حسام عبدالنبي (دبي)
«إكسبو 2020 دبي» ليس حدثاً عادياً أو تقليدياً، ويوماً بعد يوم يتم اكتشاف جوانب اقتصادية إيجابية جديدة للحدث العالمي، حتى إنه سيصبح وسيلة لانطلاق وتعزيز صادرات دولة الإمارات في مجال التكنولوجيا، وفق توقعات عمار المالك، مدير عام مدينة دبي للإنترنت، والذي أكد في حوار مع «الاتحاد» خلال مشاركته في «إكسبو 2020 دبي» أن قطاع التكنولوجيا يأتي في مقدمة القطاعات التي تستفيد بشكل مباشر من الحدث، خصوصاً في ظل تسارع وتيرة التحول الرقمي بشكل كبير جداً، وتبني الحكومات ومختلف القطاعات الاقتصادية للحلول التقنية للتغلب على التحديات التي فرضتها جائحة «كوفيد -19»، منوهاً بأنه لهذا الغرض وضعت «مدينة دبي للإنترنت» التي تعد مركز الأعمال الأكبر لشركات التكنولوجيا والمواهب العاملة في مجالاتها في المنطقة، خططاً لاكتشاف الفرص التي يتيحها «إكسبو 2020»، وخططاً لجذب الشركات المشاركة أو التي تزور الحدث العالمي عبر لقاءات مباشرة واستقبال الوفود العالمية المشاركة.
يقول عمار المالك، مدير عام مدينة دبي للإنترنت، إن «إكسبو2020 دبي» فرصة فريدة للشركات ورواد الأعمال والمواهب في مختلف قطاعات التكنولوجيا، ومن جميع أنحاء العالم، للتواصل والتعرف على آخر الابتكارات، ويأتي الحدث في مرحلة مهمة عقب تسارع وتيرة التحول الرقمي بشكل كبير جداً خلال الأشهر 18 الأخيرة، نظراً للجائحة وتبني الحكومات ومختلف القطاعات الاقتصادية للحلول التقنية للتغلب على التحديات التي فرضتها الجائحة، مؤكداً أن الأهم هو معرفة ما هي التقنيات التي ستبقى معنا وتستمر في التطور والنمو، وتحديد أولويات الأعمال والحكومات وغيرها من الجهات؟
ويرى المالك، أنه مع هذا الانتقال السريع، باتت هناك حاجة ملحة لتقنيات الدفع غير التلامسي، والتكنولوجيا المالية، وبالتأكيد الأمن السيبراني وتشعباته وتفاصيله الدقيقة.
وأوضح أن «مدينة دبي للإنترنت» تعد مركز الأعمال الأكبر لشركات التكنولوجيا والمواهب العاملة في مجالاتها في المنطقة، ولديها ميزة لا تتوفر في أي مكان في العالم، وهي وجود الشركات التكنولوجية العملاقة إلى جانب نخبة من الشركات الناشئة ورواد الأعمال وحتى المواهب المستقلة من مطورين واستشاريين وغيرهم، في مكان واحد يمكن التنقل فيه سيراً على الأقدام، مشيراً إلى أنه في ظل تلك المزايا التي توفرها «دبي للإنترنت» فيمكن القول إنه يقع على عاتقنا مسؤولية كبيرة خلال «إكسبو 2020» وما بعده وهي ترسيخ مكانة دولة الإمارات وجهة أولى للمواهب والشركات التي ستعمل على هذه الحلول المستقبلية وتعزيز نموها ومعدلات تبنيها، وذلك من خلال الاستمرار في توفير بيئة أعمال محفزة تعمل على تشجيع التواصل وتبادل الخبرات، وتتيح التواصل المثمر بين الشركات الكبرى من جهة والشركات الناشئة من جهة أخرى، والمستثمرين والشركات الناشئة.
صادرات التكنولوجيا
يعتقد عمار المالك، أن «إكسبو» سيعزز من صادرات دولة الإمارات في مجال التكنولوجيا وهو أمر قد لا يعلمه البعض، فمراكز الابتكار في مدينة دبي للإنترنت ومقرات الشركات العالمية تطور حلولاً متخصصة في شتى مجالات التكنولوجيا للمنطقة، وتعدل حلولاً عالمية لتلبية احتياجات حكومات وشركات المنطقة انطلاقاً من دبي، منبهاً إلى أهمية الدور المحوي لهذه التقنيات في التحول الرقمي في العديد من دول المنطقة وأفريقيا وشبه القارة الهندية وحتى بعض دول شرق أوروبا وغيرها.
واعتبر المالك، نجاح وتوسع العديد من الشركات الناشئة في حاضنة الأعمال (in5) ضمن «مدينة دبي للإنترنت» والتمويلات التي حصلت عليها خلال السنوات الماضية التي تبلغ مئات الملايين من الدراهم، عوامل تسهم اليوم في تحويل دولة الإمارات من مستورد للتكنولوجيا فقط إلى مصدر لها، مدللاً على ذلك باستقطاب شركة «تابي» لحلول الدفع تمويلات بأكثر من 100 مليون درهم العام الماضي ومطلع العام الحالي بفضل رؤية المستثمرين للفرص والرغبة باقتناصها، مع تزايد الطلب على هذه الحلول.
وأضاف:«كما تسهم مراكز الابتكار التي أنشأها عمالقة في مجال التكنولوجيا في مدينة دبي للإنترنت في تعزيز صادرات التكنولوجيا من الإمارات، حيث تقوم العديد منها بدراسة وتجربة الحلول ومن ثم إطلاق تقنيات حديثة للمنطقة ككل، في مختلف المجالات التكنولوجية مثل حلول الدفع، وإنترنت الأشياء، والحوسبة السحابية ومنصات التواصل الاجتماعي وغيرها.
واستشهد على تطوير وتصدير الحلول بتعاون «كريم» و«فيزا»، الشركتين اللتين تتخذان من «مدينة دبي للإنترنت» مقراً لهما، لتوسيع نطاق الشمول المالي والتحول الرقمي في مختلف أنحاء منطقة الشرق الأوسط، وذلك من خلال دمج مزايا «فيزا» عبر خدمة «كريم باي» في التطبيق الشامل لجميع خدمات»كريم«، لافتاً إلى أن مركز الابتكار التابع لشركة «فيزا» لا يزال مستمراً في تطوير حلول الدفع الإلكتروني غير التلامسي والحلول الأخرى المماثلة ويصدرها إلى دول الشرق الأوسط وأفريقيا وبعض مناطق أوروبا.
وأكد المالك، أن من الأمثلة الأخرى على ذلك هو الشركة الأم لـ«بيوت-دوبيزل» التي تتمتع بقيمة سوقية تفوق المليار دولار، حيث أنها تمتلك وتشغل انطلاقاً من دبي منصات وحلول تقنية متكاملة ذات شعبية عالية في باكستان، بنغلاديش، مصر، لبنان، المغرب ومستمرة بالتوسع والنمو عالمياً، كاشفاً عن تعاون «مدينة دبي للإنترنت» حالياً وتحديداً خلال فترة «إكسبو» بشكل وثيق مع وفود ومؤسسات وشركات عالمية في مجالات التكنولوجيا من مختلف القارات لتعريفهم بالآفاق الواعدة في أسواق المنطقة.
استقطاب الشركات
وضعت «مدينة دبي للإنترنت» أجندة حافلة باللقاءات والزيارات إلى أجنحة الدول مع المشاركة في الحوارات المتخصصة حول الفرص في قطاعات التكنولوجيا، بهدف رئيس وهو استقطاب المزيد من الشركات إلى دولة الإمارات للاستفادة من الفرص الواعدة الموجودة في المنطقة، سواء بالنسبة للشركات الكبرى أو الناشئة، أو للمستثمرين الباحثين عن حلول مبتكرة لها مستقبل واعد.
وترى «دبي للإنترنت» في «إكسبو» فرصة لتعريف الزوار بميزات مدينة دبي للإنترنت، وجذب الشركات والموهوبين والمستثمرين من مختلف الدول المشاركة حيث توفر المدينة بيئة أعمال مستدامة ساعد على تحقيقها انضمام كبرى شركات التكنولوجيا إلى المدينة عند التأسيس منذ أكثر من 20 عاماً، ما وفر بيئة مستدامة للمواهب في مجالات التكنولوجيا والابتكار، وإحدى الخطوات الطبيعية لشريحة من هذه المواهب هي إما تأسيس شركات ناشئة مستفيدين من حاضنة الأعمال in5 أو تمثيل شركات ناشئة من دول أخرى تسعى للتوسع عالمياً عبر تعزيز وجودها.
وتروج «دبي للإنترنت» خلال الحدث العالمي للإنجازات الهامة التي تحققت ضمن حاضنة الأعمال in5 التي انطلقت من المدينة لدعم رواد الأعمال ومساعدتهم على تأسيس أعمالهم والانطلاق والحصول على تمويلات للنمو والتوسع، حيث شهدت الحاضنة ظهور العديد من الشركات التي حققت تمويلات بمئات الملايين من الدراهم منذ تأسيسها عام 2013، وقد بلغ مجموع الشركات الناشئة التي احتضنتها in5 منذ التأسيس أكثر من 500 شركة، ويوجد حالياً أكثر من 300 شركة ناشئة نشطة ضمن برنامج الحاضنة.
وقد لاقت in5 إقبالاً قوياً من رواد الأعمال بالمنطقة، وذلك بفضل بنيتها التحتية المتقدمة ومختبرات النماذج الأولية والطابعات ثلاثية الأبعاد والمواقع الاستراتيجية وسهولة مزاولة الأعمال، بالإضافة إلى استقطابها للمواهب والخبرات المتخصصة في العديد من القطاعات، ودعمهم من خلال لجنة إرشاد وتوجيه تتألف من أكثر من 20 خبيراً، بالإضافة إلى الشراكات مع شركات عالمية مثل أكسنتشر ومايكروسوفت ومجموعة شلهوب وغيرها. كما تزود حاضنة in5 رواد الأعمال بخمس مزايا رئيسية هي سهولة تأسيس الأعمال، ومساحات العمل المشتركة والإبداعية والمنشآت المتخصصة، والتوجيه والإرشاد، وورش العمل وفعاليات شبكات الأعمال، وفرص التواصل وبناء العلاقات والوصول إلى شبكة واسعة من المستثمرين والشركاء الاستراتيجيين. وتمتلك الحاضنة برنامج عضوية يوفر للطلاب والمهنيين المستقلين والمحترفين ورواد الأعمال إمكانية الاستفادة من مختبرات النماذج الأولية والطابعات ثلاثية الأبعاد والمنشآت الأخرى بأسعار تنافسية.
فائدة لجميع
يؤكد مدير عام مدينة دبي للإنترنت، أن جميع القطاعات التكنولوجية المرتبطة بمجال عمل «دبي للإنترنت» يمكنها الاستفادة من «إكسبو 2020 دبي»، ولاسيما في ظل اتجاه العالم بعد جائحة »كوفيد-19« للحلول التكنولوجية التي أثبتت ضرورة تعزيز وجود التكنولوجيا في جميع القطاعات، لأنها استطاعت تجاوز الإغلاق والحجر الصحي، وتسيير الأعمال والمصالح عبر التقنيات المتقدّمة.
وقال إنه من المعروف أن الجائحة ألهمت الكثيرين لابتكار حلول ذكية للأزمات الطارئة، ومنها تقنيات المدفوعات الرقمية غير التلامسية التي تعززت بعد ظهور الجائحة كأحد أهم القطاعات الواعدة بالنسبة للشركات الناشئة في دولة الإمارات، خصوصاً وأن تلك التقنيات تمثل محوراً أساسياً للتجارة الإلكترونية وتطبيقات الخدمات والتوصيل وغيرها، وهناك فرص كبيرة لا تزال موجودة للشركات الكبرى والناشئة للاستثمار في هذا المجال، مشيراً إلى أن جميع القطاعات التكنولوجية باتت ضرورية لتقديم حلول مستقبلية، والانتقال بالحياة إلى آفاق جديدة من التقدّم ولاسيما بعض القطاعات الحيوية في المرحلة الراهنة، وهي: الحوسبة السحابية، البيانات الضخمة، الدفع الإلكتروني وحلول الدفع غير التلامسي، العملات الرقمية وتقنيات (بلوك تشين)، وكذلك الأمن السيبراني، الذكاء الاصطناعي، الواقع الافتراضي والتجارب الغامرة وغيرها
زيارات واستقبال الوفود
استعدت «مدينة دبي للإنترنت» لاستقبال الوفود الدولية التي ستزورها خلال مدة الحدث العالمي وكذلك الوفود العالمية التي تمثل الشركات الكبرى التي تحتضنها المدينة. ووضعت «دبي للإنترنت» لهذا الغرض جدولاً حافلاً بالزيارات الميدانية بالتعاون مع شركائها من الشركات المنضمة للمدينة وبغرض تعريف تلك الوفود بالجهود المبذولة لضمان بيئة متكاملة داعمة للشركات العاملة بالمدينة ولمتطلباتها المتغيرة في طريقة العمل والابتكار.
وتقوم «دبي للإنترنت» بشكل مستمر بمراجعة أطر العمل وتعزيز الخدمات الإلكترونية لضمان تقديم جميع الخدمات الحكومية وخدمات الأعمال الأخرى بطريقة سلسلة وفي أي وقت ومكان، منوهه أن هناك فرصة في استقطاب شركات من دول ومناطق ناشئة في مجالات التكنولوجيا مثل بعض دول أوروبا الشرقية، وآسيا وأستراليا.
وفي هذا الإطار، أفاد عمار المالك، بأن انعقاد فعاليات إقليمية متخصصة اشتهرت بها الدولة أيضاً، مثل معرض «جايتكس» الذي يشكل ملتقى عالمياً لشركات التكنولوجيا والمسؤولين فيها، سيعزز مكانة إكسبو 2020 ويسهّل الزيارات والتواصل بين الشركات ومؤسسات الأعمال، وسيكون فرصة لهم لزيارة إكسبو وتحقيق المزيد من التعاون بين هذه الشركات، منوهاً بأن مدينة دبي للإنترنت تتطلع إلى مشاركة ضخمة كما جرت العادة في «جايتكس» حيث تفتح جناحها كل عام لإبراز الشركات الناشئة المتميزة، وتقدم ورش عمل وحوارات تديرها كبرى الشركات العالمية التي تتخذ مدينة دبي للإنترنت مقراً لها.
النسخة الأذكى في تاريخ المعرض
أثبتت الإمارات مجدداً أنها وجهة مفضلة لشركات التكنولوجيا، بفضل بيئة الأعمال الجاذبة ومنظومة ريادة الأعمال المتكاملة التي دعمها القرار بإصدار إقامات طويلة الأمد للمستثمرين وأصحاب المواهب، وتسهيل الإجراءات التي تسهم في تمكين الشركات وتعزيز حضورها في الدولة، ويأتي إكسبو 2020 ليعزز مكانة الدولة مركزاً رائداً للفعاليات العالمية، ومقراً لأبرز وأهم شركات التكنولوجيا والتقنيات المتطورة.
وتشارك شركات مدينة دبي للإنترنت بفاعلية في نجاح الحدث العالمي وبينها شركاء استراتيجيون مثل «ماستركارد» و«إس إيه بي» و«سيسكو» و«أكسنتشر» و«سيمنز» وهذه الشركات العالمية الرائدة وثقت بدولة الإمارات وعززت حضورها وإسهاماتها في الاقتصاد خلال العقدين الماضيين، واليوم هي داعم رئيس للحدث العالمي ترسيخاً لمكانتها وتتويجاً لدورها المحوري في التحول الرقمي الذي شهدته الإمارات والمنطقة.
ويقول عمار المالك، مدير عام مدينة دبي للإنترنت، إن مدينة دبي للإنترنت تشكل ملتقى مهماً للمواهب في مجال التكنولوجيا وتؤدي دوراً كبيراً في تطوير الخبرات الإقليمية والعالمية، ولاسيما في ظل توسع الشركات وزيادة عدد مراكز الابتكار فيها، والذي يبلغ حالياً 12 مركزاً تتبع لشركات»كانون الشرق الأوسط« و«هواوي»و«ساب» و«أكسنتشر»و«فيزا» و«ماستركارد» و«مايكروسوفت»و«3M» و«سيسكو» و«أسينتور» و«سامسونغ» و«أوراكل».
وأوضح أن شركة«سيسكو» هي الشركة الموكلة بإدارة وتشغيل وصيانة شبكة تكنولوجيا المعلومات الخاصة بإكسبو، وهي بذلك مسؤولة عن واحدة من أكثر العمليات تقدماً من نوعها في المنطقة، مساهمة في جعل إكسبو 2020 النسخة الأذكى والأكثر تقدماً في تاريخ إكسبو، مختتماً بالإشارة إلى أن الكثير من شركات التكنولوجيا التي تتخذ من مدينة دبي للإنترنت مقراً لها، تعزز حضورها في «إكسبو» عبر تقديم أحدث وآخر الابتكارات في مجالات تخصصها، ومن خلال إبراز الحلول التكنولوجية التي يبحث عنها العالم، في ظل الاتجاه العالمي نحو الذكاء الاصطناعي، والسعي للوصول إلى مستقبل مبني على تقنية المعلومات والتكنولوجيا الحديثة.