هدى الطنيجي (رأس الخيمة)
تتميز إمارة رأس الخيمة بسلسلة جبلية هي جزء من سلسلة جبال الحجر، المتشكلة قبل ملايين السنين، ومنها قمّة جبل جيس أعلى قمة في الدولة والبالغ ارتفاعها نحو 1900 متر فوق سطح البحر. هذه التضاريس الجغرافية جعلتها محط أنظار الجميع، بارتفاعها العالي وصخورها الصلبة، التي تغري الشغوفين بارتيادها لتسلق أطرافها واستكشاف جوانبها وممارسة مختلف الأنشطة والهوايات، لتجعلها منطقة سياحية جاذبة.
غير أن هذا النوع من السياحة يتطلب أخذ الحيطة والحذر، الأمر الذي تشير إليه بلاغات عدة استقبلتها غرفة عمليات الشرطة واستدعت تدخل مختلف فرق الإنقاذ والإسعاف وطائرات «الهليكوبتر» للتعامل مع حالات مفقودين ضلوا الطريق على القمم الجبلية، وغيرهم ممن أصيبوا بالتعب والإرهاق، أو حلّ عليهم الليل ولم يتمكنوا من التواصل المباشر لانقطاع شبكة الاتصال، وغيرها من الحالات.
«الاتحاد» استطلعت آراء المسؤولين حول هذا الأمر، للتعرف على الأسباب وأهم النصائح المقدمة للمرتادين لتلك المناطق الجاذبة.
بداية، قال العقيد طيار سعيد راشد اليماحي رئيس قسم جناح الجو في شرطة رأس الخيمة: إن إمارة رأس الخيمة تتمتع بالعديد من التضاريس الجغرافية، منها السلاسل الجبلية التي تجعلها محط أنظار الجميع، سواء من أبناء الدولة والمقيمين والسياح العرب والأجانب، الراغبين في التعرف عليها عن قرب وزيارتها في مختلف الأوقات من العام.
وذكر أن البعض منهم قد يقصد تلك المناطق الجبلية رغبة في المشي بين مختلف أطرافها الشامخة الصلبة والتعرف على مساراتها واتجاهاتها، بينما يفضل البعض ممارسة بعض الهوايات، منها تسلق الجبال وغيرها من الأنشطة، ويفضل الآخر قصد أعلى قمة جبلية «جبل جيس».
ولفت إلى أن هذا التوجه يتطلب أستعداداً تاماً لمختلف الرحلة الاستكشافية المتمثلة في المعرفة التامة لتضاريس وطبيعة المنطقة، وذلك لتجنب الضياع في المواقع والمناطق التي تحويها السلسلة الجبلية المتنوعة والمتشابهة في الشكل، وتفادي ما ينتج عن ذلك من الإرهاق والتعب، نظراً إلى عدم معرفتهم بالموقع الذي يتواجدون فيه وكيفية الوصول إلى خط البداية.
وأضاف: تتطلب زيارة تلك المناطق الجبلية أخذ الحيطة والحذر من المناطق المرتفعة والوعرة، والتزود بالمعدات اللازمة، على سبيل المثال، الإسعافات الأولية التي يمكن الاستعانة بها في حال تعرض أحد الأشخاص لأي إصابة أو انزلاق، أو السقوط والإعياء وما شابه.
وأشار إلى أخذ عبوات كافية من الماء، خاصة خلال فترة الصيف التي تشهد ارتفاعاً في درجات الحرارة العالية، بالإضافة إلى الأطعمة، خاصة في حال الاضطرار للبقاء لساعات مطولة بعد الضياع، إلى حين وصول فرق الإنقاذ المعنية في عملية البحث.
ودعا الراغبين التوجه إلى المناطق الجبلية إلى التعرف على خطوط الذهاب حتى يتمكنوا من العودة، أو في حال الضياع العمل على وصف المنطقة بالشكل المطلوبة لعناصر غرفة العمليات بعد التواصل وطلب المساعدة.
ولفت إلى أنه من البلاغات التي يتم التعامل معها في تلك المناطق الجبلية، هو دخول الأفراد إلى المناطق وهم لا يتمتعون بلياقة جسدية مناسبة، تمكنهم من السير لساعات مطولة وفي مواقع وعرة وصلبة لوقت مطول، وبالتالي التعرض إلى الإعياء والتعب، وكذلك دخول البعض بمفرده دون فريق معني بذلك، والتواجد في مناطق لا تحتوي على شبكة اتصال مناسبة تمكنهم وتمكن الشرطة من سهولة التواصل في حال الضياع، فقد يضطر البعض منهم التوجه إلى مناطق أخرى والمشي لفترات طويلة، إلى حين التقاط الشبكة والتواصل مع الشرطة.
وتابع: هناك البعض ممن يتوغل في مناطق جبلية بعيدة ومرتفعة جداً رغبة في استكشاف المنطقة، وقد يتعرض خلال الرحلة إلى الإصابة نظراً إلى وعورة الطريق، أو في حال الانزلاق أو السقوط من مرتفع، وبالتالي لا يستطيع بذلك العودة إلى نقطة البداية وقد يحل عليه الظلام، أو الدخول إلى منطقة وعند العودة يخطئ بالطريق، من ثم الدخول إلى مناطق أخرى يصعب عليه تحديد موقعة، وغيرها من الحالات.
وذكر أن كافة أعضاء فرق قسم جناح الجو خضعوا لدورات الإنقاذ الجبلي المخصصة للتعامل مع الحالات والبلاغات الواقعة في المناطق الجبلية، والتي يتم خلالها تزويد العناصر المشاركة بأهم أساسيات التعامل مع البلاغات، على سبيل المثال، المفقودين والمصابين، باستخدام مختلف المعدات والأجهزة، منها الحبال وكيفية التسلق وما شابه ذلك، في سبيل تقديم أفضل وأسرع الخدمات للجمهور.
وأشار إلى أن أكبر عمليات الإنقاذ التي يتم التعامل معها خلال العام، هي الواقعة خلال فترة تساقط الأمطار وتشكل الأودية والسيول، والتي تشهد تجمع أفراد المجتمع حولها وبالتالي وقوع بعض المخاطر، منها انحصارهم في السيول أو قطع مياه الأمطار الجارية للطرق والمسارات.
ولفت إلى أن هذه الظاهرة قد تسهم في وجود عدد من المركبات والعوائل المحاصرين بمياه الأمطار في تلك المواقع التي تتشكل على المناطق الجبلية تحديداً، حيث تتجه الفرق نحو القيام بمهام الإنقاذ المختلفة بأكمل وجه للحفاظ وإنقاذ حياة الأفراد من أي خطر وفي الوقت المناسب.
وأشار إلى أن هذه الظاهرة تمكن من خلالها القسم تحديداً منذ العام 2004 ولغاية الآن، من إنقاذ حوالي 2000 شخص حاصرتهم مياه الأمطار والسيول في مختلف المناطق الجبلية من الإمارة، وذلك نتيجة لشدة الإمطار وحلول الليل وغيرها من الأسباب، والتي قام فريق جناح الجو بعمليات إنقاذهم وانتشالهم وإيصالهم إلى بر الأمان.
وكشف أن القسم نفذ منذ العام 2017 ولغاية الآن 116 طلعة جوية استجابة لبلاغات في المناطق الجبلية المختلفة الواقعة بـ الإمارة، بمجوع عمليات إنقاذ لـ 737 شخصاً خلال نفس الفترة من مختلف الجنسيات، مشيراً إلى أن هناك بعضاً من عمليات البحث عن المفقودين في المناطق الجبلية يتم خلالها الاستعانة ببعض أهالي المناطق الجبلية، ممن لديهم الخبرة الكافية بمختلف المواقع ويسهمون في عملية إيجاد المفقودين في الوقت المناسب.
ودعا الراغبين في ارتياد المناطق الجبلية إلى الذهاب ضمن فرق مختلفة العدد، خاصة ممن تحوي على أفراد معنيين بالمناطق السياحية الجبلية وعلى علم ودراية كافية بها، لكي يتمكنوا من العودة إلى أدراجهم سالمين بعد انتهاء الجولة دون أي تعب أو إصابة تذكر.
برامج توعية
قال الرائد حميد بلال النوبي رئيس قسم الشرطة السياحية بشرطة رأس الخيمة: تحرص شرطة رأس الخيمة متمثلة في إدارة التحريات والمباحث الجنائية قسم الشرطة السياحية، على عمل برامج توعية بشكل مستمر لجميع المناطق السياحية في الإمارة، من ضمنها البرامج الموجهة لمرتادي المناطق الجبلية.
وأشار إلى أن تلك البرامج تستهدف توعية أكبر عدد ممكن من السياح على اختلافهم، من خلال المشاركة عبر الفعاليات والتواجد في الأماكن السياحية التي يكثر تواجدهم فيها، لتقديم النصح والإرشاد لهم والرد على مختلف استفساراتهم واستخدام منصات التواصل الاجتماعي الخاصة بالقيادة لنشر وتقديم التوعية المناسبة.
ولفت إلى أن من أهم النصائح المقدمة لهم التسجيل عبر تطبيق وزارة الداخلية «moi»، والاستفادة من خاصية sos، وكيفية استخدامها في الحالات الطارئة، ويفضل أن يكون الشخص ضمن مجموعة من الأشخاص أوبرفقة إحدى شركات السياحة عند الخروج في رحلات سياحية وقبل القيام بالرحلة الجبلية.
ودعا إلى أخذ الاحتياجات والاحتياطات اللازمة لهذه الرحلة.