سامي عبد الرؤوف (دبي)
تشارك دولة الإمارات العربية المتحدة، اليوم «السبت»، العالم بالاحتفال بيوم العمال العالمي، الذي يصادف الأول من مايو من كل عام، لتجسد اهتمامها بالعمال وحقوقهم وتوفير سبل الحياة الكريمة لهم ولأسرهم، باعتبارهم أحد أهم مكونات التنمية والتقدم الذي تحققه الإمارات. وتأتي مشاركة الإمارات في هذا الحدث العالمي، تقديراً دور العمال في المجتمع وجهدهم الفاعل في العمل والبناء والإنجاز والتأكيد على إسهاماتهم وعطاؤهم المتواصل لخدمة المجتمع، وتنظم العديد من الجهات المختصة، بهذه المناسبة، فعاليات وأنشطة توعية إلكترونية لتوجيه النصائح والإرشادات والتثقيف الصحي للعمال بعدد من اللغات، كالعربية، والإنجليزية، والفارسية، والأوردو، وغيرها من اللغات. كما تتضمن الفعاليات توزيع وجبات جاهزة للعمال وتقديم الهدايا الرمزية لهم بهذه المناسبة، إضافة إلى الملابس ومستحضرات العناية وحقائب الإسعافات الأولية، وسط إجراءات وتدابير احترازية للحد من انتشار فيروس «كورونا» المستجد. ويهدف يوم العمال العالمي إلى الاهتمام بجميع فئات العمال باعتبارهم طرفاً رئيساً في عملية الإنتاج وشريكاً في التنمية التي تشهدها الدولة.
التشريعات والقوانين
واستطاعت دولة الإمارات، تحقيق إنجازات كثيرة لضمان حقوق العمال بالدولة، أبرزها توفير حزمة متميزة وممتازة من التشريعات والسياسات والإجراءات، لصون وضمن حقوق العمال في الدولة، وتوفير بيئة عمل نموذجية في إطار ضمان مصالح طرفي الإنتاج وتوفير الحماية للعملية التعاقدية، وفقاً للتشريعات الوطنية. وتعد دولة الإمارات من الدول التي حازت مكانة مرموقة في الحفاظ على حقوق العمالة وتحقيق المساواة الكاملة، وقد جاءت تشريعات تنظيم علاقات العمل بالدولة منسجمة مع المبادئ والمعايير المضمنة في مستويات منظمة العمل الدولية، حيث اتسمت بشمولية التشريع وتغطية جميع الجوانب العمالية التي تقتضي تدخل المشرع. وقد حققت الإمارات، إنجازات كبيرة وغير مسبوقة، جعلتها تقود عن جدارة واستحقاق، جهود ترسيخ حق الإنسان في العمل من خلال القوانين المتطورة التي تسنها، وما قامت به الهيئات والوزارات المختلفة التي تعمل على ضمان سعادتهم وراحتهم وحصولهم على كافة حقوقهم المالية والمعيشية. وتقوم قيم المجتمع على التكافل والتعاضد واحترام إنسانية الإنسان، وهذه القيم يدعمها القيم الإنسانية الأصيلة للمجتمع والتشريعات التي تصون كرامة الإنسان وتكفل حقوق العامل وتتضمن حريته وتقدر عمله، بالإضافة إلى المساواة والعدالة الاجتماعية وتوفير الأمن والطمأنينة.
الرعاية الصحية
وجسدت القرارات والإجراءات التي اتخذتها دولة الإمارات لحماية العمال والمحافظة على امتيازاتهم منذ بدء تطبيق الإجراءات الاحترازية الخاصة بمنع تفشي فيروس «كورونا» المستجد «كوفيد- 19» إرثاً إنسانياً عظيماً قائماً على العطاء الإنساني.
واشتملت الإجراءات الرسمية والمجتمعية التي اتخذت خلال مواجهة انتشار فيروس «كورونا» المستجد «كوفيد- 19»، حيث وفرت الجهات المختصة الرعاية الصحية المجانية للمرضى بما في ذلك العمال، بالإضافة إلى توفير الطعام والشراب والدعم النفسي والمجتمعي، وغيرها من مظاهر الدعم الرعاية الحكومية والمجتمعية.
وأعلنت وزارة الصحة ووقاية المجتمع وشركة أبوظبي للخدمات الصحية «صحة» وهيئة الصحة في دبي، منذ بدء تطبيق الإجراءات الاحترازية عن أن توفير الفحوص والعلاج للمواطنين والمقيمين على أرضها في كافة المستشفيات والمراكز الصحية المخصصة لهذا الغرض. وحرصت الإمارات على توفير كافة الإجراءات الوقائية والاحترازية الصحية اللازمة لحماية العمال في جميع مقرات العمل أو مقار السكن المخصصة لهم، فإلى جانب مقرات العمل الحكومية ألزمت الإمارات جميع منشآت القطاع الخاص بتوفير نقاط فحص عند المداخل يتم فيها إجراء اختبارات قياس درجة الحرارة والسؤال عن أعراض الفيروس بشكل يومي وعلى فترتين صباحية قبل الانطلاق لمقر العمل ومسائية بعد العودة منه، وإعفاء الحالات المشتبه فيها من الخروج إلى العمل أو الدخول إلى السكن مع إحالتهم للمنشآت الصحية لاتخاذ الإجراءات اللازمة. ووضعت الدولة آلية لتنظيم رحلات الانتقال من السكن العمالي إلى مناطق العمل والعكس، مع مراعاة عدم زيادة العمال داخل وسيلة النقل عن نسب محددة من طاقتها الاستيعابية، مع التأكيد على وجود مسافة آمنة بين العمال، فضلاً عن منع التجمعات، ووقف جميع الأنشطة الثقافية، والرياضية، والاجتماعية في مناطق السكن العمالي، وتقليل عدد العمال وقت تناول الوجبات في مطاعم السكن العمالي، وترك مسافة آمنة بين العامل والآخر بحد أدنى مترين.
حماية الأجور
وتطبق الإمارات حزمة من السياسات والمبادرات، وذلك في إطار ضمان مصالح طرفي الإنتاج وتوفير الحماية للعمالة التعاقدية المؤقتة وفقاً للتشريعات الوطنية، ومن الإجراءات التي عززت حقوق العمال بالدولة، مراقبة جودة السكن ليطابق المعيشة الإنسانية الكريمة، وكذلك إلزام رب العمل بكفالة إحضار العامل والتكفل بجميع مصاريفه بدءاً من تذكرته وانتهاء بمصاريف ورسوم إقامته وسكنه ومأكله وعلاجه.
ويعتبر نظام حماية الأجور واحداً من أبرز تلك المبادرات الهادفة إلى حماية حقوق العمال وضمان حصولهم على أجورهم في المواعيد المحددة من خلال النظام الذي أثنت عليه منظمة العمل الدولية في وقت طلبت فيه العديد من الدول الاطلاع على آلية عمله لتطبيقه في أسواق العمل لديها، وتتخذ وزارة الموارد البشرية والتوطين، إجراءات صارمة بحق المنشآت التي تتخلف عن سداد الأجر الذي يعتبر أساس علاقة العمل التعاقدية.
دور المشرع
وقد صدر القانون الاتحادي رقم 8 لسنة 1980 في شأن علاقات العمل وأدخل عليه منذ صدوره إلى تاريخ اليوم ما يزيد عن ثلاثين تعديلاً، بالإضافة إلى عدد كبير من القرارات الوزارية الآنية منها والدائمة، مما يؤكد تطور هذا القانون وملائمته لعلاج التحديات التي تواجه قطاع الإنتاج.ونظم المشرع الإماراتي وضمن حقوق العامل قبل مجيئه إلى الدولة وحتى انتهاء العلاقة العمالية، مشيراً إلى أن الدولة خصصت دوائر عمالية في محاكمها، حتى أن مقار الدوائر العمالية فيها نوع من الاستقلال في بعض المحاكم. ويتم النظر في القضايا العمالية بأسرع وقت ممكن لصون حق العامل وضمان استمرارية حياته بشكل طبيعي، وحماية حقوق العمال لم تقتصر على الجهات الحكومية، بل امتد إلى جمعيات النفع العام مثل جمعية الإمارات لحقوق الإنسان، بالإضافة إلى الإدارة العامة لحقوق الإنسان بشرطة دبي، التي نجحت خلال السنوات الماضية بالتواصل مع أصحاب الشركات لصون حقوق العامل. ومن أبرز التشريعات الحديثة لصالح العمال، القرار الوزاري لوزارة الموارد البشرية والتوطين، رقم 279 لسنه 2020 في شأن استقرار العمالة بمنشآت القطاع الخاص خلال فترة تطبيق الإجراءات الاحترازية واحتوى على مزايا وضمانات للعامل وبشكل يحقق مصلحه كلا الطرفين.
العلاج المجاني لمواجهة «كورونا»
من أهم الأمور التي وفرتها الجهات الصحية والجهات المختصة رعاية صحية للعمال في مكافحة فيروس «كورونا» بين هذه الفئة، والعمل «عن بعد» وإذا تطلب الأمر الحضور، فتخفيض ساعات العمل وضمان التباعد الجسدي، وتوفير العلاج المجاني لكل مواطن ومقيم عل هذه الأرض الطيبة».
وتطبيقاً لذلك، أصدرت الجهات الصحية تعميماً حول علاج المصابين بفيروس «كورونا»، يوجب علاج هذه الحالات حتى عند عدم وجود تأمين صحي لدى المصاب. ويتم التعامل مع هذه الحالات ضمن فئة «الحالات الطارئة»، ففي حال توفر التغطية التأمينية، يتم اعتبار الحالات طارئة بموجب تشريعات التأمين الصحي، وبالتالي تتحمل شركة التأمين رسوم الرعاية الصحية اللازمة،وفي حال عدم توفر التغطية التأمينية، يتم اعتبار الحالات طارئة ولا يتم تحميل الحالات المشتبه بإصابتهم أو المؤكدة رسوم الرعاية الصحية من قبل المنشآت الصحية.