دبي (الاتحاد)
كشف استطلاع أصداء بي سي دبليو الثالث عشر لرأي الشباب العربي، الذي صدر اليوم، أن الشباب العربي وللعام العاشر على التوالي اختار دولة الإمارات كبلد يرنو للعيش فيه ويريد لبلدانه أن تقتدي به.
وشمل الاستطلاع، الذي تجريه شركة «بي إس بي إنسايتس» المتخصصة في التحليل والدراسات الاستراتيجية العالمية، هذا العام 3,400 مواطن عربي تتراوح أعمارهم بين 18 و24 عاماً في 50 مدينة عبر 17 دولة خلال الفترة الممتدة بين 6 و30 يونيو 2021، وتوزعت عينة الاستطلاع بالتساوي بين الرجال والنساء.
واختار حوالي نصف الشباب العربي (47%) دولة الإمارات كوجهة مفضلة للعيش، وهو أكثر من ضعف العدد الذي اختار الولايات المتحدة التي جاءت في المرتبة الثانية بحسب الاستطلاع. وقالت نفس النسبة تقريباً (46%) إن الإمارات هي الدولة التي يريدون لبلدانهم أن تقتدي بها، تلتها الولايات المتحدة (28%)، ومن ثم كندا وألمانيا (نسبة 12% لكل منهما)، وفرنسا (11%).
ولدى سؤالهم عن سبب اختيارهم دولة الإمارات؛ أشار حوالي ثلث الشباب العربي (28%) إلى اقتصاد البلد المتنامي وما يوفره من فرص واسعة، بينما احتلت عوامل البيئة النظيفة والأمن والسلامة وحزم الرواتب السخية مرتبة متقدمة بين الأسباب التي ذكرها الشباب العربي.
وفي إطار تعليقه على نتائج الاستطلاع؛ قال سونيل جون، رئيس شركة «بي سي دبليو الشرق الأوسط وشمال أفريقيا» ومؤسس «أصداء بي سي دبليو»: «لا شك أنها نتائج مفرحة للغاية سيما وأنها تتزامن مع احتفال دولة الإمارات هذا العام بمرور نصف قرن على تأسيسها واستعدادها لخمسين عاماً أخرى من الازدهار والنجاح».
وأضاف جون: «مع انحسار تداعيات (كوفيد – 19) في ضوء الجهود الاستباقية التي بذلتها القيادة الحكيمة لدولة الإمارات، وانطلاق فعاليات إكسبو 2020 دبي وسط اهتمام عالمي كبير؛ ثمة روح واضحة من الإيجابية والتفاؤل تطغى على نتائج هذا العام، سيما وأن ثقة الشباب الإماراتي بالرؤية الاقتصادية لدولته لا تزال تسجل مستويات عالمية عالية».
ورغم الآثار المحبطة لجائحة «كوفيد – 19»، أبدى الشباب العربي عموماً في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا تفاؤلاً بالمستقبل. فبحسب الاستطلاع، قال حوالي الثلثين (60%) إن أيامهم القادمة ستكون أفضل. وفي دولة الإمارات، قال 90% من الشباب الإماراتي إن «أيامهم القادمة أفضل».
وبينما توقع نحو ثلثي الشباب الإماراتي (62%) أن يحظوا بحياة أفضل من آبائهم؛ اعتبر 99% منهم أن اقتصاد بلادهم يسير في الاتجاه الصحيح، مقابل نسبة 97% العام الماضي. علاوة على ذلك، قال جميع الشباب والشابات الإماراتيين المشمولين بالاستطلاع هذا العام إن قيادتهم تهتم لآرائهم، وهي نتيجة ملهمة أخرى بالتزامن مع احتفال دولة الإمارات باليوبيل الذهبي لتأسيسها.
وتابع جون: «من الواضح أن شعور الاعتزاز الوطني من أبرز محاور النتائج التي توصلنا إليها في دولة الإمارات، حيث قال 41% من الإماراتيين، إن جنسيتهم أساسية لهويتهم الشخصية، أي أكثر من ضعف المعدل المسجل إقليمياً، وهذا يظهر مدى تأثير رسالة الوحدة الوطنية التي تحاول القيادة الإماراتية ترسيخها بين أوساط الشباب».
وأوضح جون: «أشاد الشباب الإماراتي أيضاً بجهود دولتهم لتعزيز المساواة بين الجنسين، حيث قال أكثر من 8 من أصل 10 إن الرجال والنساء يحظون بحقوق وفرص عمل متساوية؛ وهو ما يعتبر أيضاً أعلى بكثير من المعدل المسجل إقليمياً».
تفاؤل بالمستقبل
كشف استطلاع أصداء بي سي دبليو الثالث عشر لرأي الشباب العربي أن معظم الشباب العربي في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا يعتقدون أن أيامهم القادمة ستكون أفضل، وذلك على الرغم من الجائحة والصراعات المستمرة والتدهور الاقتصادي غير المسبوق في المنطقة.وحسب الاستطلاع، أعرب 60% من الشباب العربي المشاركين عن تفاؤلهم بالمستقبل – وهو أعلى مستوى تفاؤل يسجله الاستطلاع منذ خمس سنوات.
ويسلط تقرير الاستطلاع، الذي يحمل عنوان «المستقبل بآمال متجددة»، الضوء على التفاؤل الذي يتمتع به الشباب العربي؛ حيث قال نصفهم تقريباً (48%) إنهم سيحظون بحياة أفضل من آبائهم وهي النسبة الأعلى خلال السنوات الثلاث الأخيرة. كما قال نصف المشاركين في الاستطلاع بأن اقتصادات بلدانهم تسير في الاتجاه الصحيح، وتوقع معظمهم انتعاشاً اقتصادياً شاملاً بحلول عام 2022.
ثقة متزايدة في الحكومة
وكشف الاستطلاع ازدياد نسبة الشباب العرب الذين يثقون في حكوماتهم لمعالجة مشكلاتهم، حيث يعتقد نحو ثلاثة أرباع الشباب العربي (72%) أن حكوماتهم تهتم لآرائهم – وهو ما يؤيده 88% من الشباب في دول الخليج، ويسود هذا الاعتقاد أيضاً حتى في دول شمال إفريقيا وشرق المتوسط.
الأكثر تأثيراً
تظهر نتائج الاستطلاع بأن الشباب العربي ينظرون إلى مصر والإمارات والسعودية باعتبارها الدول الحليفة الأقوى لبلدانهم، حيث قال 8 من كل 10 أشخاص إن هذه الدول حليف حقيقي أو حليف نوعاً ما لبلدانهم. كما يرى الشباب العربي بأن الصين وروسيا هما رابع وخامس أقوى الحلفاء في المنطقة، بينما تأتي المملكة المتحدة والولايات المتحدة في المرتبتين الثامنة والتاسعة على التوالي.
تراجع التفكير في الهجرة
ما تزال قلة الفرص الاقتصادية هي الدافع الرئيسي لهجرة الشباب العربي، حيث قال ثلث المشاركين (33%) إنهم كانوا يفكرون أو حاولوا ترك أوطانهم، ورغم أنها نسبة كبيرة لكنها تبقى أقل بكثير من نسبة 42% المسجلة في عام 2020.
مستقبل أفضل
دعا قطاع واسع من خبراء الشرق الأوسط – بمن في ذلك ممثلون عن الهيئات الحكومية، والمؤسسات متعددة الأطراف، ومنظمات المجتمع المدني، والأوساط الإعلامية والأكاديمية والأدبية – إلى الأخذ بنتائج استطلاع أصداء بي سي دبليو السنوي الثالث عشر لرأي الشباب العربي الذي صدر اليوم، حيث اعتبروها بمثابة دعوة صريحة لصنّاع القرار في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا للقيام بخطوات عملية لبناء مستقبل أفضل للشباب.وفي هذا السياق، قال معالي يوسف مانع العتيبة، سفير دولة الإمارات العربية المتحدة لدى الولايات المتحدة الأميركية : «تشير البيانات الواردة في استطلاع أصداء بي سي دبليو الثالث عشر لرأي الشباب العربي إلى تحول جوهري يسري في أوصال المنطقة؛ حيث يتبنى الشباب نظرة أكثر تفاؤلاً، ويخوضون في الوقت نفسه سلسلة من التغييرات العميقة التي تجري حالياً. وتلقى الروح القومية المتنامية صدىً أكبر لدى الشباب العربي، حيث يتطلع هذا الجيل بشكل متزايد إلى البلدان العربية الشقيقة لقيادة مستقبل المنطقة. ولا شك أن اعتمادنا المتزايد على النفس، ولا سيما في الدول النموذجية مثل الإمارات، يغذي هذا الفخر بالهوية العربية. وبينما تحتفل دولة الإمارات العربية المتحدة بإكسبو 2020 دبي واليوبيل الذهبي لتأسيسها في ديسمبر القادم، ننظر إلى «المستقبل بآمالٍ متجددة» تماماً مثل الشباب العربي في استطلاع هذا العام».
ثقة كبيرة
من جانبه، أشار الدكتور جهاد أزعور، مدير إدارة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى في صندوق النقد الدولي بواشنطن، إلى إن نتائج الاستطلاع تكشف عن ثقة الشباب العربي بمستقبلهم. وقال بهذا الخصوص: «يشكّل الاستطلاع نداء عمل إلى صنّاع القرار لبحث مدى تأثير نتائجه على السياسات الحكومية، بما في ذلك المجالات ذات الأرضية المشتركة وتلك التي تتباين فيها البيانات. ولتحقيق تطلعات الشباب العربي، لا بد من زيادة مستوى الشمول المالي، وإتاحة فرص التمويل الميسر لرواد الأعمال الشباب، وتوفير بيئة العمل المناسبة لهم، والحد قدر الإمكان من الروتين وتدخل الدولة في الإدارة الاقتصادية، ونحن بحاجة أيضاً إلى عقد اجتماعي جديد يركز بالدرجة الأولى على حماية مصالح المواطن».وسلط الصحفي السعودي المخضرم خالد المعينا الضوء على قيمة البيانات التي أوردها الاستطلاع قائلاً: «في منطقة يصعب فيها الحصول على معلومات دقيقة، تقدم هذه النتائج نظرة معمقة على عقلية الشباب العربي الذين يعيشون في مجتمعات تحكمها سلطة قبلية وأبوية في معظم الأحيان، وبالتالي فهم بأمس الحاجة إلى بيئة تتيح لهم التعبير عن رؤيتهم الخاصة وتمكّنهم من السعي لتحقيقها، وهم يريدون لأصواتهم أن تصل إلى مراكز القرار باعتبارهم أصحاب مصلحة وليسوا مجرد متفرجين، فهم في نهاية المطاف مستقبل المنطقة».
من جانبه، قال فيصل اليافعي، الصحفي والشريك في وكالة الاستشارات الاستراتيجية «هيلدبراند نورد» في المملكة المتحدة: «تشكل هذه النتائج فرصة لأصحاب القرار وصنّاع السياسات لتحديد الأولويات التي ينبغي التركيز عليها. فالشباب العربي هم الجيل الواعد، وعلينا توفير الهيكليات المناسبة لتحقيق تطلعاتهم.
وفي إطار تأكيدها على الروح الإيجابية التي كشفت عنها نتائج الاستطلاع، قالت دانيا خالد المعينا، الرئيس التنفيذي لجمعية «الأولى» في جدة، المملكة العربية السعودية: «يبدو عنوان الاستطلاع (المستقبل بآمالٍ متجددة) محفزاً للغاية، فهو يعكس مواقف الشباب العربي الذين باتوا أكثر تفاؤلاً وحماساً بشأن المستقبل، وهو شعور نلمسه على أرض الواقع في المملكة العربية السعودية؛ فقد بات الشباب أكثر ميلاً للابتكار».