هو خزيمة بنت ثابت بن الفاكه الأنصاري المكنى بـ «ذو الشهادتَين»، كناه بها رسول الله صلى الله عليه وسلم، بعد حادثة وقعت في زمن النبي، وهو من السابقين في الإسلام، وقال فيه النبي صلى الله عليه وسلم «من شهد له خزيمة فهو حسبه».
فما قصة ذلك التكريم النبوي لخزيمة بن ثابت بن الفاكِه بن مالك بن الأوس الأنصاري، الذي وُلد قبل الهجرة بـ 20 عاماً.
يروى أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ ابتاع فرسًا من أعرابيٍ فاستتبعَه النبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ لِيقضيَه ثمنَ فرسِه فأسرع رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ المشيَ وأبطأ الأعرابيُّ فطفِق رجالٌ يعترضون الأعرابيَّ فيساومونه بالفرسِ ولا يشعرون أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ ابتاعه فنادى الأعرابيُّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ فقال إن كنتَ مُبتاعًا هذا الفرسَ وإلا بعتُه فقام النبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ حين سمع نداءَ الأعرابيِّ فقال أو ليس قد ابتعتُه منك فقال الأعرابيُّ لا واللهِ ما بِعتُكَه فقال النبيُّ، صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ بلى قد ابتعتُه منك.
فطفِق الناسُ يلوذون بالنبيِّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ والأعرابيِّ وهما يتراجعانِ فطفِق الأعرابيُّ يقول هَلُمَّ شهيدًا يشهد أني بايعتُك فمن جاء من المسلمينَ قال للأعرابيِّ ويلك النبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ لم يكن ليقولَ إلا حقًّا حتى جاء خزيمةُ فاستمع لمراجعةِ النبيِّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ ومراجعةِ الأعرابيِّ فطفِق الأعرابيُّ يقول هَلُمَّ شهيدًا يشهد أني بايعتُك فقال خزيمةُ بنُ ثابتٍ أنا أشهدُ أنك قد ابتعتَه فأقبل النبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ على خُزيمةَ فقال بم تشهدُ فقال بتصديقِك يا رسولَ اللهِ فجعل رسولُ اللهِ، صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ شهادةَ خُزيمةَ بشهادةِ رجلَينِ.
وحَكَمَ له بذلك النبي، صلى الله عليه وسلم، وشَرَعَ في حقِّهِ، إمَّا بوحيٍ، أو تفويضٍ مِنَ اللهِ تعالى في مِثْلِ هذه الأمورِ، وهذا مِن خَصائِصِ خزيمةَ رضِيَ اللهُ عنه ولا يَتعدَّاه إلى غَيرِه، وفي الحديثِ: مَنْقَبةٌ ظاهِرةٌ لخُزيمةَ بنِ ثابتٍ رَضِيَ اللهُ عنه.
وعندما أشار عمر بن الخطاب على أبي بكر الصديق رضي الله عنهما بجمع القرآن، أمر زيد بن ثابت بجمعه، وقد كان زيد لا يسجل الآية من القرآن إلا إذا وجدها مكتوبة واثنان من الصحابة يحفظونها في صدورهم. فلم يبق إلا آيتي أواخر سورة التوبة وجدها مكتوبة ولكنها كانت محفوظة من صحابي واحد وليس من اثنين، وهذا يبطل قاعدته التي كان يجمع بها القرآن وهي قوله تعالى: (لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رؤوف رحيم فإن تولوا فقل حسبي الله لا إله إلا هو عليه توكلت وهو رب العرش العظيم) التوبة 129-128. وقد وجد زيد الآية عند خزيمة بن ثابت فقط، فتذكر كلمة رسول الله في خزيمة وهي قوله: «من شهد له خزيمة فحسبه» فسجلت الآية بشهادة خزيمة.
شهد خزيمة أوّلَ ما شهد أُحُداً، وما بعدها من المشاهد، وحمل راية بني خطمة يوم فتح مكّة، ودخل مع رسول الله (صلى الله عليه وسلم) شهد معركة مُؤتة، وكان شاعراً، واستشهد رضي الله عنه بصفين سنة 37 هـ وهو يقاتل في صف رابع الخلفاء الراشدين علي بن أبي طالب