طه حسيب (أبوظبي)
اجتماع اللجنة العليا الخاصة بمشروع «مفكرو الإمارات» الذي انعقد بمقر مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية، أمس الثلاثاء، هو الأول بعد انطلاق المشروع في 4 يناير الجاري. وجاء الاجتماع فرصة لاستطلاع آراء أعضاء اللجنة، والوقوف على تفاصيل المشروع. ووجه الدكتور سلطان محمد النعيمي، مدير عام مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية الشكر للقيادة الرشيدة على دعمها غير المحدود للمشروع، واصفاً الأخير بجسر يصل بين مفكري الإمارات والمؤسسات الوطنية والمؤسسات الإعلامية، وأن «مفكرو الإمارات» مشروع من الوطن ولأجل الوطن، ومنصة للناتج البحثي لمفكري الإمارات، تهدف أيضاً إلى تشجيع مفكري الغد من الشباب. وأكدت الدكتورة ابتسام الطنيجي المشرفة على مشروع «مفكرو الإمارات» أن هناك نوعين من العضوية في إطار المشروع: أولاً: المفكرون والباحثون، وثانياً: عضوية «مفكرو الغد» من الشباب، وتوجد أربع فئات للمشروع: الأكاديميون والباحثون والشباب وفئة أصحاب الخبرة.
«الاتحاد» التقت مجموعة من أعضاء اللجنة العليا للمشروع لتسليط الضوء على أهميته والرؤى التي يرتكز عليها، وضمن هذا الإطار أكد الدكتور عارف الحمادي نائب الرئيس التنفيذي لجامعة خليفة للعلوم والتكنولوجيا أن الإمارات تزخر بالمفكرين في مجالات العلوم والآداب والعلوم الإنسانية، وجاء هذا المشروع لإبراز العنصر الإماراتي وتشجيعه على الكتابة والظهور الإعلامي، وأضاف الحمادي: إن التجربة الإماراتية رافد للتجربة الإنسانية في العالم، لكن ينقصها الظهور الإعلامي. ويرى الحمادي أنه من خلال اللجنة العلمية، نشجع المفكرين الإماراتيين على إبراز فكرهم وعلمهم عن طريق النشر، بالتعاون مع مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية، وتحفيزهم أيضاً على المشاركة في ندوات تتعلق بقضايا تهم دولة الإمارات اقتصادياً وعلمياً، فالإمارات أطلقت في الآونة الأخيرة برامج علمية لاستكشاف الفضاء وفي مجال العلوم الحيوية ومكافحة الأوبئة والصحة العامة والطاقة.
بعيون إماراتية
أشار الدكتور عبدالخالق عبدالله إلى أن النموذج الإماراتي الذي تطور خلال الخمسين عاماً الماضية أصبح موضع اهتمام أكاديمي عالمي، اهتمام نراه في أطروحات لنيل درجة الدكتوراه، للبحث في سؤال مؤداه: كيف تميزت الإمارات؟ ومشروع «مفكرو الإمارات» يجيب عن هذا التساؤل، ويبحث عن المفكر الذي يقود نموذج الإمارات التنموي والمعرفي. ولفت الدكتور عبدالخالق إلى أن هناك فرقاً بين أن يتحدث الآخر عن التجربة الإماراتية في التنمية وبين أن يتحدث الإماراتي عن تجربة بلاده بعيون إماراتية.
الأبعاد الثلاثة
وأكد الأستاذ الدكتور حسن النابودة عميد كلية العلوم الإنسانية والاجتماعية بجامعة الإمارات، وجود ثلاثة أبعاد أساسية تجعل المشروع وطنياً استثنائياً ورائداًَ في تاريخ الدولة. أولاً: توقيت الانطلاق بالتزامن مع احتفالات الدولة بعيد الاتحاد الخمسين، بما يؤكد التوجيهات الحكيمة للقيادة الرشيدة بالاستثمار في العقل البشري، من خلال اكتشاف طاقات الإنسان الإماراتي الإبداعية والابتكارية وتوجيهها نحو خدمة الوطن. وثانياً: حجم الرعاية التي يحظى بها المشروع من القيادة الرشيدة التي تضع مؤسسات الدولة كافة وبخاصة معاهدنا وجامعاتنا أمام مسؤولياتها الوطنية والتاريخية في الحفاظ على ريادة الدولة وتميزها. ويرتكز البعد الثالث على المسؤولية الوطنية للنخب الأكاديمية من خلال دور وطني يسهم في دعم مسيرة الدولة وتعزيز تقدمها.
مرجع وطني للبحوث
وأكد النابودة أن المشروع بذرة أولى لتدشين مرجع وطني للبحوث والدراسات التي أنجزها المواطنون، ما سيتيح الفرصة للمهتمين والمتخصصين بدراسة الإمارات للاطلاع على محتوى بحثي أكبر في تخصصات متنوعة، والمشروع فرصة ذهبية للباحثين الشباب المهتمين بدراسة الإمارات سواء في المرحلة الجامعية وما قبلها وأيضاً بمرحلة الدراسات العليا. ومن خلال المشروع أيضاً، تستطيع وسائل الإعلام الحصول على معلومات دقيقة تساهم في تصحيح الكثير من المغالطات التي يتم ترويجها من مصادر أخرى، فالمشروع - حسب النابودة- مبني على مرجعية علمية تعتمد منهجية واضحة في البحث العلمي.
رأس المال البشري
وأكد الدكتور علي أحمد الغفلي وكيل كلية العلوم الإنسانية والاجتماعية في جامعة الإمارات، أن جهود التنمية البشرية التي شهدتها الدولة خلال الخمسين عاماً الماضية تجعل المشروع خطوة منطقية، حيث أصبح لدى الدولة كوادر أكاديمية وفكرية، ورجال ونساء من أصحاب الخبرات المتخصصة في كافة مناحي الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والعلمية، وهؤلاء يمثلون رأس المال البشري في دولتنا التي تطمح إلى تحقيق وثبات حضارية خلال الخمسين عاماً المقبلة. ويقول الغفلي: لا أتصور إمكانية تحقيق قفزات نوعية في المجالات الاقتصادية والتقنية في الدولة من دون الاستثمار الأمثل في رأس المال البشري الضخم والمتنوع في دولة الإمارات. وأشاد الغفلي بردود أفعال المجتمع التي رحبت بالمشروع وأبدت تفاؤلاً به. وهذا الترحيب يُحمّل المواطنين والمواطنات المنضوين في المشروع مسؤولية مضاعفة من أجل المساهمة بكل سخاء في تقديم خبراتهم ومعارفهم وأفكارهم لتمكين دولتنا الحبيبة من تحقيق أهدافها في العقود المقبلة. وأضاف الغفلي أن الجميع مدعوون للمساهمة في إنجاح المشروع والسعي في اتجاه كل ما من شأنه تحقيق مصلحة الأجيال القادمة. وهذا التوجه ينقلنا- حسب الغفلي- إلى «مفكرو الغد»، الذين يحظون باهتمام عميق داخل المشروع، فرأس المال البشري سيتضاعف بالاستثمار في الشباب.
الإعلام والخبراء
وأشار حمد الكعبي رئيس تحرير «الاتحاد» إلى أن المساحات التي توفرها منصات الإعلام بمختلف صنوفها، تحمل في طياتها مسؤولية كبرى.. والتغيرات السريعة التي يشهدها عالمنا تضع مسؤولية مشتركة على الإعلام من جهة والمتخصصين من جهة أخرى للقيام بالمهمة التوعوية بمحددات واضحة تنسجم مع روح العصر ونبض الوطن واحتياجات المجتمع. الإعلام حلقة وصل بين الجمهور وصانع القرار، وبين الخبراء ومجتمعهم، فإنه كلما ازدادت قوة التواصل بين المجتمع ونخبة الخبراء الوطنيين، فإن الوعي الجمعي للجماهير يصبح محصناً أكثر وأكثر من التطرف والتشويش والاستلاب للخارج.
تعزيز اقتصاد المعرفة
وأشار الدكتور علي الأحبابي أستاذ العلوم السياسية المساعد في جامعة الإمارات، إلى أن الهدف من المشروع تمكين المفكر الإماراتي من الظهور في وسائل الإعلام، وتعزيز تواصله مع مؤسسات الدولة، بما يشجع على خلق مجتمع معرفي يعزز إنتاجية البحث العلمي، من أجل المساهمة الفاعلة في اقتصاد المعرفة، وتعزيز جوانب القوة الناعمة.
وأكد الأحبابي أن الشراكة مع الإعلام- وبخاصة صحيفة «الاتحاد»، تساهم في خلق فرص داعمة لـ«مفكرو الغد» كي يقدموا ويظهروا إسهاماتهم الفكرية على صفحات الجريدة ومنصاتها المتنوعة، وهذا يشكل في حد ذاته محفزاً كبيراً للشباب للانضواء في هذا المشروع.
وأوضح الدكتور خليفة علي السويدي عضو اللجنة العليا في مشروع «مفكرو الإمارات» أن هناك غايتين للمشروع، أولاهما جمع الناتج البحثي الإماراتي في منصة واحدة، وثانيتهما: تدريب الكوادر الشابة لتصبح في المستقبل من النخب المفكرة.