أبوظبي (الاتحاد)
إذا كانت النجوم هي مواقيت أهل البادية، وإذا كان لنجم سهيل أهمية خاصة لدى الصقارين وهواة الصيد، ويُمثّل ظهوره بشرى خير مع اعتدال المناخ وانتهاء الحر، فإنّ معرض أبوظبي الدولي للصيد والفروسية غدا رمز تفاؤل للصقارين مُعلناً عن بدء موسم المقناص السنوي، ومُحتفياً في هذه الدورة بشكل خاص بـ«عام الخمسين». ويعد معرض أبوظبي الدولي للصيد والفروسية، حدثاً ثقافياً واقتصادياً نوعياً، ارتقى كمهرجان تراثي بيئي فني وتجاري بالطبع، بوضع أبوظبي قبل نحو عقدين من الزمن، بقوة على خريطة المعارض الدولية المتخصصة، إذ شكّل منذ انطلاقته الأولى في عام 2003، قصة نجاح متواصلة ونموذجاً يُحتذى للفعاليات التراثية الكبرى في دولة الإمارات، فكان باكورتها وفأل خير عليها.
وحقق المعرض نجاحاً ضخماً ونمواً مذهلاً على المستويات كافة، مُثبتاً أنه تجربة ممتعة للغاية لكل من الزوار والعارضين على حدّ سواء، حيث مُعدّات الصقارة والصيد المتنوعة ومزادات الهجن والفروسية الممتعة والجو الاجتماعي والمسابقات الفنية والشعرية المختلفة، وفرص البيع والترويج وعقد الصفقات، ولذلك فقد أعرب جميع المُشاركين عن أعلى درجات الرضا والارتياح وخصوصاً من ناحية التنظيم الراقي، وتوفير كافة التسهيلات والخدمات اللازمة.
صون التراث
ونجح المعرض في تحقيق أهداف المنظمين التي من أهمها تسليط الضوء على التقدّم الكبير الذي سجلته الإمارات في المحافظة على البيئة وصون التراث، وسارعت كبرى الشركات العالمية إلى حجز مساحات لها في معرض عام 2021، رغم الظروف الصحية والاقتصادية الصعبة التي مرّ بها الجميع مُنذ العام الماضي، وذلك بعد أن لمست المكانة الكبيرة للحدث عند أبناء المنطقة الذين يحرصون على زيارته وشراء مستلزمات واحتياجات رحلات الصيد والفروسية.
وحملت السنوات الماضية من المعرض ذكريات جميلة لكافة الأجيال، استطاع خلالها المُنظمون تقديم رسالة طيّبة عن قيمة التراث والبيئة في الإمارات، وأصبح الحدث ملتقى عالمياً لعرض روائع الثقافة الإنسانية، وصار صداه يتردد في أرجاء العالم.
ولعلّ الإقبال الكبير من جانب أبناء دولة الإمارات ودول مجلس التعاون الخليجي لزيارة المعرض أوضح دليل على الأهمية التي تحظى بها رياضتا الصيد بالصقور والفروسية في المنطقة، وخاصة أن المعرض كان محط أنظار أصحاب السمو والمعالي الشيوخ والوزراء والمسؤولين في الدولة.
ويُقام المعرض في دورته الـ«18» على مدى 7 أيّام للمرّة الأولى في تاريخه، وذلك تحت رعاية سمو الشيخ حمدان بن زايد آل نهيان، ممثل الحاكم في منطقة الظفرة رئيس نادي صقاري الإمارات، خلال الفترة من 27 سبتمبر ولغاية 3 أكتوبر في مركز أبوظبي الوطني للمعارض، بتنظيم من نادي صقاري الإمارات.
ويحظى الحدث برعاية رسمية من هيئة البيئة - أبوظبي، الصندوق الدولي للحفاظ على الحبارى، ومركز أبوظبي الوطني للمعارض. وراعي القطاع شركة «بينونة لتجارة المعدات العسكرية والصيد»، إضافة لرعاة الفعاليات كل من شركة «سمارت ديزاين»، شركة الفارس العالمية للخيم، نادي ظبيان للفروسية، وARB-Emirates الشريك المؤثر في صناعة السيارات، إضافة لقناة بينونة الشريك الإعلامي الرسمي للحدث.
فرصة أكبر
أوضح معالي ماجد علي المنصوري، الأمين العام لنادي صقاري الإمارات رئيس اللجنة العليا المنظمة لمعرض أبوظبي الدولي للصيد والفروسية، أنّ تمديد فترة المعرض ليُصبح أسبوعاً كاملاً، جاء نظراً للإقبال الجماهيري الواسع ورغبة كلّ من الزوار والعارضين على حدّ سواء، منحهم فرصة أكبر للاستفادة من الحدث وعقد الصفقات، وتلبية الطموحات المُتزايدة لزوار المعرض من عشاق الصقارة والصيد والفروسية من مختلف دول العالم، وذلك مع ما شهده الحدث من تضاعف عدد الزوار منذ انطلاقته في 2003 ولغاية 2019 ووصوله لأكثر من مليون و600 ألف زائرٍ.
وشهد المعرض خلال دوراته الماضية نمواً كبيراً، واكتسب شعبية ومكانة متميزة على الصُّعد المحلية والعربية والدولية، حيث تضاعف عدد المشاركين نحو 17 مرة، كما توسعت مساحته حوالي 9 أضعاف، فضلاً عن ارتفاع عدد الدول المُشاركة إلى 44 دولة هذا العام يُمثّلها ما يزيد عن 680 شركة وعلامة تجارية على مساحة تُقارب 50000 م2.
كما تمكن المعرض من تحقيق نجاح كبير على مدى السنوات الماضية على كافة الصعد، وخاصة عبر الربط بين العارضين والعملاء بالمنطقة، فضلاً عن إبراز جهود دولة الإمارات في مجال البيئة وحفظ الأنواع وصون التراث والترويج له، وإطلاق العديد من المبادرات والفعاليات التي أثبتت نجاحها في الدورات الماضية، وأصبحت ذات شهرة عالمية واسعة.
ثقافة وموروث
انطلق المعرض الدولي للصيد والفروسية بأبوظبي في دورته الأولى عام 2003، وقد تشرف حينها بزيارة المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيّب الله ثراه، وأمر المغفور له في حينها بأن يكون المعرض على مستوى عالمي، وينطلق من أبوظبي مرة كل عام، حيث تم تنظيم المعرض الدولي للصيد والفروسية - أبوظبي 2004 والذي لاقى نجاحاً وإقبالاً كبيرين، مما شجع اللجنة المنظمة وبتوجيهات راعي الحدث سمو الشيخ حمدان بن زايد آل نهيان رئيس نادي صقاري الإمارات على مواصلة السعي الدؤوب لإظهار المعرض في أفضل وأرقى المستويات، وتعزيز جهوده في ترسيخ الصيد المُستدام ودعم وتشجيع استراتيجية الحفاظ على التراث والتقاليد والقيم الأصيلة التي تتميز بها دولة الإمارات العربية المتحدة.
ومثّل حرص الشيخ زايد، طيب الله ثراه، على تشريف المعرض في سبتمبر 2003 بزيارته، رغبته بمشاركة أبنائه في الإمارات ودول مجلس التعاون الخليجي في هذا الحدث التراثي المهم، حيث تركت تلك الزيارة التاريخية للمعرض معاني جميلة في نفوس جميع العارضين وهواة الصيد والقنص، وأضفت أهمية بالغة على المعرض ومثلت تتويجاً لنجاحه، ومُنطلقاً لكل ما تحقق من نجاح كبير وتطور واسع للمعرض على مدى الدورات اللاحقة.
ويرتكز تطور المعرض على نجاحاته السابقة، حيث تضاعف عدد العارضين بشكل فاق التوقعات، كما يحظى المعرض بشعبية كبيرة، حيث يتردّد صداه في أرجاء العالم وينتظره الجمهور -أفراداً وعائلات- عاماً بعد عام بفضل فعالياته التعليمية ومُسابقاته المبتكرة وعروضه الحيّة التي تستقطب الجميع. وقد زاره في دورته الأخيرة عام 2019 أكثر من 115 ألف زائر من 120 جنسية.
ومن المُميّز في هذا الحدث الكبير الإقبال الواسع من قبل الأسر وكافة الفئات العُمرية، حيث أصبح المعرض مهرجاناً جماهيرياً عائلياً يهم ويناسب كافة أفراد الأسرة والمجتمع، والذين يجدون في ما يُقدّمه معرض الصيد والفروسية فرصة نادرة للتعرّف على التراث الإماراتي الأصيل، ومُلتقى لدعاة المُحافظة على البيئة، ولهواة الصيد، وللشعراء والفنانين ومُصوّري الطبيعة والتراث بمختلف جوانبه.
ويُتيح المعرض للزوار فرصة التعرف على ثقافة دولة الإمارات وموروثها الأصيل من خلال الأنشطة المتنوعة والمبتكرة التي يُقدّمها لهم، والتي تعمل على رفع الوعي لديهم حول أهمية الحفاظ على البيئة والحياة البرية، إضافة إلى تشجيعهم على ممارسة الرياضات الصديقة للبيئة بنحوٍ مُستدام.
قفزة نوعية
اعتمد نادي صقاري الإمارات خطة استراتيجية لتطوير المعرض الأكبر من نوعه في الشرق الأوسط وإفريقيا، وذلك على مدى سنواته القادمة، وتتضمن مُضاعفة حجم الحدث على صعيد المساحة بشكل تدريجي، وتحقيق قفزة نوعية في عدد العارضين المحليين والدوليين والدول المُشاركة والزوار، والحفاظ على مكانة المعرض وريادته الدولية كحدث تجاري بارز ومُهم في المنطقة يتميّز بصفقات شرائية كبيرة وتحقيق مبيعات ضخمة للعارضين.
كما تتضمن الخطة التوسعية الشاملة للمعرض، تطوير محتوى الحدث بخدمات وتقنيات وأنشطة وفعاليات مُبتكرة برؤية مُتجدّدة، والحرص على تفعيل دوره في صون التراث الوطني وتحقيق الصيد المُستدام.
وأكد المنصوري، أنّه من هذا المُنطلق، فإنّ نادي صقاري الإمارات، الجهة المُنظمة للمعرض الدولي للصيد والفروسية، يسعى للمُساهمة الفاعلة في استراتيجية العمل الوطنية الكبرى برؤية طموحة تستشرف المستقبل، وتُحافظ على إنجازات الآباء المؤسسين.
وقال معاليه: «إنّ دولة الإمارات، في عامها الخمسين، حققت خلال العقود الماضية إنجازات مُتفرّدة في شتّى المجالات، واستطاعت أن تتبوأ المراكز الأولى إقليمياً ودولياً في جودة التنظيم الحكومي والتنافسية الاقتصادية، والحفاظ على تراثها في ذات الوقت، وذلك من خلال الإنجازات المُشرّفة التي عمل أبناء دار زايد على تحقيقها بجهود دؤوبة مُخلصة، مما عمل على رسم صورة حضارية مُشرقة للدولة على الصعيد العالمي».
وقد تمّ اعتماد شعار الحدث للدورة القادمة «استدامة وتراث.. بروحٍ مُتجدّدة»، انعكاساً لجهود أبوظبي والعالم في تعزيز استدامة البيئة والصيد والرياضات التراثية والأعمال التجارية ذات الصلة، وبلورة استراتيجية شاملة لتطوير الحدث وابتكار المزيد من الفعاليات والأنشطة التي ترتكز على نجاحات الدورات الماضية بروح مُتجدّدة مُبدعة.
ويتجلّى غنى المعرض وشموليته في الأقسام الـ11 المُتنوعة التي يضمّها، وتشمل الفنون والحرف اليدوية، الفروسية، الصقارة، رحلات الصيد والسفاري، مُعدّات الصيد والتخييم، أسلحة الصيد، مشاريع تعزيز التراث الثقافي والحفاظ عليه، مركبات ومُعدّات الترفيه في الهواء الطلق، المنتجات والخدمات البيطرية، مُعدّات صيد الأسماك والرياضات البحرية، ووسائل الإعلام المُختصّة.