أبوظبي (الاتحاد)
تحت رعاية وبحضور الفريق سمو الشيخ سيف بن زايد آل نهيان، نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية، انطلقت مساء أمس الأول مجالس وزارة الداخلية الرمضانية الافتراضية في دورتها العاشرة للعام 2021، حيث ناقش المجلس الأول والذي أداره الإعلامي يوسف عبدالباري موضوعي الذكاء الاصطناعي المرتكز على الإنسان، والعمل في المستقبل.
وقدم سموه في بداية المجلس الشكر والتقدير للمحاضرين العالميين على حضورهما ومشاركتهما في مجالس الوزارة، داعياً الحضور للاستفادة القصوى من مثل هذه المنصات المجتمعية التي تساهم في إثراء المعرفة وتوعية المجتمع وإشراكهم في المواضيع والقضايا المختلفة.
وتحدث البروفيسور ديفيد دي كريمر، رئيس قسم الإدارة والتنظيم في كلية الأعمال بجامعة سنغافورة الوطنية، في موضوع الذكاء الاصطناعي المرتكز على الإنسان، حيث تناول تاريخ هذا العلم وتقنياته وأهميتها، ثم تناول المجالات التي من الممكن الاستفادة فيها من تقنيات الذكاء الاصطناعي لرفع مستويات الخدمات وجودة الحياة وتعزيز الجهود الإنسانية في المجالات البيئية، ومحاربة الجوع، والآفات والكوارث.
أهمية القيادة والإدارة البشرية
وقال البروفيسور كريمر: إن الذكاء الاصطناعي سيدفع الاقتصاد العالمي بنحو 15.7 تريليون دولار في العام 2030، مشيراً إلى أن استطلاعات الرأي لـ 1200 من المديرين التنفيذين حول العالم أكدت أن 63 % منهم قالوا إن الذكاء الاصطناعي سيقدم مستقبل خدمات أكبر وأفضل من الإنترنت بصورته الحالية، وأكد البروفيسور أننا نحن البشر من سيقود هذه التغييرات وفق قواعدنا وحاجاتنا ولما هو في مصلحة البشرية، وأننا الآن بحاجة إلى إبراز أهمية القيادة والإدارة البشرية التي تتمتع بقدرات ومهارات تقنية.
وأوضح أن ما يحدد قيمة العمل والراتب والمزايا في المستقبل، هو المهارات الناعمة كما دعاها البروفيسور، ومنها القدرة على حل المشكلات واستخدام المنطق، والتفكير التحليلي وغيرها، وستبقى القيادة والتفكير وتحديد الخيارات بيد الكوادر البشرية المؤهلة.
وشدد كريمر على أهمية بناء الخطط لإدخال الذكاء الاصطناعي في العلوم التي يتم تدريسها في المدارس والجامعات، ودعم جهود البحث العلمي والجامعات والفرق البحثية، لتعزيز جهودها في تسخير التقنيات لخدمة البشرية وأهداف التنمية، مؤكداً أن الذكاء الاصطناعي سيكون جزءاً رئيساً من خدمات المستقبل، ومن الواجب على الحكومات والدول استثمار الذكاء الاصطناعي بمسؤولية في مختلف القطاعات الحيوية.
تغيير أنماط التفكير
فيما تحدث في الموضوع الثاني «العمل في المستقبل» الدكتور دانيال ساسكند، زميل في كلية علوم الاقتصاد بجامعة أكسفورد، حيث أوضح أن التكنولوجيا والتطبيقات الحديثة لعبت دوراً كبيراً في تحديد الأعمال والمهن، وستستمر تأثيراتها في المستقبل، إذ باتت التقنيات والتطبيقات الذكية مكوّناً رئيساً في منظومة العمل بكافة أشكاله، وتسببت في تغييرات بنيوية بات يشهدها الواقع الذي نعيشه، فقد أثرت في الوظائف والأساليب التي نؤدي بها مهامنا وأعمالنا اليومية، وقال: إن التأثير كان واضحاً على فئة العمالة غير الماهرة والتي وصفها بـ «العمال ذوي الياقات الزرقاء ومثال عليهم المهن الزراعية والصناعية» فيما أنها كنت أقل تأثيراً حتى الآن، على العمالة الماهرة والموظفين الإداريين الذين وصفهم بـ «ذوي الياقات البيضاء»، ومثال عليهم الأطباء والمعلمون و المهندسون».
وقال: إن عدد العاملين بالزراعة في أميركا على سبيل المثال، انخفض من 26 % إلى 1 % من القوى العاملة خلال مئة عام، ولكن الإنتاج في الوقت الحالي يفوق أضعاف ماكان يتم إنتاجه في الماضي على الرغم من قلة الكوادر العاملة، ومن هنا تتجلى أهمية التركيز على التقنيات والقدرات المحوسبة وتغيير أنماط التفكير البشرية نحو اتجاهات مهنية ووظيفية تلبي حاجات العمل الحقيقية.
تأهيل الشباب
وأكد أنه من الضروري البناء للمستقبل وفق رؤية استشرافية، تستوعب التغييرات والتطورات التقنية المتسارعة، وأنه يجب مواكبة ذلك من خلال التدريب الصحيح والمناهج والمخرجات الأكاديمية، وتوفير البنى التحتية اللازمة لتأهيل الشباب وتوجيههم نحو علوم ومهن المستقبل، والتي من بينها علوم الطاقة المتجددة وعلوم البيانات والأمن الرقمي والطباعة ثلاثية الأبعاد والتعليم والعمل «عن بعد».
حضر المجلس اللواء خليفة حارب الخييلي، رئيس مجلس التطوير المؤسسي بوزارة الداخلية، واللواء الدكتور أحمد ناصر الريسي مفتش عام وزارة الداخلية، واللواء سالم علي مبارك الشامسي وكيل وزارة الداخلية المساعد للموارد والخدمات المساندة، والقادة العامون للشرطة بالدولة، وعدد من ضباط الوزارة، وممثلون عن عدد من المؤسسات والهيئات الحكومية المحلية والاتحادية، وعدد كبير من أفراد المجتمع بلغ 1176 شخصا.
يشار إلى أن مجالس وزارة الداخلية في دورتها العاشرة تقام للمرة الثانية عن بعد، وعبر وسائل الاتصال المرئي، وذلك حرصاً من الوزارة على استمرار انعقاد المجالس في شهر رمضان المبارك، لما لها من فوائد وقيمة علمية ومعرفية كبيرة، وفي نفس الوقت الالتزام بالتعليمات والإجراءات الاحترازية نظراً للظروف الصحية الحالية في ظل جائحة «كورونا».
وتماشياً مع عام الخمسين تتناول مجالس هذا العام عدداً من الموضوعات المتعلقة بالذكاء الاصطناعي، والعمل في المستقبل، وجودة الحياة الرقمية، والتوازن بين الحياة والعمل والسعادة وجودة الحياة، إضافة إلى المواهب المبتكرة، ويشارك فيها نخبة من الخبراء والأكاديميين والمحاضرين العالميين ويديرها إعلاميون من مختلف وسائل الإعلام بالدولة، وتقدم المجالس المقترحات والتوصيات التي يتم متابعتها مع الجهات والهيئات المعنية.