلادي وتقدر بـ 1.5 مليون إسترليني، بينما عرضت الشركة المصنعة للسفينة QE2 موديلاً آخر لسفينة يبلغ طولها 6 أمتار تقريباً وتُدعي «مورتيانا» صنعت عام 1906، ويقدر ثمن ذلك الموديل الخشبي القديم بما يقرب من 4 ملايين إسترليني، علاوة على تمثال فخم من البرونز الخالص للملكة إليزابيث ويعود نحته إلى عام 1969. وأوضحت كونستانتيا باجيوروكي مسؤولة الفندق في سفينة «الملكة إليزابيث 2» لـ «وام»، أن السفينة قد عادت للحياة مرة أخرى، في أكتوبر 2018 كفندق عائم يرسو بشكل دائم في دبي، بعد أن استقلها أكثر من مليونين ونصف المليون راكب، من بينهم سياسيون ومشاهير، وحطت رحالها في أكثر من 200 ميناء حول العالم، لذا تركز مناطق الجذب الرئيسية في السفينة على الماضي، إضافة إلى فرصة التنزه في أروقة سار فيها أشخاص مثل نيلسون مانديلا، ديفيد بووي، إليزابيث تايلور، وبز ألدرن، بالإضافة إلى تجربة حصرية لزيارة الأجنحة الملكية التابعة للملكة إليزابيث ووالدتها. مفردات جمالية مفعمة بالسحر، ومن الداخل تتّسم السفينة بالمقدار ذاته من التفاصيل: دفّتها، كابينة قيادتها، متاريسها، غرفة محركاتها، وسائل الإغاثة والمعيشة القديمة، إذ يتكون الفندق من 13 طابقاً ويتميز بأثاث قديم ولوحات تاريخية وتذكارات عندما كانت السفينة هي السفينة البحرية الرسمية للملكة إليزابيث الثانية، ويضم مجموعة مكونة من 447 من الغرف والأجنحة وجناحين ملكيين مخصصين للدعوة يتضمن كل جناح منهما شرفة خاصة، وغرفة زجاجية وغرفة للطعام، إضافة إلى غرفة نوم فاخرة. ولاتزال نوافذ السفينة المستديرة الأصلية تضفي شعوراً بجو البحر في غرف الضيافة الجذابة المجدّدة، مع سماع موسيقى الجاز «السبعينية»، كما حافظت مجموعة من مطاعمها الأصلية على أسمائها وديكوراتها كما كانت عليه في أعوامها السابقة، وفي حين حافظت السفينة على عبق عناصرها الأصيلة، فقد تمّ تجهيزها بأحدث الوسائل التكنولوجية أيضاً. وتعتبر «كيو إي 2»، آخر باخرة للركاب تعمل بالنفط تعبر المحيط الأطلسي في خدمة الخطوط الملاحية المنتظمة حتى تم تجديدها بمحرك ديزل حديث في 1986، وتم تشغيلها باعتبارها سفينة عابرة للأطلسي وسفينة رحلات من عام 1969 إلى عام 2008، وصممت السفينة البريطانية لخدمة عبور المحيط الأطلسي من موطنها في ساوثهامبتون إلى نيويورك، حتى خلفتها «الملكة ماري 2» في عام 2004. ويعتبر ميناء راشد، الوجهة السياحية الأولى في منطقة الشرق الأوسط، على مدار السنوات الماضية وفق جوائز السفر العالمية، لذا تشهد السفينة حالياً، مناسبات وحفلات عديدة، وكأن الجميع يتباركون بتلك السفينة الملكية التي تعكس صفحات من التاريخ ومشاهد لا تنسى على متن تلك السفينة التي راكمت رصيداً كبيراً من الذكريات الرائعة.