آمنة الكتبي (دبي)
أطلقت حكومة دولة الإمارات السياسة الوطنية لتمكين أصحاب الهمم، بهدف تمكينهم، وتحقيق المشاركة الفاعلة والفرص المتكافئة في مجتمع دامج، يضمن الحياة الكريمة لهم ولأسرهم، وبفضل الرؤى الحكيمة للقيادة الرشيدة فقد أولت الإمارات أصحاب الهمم كل عناية واهتمام، وسنت من أجلهم القوانين والتشريعات وأطلقت المبادرات والسياسات التي تقاطعت مع توفير سبل الرعاية والدمج والتمكين عالمياً، لتتوالى الإنجازات.
وتقوم السياسة الوطنية لتمكين أصحاب الهمم على عدد من المحاور التي تغطي مختلف جوانب واحتياجات أصحاب الهمم، ويتضمن محور الصحة وإعادة التأهيل، توفير رعاية صحية شاملة، ومجموعة من الفحوص الطبية في مراحل ما قبل وأثناء وبعد الولادة للوقاية من الإعاقة، بالإضافة إلى تطوير بحوث ودراسات الإعاقات، والمتلازمات الوراثية، والأمراض النادرة التي تسبب الإعاقة، وإطلاق برنامج وطني للكشف المبكر عنه، ويركز محور التعليم على تطوير نظام تعليمي دامج في مجالات التعليم العام والمهني والعالي، وتوفير معلمين ومختصين في مختلف الإعاقات والمراحل، وافتتاح تخصصات فرعية لتعليم ذوي الإعاقة من قبل الجامعات والمعاهد.
الدمج
وتبذل الدولة جهوداً ملموسة لدمج الطلبة أصحاب الهمم في النظام التعليمي، حيث تنتهج وزارة التربية والتعليم استراتيجية تكييف المدارس العامة، وإتاحة الفرصة لتوفير التعليم لأصحاب الهمم، ووفقاً لذلك، يمكن للطلبة من هذه الفئة التسجيل في أي مدرسة، من دون أي استثناء، كما يتوفر لدى وزارة التربية والتعليم منذ عام 2008 إدارة معنية بأصحاب الهمم، والتي تعمل على تعزيز وتأمين حقوقهم، وإمكانية حصولهم على نفس الفرص التعليمية المتوفرة لنظرائهم من غير أصحاب الهمم، بالإضافة إلى تزويد معلمين متخصصين لتدريسهم والعناية بهم.
كما أطلقت سياسة حماية أصحاب الهمم من الإساءة والتي تهدف إلى مكافحة جميع أشكال الإساءات التي قد يتعرض لها أصحاب الهمم، مثل حرمانهم من أساسيات الرعاية والتأهيل والعناية الطبية أو الترفيه والدمج المجتمعي، أو استغلالهم في جلب المنافع المادية، وتوفر الدولة فرصاً متكافئة وعادلة لتوظيف المواطنين من أصحاب الهمم في القطاعين العام والخاص. ويضمن القانون الاتحادي رقم (29) لسنة 2006 وتعديلاته لصاحب الاحتياجات الخاصة المواطن الحق في العمل وفي شغل الوظائف الحكومية، فيما أطلقت وزارة تنمية المجتمع مظلة أصحاب الهمم دليل تشغيل أصحاب الهمم أبرزت فيه أهم التحديات والمتطلبات الخاصة لتشغيلهم وتسهيل دمجهم في الوظائف من دون أي تحديات، علاوة على بذل الدولة ممثلة بالمؤسسات التعليمية جهوداً نوعية لدمج أصحاب الهمم في المدارس والجامعات وتوفير احتياجاتهم والكوادر العالمة التي تسهم في إنجاح هذه التجربة الحضارية التي يشار إليها بالبنان عالمياً.
تطبيقات مبتكرة
وخصصت الوزارة حزمة من التطبيقات المبتكرة والوسائل التكنولوجية المساعدة لتعليم وتأهيل أصحاب الهمم ضمن الجهود التطويرية للخدمات التأهيلية المقدمة لأصحاب الهمم عن طريق «مركز معين للتكنولوجيا المساندة»، التابع للوزارة وأبرزها برنامج وجهاز Neuroforma لإعادة التأهيل الحركي والمعرفي وجهاز TeleCockpit وهو نظام لإعادة التأهيل، والتأهيل عن بعد، قائم على تقنية الواقع الافتراضي، إضافة إلى Sanbot Robot وهو روبوت تفاعلي يساعد على تعليم وتأهيل أصحاب الهمم.
«معين» المتطور
وتعد إمكانيات مركز معين المتطورة، تأهيلياً وتعليمياً، تعكس سعي الوزارة في إطار رؤيتها التطويرية لتوفير أفضل الخدمات والمبادرات لمتعامليها، حيث يدعم مركز معين للتكنولوجيا المساندة وتوفير وسائل وتقنيات حديثة ومتطورة لتمكن الطلبة من مختلف فئات الإعاقة من التفاعل مع عالم التكنولوجيا والاتصالات والتواصل من خلال الأجهزة والتطبيقات الذكية، ما يعزز جهود الوزارة التي تركز على تطوير إمكانات أصحاب الهمم وإثراء قدراتهم، إضافة إلى زيادة تفاعلهم مع بيئتهم ومحيطهم ومجتمعهم، وبالتالي تعزيز فرص نجاح الدمج وتطبيقه بسهولة وإيجابية على أرض الواقع.
ويوفر مركز «معين» مجموعة كبيرة من الوسائل والتكنولوجيا المساعدة لأصحاب الهمم وأُسرهم وللعاملين في مجالات التعليم والتأهيل، ووصل عدد المستفيدين من خدمات المركز من طلاب وأولياء أمور وأخصائيين على مستوى مراكز أصحاب الهمم إلى ما يقارب 1100 مستفيد، حيث إن المركز يتيح للجميع فرصة الاطلاع على آخر الابتكارات العالمية في هذا المجال المتطور لمعرفة إمكانية استغلال هذه الوسائل بشكل فعال من أجل تعزيز وتطوير مختلف حالات الإعاقة.
ويعد تأهيل أصحاب الهمم وتمكينهم من خلال تكنولوجيا المعلومات والاتصالات عنصراً مهماً وحاسماً في عملية تعزيز إمكاناتهم وزيادة وإثراء قدراتهم على التواصل والتفاعل مع بيئتهم ومحيطهم ومجتمعهم، وتم الكشف أيضاً عن برنامج نيوروفورما Neuroforma وهو برنامج معد لإعادة التأهيل الحركي والمعرفي تم إنشاؤه بوساطة متخصصين في إعادة التأهيل وأخصائي العلاج الوظيفي ومصمم للأفراد الذين يعانون إصابات عصبية، ومناسب بشكل خاص لإعادة تأهيل أصحاب الهمم الذين يعانون التصلب المتعدد، والذين يتعافون من سكتة دماغية، أو إصابة في الدماغ.
وكان دور مركز معين للتكنولوجيا المساندة مهماً في تطوير استخدام الجهاز مع أطفال التوحد وأطفال صعوبات التعلم من خلال ابتكار أنشطة تدريبية وربطها بقاعدة بيانات لمتابعة تطوير الطالب، أما جهاز تليكوكبيت TeleCockpit وهو نظام لإعادة التأهيل والتأهيل عن بعد القائم على تقنية الواقع الافتراضي والجهاز، فهو عبارة عن محطة عمل تقنية لإدارة الأجهزة الإقليمية والمنزلية ويتيح عقد لقاءات عبر الفيديو ومشاهدة المريض جسدياً، والتمارين الجارية في الوقت الفعلي في وقت واحد، ويحتوي النظام على واقع افتراضي ومعزز يتيح للمستخدمين خيارات واسعة من الاستفادة.
روبوت تعليمي
وأعلن مركز معين للتكنولوجيا المساندة عن توفير ربوت جديد وهو «Sanbot Robot» بهيكله شبه البشري اللطيف، مع شاشة تعمل باللمس، والذي يعزز عملية التفاعل مع الأطفال أصحاب الهمم عن طريق الغناء والرقص والرسم ومساعدتهم في تعلم لغتهم الأم، أو تعلم لغة أخرى، ويمكن للروبوت التعليمي الذكي تشغيل سلسلة من المواد التعليمية للأطفال أصحاب الهمم، ما يثري معارفهم ويحفز ذاكرتهم.
ويضمن مركز معين للتكنولوجيا المساندة دمج أصحاب الهمم في المجتمع وتطوير المهارات المطلوبة وزيادة التفاعل والتواصل الاجتماعي والارتقاء بالأداء المدرسي، ويعزز المركز جهود وخبرات العاملين لإنجاز عمليات التقويم والتشخيص بقصد تحديد الاحتياجات الأساسية لكل طفل، وإعداد الخطط التربوية الفردية التي تناسب كل حالة على حدة.