منى الحمودي (أبوظبي)
أكد الدكتور أنس الشرمان أخصائي طب حديثي الولادة والخدج في مدينة الشيخ شخبوط الطبية على أهمية التصرف الصحيح أثناء غرق الأطفال في الماء، وضرورة عمل الإنعاش القلبي الرئوي لتجنب الآثار المرضية طويلة الأمد التي لا شفاء لها. حيث إن الأطفال الذين يتم عمل إنعاش قلبي رئوي لهم بمدة لا تتجاوز 10 دقائق لديهم نسبة تحسن بخمسة أضعاف أعلى من الأطفال الذين لم يتم عمل إنعاش قلبي رئوي لهم بعد الغرق.
وقال الدكتور أنس الشرمان، بالرجوع للحقائق الطبية فإنه مقابل كل طفل يموت من الغرق، يتلقى 6 أطفال الرعاية الطبية في الطوارئ بسبب الغرق غير المميت، وهناك أكثر من 55 % من حالات الغرق التي يتم علاجها في أقسام الطوارئ تتطلب دخول المستشفى أو النقل للحصول على مزيد من الرعاية الطبية.
وأضاف للغرق آثار وأمراض مصاحبة بين الناجين تعتبر الأعلى مقارنة بأنواع الإصابات الأخرى، ويمكن أن تسبب إصابات الغرق تلفاً في الدماغ وأعراضاً أخرى خطيرة، بما في ذلك الإعاقة طوال الحياة.
حقائق
أشار الدكتور أنس الشرمان إلى أن الغرق يعتبر حادثاً صامتاً، وذلك لأن الأطفال أثناء الغرق قد لا يستطيعون طلب المساعدة، وقد يتم فهم الطفل أثناء الغرق عند محاولته للتنفس من قبل الشخص القريب على انه يلعب. لافتاً إلى أن الغرق سريع ويؤثر على الدماغ مباشرةٍ عند نقص الأكسجين، وبمجرد بدء الغرق، تصبح جميع الأعضاء والأنسجة معرضة لخطر نقص الأكسجة (نقص الأكسجين في الدم)، ويمكن أن تؤدي في غضون دقائق إلى السكتة القلبية، الأمر الذي سيؤدي إلى إصابة الدماغ بنقص التأكسج.
وشدد على ضرورة التصرف السريع بعد اكتشاف حالة الغرق، والبدء بعمل الإنعاش الرئوي للطفل، بدءاً من إخراجه من الماء ووضعه على سطح صلب والبدء بعمل الإنعاش القلبي الرئوي، والضغط على الصدر وإعطاء الأكسجين عن طريق الفم لإعادة عمل الدورة الدموية بأقصى سرعة حتى يصل الأكسجين للدماغ.
عرضة للخطر
يقول الدكتور أنس الشرمان بأن العوامل التي تزيد خطورة الغرق تكون أكثر لدى الأطفال من عمر عام واحد إلى أربعة أعوام، باعتبارهم أكثر فئة عمرية معرضة لحوادث الغرق، ويمكن أن يغرق الرضع والأطفال الصغار في أقل من بوصتين من الماء، (5 سنتيمترات) في المنزل. وتحدث معظم حالات الغرق عند الأطفال من الأعمار 1-4 سنوات في حمامات السباحة، ويمكن أن يحدث الغرق في أي وقت، بما في ذلك عندما لا يُتوقع أن يكون الأطفال بالقرب من الماء، كما هو الحال عند الوصول من دون إشراف إلى حمامات السباحة. وذكر أن الذكور هم الأكثر عرضة لخطر الغرق، وأن ما يقرب من 80 % من الأشخاص الذين يموتون من الغرق هم من الذكور، حيث تسهم العديد من العوامل في ارتفاع معدلات الغرق بين الذكور، بما في ذلك كثرة السباحة في مختلف أماكن السباحة، وسلوكيات المخاطرة والمغامرة الموجودة لديهم. بالإضافة لذلك الأشخاص الذين يعانون من اضطرابات النوبات أو بعض الحالات الطبية، حيث يكون حوض الاستحمام هو المكان الأكثر شيوعًا لتعرضهم للغرق في حالة إصابتهم بالنوبات أثناء السباحة.
الغرق السبب الثاني لإصابات الأطفال
تحتل الإصابات المركز الأول لوفاة الأطفال من سن 4 إلى 17 عاماً في إمارة أبوظبي، وواحد من كل 3 حالات وفاة تكون سببها الإصابات، ووفقاً لإحصائيات الإصابات المميتة في دائرة الصحة أبوظبي لعام 2008-2017 فإن الأسباب الرئيسة للإصابات المميتة هي، إصابات الطرق، التسمم، السقوط والأجسام المتساقطة، والغرق والحروق والكهرباء.
ووفقاً لإحصائيات الإصابات المميتة للأطفال من دائرة الصحة في أبوظبي ما بين الأعوام 2008-2018 فإن الغرق هو السبب الثاني للوفاة بنسبة 9% من الأسباب الرئيسية لإصابات الأطفال المميتة.
طرق الوقاية
شدد الدكتور أنس الشرمان على عدم ترك الرضع أو الأطفال أو ذوي الاحتياجات الخاصة بمفردهم في دورة المياه بالمنزل، وإبعاد جميع الدلاء أو تركها فارغة وبعيدًا عن متناول الأطفال، حيث يمكن للأطفال السقوط بسهولة، لذلك يجب تقديم الدعم ومراقبة الطفل أثناء وجوده في دورة المياه. ويجب على الأطفال الذين لا يستطيعون السباحة أن يرتدوا عوامات الطوافات وسترات السباحة. كما إن على الأهالي تركيب سور قابل للقفل حول مسبح المنزل، بارتفاع ستة أقدام على الأقل، ولا ينبغي ترك الكراسي أو الطاولات بالقرب من حمام السباحة أو سياج المسبح لأنه يمكن استخدامها للتسلق والوقوع داخل المسبح.
وتقدم مدينة الشيخ شخبوط الطبية، أحد أكبر المستشفيات المتخصصة في الحالات المعقدة في دولة الإمارات العربية المتحدة، والمشروع المشترك بين شركة أبوظبي للخدمات الصحية (صحة) ومايو كلينك، كافة خدمات رعاية الأطفال من الإصابات والحوادث والتي تشمل خبراء متخصصين في طب الأطفال وجراحة الأطفال وأقسام العناية المركزة والعلاج الطبيعي المجهزة تجهيزًا كاملة لعلاج ورعاية جميع أنواع الإصابات. وتحرص مدينة الشيخ شخبوط الطبية على إعطاء الأولوية لسلامة الأطفال ونشر الوعي في المجتمع حول أهمية الوقاية من الإصابات، مع مراعاة التعامل مع الأطفال بأسلوب يتناسب مع طبيعتهم الفضولية وحقهم في التمتّع باللعب وحبّ الاستكشاف.
علامات التشخيص
وقال الدكتور أنس الشرمان عند بداية الغرق يبدأ الجسم بعوامل تساعد على منع الغرق منها تشنج وانقباض في الحنجرة حتى لا تدخل المياه للرئة، تستمر لمدة 10 إلى 20 ثانية تساعد في إنقاذ الشخص لنفسه، بعد ذلك يحدث نقص الأكسجين في الدم، وارتخاء العضلات وتدخل المياه للرئة وبالتالي تؤثر المياه على الحويصلات وتمنع انتقال الأكسجين للدم، وبالتالي نقصه في كافة أعضاء الجسم بدايةً في القلب، وبعدها يتوقف القلب أو توقف الدورة الدموية وينشأ عنها نقص الأكسجين في الدماغ.
وأضاف «وجد العلماء ان نقص الأكسجين عند الدماغ لمدة أكثر من عشر دقائق، يؤدي ذلك لتغييرات غير قابلة للشفاء في الأنسجة تسبب وفاة دماغية، أو إعاقة دائمة، وضعف النمو العقلي والجسدي للطفل، وإعاقة في التكلم والمشي والذاكرة حسب موقع نقص الأكسجين في الدماغ».