السبت 23 نوفمبر 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
علوم الدار

ملتقى «أبوظبي الاستراتيجي» يستشرف عالم ما بعد الجائحة

خلال إحدى جلسات الملتقى (تصوير: وليد أبوحمزة)
15 نوفمبر 2021 02:50

ناصر الجابري (أبوظبي)

انطلقت، أمس، أعمال ملتقى أبوظبي الاستراتيجي، الذي يُقام بدورته الثامنة تحت عنوان: «عالم ما بعد الجائحة»، بفندق قصر الإمارات في أبوظبي، بتنظيم مركز الإمارات للسياسات وبحضور نخبة من صناع القرار الدوليين وخبراء تحليل السياسات.
وشهد اليوم الأول من الملتقى مناقشة  نموذج دولة الإمارات كقوة إقليمية، وتأثير التكنولوجيا والأمن السيبراني في مستقبل السياسة الدولية، والتهديدات العالمية الناشئة، كالأوبئة وتغير المناخ، وتأثير الرقمنة على مستقبل الاقتصاد العالمي، واحتمالات حتمية الحرب أو خيارات المواجهة بين الصين والولايات المتحدة، إضافة إلى التنافس على النفوذ بين كل من أوروبا وروسيا. ويناقش الملتقى، اليوم، خلال اختتام فعالياته، موضوعات عدة، تتناولها الجلسات، أهمها مآلات الأزمة في أفغانستان، والخيارات الإقليمية في مواجهة التهديدات الإيرانية، والخيارات الاستراتيجية لتركيا في إعادة تموضعها إقليمياً، والتأثير المتوقع للاتفاقيات الإبراهيمية على مستقبل السلام في الشرق الأوسط، والتحديات التي تواجه الدول العربية خلال العقد المقبل، إضافة إلى بحث ظاهرة تراجع الإسلام السياسي في المنطقة.
وحصد ملتقى أبوظبي الاستراتيجي موقعاً مهماً على خريطة المؤتمرات المعنية بقضايا السياسة والأمن، حيث صُنف الملتقى على مدار أربعة أعوام منذ عام 2018 وحتى الآن ضمن قائمة أفضل 10 مؤتمرات استراتيجية على مستوى العالم، وذلك في التقرير العالمي السنوي الصادر عن جامعة بنسلفانيا الأميركية، كما احتل مركز الإمارات للسياسات المرتبة الأولى عربياً، والثانية ضمن منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، على مستوى مراكز البحث والتفكير في التصنيف نفسه.
وأكدت الدكتورة ابتسام الكتبي، رئيسة مركز الإمارات للسياسات، خلال كلمتها الافتتاحية للمؤتمر، أن العالم عانى في العام الماضي والجاري من صدمة تفشي وباء «كوفيد- 19»، وما نتج عنه من استنزاف النظام الصحي في كثير من دول العالم، وخسائر كبيرة في الأرواح وصلت إلى 5 ملايين إنسان، ودفع نحو 120 مليون شخص نحو الفقر والجوع المزمن، وفقد ما يعادل 255 مليون وظيفة بدوام كامل، بحسب تقرير صادر عن الأمم المتحدة، كما تضرر عدد من القطاعات الاقتصادية على مستوى العالم، ووقع كثير من الدول في أزمة اقتصادية خانقة وتزايد الديون، في حين انكمش الاقتصاد العالمي في عام 2020 بنسبة 3.5%.
وأضافت: يقدر صندوق النقد الدولي خسائر الناتج الإجمالي العالمي جراء جائحة «كورونا»، بنحو 15 تريليون دولار، خلال الفترة بين عامي 2020 و2024، بما يعادل نحو 2.8% من قيمة الناتج العالمي، كما قدرت منظمة الأمم المتحدة للتجارة والتنمية «الأونكتاد» خسارة الناتج المحلي الإجمالي العالمي بأكثر من 4 تريليونات دولار خلال عامي 2020 و2021، جراء انهيار السياحة الدولية، وبالرغم من بدء التعافي الاقتصادي، فإن من غير المتوقع العودة إلى النمو الاقتصادي إلى مستويات ما قبل «الجائحة»، قبل عام 2022 أو 2023.

وتابعت: واجه العالم أيضاً تحدياً لا يقل تهديداً للوجود البشري عن «الجائحة»، وهو تغير المناخ، ففي هذين العامين أيضاً برزت للعيان الآثار الناجمة عن تغير المناخ، من جفاف الأراضي، وموجات حر قياسية في سيبيريا وأوروبا وأميركا، وحرائق غابات غير مسبوقة في أوروبا والأميركتين وأستراليا وشمال أفريقيا، والأعاصير المدمرة، والفيضانات الضخمة في جنوب شرقي آسيا وأفريقيا وأوروبا، وبينما وصلت الأضرار الناجمة عن الكوارث الطبيعية في الولايات المتحدة في العام الحالي وحده إلى رقم قياسي بلغ 100 مليار دولار، فإن إحدى الدراسات توقعت أن تتسبب تأثيرات التغير المناخي في خسارة الاقتصاد العالمي 23 تريليون دولار، أي 10% من قيمته، بحلول عام 2050.
وأشارت إلى أنه في الوقت الذي انطوت فيه «الجائحة» على تهديد حقيقي وملموس، فقد حملت معها فرصاً جديدة، من أبرزها التقدم والتوسع التكنولوجيان، وتزايد التحول الرقمي في مجالات الحياة البشرية، وفي مقدمتها المجال الاقتصادي، ومع ذلك، تحتاج دول العالم إلى تطوير مواثيق وآليات متعددة الأطراف لردع أخطار التكنولوجيا والرقمنة على المجتمعات والدول، والحد من توظيفها في الصراعات السياسية بين الدول، أو استغلال الهجمات السيبرانية من قبل الجماعات ما دون الدولة، أو المنظمات الإجرامية، والأهم ضرورة توظيف الإمكانات السيبرانية والذكاء الاصطناعي والرقمنة، فيما يعزز التنمية والرفاه الاجتماعي للأمم.    
ولفتت إلى أن العالم يمر في مرحلة مصيرية، وإذا لم يتدارك استجابته البطيئة للتهديدات الناشئة، فإن التكلفة ستكون باهظة على البشرية بأسرها، حيث أظهرت لنا جائحة «كورونا» والتغيرات المناخية أننا نعيش في عالم واحد، فأي سوء تصرف أو نزعة أنانية في ركن من الكوكب ستكون لها تداعيات في بقية الأركان، كما أن التحديات لم تعد محلية، فالمشاكل المحلية سرعان ما تتحول إلى عالمية. وبينت الكتبي، أن تراجع اقتصادات منطقة الشرق الأوسط بسبب جائحة «كورونا»، وتحولات السياسة الأميركية تجاه المنطقة، أدت إلى انعطافات جديدة في السياسات الإقليمية، حيث شاهدنا ميل دول الإقليم إلى تبني سياسة «صفر مشاكل»، من خلال تبريد الصراعات والاستقطابات فيما بينها، وخفض مستويات التوتر في الإقليم، ومحاولة البحث عن خيارات بديلة في سياستها الإقليمية، مثلما لمسنا في التوجهات الأخيرة لتركيا ودول الخليج ومسار العلاقات العربية الإسرائيلية.

  • جانب من حضور جلسات الملتقى
    جانب من حضور جلسات الملتقى

آفاق الخمسين
ومن جهته، حدد معالي خليفة شاهين المرر، وزير دولة، خلال الجلسة الأولى من جلسات الملتقى والتي عقدت بعنوان «دولة الإمارات في عام الخمسين: قوة إقليمية برؤية عالمية»، 3 سمات أساسية طبعت مسيرة الإمارات خلال السنوات الخمسين الماضية وحتى الآن، وهي وجود قيادة وطنية حكيمة بدأت مع الآباء المؤسسين واستمرت مع القيادة الحالية، حيث تمتلك القيادة رؤية استراتيجية، وهمها تطوير التنمية، وأن تضع الإمارات في المرتبة الأولى، وهي قيادة تسعى لنيل ثقة شعبها والعالم والتكيف مع التحولات.
وأضاف معاليه: إن السمة الثانية هي الإنجازات، وبناء دولة اتحادية وتدعيمها، وكذلك الإنجاز على مستوى التنمية البشرية والإنسانية، حيث  نلحظ أن مشاركة النفط في الناتج الإجمالي لدولة الإمارات تمثّل 28%، ما يعني أن سياسات التنويع الاقتصادي تسير بتقدم. أما السمة الثالثة فتتمثل في سعي الدولة المستمر لترسيخ قيم الإمارات في التسامح والتعايش واحتضان التنوع.
وأشار معاليه إلى أنه في ما يتعلق بالسنوات الخمسين المقبلة، فإن دولة الإمارات وضعت 10 مبادئ تتمحور حول تدعيم قواعد الدولة الاتحادية، والعمل على خلق اقتصاد يكون الأفضل، وتطوير القدرات البشرية والاستمرار في تعزيز مكانة الدولة على المستوى الدولي، كما تتمحور حول تفعيل أدوات التكنولوجيا والتقنية والمساعدات الخارجية.
ولفت معاليه إلى أن السياسة الخارجية الإماراتية تعمل على إعادة تفعيل وترسيخ حسن الجوار لبناء الاستقرار الإقليمي، والإسهام في حل الأزمات القائمة وليس فقط تخفيف التوتر وإدارة الأزمات. ومن أهداف السياسة الخارجية البحث عن المساحات المشتركة مع المحيط والعالم، وكذلك الاهتمام ببناء السلام ومكافحة التغير المناخي ومعالجة الأزمات الدولية لتعزيز السلام الدولي والتنمية.
وتابع معاليه: إن دولة الإمارات لا تستخدم القوة الصلبة كأداة في السياسة الخارجية، وهي ملتزمة بعدم التدخل في الشؤون الداخلية، وكل المشاركات التي انخرطت فيها الإمارات كانت ضمن القانون الدولي، ولم تستخدم قوتها العسكرية بشكل منفرد، وجميع مشاركاتها ذات الطابع العسكري مغطاة ضمن قوانين دولية، لافتاً إلى أنه ليس من طبيعة الإمارات استعراض القوة، بل هي تعمل من خلال التحالفات المشروعة، وضمن قوانين مجلس الأمن الدولي في التدخل.
وأشار معاليه إلى أن تأثير الإمارات الحقيقي هو تأثير القوة الناعمة، والعمل على كسب ثقة العالم، واكتساب المصداقية في أن الإمارات تسعى للاستقرار، والإنجازات التنموية، وهذا يجعل الإمارات حاضرة ومؤثرة على الأجندة الإقليمية والدولية. ولذلك فتأثير الإمارات الفعلي هو تأثير القيم التي تمتلكها في الطاقة المتجددة والفضاء وأسلوب العيش والحياة، وتنظيم الأحداث الدولية الكبرى.
وبين معاليه أن مشاريع الإمارات المستقبلية تجعلها حاضرة في الأجندة الدولية، وتخلق رسائل إيجابية في منطقة مضطربة، وهو ما يزيد من القوة الناعمة الإماراتية، ويعزز مصداقية الإمارات في السعي لازدهار المنطقة وتحقيق التنمية.
ولفت معاليه إلى وجود الثقة العالمية في دولة الإمارات وقدرتها على الإنجاز، عبر تنظيم معرض «إكسبو الدولي»، واستضافة «كوب 28» في عام 2023، بوجود نهج بناء القدرات الإماراتية والمخاطرة في اقتحام مشاريع كبيرة، ومنها الوصول إلى المريخ، والذي لا يعتبر أمراً سهلاً على دولة صغيرة، فالإمارات تريد أن تكون في المراتب الأولى في جميع المؤشرات الدولية، وبالتالي الاستعداد لكل الأزمات والطوارئ المستقبلية، مؤكداً أن أبرز سمة للنموذج الإماراتي تتمثل في قدوة الدولة على اقتحام المستقبل.
وأوضح أن جائحة «كوفيد- 19»، كانت جرس إنذار للنظام الدولي، وخلقت تفكيراً في ترتيب الأولويات، بينما تمكنت الإمارات من إدارة أزمة الجائحة بشكل ناجح، واستخدمت الفحص والتتبع للحالات وإعطاء التطعيم في وقت مبكر، واستوعبت الفجوات التي أحدثتها «الجائحة» في ما خص سلاسل الإمداد والاقتصاد وتحديات السفر والإغلاق وغير ذلك، مشيراً إلى أنه في مرحلة التعافي هناك ضغوط كثيرة تظهر كالضغوط على المواد الأولية، مثل أشباه الموصلات والرقائق، وتحديات العودة إلى القدرة الإنتاجية لزمن ما قبل «الجائحة».

السياسة الخارجية
وأوضح المرر، أن قرار دولة الإمارات بإبرام الاتفاق الإبراهيمي هو قرار استراتيجي، وتحقيق السلام هو رغبة عالمية. وفي منظور الإمارات  العلاقة مع إسرائيل ليست ضد أي طرف آخر، لافتاً إلى أن هذا القرار لم يغير من التزام الإمارات بأسس الحل للصراع الفلسطيني الإسرائيلي، فنحن مع حل يعترف بالقدس الشرقية عاصمة للدولة الفلسطينية ـ أي الاعتراف بحل الدولتين، وضمن «خط الرابع من حزيران»، وبالتالي اعتماد مرجعية المبادرة العربية للسلام.
وقال: الاتفاق الإبراهيمي يخدم المصالح الاقتصادية والتجارية، وهو سلام دافئ حيوي ينتج منه فوائد ملموسة للشعبين ولدولتي إسرائيل والإمارات، بما يعزز الاستقرار، والإسهام في حل الصراعات وليس الاستمرار في إدارتها، فإذا ما ساعد الاتفاق على ذلك فهذا إيجابي، موضحاً أن الاتفاق ليس بديلاً عن حل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي وعلى الفلسطينيين والإسرائيليين التقدم لحل هذا الصراع، وهناك توجه من الإدارة الأميركية لدعم حل الدولتين، وهناك جهود من مصر والأردن لتحسين الظروف لحل توافقي لهذا الصراع.
وأشار إلى أن منهج الإمارات الدائم تدعيم الاستقرار، وتجنب الصراعات، والمساعي الحميدة وتسهيل الأدوار وما جرى في السودان أو «التيغراي» أو مع باكستان والهند ليس وساطة رسمية، بل هو رغبة لتفعيل الحلول السلمية، ويمكننا الحديث عن نجاح دبلوماسي إماراتي حتى في إريتريا وإثيوبيا وليس وساطة بالمفهوم الدبلوماسي.
وحول التنافس الأميركي الصيني، بيّن المرر، أن الإمارات لديها علاقات وشراكات استراتيجية مع جميع اللاعبين الدوليين، وهذا التنافس بين القوى الكبرى مستمر منذ زمن بعيد، وهناك توافق بينها في مجالات معينة، ولا بد من التعاطي مع ذلك بما يحقق المصالح المشتركة، فالتنافس سيخلق تحديات وفرصاً أيضاً، وليس من السهولة أن تأتي دول خارجية وتسد الفراغ في لحظة واحدة، مشيراً إلى الاستقرار في الشرق الأوسط والازدهار فيه كسوق كبرى هو مصلحة لكل القوى الكبرى، وهو قيمة استراتيجية لأميركا والصين وأوروبا وروسيا، وكذلك للقوى الإقليمية.

  • جانب من حضور اليوم الأول للملتقى
    جانب من حضور اليوم الأول للملتقى

الأمن السيبراني
ومن ناحيتها، ناقشت الجلسة الثانية من جلسات المؤتمر، محور التكنولوجيا والأمن السيبراني ومستقبل السياسة الدولية، بمشاركة الدكتور محمد حمد الكويتي، رئيس الأمن السيبراني في حكومة دولة الإمارات، والدكتور فابيو روج مدير مركز الأمن السيبراني في معهد الدراسات السياسية الدولية بإيطاليا، والدكتور جان ريكلي مدير برنامج المخاطر الناشئة والعالمية في مركز جنيف للسياسات الأمنية، والدكتور هادي صالح، مدير تقني وأكاديمي. 
ومن ناحيته، قال الدكتور جان ريكلي: إن معدل النمو المتسارع للتكنولوجيا يجعل مواكبة مثل هذا النوع من التحولات مسألة بالغة الصعوبة، والأمر لا ينحصر في الواقع المعزز، بل هناك تحولات عديدة قادمة، وهناك تدفق متزايد للمعلومات التكنولوجية، ونحن لسنا مستعدين لكل هذا، ومن هنا تأتي أهمية الاستشراف، ومع كل تطور في الذكاء الاصطناعي تنفتح أيضاً النوافذ على مخاطر جديدة، لكننا نواصل تطوير أدواتنا في مواجهة هذه المخاطر.

الفضاء السيبراني
قال الدكتور محمد حمد الكويتي: وفر التطور الحاصل في تقنيات الفضاء السيبراني العديد من الفرص، ولكنه في المقابل وضعنا في مواجهة مخاطر جمة، حيث توجد اعتداءات سيبرانية تحدث كل يوم؛ ما يضعنا أمام مسؤولية متزايدة تجاه أمن الأفراد والمؤسسات في المجال السيبراني. وتنبع أهمية الأمن السيبراني بطبيعة الحال من أهمية البيانات التي لو تعرضت للانهيار أو الضرر فقد لا يمكن تعويض خسائرها، لافتاً إلى أن الشركات، وحتى الأفراد اليوم شركاء أساسيون في الأمن السيبراني، وعليهم الاستمرار بأداء دور أكبر في حماية بياناتهم.
وأضاف: لدينا في الإمارات خطة للانتقال من الحكومة الإلكترونية إلى الحكومة الذكية، وفي ضوء التحول نحو التعليم عن بُعد، والعمل الافتراضي، باتت مسألة الذكاء، والحماية ضرورة ملحة للاستمرارية والاستدامة، لافتاً إلى أن خطة دولة الإمارات طموحة للغاية، حيث تشمل التوسع في استخدام الذكاء الاصطناعي وتطوير تطبيقاته المختلفة.
وأشار إلى سعي دولة الإمارات إلى بناء ثقافة سيبرانية مجتمعية، عبر تعزيز الشراكات بين الحكومة والقطاع الخاص، ومختلف القطاعات الاجتماعية، والمؤسسات التعليمية، كما تبنت دولة الإمارات خلال السنوات الماضية العديد من استراتيجيات التحول الرقمي والتكنولوجي، ومن بين مشاريع الخمسين التي أعلن عنها مؤخراً بمناسبة مرور خمسين عاماً على تأسيس الاتحاد كان للاقتصاد الرقمي، وللأمن السيبراني أهمية كبيرة حاضرة في رؤية الإمارات المستقبلية.
وبدوره، قال الدكتور هادي صالح: إن التعاون الدولي والعمل الجماعي في مجال الأمن السيبراني ضرورة أساسية، لكن أيضاً يجب علينا إدراك أهمية العمل في إطار الأمن الوطني، فلكل دولة مصالحها، وتعريفها الخاص لما هو مسموح أو ممنوع، وبالتالي من الضروري العمل في النطاق الوطني لكل دولة عندما يتعلق الأمر بالأمن السيبراني.

التهديدات الناشئة
خلال الجلسة الثالثة من جلسات الملتقى التي تناولت التهديدات العالمية الناشئة المتمثلة في الأوبئة وتغير المناخ، أكد البروفيسور يانتشونج هوانج، أستاذ في كلية الدبلوماسية والعلاقات الدولية بجامعة سيتون هول الأميركية، أن من النقاط المهمة التي كشفتها الجائح ضعف الحوكمة الصحية العالمية وغياب الاتساق بين منظمة الصحة العالمية والدول الأعضاء، فالمنظمة تستمد معلوماتها من الدول نفسها، وعليه يتعين على المنظمة أن تبني آلية دولية جديدة لاستقاء المعلومات والتحقق منها. وهنا يمكن لمنظمات المجتمع المدني أن تلعب دوراً في هذا المجال.

فجوة اللقاح
أشارت الدكتورة هاروكو ساكاماتو، زميلة بحث أولى في مؤسسة طوكيو لبحوث السياسات، إلى أنه في ما يتعلق بمستقبل «الجائحة»، فإن اللقاح أساسي للسيطرة على الوباء، حيث توجد فجوة بين الدول الغنية والدول الفقيرة فيما يخص التلقيح، لافتة إلى وجود حاجة لوضع  أطر للحوكمة أفضل في المستقبل، إذ يجب على الدول أن تتعاون معاً، كما يجب تطوير التعاون المتعدد الأطراف لمواجهة مثل هذه الجوائح. 
ومن جهته، أوضح البروفيسور عودة الجيوسي، أستاذ سياسة الابتكار في جامعة الخليج العربي بالبحرين، أن «الجائحة» وتغيرات المناخ أثبتت الحاجة إلى الاستثمار في القطاع الحكومي والمؤسسات الحكومة، واستغلال التكنولوجيا وتوظيفها، والاستفادة من القطاع الخاص أيضاً، وعدم إغفال دور المجتمع، وأن نعيد التفكير في نموذجنا الاقتصادي، وأن نوسع القيم الأخلاقية في هذا النموذج. 

الفضاء السيبراني
أكد الدكتور فابيو روج، أنه تم إنشاء الفضاء السيبراني بطريقة عشوائية، لكنه أصبح عنصراً غاية في الأهمية في الأمن الوطني، والأمن العالمي، والعودة للتاريخ مهمة للغاية في فهم الواقع، والتخطيط للمستقبل، حيث تتطلب المخاطر السيبرانية مرونة عالية، وقدرة على التوقع، والاستشراف، والبقاء متحفزين دائماً، لافتاً إلى أن الفضاء السيبراني هو فضاء متداخل، لا يمكن معه التوقع بشكل موثوق عن نوع الخطر القادم؛ ولذلك لا بد من تعزيز الإجراءات الاحتياطية بشكل مستمر.

  • خليفة المرر متحدثاً خلال الجلسة الأولى بحضور ابتسام الكتبي
    خليفة المرر متحدثاً خلال الجلسة الأولى بحضور ابتسام الكتبي

المرر لـ «الاتحاد»: حل الأزمات هدف الإمارات في «مجلس الأمن»
أكد معالي خليفة شاهين المرر، وزير دولة، في تصريحات خاصة لـ«الاتحاد»، حول توجهات وأولويات دولة الإمارات المستقبلية خلال تواجدها في العضوية غير الدائمة لمجلس الأمن في عامي 2022 و2023، أن اهتمامات وأوليات الدولة ستتضمن التركيز على حل الأزمات والصراعات سواء في المنطقة أو غيرها وليس إدارتها واستمرارها، عبر المساهمة في إيجاد الحلول، نظراً لحاجة العالم لإيجاد الحلول لهذه الصراعات القائمة. 
وأضاف معاليه: تمتلك الإمارات أجندة دولية خلال عضويتها، منها علاقة تغير المناخ بالأمن والاستقرار في العالم، إضافة إلى تمكين المرأة والشباب وتفعيل تأثيرهم وأدوارهم، ومحاربة الإرهاب خاصة أن ملف مكافحة الإرهاب يعد أحد الملفات النشطة، والاستفادة من التطور العلمي والتكنولوجيا في تحديات الأمن والسلام ومدى كفاءة وأداء مؤسسات الأمم المتحدة في هذا الجانب. وأشار معاليه إلى أن الإمارات لديها القدرة على عمل توافق داخلي بين الدول الأعضاء في مجلس الأمن وتقليل فجوة الاستقطاب القائمة، لافتاً إلى أن الدولة وضعت فريقاً يمتلك الكفاءة بقيادة لانا زكي نسيبة، المندوب الدائم للدولة في الأمم المتحدة للتعاطي مع مختلف الملفات التي سيتناولها مجلس الأمن خلال العامين المقبلين.

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©