دبي (الاتحاد)
أكد معالي محمد عبد الله القرقاوي وزير شؤون مجلس الوزراء رئيس مؤسسة القمة العالمية للحكومات، أن حكومات المستقبل الناجحة هي الأقدر على الاستفادة من دروس وتحديات جائحة فيروس كورونا المستجد «كوفيد- 19»، لتكون نقطة تحول استراتيجية لتطوير اقتصاداتها وقطاعاتها الرئيسة، وتصميم آليات جديدة لأساليب عملها وتقديم خدماتها وطرق تواصلها مع مواطنيها.
جاء ذلك، في كلمة معاليه في الجلسة الافتتاحية لأعمال «حوارات القمة العالمية للحكومات» التي انطلقت أمس، برعاية صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي «رعاه الله»، وتستقطب قادة ومتحدثين عالميين، ونخبة من الخبراء والمتخصصين، وعدداً من مسؤولي المنظمات الدولية، ورواد الأعمال من مختلف أنحاء العالم، على مدى يومين، بهدف بحث أبرز الاتجاهات العالمية الجديدة، ومشاركة الرؤى والأفكار الهادفة لتعزيز جاهزية الحكومات في مواجهة التحديات المستقبلية.
وقال محمد القرقاوي: إن «حوارات القمة العالمية للحكومات» فرصة مثالية لتبادل الآراء والتصورات لمستقبل البشرية وعمل الحكومات، واستشراف التغيرات التي سنشهدها بعد 2021، مؤكداً أن الشراكات الدولية القائمة على النظرة الإيجابية للمستقبل والسعي الدائم لتعزيز السلام ودعم الابتكار، والارتقاء بجودة حياة الأفراد تشكل ركائز رئيسة في تحقيق تطلعات مجتمعات العالم.
وأضاف في كلمته التي جاءت بعنوان: «توجهات عالمية كبرى في العقد المقبل»، إلى أن عام 2021 سيشكل مرحلة مهمة في تاريخ العالم، إذا تعاونت الحكومات فيما بينها لمعالجة القضايا الملحّة واستشراف حلول مبتكرة لها، وتابع: «يجب أن يكون اقتصاد المستقبل مختلفاً وأكثر مرونة وقدرة على مواجهة التغيرات والتحولات، وعلينا تصميم مقاييس جديدة للنجاح، وتعزيز دور التكنولوجيا وإشراك المجتمعات في تصميم المستقبل».
جاهزية الحكومات
قال رئيس القمة العالمية للحكومات: «واجهت البشرية في الماضي تحديات مختلفة، لكن التاريخ يذكرنا دائماً ببعض المحطات التي شكلت نقطة تحول في رحلة البشرية، ولن ينسى العالم عام 2020 الذي وفر فرصة لمواجهة تحديات جديدة في مختلف القطاعات، أتاحت لنا اختبار أنظمة الرعاية الصحية والتعليمية، وقدرة الحكومات على التكيف والتعامل معها بمرونة»، مشيراً إلى أن تركيز الحكومات خلال الفترة المقبلة، يجب أن لا يقتصر على جهود تحقيق التعافي من آثار الجائحة، بل يجب أيضاً مواصلة توحيد الجهود العالميــــة لتصميــم مستقبل أفضــل للمجتمعات.
وأضاف أن الجائحة ألقت بظلالها على الصعيدين الاجتماعي والنفسي في جميع المجتمعات، فالجيل الذي شهد تبعات هذا الوباء سيجد نفسه أمام العديد من التحديات المرتبطة بصحته النفسية على غرار الجيل الذي عايش الحرب العالمية الثانية، لهذا على الحكومات دور محوري يتمثل في تطوير استراتيجيات شاملة تراعي احتياجات مجتمعاتها في العقد المقبل، حيث يواجه الجيل الحالي مخاطر متعددة مرتبطة بالأمن الاقتصادي والوظيفي والحياة المستدامة والصحة النفسية.
رؤية إيجابية
وأكد محمد القرقاوي أن استجابة العالم في مواجهة الوباء، تعززت بفعل توحد العقول والقلوب والموارد من أجل التغلب على التحديات، ليتم تطوير عدة لقاحات للفيروس في 8 أشهر فقط، بفضل التعاون بين العلماء ودعم الحكومات والقطاع الخاص والأوساط العلمية.
وقال: «يجب علينا مواصلة هذا النهج الإنساني الإيجابي لضمان التوزيع العادل والمنصف للقاحات في جميع أنحاء العالم، ويجب أن نتذكر دائماً أن العالم سيتعافى عندما يصبح الناس آمنين في كل مكان».
وأضاف: «تشير تقديرات البنك الدولي إلى وجود 150 مليون شخص يعانون الفقر المدقع، فيما يعيش نحو 3.3 مليار شخص (أكثر من 40% من سكان العالم) تحت خط الفقر، ولهذا فإن توجيه اقتصاداتنا إلى مسارها الصحيح، وإعادة الناس إلى وظائف منتجة، أولوية قصوى لجميع حكومات العالم».
وركزت جلسات اليوم الأول لحوارات القمة العالمية للحكومات على التحولات الرئيسية في القطاعات الحيوية، وتناولت جلسة «ترسيخ الثقة والمصداقية في الجيل القادم من القادة»، التي تحدث فيها ريتشارد إيدلمان الرئيس التنفيذي لشركة «إيدلمان»، أهمية التعاون والتعامل الشفاف بين الحكومات والقطاع الخاص والمجتمع للتصدي للتحديات الملحّة، مثل الاستدامة وتعزيز المهارات المستقبلية، وتوفير البيانات والمعلومات والمعطيات الصحيحة.
وشارك توني ايلوميلو رئيس مجلس إدارة «إيرز هولدينغز»، والبنك المتحد لأفريقيا وشركة ترانسكورب، مؤسس مؤسسة توني إلوميلو في جلسة بعنوان «المستقبل من منظور أفريقي: 2021 وما بعده» استعرض فيها سبل تفعيل الإمكانات الهائلة التي تتمتع بها القارة، وكيف يمكن لقادة أفريقيا التعاون لتحقيق نقلات نوعية للمجتمعات.
نقطة تحول
في جلسة بعنوان «العملات الرقمية: هل سيكون العام 2021 نقطة تحول في التعاملات المالية» ـ طرح كل من أنتوني يوريو المؤسس والرئيس التنفيذي لشركة لاليترال، والمؤسس المشارك لشركة إثيريوم، ودينيل ديكسون الرئيس التنفيذي، والمدير التنفيذي لمؤسسة ستيلر للتنمية، وبروك بيرس مؤسس شركة بلوك تشين كابيتال، وصقر عريقات وخبير بلوك تشين واستشاري القطاع الحكومي في «آي بي أم»، رؤاهم وتوقعاتهم لمستقبل تقنية البلوك تشين التي يمكنها أن تؤدي إلى حلول العملات المشفرة محل البنوك والخدمات المصرفية في السنوات المقبلة.
منظور آسيوي
تضمنت الحوارات جلسة بعنوان «المستقبل من منظور آسيوي»، شارك فيها ناندان نايلكاني المؤسس المشارك لشركة «إنفوسيس»، وسمير ساران رئيس مؤسسة أوبزيرفر للبحوث، وتناولت دور دول القارة الآسيوية في رسم مستقبل النظام العالمي الجديد بعد جائحة كورونا.
واستعرضت جلسة «التمويل اللامركزي من أجل بناء اقتصاد متكامل»، التي تحدثت فيها يوتا شتاينر الرئيس التنفيذي، والمؤسس لـ«باريتي تيكنولوجيز»، دور جائحة كوفيد-19 في تأكيد أهمية وجود بدائل عملية مرنة لا مركزية للأنظمة المالية التقليدية، وتطوير توظيف البيانات المشفرة والتقنيات المالية الجديدة في الأنشطة الاقتصادية عالمياً.
تصور مستقبلي
استضافت جلسة «العبقرية في اتخاذ القرارات في أوقات الأزمات» البروفيسور دانيال كانيمان أستاذ علم النفس الحائز جائزة نوبل في العلوم الاقتصادية، بينما يشارك نيخيميا بيريز رئيس مركز بيريز للسلام والابتكار، وموريس ليفي رئيس مجلس إدارة مجموعة ببليسيس في جلسة «الابتكار في مد جسور السلام من أجل الازدهار».
واختتمت حوارات القمة العالمية للحكومات في يومها الأول بجلسة بعنوان: «ملاحظة العلامات ودراسة المعطيات: تصور مستقبلي للعقد القادم»، شارك فيها البرفيسور بول سافو مستشرف المستقبل وأستاذ الهندسة بجامعة ستانفورد، وكورين يوزيو رئيس تحرير مجلة «بوبيولار ساينس» في حوار حول ضرورة اتخاذ إجراءات حاسمة وفورية لحماية أفراد المجتمع من التحديات حالياً ومستقبلاً.
الابتكار أداة للسلام بين الشعوب
تمثل ثنائية الابتكار والسلام عاملاً محورياً في تحقيق الازدهار للشعوب والمجتمعات، وقوة دافعة لجهود تشكيل مستقبل العالم في مرحلة ما بعد جائحة فيروس كورونا المستجد «كوفيد-19».
وأكد المشاركون في جلسة بعنوان «الابتكار في مد جسور السلام من أجل الازدهار»، ضمن حوارات القمة العالمية للحكومات، أن العالم دخل مرحلة جديدة من تاريخه ما بعد جائحة فيروس كورونا المستجد «كوفيد-19»، تحول معها الابتكار إلى أداة للسلام بين الشعوب، وأشاروا إلى أن هذا التطور المدعوم بخطوات السلام الأخيرة في المنطقة، وخاصة الاتفاق الإبراهيمي، يمهد لتحويل الشرق الأوسط إلى واحة سلام تستند في اقتصادها على المعرفة والابتكار بفرص نمو هائلة.
وقال نيخيميا بيريز رئيس مركز بيريز للسلام والابتكار، خلال الجلسة التي أدارتها الإعلامية الأميركية بيكي أندرسون مديرة التحرير بمكتب شبكة «سي إن إن» الإخبارية في أبوظبي: إن العالم بعد حقبة طويلة من الحروب والنزاعات المسلحة يدخل مرحلة جديدة من التحديات تتصدرها جائحة «كورونا» التي كانت نقطة بداية لكثير من المجتمعات من أجل السعي نحو توحيد الجهود العالمية، وتخفيف حدة النزاعات للوصول إلى حلول مشتركة تخدم البشرية، وليصبح «الابتكار أداة للسلام».
وأشاد بيريز بدور الإمارات وحرصها على تعزيز السلام في المنطقة والعالم، وقال: «الإمارات تنظر إلى المستقبل برؤية إيجابية تتبنى السلام والابتكار، ويمكننا من خلال التركيز على هذين المحورين تحويل هذه المنطقة التي يشكل فيها الشباب دون 30 عاماً النسبة الأكبر، إلى منطقة مزدهرة».
وحدد مجموعة من المحاور الرئيسة لتعزيز التعاون الاقتصادي والابتكاري بين دول الشرق الأوسط، وقال: إن الذكاء الاصطناعي والحوسبة الكمّية على رأس ميادين التعاون المشترك.
ولفت إلى أهمية تطوير قطاع التعليم في المنطقة، وإلى وجود فرصة هائلة في عالم الإنترنت مع وجود 450 مليون مستهلك، يمكن ربطهم بمنصة رقمية واحدة.
الشرق الأوسط مركز جديد للقوة
قال موريس ليفي رئيس مجلس إدارة «ببليسيس» : إن العالم العربي لديه تاريخ متقدم جداً في العلوم والرياضيات، وهو مؤهل لمواصلة هذا المسار مستقبلاً في حال وجود عوامل التمكين الضرورية.
وأضاف: أن «السلام قد يفتح الباب أمام تشكيل منطقة جديدة مليئة بالفرص الاقتصادية والازدهار، ويمكن للشرق الأوسط أن يصبح على غرار أوروبا من حيث فرص التعاون الاقتصادي والعلمي والتكنولوجي، وأن يتحول إلى مركز قوة يوازي الاقتصادات الكبرى في العالم».
«القمة» تبحث أسس صناعة «قرارات الأزمة»
أكد البروفيسور دانيال كانيمان أستاذ علم النفس الحائز جائزة نوبل في العلوم الاقتصادية، وأحد مؤسسي علم الاقتصاد السلوكي، أن الاعتماد على الحدس والتوقعات غير العلمية يمثل «مصيدة معرفية» تفصل بين النجاح والفشل في إدارة الأزمات، وأن جائحة كورونا أثرت في مستوى ثقة الشعوب بقرارات حكومات بعض الدول، مشيراً إلى أن الطريقة المثلى لاستعادة الثقة تكمن في تبني ثقافة التروي لاتخاذ القرارات الصائبة في أوقات الأزمات، لأنها تضمن ازدهار الشعوب.
جاء ذلك خلال حديث كانيمان في جلسة «العبقرية في اتخاذ القرارات في أوقات الأزمات»، ضمن فعاليات حوارات القمة العالمية للحكومات.
وقال كانيمان خلال الجلسة التي حاورته فيها بيكي أندرسون مديرة التحرير بمكتب شبكة «سي إن إن» الإخبارية في أبوظبي: إن استشراف المستقبل ركيزة مهمة في استعداد الحكومات للأزمات، وقد تزايدت أهمية تبني الحكومات منهجيات التخطيط الاستباقي بشكل واضح خلال السنوات القليلة الماضية، مؤكداً أن العالم بحاجة ملحة لبناء نظم متينة تعزز الجاهزية للأحداث غير المتوقعة، وضمان الكفاءة في قراءة المؤشرات للتنبؤ بالأحداث الطارئة.
وأوضح أن استشراف المستقبل وتوقع الأحداث والطوارئ والأزمات والتخطيط لمواجهتها أصبح أكثر أهمية ضمن أجندة عمل الحكومات أكثر من أي وقت مضى، وتطرق دانيال كانيمان إلى الأخطاء التي يرتكبها البعض في عملية صنع القرار، وقال: «نحن نميل إلى الاعتماد على الحدس والتوقع أكثر من المنطق، علماً أن الأخطاء التي نرتكبها ليست عشوائية، فهناك نمط محدد لهذه الأخطاء يسمى التحيزات المعرفية».
وقال : إن جائحة «كوفيد- 19» فرضت واقعاً جديداً في العالم، وأجبرت الشعوب والحكومات والدول على التأقلم مع ظروف مختلفة للغاية عما اعتدناه قبل الجائحة، وعاش العالم لفترة في عزلة، وحالة من عدم اليقين، وتراجعت الثقة ببعض الحكومات في ظل ضعف المعلومات عن الوباء حتى بعد أكثر من عام على تفشيه، ما يؤكد الحاجة لتحول جذري في سلوكنا الإنساني.
ودعا كانيمان إلى استحداث آلية جديدة لصنع القرارات الحكومية تعتمد على التروي من أجل اتخاذ قرارات صائبة.
«لامركزية التمويل» كلمة السر لبناء اقتصاد مستقبلي متكامل
تحمل التكنولوجيا السحابية، وتقنيات الـ«بلوك تشين» آفاقاً جديدة وواسعة تعزز تبني الابتكار في تطوير نماذج مالية لامركزية والتمويل المباشر، وتمكين الأفراد وروّاد الأعمال من المساهمة في بناء اقتصادات رقمية مستقبلية أكثر استدامة وقوة.
وأكدت يوتا شتاينر الرئيس التنفيذي والمؤسس لـ«باريتي تكنولوجيز»، خلال جلسة بعنوان «التمويل اللامركزي من أجل بناء اقتصاد متكامل» ضمن أعمال «حوارات القمة العالمية للحكومات»، أدارها مانوس كراني الإعلامي في قناة «بلومبيرغ»، أن جائحة كورونا المستجد «كوفيد-19»، ألقت بظلالها على عدد من القطاعات، وحتمت على الأفراد البحث عن بدائل مرنة للعمليات المالية، لتمكينهم من مواصلة أعمالهم في مختلف الظروف بدلاً من الاعتماد على المؤسسات المصرفية التقليدية.
وقالت شتاينر إن مفهوم «التمويل اللامركزي» تطوّر بالاعتماد على نماذج العملات المشفّرة، وتقنيات الـ«بلوك تشين» التي تتيح للمتعاملين والمستثمرين التواصل المباشر في تحويل الأموال.
ملامح المستقبل بـ«عيون» أفريقية
أكد توني ايلوميلو رئيس مجلس إدارة شركة «إيرز هولدينغز» والبنك المتحد لأفريقيا، خلال مشاركته في «حوارات القمة العالمية للحكومات»، أن جائحة فيروس كورونا المستجد «كوفيد- 19»، تمثل رغم تحدياتها الصحية والاقتصادية الصعبة، فرصة لإعادة التفكير، وترتيب الأولويات الأهم لوضع القارة الأفريقية على مسار مستقبل مستدام، وتحديد أهداف المرحلة المقبلة برؤية عملية ومتفائلة، مشيراً إلى أن أفريقيا تشكل منصة عالمية واعدة للصناعة والتجارة، ومصدراً مهماً للموارد البشرية الماهرة.
وتطرق ايلوميلو خلال جلسة بعنوان: «المستقبل من منظور أفريقي: 2021 وما بعده»، أدارتها الإعلامية إيليني جيوكوس من قناة «سي إن إن»، إلى مجموعة من الموضوعات التي تشكل ملامح مستقبل القارة الأفريقية، من ضمنها استجابة دولها لتحديات جائحة «كوفيد-19»، إضافة إلى تحليل فرص البيئة الاستثمارية في أفريقيا، وسبل مكافحة الفقر، والارتقاء بجودة حياة أفراد مجتمعاتها.
وفي حديثه عن التأثير الاقتصادي للجائحة، أشار إيلوميلو إلى أن الناس لا يريدون الاعتماد على المساعدات الحكومية، فهم يعملون بجد ويمتلكون حس المغامرة، ويريدون إعالة أنفسهم وعائلاتهم والتعايش مع تحديات الجائحة، عبر تغيير أنماط الحياة والعمل».
دروس آسيوية في الاستعداد للتحديات
أكد ناندان نيليكاني، المؤسس المشارك لشركة إنفوسيس، خلال مشاركته في «حوارات القمة العالمية للحكومات» أن دول قارة آسيا ستكون سباقة عالمياً في سرعة تعافي اقتصاداتها من تبعات جائحة «كوفيد- 19»، كما كانت سباقة على صعيد مواجهتها صحياً، وذلك بفضل القفزات النوعية التي شهدتها بنيتها التحتية الرقمية، لافتاً إلى أن التحول الرقمي يشهد تفاوتاً واضحاً بين دول العالم مع توجه العديد منها نحو إنشاء أنظمتها الخاصة وتطوير بناها التحتية المستقلة.
وتطرق نيليكاني خلال حديثه في جلسة «المستقبل من منظور آسيوي: 2021 وما بعده» التي حاوره فيها سمير ساران رئيس مؤسسة أوبزيرفر للبحوث، إلى مجموعة من العوامل المهمة التي تساعد الدول الآسيوية على تحقيق إنجازات ملموسة في مواجهة جائحة «كوفيد- 19»، واستعادة عافيتها الاقتصادية وتعزيز دورها في انتعاش الاقتصادي العالمي.
ولفت إلى بوادر التعافي الاقتصادي التي يمكن تلمسها من خلال متابعة أداء الأسواق ومستويات الإنفاق في آسيا، قائلاً: «التعافي الاقتصادي سيأتي من المستهلكين، وأنا أرى ارتفاعاً في معدلات الاستهلاك في المنطقة الآسيوية، وهذا أمر جيد ويساعد على خلق الفرص الاقتصادية وتعزيز ثقة المستهلك».
وشدد نيليكاني على أهمية دور التقدم الرقمي والتكنولوجي في آسيا في جهود التصدي للجائحة وسرعة التعافي منها.وأوضح أن التحول الحاصل نحو عولمة الخدمات تعرض لبعض التحديات جراء جائحة «كوفيد- 19» مع وجود مصاعب في انتقال البضائع، وميل بعض الحكومات إلى فرض قيود تجارية على عمليات الاستيراد، ولكنه يرى أن عولمة الخدمات تتسارع، خاصة أن الجائحة «أظهرت قدرة البشر على العمل من أي مكان».
وقال نيليكاني: «نشهد توجه العديد من الدول الآسيوية لتبني استراتيجيات رقمية تعتمد على دمج أفضل الممارسات من كل مكان وفق الحاجة».
وتطرق نيليكاني إلى التجربة الهندية في توفير بنية تحتية تساعد على حرية الإنترنت ولا مركزيته، وهو نموذج يمكن للعالم بأسره التعلم منه.
إيدلمان: 2021 نقطة فارقة لحقبة جديدة بين الحكومات والمجتمعات
أكد ريتشارد إيدلمان الرئي
ف بين الحكومات، ومختلف فئات وأفراد المجتمعات، وسيمثل فرصة لتعزيز الشراكات مع وسائل الإعلام والقطاع الخاص لمواجهة تحديات التنمية العالمية والقضايا الأكثر إلحاحاً.
جاء ذلك، خلال مشاركته، أمس، في جلسة افتراضية بعنوان «ترسيخ الثقة والمصداقية في الجيل القادم من القادة»، ضمن فعاليات اليوم الأول لحوارات القمة العالمية للحكومات. وأضاف ريتشارد إيدلمان، خلال الجلسة التي حاورته فيها مينا العريبي رئيسة تحرير صحيفة «ذا ناشونال»، أن ترسيخ الثقة والمصداقية في الجيل القادم من القادة يدعم جهود صناعة مستقبل أفضل للمجتمعات البشرية، مشيراً إلى أن القضية الأكثر إلحاحاً اليوم هي الكفاءة والاستدامة وبناء القدرات والمهارات والقضاء على كافة أشكال التمييز.
وقال ريتشارد إيدلمان «إن جائحة (كورونا) أثّرت على تقييم أداء العديد من الحكومات في مختلف أنحاء العالم، وقد حققت الحكومات في منطقة الشرق الأوسط الكثير من الإنجازات والنجاحات في التعامل مع الجائحة».
«حوارات القمة» تستشرف مستقبل الإنسان والكوكب
شهدت المجتمعات الإنسانية خلال 30 عاماً مضت، تغييرات جذرية في المناخ وارتفاع درجات الحرارة، التي تعد واحدة من أهم التحديات التي تواجه البشرية في هذا القرن، والتي قد تجعل سكان الأرض لاجئين مناخيين خلال العقود الثلاثة المقبلة، وتجبرهم على النزوح إلى مناطق «أكثر أمناً»، إن لم تتعاون الدول، وتشكّل منظومة عمل مؤثرة ومتكاملة لإيجاد الحلول الشاملة للتحديات الملحة. شكل هذا المشهد معالم الجلسة الحوارية التي تحدث فيها البروفيسور بول سافو المختص باستشراف المستقبل وأستاذ الهندسة في جامعة «ستانفورد» بعنوان «ملاحظة العلامات ودراسة المعطيات.. تصور مستقبلي للعقد القادم»، والتي أدارتها كورين إيوزيو رئيسة تحرير مجلة «بوبيولار ساينس» ضمن أعمال «حوار القمة العالمية للحكومات».
وأكد بول سافو أن المجتمعات بحاجة إلى تشكيل منظومة عالمية متكاملة تسهم في تفعيل المبادرات الفاعلة لإيجاد حلول لتحديات المناخ، وتبني مفاهيم الحوكمة العالمية، ووضع نظريات للتعاون والتكامل والشراكات بين الدول بما يضمن إنقاذ كوكب الأرض خلال الأعوام المقبلة. وقال سافو: «لا نمتلك خياراً آخر سوى استصلاح كوكب الأرض بالطرق التقليدية، إذ تشير الأحداث التي جرت خلال الـ 12 إلى 24 شهراً الماضية إلى أننا نعيش في عصر تسود فيه الكوارث المناخية غير المتوقعة».
مستقبل «العملات الرقمية»
أكد المشاركون في جلسة حول مستقبل العملات الرقمية، ضمن «حوارات القمة العالمية للحكومات»، أهمية تبنّي الحكومات والمصارف المركزية والمؤسسات المالية أحدث حلول وابتكارات التعاملات الرقمية، ومواكبة نمو الطلب على منتجات الاقتصاد الرقمي والتجارة الإلكترونية وتطبيقات الحكومة الذكية.
شارك في الجلسة أنتوني يوريو المؤسس والرئيس التنفيذي لشركة لاليترال والمؤسس المشارك لشركة إثيريوم، ودينيل ديكسون الرئيس التنفيذي والمدير التنفيذي لمؤسسة ستيلر للتنمية، وبروك بيرس مؤسس شركة بلوك تشين كابيتال، وصقر عريقات خبير بلوك تشين واستشاري القطاع الحكومي في «آي بي أم»، واستعرضوا خلالها رؤاهم لمستقبل تكنولوجيا «البلوك تشين» التي يمكنها أن تؤدي إلى حلول العملات المشفرة محل البنوك والخدمات المصرفية في السنوات المقبلة. وأشار المتحدثون إلى أهمية مبادرة الحكومات لإقرار تشريعات مدروسة لتنظيم التعاملات الرقمية على نطاق أوسع في المعاملات الحكومية والتجارية، بما يضمن الشفافية، ويحمي الحقوق لجميع المتعاملين، ويعزز التحول الرقمي، ويخدم مجتمعات المستقبل الذكية.
واعتبر بروك بيرس، مؤسس شركة «بلوك تشين كابيتال» المتخصصة في مجال العملات الرقمية المشفرة، أن تبنّي الحكومات للعملات الرقمية قد يكون التحول المالي المقبل، وقال: إن العديد من الحكومات حول العالم تدرس إضافة العملات الرقمية إلى احتياطيات بنوكها المركزية، كما هي الحال مع الحكومة الصينية واليوان الرقمي، أو في سويسرا وسنغافورة اللتين بدأتا اعتماد رموز الأمان في التعاملات الرقمية.