دبي (الاتحاد)
سلط معالي محمد عبدالله القرقاوي رئيس متحف المستقبل في كلمة له خلال الاحتفالية الضوء على أوجه التشابه بين فكر وفلسفة صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم وبين متحف المستقبل، من خلال سبع نقاط رئيسية، قائلاً معاليه، إن «متحف المستقبل بمحتواه ومفهومه المتجدد والمتطور باستمرار، يعكس فكر ورؤى محمد بن راشد المتجددة والمواكبة للمتغيرات والمتميزة بتجدد الخطط وتجدد الأفكار وتجدد الأدوات».
وأشار معاليه إلى أن «هذا الصرح الحضاري الجديد يشبه فكر وفلسفة محمد بن راشد.. بل يجسد هذا الفكر.. ويجسد الكثير من المفاهيم التي تعلمناها عبر السنين.. كما يترجم إيمان سموه بأن الأفكار هي إلى تصنع المستقبل وهي التي تقود قاطرة التنمية».
يعدّ متحف المستقبل معْلماً حضارياً استثنائياً، يشكل إضافة نوعيةً لأهم المعالم والأيقونات العالمية، كما يعتبر تحفة معمارية لا نظير لها بفضل تصميمه الهندسي ذي الطابع الريادي السابق عصره، ليصوغ من الآن مفهوم عمارة المستقبل ويصنع إرثها، وليليق تصميمه بما يمثله وما يجسده من قيمة علمية ومعرفية وفكرية، وبما يعكس دوره كمنصة تجمع أهم وأبرز العقول والخبرات ومستشرفي المستقبل للاستعداد لبيئة المستقبل، والمساهمة في رصد أهم التطورات والتحديات والمعضلات التي ستواجه البشرية في الخمسين سنة المقبلة، وإيجاد حلول غير تقليدية لها.
كما سيكون المتحف حاضنة للنوابغ والمواهب من العلماء والمفكرين والباحثين وأكبر مختبر من نوعه للأفكار والتصورات الجريئة، لتنطلق منه المبادرات والمشاريع العلمية والمعرفية للمساهمة في تسريع التطور العلمي في شتى المجالات.
من منظور معماري، يشكل المتحف أعجوبة هندسية، فهو المبنى الأكثر انسيابية في العالم؛ إذ لا توجد في هيكله الخارجي أية زوايا حادة، متجاوزاً كل حدود المألوف في العمارة، مبتكراً أدوات جديدة ومطوراً مقاربات تقنية خلاقة في التصميم والتنفيذ والبناء.
خريطة طريق لمستقبل دبي
سيقدم متحف المستقبل خريطة طريق واضحة لإمارة دبي ودولة الإمارات، بحيث تستطيع من خلالها استشراف مستقبل كافة القطاعات الحيوية والاستفادة من الفرص المستقبلية اقتصادياً وتنموياً وعلمياً وإنسانياً.
بالإضافة إلى ذلك، سيعمل متحف المستقبل على استقطاب أفضل الأفكار العالمية وتوليد مفاهيم جديدة لدبي، تجعلها متقدمة على غيرها. كما سيكون المتحف العقل المفكر والمنصة المعرفية والعلمية الابتكارية الأوسع والأشمل من نوعها التي تجمع أفضل المواهب والعقول الإبداعية لإثراء الحوار والنقاش وتوليد المقترحات والتصورات لترسيخ التميز في مختلف القطاعات.
أعجوبة معمارية
يشكل متحف المستقبل معجزةً هندسية، تجمع بين أجمل ما ابتكره الفكر الإنساني الخلّاق وأرقى ما توصل إليه الفن المعماري وأحدث ما توصلت إليه التكنولوجيا الرقمية، بما في ذلك تقنيات الواقع الافتراضي والواقع المعزز وتطبيقات الذكاء الاصطناعي. يتألف متحف المستقبل من ثلاثة عناصر رئيسية، هي: التلة التي يرتفع فوقها المبنى، وتصميم المبنى الخارجي، والمحتوى الداخلي للمتحف، ضمن مقاربة مفاهيمية متكاملة، تشكل العناصر الثلاثة في مجموعها القيمة المعمارية والفنية والمعرفية والفلسفية للمبنى الأيقوني.
يبلغ ارتفاع المتحف 77 متراً، من دون أن توجد أي أعمدة أو دعامات ارتكازية في داخله، ما يجعله المبنى الأكثر انسيابية في العالم. ويعتبر المتحف من المشاريع المعمارية الأكثر تعقيداً في العالم، حيث يُصنَّف في خانة «الإعجاز الهندسي»، فقد تم تنفيذه باعتماد نموذج «التصميم البارامتري»، وهو عبارة عن تقنية ثلاثية الأبعاد تعتمد على تصميم تقني متطور يعمل عن طريق إدخال البيانات والمحدِّدات الخاصة بالمبنى المراد تصميمه، بالاعتماد على الأسس الهندسية المعروفة بالخوارزميات، وهي عدد مدروس من الخطوات الرياضية المتسلسلة والمنطقية التي تسمح بمعالجة متغيرات محددة التي تؤدي إلى حل مسائل معينة أو التصدي لأي تعديلات أو تحديات تطرأ أثناء التصميم أو التنفيذ، ضمن مقاربة مفاهيمية في البناء تجمع بين العمارة والنحت والرياضيات. ويشار للتصميم البارامتري، المستخدم على نطاق محدود في العمارة الحديثة كونه يتطلب تقنيات وأدوات معمارية فائقة التطور، بـ«نمذجة التصميم» أو التصميم المعياري، أو التصميم المتغير كونه يتطلب مرونة تقنية فائقة بالاستناد إلى قاعدة بيانات يتم تحديثها طيلة مراحل التصميم والبناء.
كما تم استخدام النموذج البارامتري لدراسة وتصميم حركة الناس في المبنى.
وتتألف واجهة المتحف من 1024 قطعة خارجية تمتد على مساحة 17.600 متر مربع، وهي مصنوعة من الفولاذ المقاوم للصدأ، وقد تم إنتاج ألواح الواجهة باستخدام أذرع آلية مؤتمتة في سابقة في المنطقة. ويتألف كل لوح من 4 طبقات، واستغرق إنتاج اللوح الواحد 16 خطوة عملية. كما تم تركيب وتثبيت كل لوح على حدة، حيث استمرت فترة تركيب الواجهة الخارجية أكثر من 18 شهراً.
ويعكس متحف المستقبل في أساس تصميمه التقنية الرقمية من خلال الألواح الـ 1024 التي تغطي واجهته، حيث يمثل عدد هذه الألواح وحدة أساسية لنظام التخزين الرقمي للمعلومات في ذاكرة الحواسيب، وهو الكيلوبايت ويساوي 1024 بايت، أو 1024 رمزاً أو حرفاً.
ويرتبط المتحف بجسرين، يمتد الأول إلى أبراج الإمارات بطول 69 متراً، والثاني يربطه بمحطة مترو أبراج الإمارات بطول 212 متراً، وتتم تغذية المتحف بـ 4000 ميجاوات من الكهرباء التي يتم إنتاجها عبر الطاقة الشمسية، من خلال ألواح الطاقة الشمسية المتصلة بالمتحف.
وتتم إضاءة واجهة متحف المستقبل بـ 14 ألف متر من خطوط الإضاءة، مزينة باقتباسات ملهمة مكتوبة باللغة العربية لصاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم بالخط العربي، ما يجعله المبنى الأوحد في العالم الذي يعتمد «الكاليغرافي» (فن الخط) على واجهته بالكامل.
حراك معرفي
يسعى متحف المستقبل إلى قيادة الحراك المعرفي في العالم العربي عبر لعب دور حيوي في المنطقة، بوصفه أكبر مجمَع للأدمغة العلمية والمعرفية ومركزاً لأحدث الابتكارات العلمية والتكنولوجية المتقدمة.
كما سيعمل المتحف على خلق أرضية تربط المبادرات التنموية والاقتصادية والمجتمعية بأحدث الاكتشافات العلمية والمعرفية والتقنية من منظور مستقبلي استشرافي، وذلك عبر إطلاق واحتضان ورعاية العديد من المشاريع والمبادرات تحت مظلة المتحف، بما يسهم في خدمة شعوب ومجتمعات العالم العربي والارتقاء بالمسيرة التطورية في المنطقة.
على صعيد المجتمع العلمي الدولي، سوف يساهم متحف المستقبل في خلق حراك فكري ومعرفي عالمي حول استقصاء واستشراف التغيرات والاتجاهات المستقبلية في شتى المجالات العلمية والاقتصادية والتنموية والإنسانية، علاوة على استغلال الفرص للاستفادة من هذه التغيرات بما يعود بالنفع على البشرية، وتعميق أسس التعاون المعرفي وتيسير قنوات تبادل التجارب والبيانات وتحقيق العدالة في مشاركة النتاج العلمي والمعرفي المستقبلي، بالإضافة إلى الاستثمار في التطور التقني والمعرفي للمساهمة في التصدي للأزمات العالمية.