علي بن أبي طالب، رضي الله عنه، هو ابن عم رسول الله، صلى الله عليه وسلم، وتربى في حجره، وأسلم صغيراً، ونام في فراشه، وفداه بنفسه يوم هاجر إلى المدينة المنورة، وزوَّجه ابنته فاطمة البتول، رضي الله عنها، أحب الله ورسوله، وأحبه الله ورسوله، وبشره النبي صلى الله عليه وسلم بالجنة، وكان رضي الله عنه وعاء من أوعية العلم، قال عن نفسه: «والله ما نزلت آية إلا وقد علمت فيما أنزلت، وأين أنزلت، إن ربي وهب لي قلباً عقولاً، ولساناً سؤولاً»، (حلية الأولياء وطبقات الأصفياء، 1/ 67)، وقال: «سلوني عن كتاب الله، فوالله ما منه آية إلا وأنا أعلم بليل نزلت أم بنهار، أم بسهل نزلت أم بجبل»، (جامع بيان العلم وفضله، 1/ 464).
وكان، رضي الله عنه من أكثر الصحابة علماً بالقضاء رضوان الله عليهم أجمعين، وصفه سيدنا عمر بن الخطاب، رضي الله عنه، فقال: «عَلِيٌّ أَقْضَانَا»، (مصنف ابن أبي شيبة، 30755).
وقد ورد في فضله مجموعة من الأحاديث، منها:عن سعيد بن زيد، رضي الله عنه، قال: أشهد على رسول الله صلى الله عليه وسلم، أني سمعته وهو يقول: «عشرة في الجنة: النبي في الجنة، وأبو بكر في الجنة، وعمر في الجنة، وعثمان في الجنة، وعلي في الجنة، وطلحة في الجنة، والزبير بن العوام في الجنة، وسعد بن مالك في الجنة، وعبد الرحمن ابن عوف في الجنة» ولو شئت لسميت العاشر. قال: فقالوا: من هو؟ فسكت. قال: فقالوا: من هو؟ فقال: هو «سعيد بن يزيد»، (سنن أبي داود، 4649).
وأما في الفتيا، فقد قال عنه سيدنا عبدالله بن عباس رضي الله عنه: «إذا حدثنا ثقة عن علي بفتيا لا نعدوها»، (الطبقات الكبرى لابن سعد، 2/ 258).
قال معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه لضرار بن ضمره: صف لي عليا. فقال: «فإنه والله كان بعيد المدى، شديد القوى، يقول فصلاً، ويحكم عدلاً، ويتفجر العلم من جوانبه، وتنطق الحكمة من نواحيه، يستوحش من الدنيا وزهرتها، ويستأنس بالليل وظلمته، كان والله غزير الدمعة، طويل الفكرة، يقلب كفه، ويخاطب نفسه، يعجبه من اللباس ما خشن، ومن الطعام ما جشب، كان والله كأحدنا يجيبنا إذا سألناه، ويبتدينا إذا أتيناه، ويأتينا إذا دعوناه، ونحن والله مع تقريبه لنا وقربه منا لا نكلمه هيبة، ولا نبتديه لعظمته، فإن تبسم فعن مثل اللؤلؤ المنظوم، يعظم أهل الدين، ويحب المساكين...»، (ترتيب الأمالي الخميسية للشجري «2/ 116»، والاستيعاب في معرفة الأصحاب لابن عبد البر «3/ 1108».
ولنعلم أنّ توقيره والاقتداء به وحسن الثناء عليه من توقير وبر رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال القاضي عياش رحمه الله: «ومن توقيره وبره، صلى الله عليه وسلم، توقير أصحابه وبرهم، ومعرفة حقهم، والاقتداء بهم، وحسن الثناء عليهم، والاستغفار لهم»، (الشفا بتعريف حقوق المصطفى للقاضي عياض «2/ 116»).