سامي عبد الرؤوف (دبي)
أكد مسؤولون بالقطاع الصحية، أن تعاطي المخدرات والإدمان مشكلة عالمية، استطاعت دولة الإمارات أن تحقق نتائج إيجابية وكبيرة في التصدي لها، مشيرين إلى أن الإمارات من الدول الأعضاء في اتفاقية الأمم المتحدة الخاصة بمكافحة الاتجار غير المشروع بالمخدرات والمؤثرات العقلية.
وأشاروا في تصريحات خاصة لـ «الاتحاد» إلى أن دولة الإمارات تبذل جهوداً كبيرة للتصدي لآفة المخدرات ومكافحتها، وهو ما حقق نتائج مهمة أثبتتها الأرقام والإحصائيات الرسمية، لافتين إلى تضافر الحكومية والمجتمعية والفردية في مكافحة هذه الآفة الخطيرة.
ولفتوا إلى أن الشباب هم الفئة الأكثر عرضة للوقوع في فخ المخدرات القاتل والمدمر للصحة والعقل والاقتصاد، لافتين إلى ضرورة الاهتمام بالشباب في المنزل والمدرسة وتلقينهم مبادئ السلوكيات القويمة والتمسك بالأخلاقيات الحميدة والقيم المجتمعية الأصيلة.
وذكروا أن الجهات الصحية والمختصة وضعت ضوابط وقوانين لتنظيم التعامل والتداول بالعقاقير المخدرة، بالإضافة إلى تنظيم التعامل بالأدوية المؤثرة عقلياً وترشيد استعمال تلك العقاقير، لافتين إلى أن هذه الجهود أثمرت في حماية المجتمع من الوقوع في براثن هذه المشكلة العالمية.
وقال الدكتور عثمان البكري، الرئيس التنفيذي والرئيس الطبي للمستشفى الدولي الحديث بدبي: «إن من ضمن الأهداف الاستراتيجية تعزيز وتطوير الأمن الصحي لمواجهة المخاطر الصحية، ومن بين هذه المخاطر العقاقير المخدرة إذا استخدمت بطرق غير مشروعة».
وأشار إلى أن من أبرز الجهود التي قامت بها الجهات الصحية والمختصة على مستوى الدولة، المنصة الإلكترونية الموحدة لوصف الأدوية المخدرة المراقبة وشبه المراقبة، لتسهيل عملية الرقابة على وصف وصرف واستهلاك هذه المواد، ويعتبر النظام فريداً من نوعه على مستوى الشرق الأوسط.
من جهته، تحدث الدكتور محمد النحاس، رئيس مجلس الإدارة، الرئيس التنفيذي لمختبرات «مينا لابز- كلينكال باثولوجي سرفيز»، عن تميز دولة الإمارات في القيام بالدراسات الميدانية على الفئات المستهدفة ممن يتعاطون المخدرات للوقوف على أسباب ذلك، وبالتالي اتخاذ الإجراءات اللازمة لمكافحة هذه الظاهرة.
وأكد أهمية قيام المؤسسات المعنية بالشباب والأطفال بتعزيز تفاعلها مع المجتمع من خلال فعاليات ميدانية بغية زيادة الوعي الجماهيري بالمخاطر الجسيمة التي تشكلها ظاهرة تعاطي المخدرات.
وشدد النحاس، على إيلاء هذه الظاهرة الاهتمام الذي تستحقه لما تمثله من مشكلة عالمية معقدة تشكل تحد لحركة التنمية في الكثير من الدول، لأنها تستهدف شريحة الشباب التي تمثل عماد مستقبل الدول والطاقة الأكثر فاعلية في العملية الإنتاجية.
وذكر أن من أبرز الآثار السلبية المترتبة على تعاطي المخدرات، الاكتئاب والوحدة بعد التعاطي والشعور بالغثيان، ومن الشائع أيضاً أن يبدو من يتعاطون العقاقير المخدرة مشوشين محمري العيون ولا يبالون بمظهرهم البدني، وبطبيعة الحال، يوجد احتمال أن يصبحوا مدمنين.
وحول الأسباب المؤدية لتعاطي المخدرات والإدمان، أجابت الدكتورة منى يسري، الأخصائية النفسية بدبي: «هناك العديد من العوامل الجينية والبيئة والاجتماعية التي تساعد على الانجراف نحو آفة المخدرات، لكن العامل البيئي هو الأكثر تأثيراً في الوقوع في شراك هذه الآفة». وأفادت بأن من أهم الأسباب البيئة المؤدية لتعاطي المخدرات، عدم انتباه ورعاية الوالدين للأبناء، وفقدان الثقة بالنفس، والإحساس بعدم الاهتمام من قبل الآخرين، وكذلك نظرة الشخص لنفسه وإحساسه بقيمة ذاته، بالإضافة إلى الصحبة السيئة، سواء بين الكبار أو الصغار. ونبهت إلى خطورة انعدام القدوة الحسنة داخل الأسرة، باعتبارها من العوامل الاجتماعية المؤدية إلى التعاطي، لافتة إلى أن مشاهدة بعض الأفلام والمسلسلات في التلفزيون والسينما، تلعب دوراً سلبياً من خلال التشجيع على تعاطي المواد المخدرة.
وعن طرق الوقاية الواجب القيام بها لحماية المجتمع من آفة المخدرات، أكدت يسري، أهمية التربية السليمة منذ النشأة ودور المدرسة في التوعية والتنبيه على المخاطر الصحية والاجتماعية والنفسية والمالية في حالة السقوط في مستنقع المخدرات.
وأشارت إلى أهمية أن يكون الأطفال والشباب أصحاب شخصية قوية وتقوية وازعهم الديني؛ لأن ذلك من أهم العوامل المؤدية إلى حمايتهم من الاستجابة لأصحاب السوء، لافتة إلى ضرورة التعريف بالعقوبات القانونية المترتبة على التعاطي أو الإدمان على المخدرات، باعتبار ذلك رادعاً مهماً لمن تسول له نفسه هذا الطريق السيئ.
«تنمية المجتمع»: دور الأسر مهم في حماية أبنائهم
أكدت دائرة «تنمية المجتمع» في أبوظبي، أن ملف المخدرات والإدمان يعتبر من القضايا ذات الأولوية في أجندة أعمالها، حيث تسعى بالتعاون مع القطاع الاجتماعي في أبوظبي إلى إيجاد الحلول المناسبة لمكافحة هذه المشكلة والحد من تداعياتها على المجتمع عامة والأسر خاصة.
جاء ذلك، بمناسبة حلول اليوم العالمي لمكافحة المخدرات، حيث أكدت الدكتورة بشرى الملا، المدير التنفيذي لقطاع التنمية المجتمعية في دائرة تنمية المجتمع، أن المخدرات قضية الجميع، وأن «الإدمان»، أو ما يسمى بـ«آفة العصر»، يعتبر مرضاً مدمراً يستهدف فئتي الشباب والمراهقين على وجه الخصوص، إذ أنهم الأكثر عرضة للانجرار إلى هذا العالم المدمر لحياتهم ومستقبلهم، وأنه لذلك تقع على عاتق أولياء الأمور مسؤولية كبيرة في بناء علاقات إيجابية مع أبنائهم والاهتمام بهم لحمايتهم من رفقاء السوء، ومراقبتهم في قنوات التواصل الاجتماعي وغيرها من الأمور الواجب اتباعها في سبيل بناء جيل مدرك لمخاطر الإدمان.