هناء الحمادي (أبوظبي)
شهد عهد المغفور له الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان «طيب الله ثراه»، اهتماماً كبيراً بالموروث الشعبي، وذلك لأهميته ليس بالحفاظ على العادات والتقاليد وإظهار منجزات الآباء والأجداد فحسب، وإنما لأنه يعزز قيم الولاء والانتماء للوطن، ويمثل حافزاً لتحقيق ما تصبو إليه الإمارات من رقي وتطور.
الاهتمام بالتراث كان حاضراً في الإمارات حتى قبل تأسيس الدولة وقيام الاتحاد، حيث أولى المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان «طيب الله ثراه»، هذا الأمر اهتماماً خاصاً، وكان شديد الحرص على حفظه، وكثيراً ما كان يحظى الموروث بنصيب مهم من مجالس الوالد المؤسس. وقد سارت القيادة الرشيدة على النهج نفسه، فأولت التراث كل الرعاية والدعم، كما وفرت للمنخرطين فيه أو القائمين عليه، سواء من مسؤولين أو مبدعين أو مثقفين، كل ما يحتاجونه لتطويره وتعزيزه داخل الدولة وخارجها، ودائماً كانت تُطرح المبادرات وتُتابع البرامج والأنشطة الخاصة بهذا الشأن بشكل مباشر.
مصدر إلهام
كان اهتمام المغفور له الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان «طيب الله ثراه»، بالمورث الشعبي واضحاً لما يمثله التراث من عنصر رئيس في تكوين وطبيعة الإنسان الإماراتي، إذ إنه جزء لا يتجزأ من مكونات المجتمع والدولة على حد سواء. ودولة الإمارات تتمتع بموروث ثقافي غني ومتنوع وأصيل، ينطلق الاهتمام به من شعور عميق بأهمية التراث في حياة الشعوب والأمم، وخصوصاً تلك التي تطمح لأن تكون في مصاف الدول المتقدمة في مختلف المجالات، كما الحال في دولة الإمارات. والتراث يمثل مصدر إلهام طبيعي وحيوي لأبناء المجتمع، وخصوصاً الشباب منهم. يدفعهم إلى العمل بجد، ويحفزهم على مزيد من العطاء لمواصلة ما بدأه الأجداد والآباء، والمساهمة بفاعلية في مسيرة التنمية الشاملة التي تشهدها الدولة.
مستقبل مشرق
لطالما آمنت القيادة الرشيدة بأن التقدم إلى الأمام يجب ألا ينطوي على إهمال الموروث الشعبي والتراث الثقافي والتقاليد والقيم الأصيلة، وإنما لابد من إعطاء اهتمام أكبر لهذه الأمور، والعمل على حماية التراث العريق من الاندثار لأنه يمثل مصدر إلهام للأجيال للإبداع والابتكار. ويسهم في الوقت نفسه، في تماسك المجتمع، كما أنه مصدر مهم للقوة ومواصلة السير قدماً على الطريق نحو القمة وضمان مستقبل مشرق يجعل الإمارات في المقدمة.
ميزة إضافية
بفضل دعم القيادة الرشيدة، شهدت الإمارات تنظيم العديد من المهرجانات التراثية، مثل «مهرجان قصر الحصن» و«مهرجان الشيخ زايد» ومهرجان «أيام الشارقة التراثية» و«ملتقى السمالية» الربيعي والصيفي، وسواها من المهرجانات والملتقيات التراثية التي تقام سنوياً وبشكل دوري في دولة الإمارات. وهذه المهرجانات ما هي إلا دعوة مفتوحة لقراءة كتاب تاريخ الأجداد وعاداتهم وتقاليدهم وأنماط حياتهم، الذي تفتح صفحاته أمام زوارها من المواطنين والمقيمين. وهي ميزة إضافية لحالة من التفاعل التي توجدها بين الأجيال الجديدة والموروث الثقافي، من خلال ترسيخ كل ما هو جميل ونبيل من قيم ومفردات تعزز انتماءهم للوطن.
مؤشر عميق
ترك المغفور له الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان «طيب الله ثراه»، تاريخاً وطنياً تراثياً في الكثير من المهرجانات التراثية، بينها «مهرجان الشيخ زايد» الذي يُعتبر مناسبة تاريخية وطنية ومؤشراً عميقاً على اهتمام القيادة الرشيدة بالتراث والثقافة والتقاليد والقيم العربية الأصيلة. ومنذ انطلاقته يحمل المهرجان بين أجنحته أصالة التراث وعبق التاريخ ورؤية الحاضر لمستقبل أكثر ازدهاراً عبر أجنحته المتعددة، وما تضمه من إبداعات وتحف تسلط الضوء على الإسهامات الإماراتية، وتعرِّف الأجيال الشابة بالثقافة الوطنية لدولة الإمارات وهويتها وموروثها الأصيل.
أصالة الماضي
تمثل «أيام الشارقة التراثية» حدثاً حيوياً في التراث الثقافي الإماراتي، بما توفره من مناخ مناسب لتعريف الجيل الحالي والأجيال المقبلة على أصالة الماضي، وتمكينهم من استكشاف ذلك الزمن بكل ما فيه من عادات وتقاليد أصيلة تعبِّر عن الموروث الشعبي للأجداد، كما تُعتبر «أيام الشارقة التراثية» انعكاساً واقعياً لهوية شعب دولة الإمارات وتجسيداً حياً لعراقة تاريخه.
250 سنة
مهرجان قصر الحصن، حدث سنوي يقام على أرض قصر الحصن بأبوظبي، احتفالاً بتاريخ القصر وبقرون من الثقافة والتقاليد في الإمارات. يهدف المهرجان بشكل رئيس إلى تعزيز مكانة الهوية الإماراتية والقيم التي يمثلها تراث الدولة وتعريف المجتمع بأعمال الترميم في المبنى الذي تم إنشاؤه قبل أكثر من 250 سنة. يمنح المهرجان فرصة التعرف على تراث دولة الإمارات وثقافتها، من خلال تنظيم ورش عمل وعروض متنوعة وجولات تعريفية وندوات تفاعلية، وإمكانية الدخول إلى الساحة الداخلية للقصر.
شخصية وطنية
آمنت دولة الإمارات بأن التراث مرآة لثقافتها وتوثيق لحياة الأجداد ونبراس ينير طريق الأبناء، لذا حرصت قيادتها الرشيدة بشكل دائم على الاهتمام بالتراث الشعبي، ودعم الجهات والأنشطة التي تُعنى بإحيائه، وذلك من منطلق الحفاظ على أصالة المنطقة وإظهار هويتها والشخصية الوطنية لأبناء الإمارات.