آمنة الكتبي (دبي)
انتقلت دولة الإمارات في عام 2005 من مرحلة التأسيس إلى مرحلة التمكين على يد المغفور له بإذن الله تعالى، الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رحمه الله، حيث مضى برنامج التمكين السياسي في مساره بخطوات ثابتة، لتعزيز وتعميق مشاركة المواطنين في الشأن العام، والحرص على ترسيخ نهج الشورى في الحكم.
وشهدت مسيرة الحياة البرلمانية في عهده، رحمه الله، محطات مهمة ترجمة لبرنامج التمكين السياسي الذي أعلنه وضمن استراتيجية تمكين المجلس من ممارسة اختصاصاته الدستورية، كما قدمت التجربة البرلمانية الإماراتية، منذ تأسيس المجلس الوطني الاتحادي، نموذجاً للتمكين السياسي الذي يأخذ في الاعتبار الخصوصية الثقافية والمجتمعية للدولة، ويسعى إلى مواكبة مسيرة التنمية الشاملة والمستدامة.
وتسير دولة الإمارات بخطى ثابتة ومتدرجة ومدروسة في مجال التنمية السياسية، وبما يتناسب مع طبيعة وخصوصية المجتمع الإماراتي الذي يؤمن بقيم المشاركة والشورى لتحقيق التطور والتنمية الشاملة التي تؤدي إلى تحقيق رؤية القيادة الرشيدة بالتميز والريادة وتلبية تطلعات المواطن الإماراتي وتطوير عملية المشاركة السياسية في الدولة وفقاً لمراحل مدروسة، بحيث تسهم في إيجاد ثقافة سياسية تعزز المكتسبات وتعمق الولاء الوطني.
وتضمن برنامج التمكين السياسي للشيخ خليفة بن زايد، رحمه الله، تفعيل دور المجلس الوطني الاتحادي عبر انتخاب نصف أعضائه من خلال هيئات انتخابية تُشكل في كل إمارة وتعيين النصف الآخر، وذلك كبداية لمسيرة تُكلل بمزيد من المشاركة والتفاعل من أبناء الوطن.
وتم في عام 2006 تشكيل المجلس الوطني الاتحادي عن طريق انتخاب نصف أعضائه من قبل هيئة انتخابية شُكلت في كل إمارة بواقع مائة مضاعف لعدد المقاعد المخصصة للإمارة في المجلس الوطني كحد أدنى. كما أعقب ذلك إجراء التعديل الدستوري رقم (1) لسنة 2009 بهدف تفعيل دور المجلس الوطني الاتحادي من خلال زيادة مدة عضويته من سنتين إلى أربع سنوات، وأيضاً زيادة مدة أدوار انعقاده إلى سبعة أشهر على الأقل، إضافة إلى منحه استقلالية أكبر في وضع لائحته الداخلية، بحيث أصبحت تعتمد من رئيس الدولة بعد موافقة المجلس الأعلى للاتحاد، وعلى هذا الأساس صدرت اللائحة الداخلية الجديدة للمجلس بمقتضى المرسوم الاتحادي رقم (1) لسنة 2016. وعلاوة على ذلك كله، فقد منح المجلس سلطة مناقشة الاتفاقيات والمعاهدات التي تحال إليه بقرار من رئيس الدولة قبل التصديق عليها.
وشهد العمل البرلماني في عهد الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان «رحمه الله» نقلة نوعية على مستوى الأداء والتأثير على الصعيدين التشريعي والرقابي انتقل خلالها المجلس الوطني الاتحادي إلى مرحلة التمكين التام ليصبح ركيزة أساسية في صناعة القرار وشريكاً فاعلاً في صناعة مستقبل دولة الإمارات.
التمكين السياسي
شكل برنامج التمكين السياسي الذي أطلقه المغفور له الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رحمه الله، خريطة الطريق نحو تفعيل دور المجلس الوطني الاتحادي وتمكينه ليكون سلطة مساندة ومرشدة وداعمة للسلطة التنفيذية، وأن يكون مجلساً أكبر قدرة وفاعلية والتصاقاً بقضايا الوطن وهموم المواطنين، وأن تترسخ من خلاله قيم المشاركة ونهج الشورى من خلال مسار متدرج منتظم، وخلال عهد المغفور له الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، شهدت الإمارات تنظيم 4 دورات انتخابية لعضوية المجلس الوطني الاتحادي تكرس خلالها نهج الشورى الذي طالما تميزت به دولة الإمارات.
تصويت
أقيمت الانتخابات الأولى للمجلس الوطني الاتحادي في ديسمبر 2006 وذلك وفقاً لقرار رقم/3/ لسنة 2006 الصادر عن رئيس الدولة، وبناءً على قرار المجلس الأعلى للاتحاد رقم/4/ لسنة 2006 الذي حدّد طريقة اختيار ممثلي دولة الإمارات في المجلس الوطني الاتحادي.
وبلغ عدد أعضاء الهيئات الانتخابية لكافة الإمارات 6.595 عضواً، موزعين على جميع الإمارات، وبلغ عدد المترشحين لعضوية المجلس الوطني الاتحادي من كافة إمارات الدولة 456 مرشحاً.
وتمت عملية التصويت بشكل إلكتروني، واستخدمت تقنيات الحاسب الآلي لتسجيل وتخزين بيانات المرشحين والناخبين، والتحقق من هويتهم.
فوز أول إماراتية بعضوية المجلس عبر الانتخاب
كان للمرأة الإماراتية حضور بارز في هذه الانتخابات، حيث شهدت فوز أول امرأة إماراتية بعضوية المجلس من خلال الانتخاب، كما تم تعيين ثماني عضوات من قبل حكام الإمارات، وبذلك شغلت المرأة عام 2006 تسعة مقاعد في المجلس الوطني الاتحادي، أي بنسبة 22.5 في المائة، وهي من أعلى النسب عالمياً.
وتمثل انتخابات المجلس الوطني الاتحادي التي جرت في يوم 24 من سبتمبر 2011م التجربة الثانية، وإحدى المراحل المهمة في برنامج التمكين السياسي في دولة الإمارات العربية المتحدة، وتم فيها زيادة كبيرة لشريحة المواطنين المشاركين في اختيار ممثليهم في المجلس الوطني الاتحادي.
وبلغ عدد أعضاء الهيئات الانتخابية«135.308» أعضاء، فيما بلغ العدد الأولي للمرشحين«469» من بينهم 85 مرشحة، موزعين على إمارات الدولة، وتوزعت قائمة الناخبين في كل إمارة بنسبة %54 ذكوراً، و%46 إناثاً.
وشهدت انتخابات عام 2011 استخدام المرشحين لمواقع التواصل الاجتماعي تويتر وفيس بوك، للترويج الانتخابي، ومخاطبة الناخبين، كما تم اعتماد نظام التصويت الإلكتروني في 13 مركزاً انتخابياً على مستوى الدولة، وفي الانتخابات الثالثة عام 2015 طبقت عملية التصويت المبكر للمرة الأولى في الدولة وصولاً ليوم الانتخاب الذي جاء في 3 أكتوبر، وارتفع عدد أعضاء الهيئات الانتخابية إلى نحو 224 ألف ناخب، وهو نصف عدد من يحق لهم التصويت، ومثلت المرأة منها ما نسبته 48 في المائة، وبلغ عدد الناخبين المشاركين 79 ألفاً و157 ناخباً، فيما بلغ عدد المرشحين في السباق الانتخابي 330 مرشحاً من جميع الإمارات، كما تميزت الانتخابات بمشاركة كبيرة من قبل كبار السن.
نقطة تحول فارقة
في عام 2019 شكل قرار المغفور له الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رحمه الله، بتمثيل المرأة مناصفة مع الرجل في المجلس الوطني الاتحادي نقطة تحول فارقة في مسيرة دعم المرأة الإماراتية، وعزز القرار التاريخي برفع نسبة تمثيل المرأة الإماراتية في المجلس الوطني الاتحادي إلى%50 المساهمة بفاعلية في مسيرة التنمية السياسية التي تشهدها الدولة منذ تأسيس دولة الاتحاد، كما أنه شكل محطة مهمة في برنامج التمكين السياسي الذي أطلقه الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة «رحمه الله» في عام 2005م، بهدف تهيئة الظروف اللازمة لإعداد مواطن أكثر مشاركة وأكبر إسهاماً في الحياة العامة، وتفعيل دور المجلس الوطني الاتحادي وتمكينه ليكون سلطة مساندة ومرشدة وداعمة للسلطة التنفيذية، وأن يكون مجلساً أكثر قدرة وفاعلية والتصاقاً بقضايا الوطن وهموم المواطنين، وأن تترسخ من خلاله قيم المشاركة الحقة ونهج الشورى، من خلال مسار متدرج منتظم عبر مسيرة تكلل بمزيد من المشاركة والتفاعل من أبناء الوطن.
كما عزز القرار من تمكين المرأة سياسياً وجعل من التجربة البرلمانية لدولة الإمارات نموذجاً يحتذى به في التجارب البرلمانية الحديثة حول العالم، خاصة فيما يتعلق بعملية التمكين السياسي للمرأة، وشهدت انتخابات المجلس في ذلك العام زيادة بنسبة 48.5 في المائة في عدد المشاركين في التصويت مقارنة مع الدورة السابقة، وهو ما يبرز حرص المواطن على المساهمة بفاعلية في عملية صنع القرار والارتقاء بالعمل البرلماني في دولة الإمارات.
وبفضل دعم القيادة الحكيمة للمجلس وحرص المواطنين على المشاركة في مسيرة البناء والتنمية، استطاعت هذه التجربة أن تعطي نموذجاً خاصاً في الممارسة الديمقراطية، حيث تميزت مسيرة المشاركة والعمل البرلماني في دولة الإمارات بالوعي كونها نابعة من ظروف واحتياجات دولة الإمارات، الأمر الذي تجسد بوضوح بمدى حجم الإنجاز الذي تحقق على صعيد ممارسة المجلس لصلاحياته واختصاصاته، وبما يعكس توجيهات القيادة لتحقيق رؤية الإمارات التي تتضمن أهدافاً طموحة في مجالات التنمية الاجتماعية والتوطين والتعليم والصحة والاقتصاد والإسكان ومختلف الخدمات ومقومات الحياة الحديثة.