أبوظبي (الاتحاد)
صلاة التراويح سنة مؤكدة، وقد أم رسول الله صلى الله عليه وسلم المسلمين بها ثلاث ليال، كما جاء بالأحاديث، ثم انقطع صلى الله عليه وسلم عن إمامتهم في هذه الصلاة خشية عليهم، وبين لهم ذلك، كما سيتم الإشارة إليه، وبقي الحال على ذلك إلى أن جمع سيدنا عمر المسلمين على إمام واحد، ومنذ ذلك الحين يحرص المسلمون على أدائها في المساجد جماعة، ولكن مع ظهور الجائحة بدأ الحديث حول إمكانية أدائها بالمنزل مع الأسرة والأبناء، وهو ما أجمعت عليه المجامع الفقهية ودور الإفتاء، ومجلس الإمارات للإفتاء الشرعي، والذي شجع مؤخراً المصلين الذين ينشطون للصلاة في بيوتهم -خاصةً كبار السن، من المواطنين والمقيمين وأصحاب الأمراض المزمنة أو المناعة الضعيفة أن يحيوا سنَّة إقامة صلاة التراويح في بيوتهم، وذلك من خلال صلاتها جماعةً مع أهل بيتهم، أو منفردين، ولهم أجر التراويح كاملاً.
واستدلالاً على هذه السنة، فقد أورد البخاري في صحيحه : عن زيد بن ثابت رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «صلاة المرء في بيته أفضل من صلاته في مسجدي هذا إلا المكتوبة»، وجاء في الحديث عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ «مَنْ قَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ»، قَالَ ابْنُ شِهَابٍ فَتُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْأَمْرُ عَلَى ذَلِكَ ثُمَّ كَانَ الْأَمْرُ عَلَى ذَلِكَ فِي خِلَافَةِ أَبِي بَكْرٍ وَصَدْرًا مِنْ خِلَافَةِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، وَعَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ الْقَارِيِّ أَنَّهُ قَالَ خَرَجْتُ مَعَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ لَيْلَةً فِي رَمَضَانَ إِلَى الْمَسْجِدِ فَإِذَا النَّاسُ أَوْزَاعٌ مُتَفَرِّقُونَ يُصَلِّي الرَّجُلُ لِنَفْسِهِ وَيُصَلِّي الرَّجُلُ فَيُصَلِّي بِصَلَاتِهِ الرَّهْطُ فَقَالَ عُمَرُ إِنِّي أَرَى لَوْ جَمَعْتُ هَؤُلَاءِ عَلَى قَارِئٍ وَاحِدٍ لَكَانَ أَمْثَلَ ثُمَّ عَزَمَ فَجَمَعَهُمْ عَلَى أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ ثُمَّ خَرَجْتُ مَعَهُ لَيْلَةً أُخْرَى وَالنَّاسُ يُصَلُّونَ بِصَلَاةِ قَارِئِهِمْ قَالَ عُمَرُ نِعْمَ الْبِدْعَةُ هَذِهِ وَالَّتِي يَنَامُونَ عَنْهَا أَفْضَلُ مِنْ الَّتِي يَقُومُونَ يُرِيدُ آخِرَ اللَّيْلِ وَكَانَ النَّاسُ يَقُومُونَ أَوَّلَهُ.
وكما هو معلوم فإن الأصل في صلاة الليل أن يؤديها المسلمون في بيوتهم؛ أسوة بفعل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وكثير من السلف الصالح رضوان الله عليهم، واستحبها جماعة من العلماء لمن قويت نيته وعلت همته وكان حافظاً من القرآن ما يكفيه في صلاته؛ لِما فيها من التستر والإعانة على الخشوع وعلوِّ الهمة وتقوية النية، أما من لم يستطع ذلك؛ بأن كان من عوام الناس؛ صلى في المسجد بصلاة الإمام؛ كما كان يفعل من ليس معه شيء من القرآن.
أفضل
رأى الدكتور عمر الدرعي المدير التنفيذي للشؤون الإسلامية والأوقاف عضو مجلس الإمارات للإفتاء الشرعي، أن تؤدى التراويح بالبيت، نظراً للظروف الحالية ووقاية وحماية للمجتمع.
وقال: ما أجمل صلاة التراويح في شهر رمضان، وهي سنة مؤكدة حث عليها النبي صلى الله عليه وسلم، وقال «من قام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه»، وعلى الرغم من اشتياق المصلين لأداء صلاة التراويح جماعة في بيوت الله تبارك وتعالى، إلا أن مجلس الإمارات للإفتاء الشرعي قد شجع على أدائها في البيت، دعماً للجهود الوطنية التي تبذلها الدولة، لمواجهة جائحة كورونا، والحد من انتشار الوباء بين الناس، واستناداً لحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم «صلاة المرء في بيته أفضل من صلاته في مسجدي هذا إلا المكتوبة».