شروق عوض (دبي)
تحفز دولة الإمارات العربية المتحدة عبر مسيرة عملها المناخي، الجهود الدولية في مواجهة تحديات تغير المناخ التي يشهدها العالم ونتائجه السلبية المتمثلة في تهديد التنوع البيولوجي، وتلوث الهواء والمحيطات، وارتفاع درجات الحرارة، والفيضانات وغيرها من النتائج، وذلك من خلال أحدث مبادراتها العمليّة الجديدة التي أعلنت عنها مؤخراً، ومتوزعة ما بين مشاريع وطنية وتعهدات ومذكرات تفاهم دولية، لتضاف إلى سجل مسيرتها الحافل بالمنجزات الممتدة على مدار 30 سنة ماضية، في مواجهة تحدي التغير المناخي، والالتزام بكافة الاتفاقيات الدولية التي وقعتها بدءاً من الاتفاقية الإطارية للأمم المتحدة بشأن المناخ على الصعيد العالمي، وتحقيق متطلبات التنمية الاقتصادية المستدامة، وضمان مستقبل أفضل للأجيال الحالية والمقبلة على الصعيد المحلي.
وتأتي هذه المبادرات الجديدة استمراراً لجهود حماية البيئة وضمان استدامتها بوصفها نهجاً رئيسياً لها منذ تأسيسها، وقد بذلت الإمارات خلال العقود الخمسة الماضية العديد من الجهود للحفاظ على النظم البيئية والمواد الطبيعية والتنوع البيولوجي بداية من إرسال وفد رسمي للمشاركة في الاجتماع الأول للأمم المتحدة بشأن البيئة بعد ستة أشهر فقط من تأسيس الدولة، وصولاً إلى إطلاق مبادرتها الاستراتيجية لتحقيق الحياد المناخي بحلول 2050، وتبنيها نموذجاً جديداً للنمو الاقتصادي المستدام.
ولم تأت مشاركة دولة الإمارات العربية المتحدة، أمس، العالم الاحتفاء بيوم الأرض، الذي يصادف الـ22 أبريل من كل عام، من فراغ، وإنما جاءت فرصة لتحفيز الجهود الدولية في مواجهة تحديات التغير المناخي التي يشهدها العالم، من خلال مسيرتها الطويلة في العمل من أجل المناخ، والذي قدمت فيه الكثير من النجاحات، ومبادراتها تعد الدليل الأكبر على إحداث الفرق في مجابهة قضية تغير المناخ التي باتت تتزايد تلقي بعواقب سلبية على التنوع البيولوجي والمحيطات، وارتفاع كل من درجات حرارة الأرض وتركيزات الغازات الدفيئة.
وتحل المناسبة هذا العام في وقت أعلنت دولة الإمارات عن مبادراتها العملية الجديدة في إيجاد الحلول واحتواء كل ما يخص ملف التغير المناخي من بيانات واستراتيجيات، وهو ما أهّلها خلال السنوات القليلة الماضية لفرض مكانتها لأن تكون لاعباً بارزاً على المستويين الإقليمي والعالمي في إدارة ومعالجة هذا الملف الحساس، حيث كشفت الدولة عن تلك المبادرات الجديدة خلال مشاركة وفدها في محادثات المناخ العالمية التي استضافتها المملكة المتحدة في مدينة غلاسكو، لمدة أسبوعين من 31 أكتوبر وحتى 12 نوفمبر الماضيين، حيث أنها تلعب دوراً محورياً في التواصل مع قادة العالم والوفود المشاركة بشأن التعامل مع تداعيات تغير المناخ والحد منها، ومناقشة ووضع الأطر الرسمية لخطط تحقيق الحياد المناخي بحلول عام 2050.
إجراءات مساهمة
وتوزعت هذه المبادرات الجديدة باعتبارها إجراءات مساهمة للحد من آثار تغير المناخ، على عدة قطاعات كالبيئة والزراعة والصحة والطاقة والبنية التحتية، بالإضافة إلى القطاع الخاص، وتهدف في مجملها إلى تحقيق مجموعة من الأهداف التي تدفع إلى المضي قدماً في مسيرتها الطموحة لبناء اقتصاد منخفض الكربون يسهم في حماية البيئة وتقليص الانبعاثات وتوفير الفرص الاقتصادية المستدامة، وتنفيذ مبادرتها الاستراتيجية غير المسبوقة على المستويين الإقليمي والعالمي لتحقيق الحياد المناخي 2050، نظراً لالتزامها الراسخ بالحد من الانبعاثات الكربونية.
مسؤولية إماراتية
وتأتي المبادرات الإماراتية الجديدة والساعية لأهداف المشار إليها أعلاه، بالإضافة إلى إيجاد حلول مناخية عملية شاملة من شأنها تحقيق نمو اقتصادي مستدام، ودعم جهود العالم في رفع طموح العمل للحد من آثار تغير المناخ، مواكبة لتسارع وتيرة المخاطر المناخية التي تهدد جميع دول العالم، حيث إنها تتعامل مع هذه المسؤولية الكبيرة بكل تواضعٍ وتصميمٍ دعماً للمجتمع الدولي عبر وضع أجندة طموحة للعمل المناخي، ترتكز بالدرجة الأولى على خطوات عمليّة فعّالة وفق الفرص المتاحة لإحداث التغيير المنشود. ومن أبرز المبادرات انضمام الإمارات للتعهد العالمي للميثان بقيادة الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأمريكية وتقليص الانبعاثات من الزراعة وحماية الغابات والأراضي، وتطوير النظام الصحي وزيادة الطاقة الصديقة للبيئة وريادة الهيدروجين وزيادة الطاقة النظيفة، وإطلاق حاضنات الأعمال في مجال التغير المناخي، وتأييد «تعهد القادة تجاه الطبيعة» وغيرها.
الحياد المناخي
كما شكلت مبادرة إعلان الإمارات خلال العام الماضي (2021) عن هدف تحقيق الحياد المناخي بحلول 2050 تتويجاً لجهود الدولة ومسيرتها في العمل، من أجل المناخ على المستويين المحلي والعالمي خلال العقود الـ3 الماضية منذ انضمامها لاتفاقية الأمم المتحدة الإطارية لتغير المناخ في 1995، وستوفر المبادرة فرصاً للتنمية المستدامة والتقدم الاقتصادي، كما تسهم في ترسيخ مكانة الدولة وجهة مثالية للعيش والعمل وإنشاء المجتمعات المزدهرة، حيث ستستثمر الإمارات أكثر من 600 مليار درهم في الطاقة النظيفة والمتجددة حتى 2050، وستقوم بدورها العالمي في مكافحة التغير المناخي.
الابتكار الزراعي
وكشفت الإمارات في عام 2021 عن مجموعة من المبادرات العملية لمواجهة تحدي التغير المناخي على المستوى العالمي، ومنها مبادرة «الابتكار الزراعي للمناخ»، وهي مبادرة عالمية كبرى تقودها الإمارات والولايات المتحدة الأمريكية بمشاركة 30 دولة، وتهدف المبادرة التي تصل قيمة التزاماتها الأولية إلى 4 مليارات دولار، إلى تسريع العمل على تطوير أنظمة غذائية وزراعية ذكية مناخياً على مدى الأعوام الـ5 المقبلة، وتعهدت الإمارات باستثمار إضافي قيمته مليار دولار كجزء من هذه المبادرة.