السبت 23 نوفمبر 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
علوم الدار

حمدة الحمادي.. مسعفة دبي تفرغت لمواجهة كوفيد - 19

حمدة الحمادي.. مسعفة دبي تفرغت لمواجهة كوفيد - 19
2 مارس 2021 02:05

 دبي (الاتحاد)

على مدار عام كامل، قدم أبطال خط الدفاع الأول أمثلة كثيرة رسمت الخطوط العريضة والواضحة في كيفية التكاتف وتجاوز أقصى الحدود في سبيل حماية الغير وتغليب مصلحة المجتمع والإنسانية على المخاوف الفردية. ولا تعد التجربة التي خاضتها حمدة الحمادي استثناء عن هذه الأمثلة العظيمة، فلقد لبت نداء الواجب؛ وانخرطت في المعركة ضد جائحة «كوفيد - 19» متسلحة بخبرتها الطويلة مسعفة اعتادت مد يد العون والمساعدة للآخرين، فكانت أحد الجنود الذين دافعوا عن شعب الإمارات خلال هذه الفترة العصيبة، وكرمها مكتب فخر الوطن على جهدها الكبير وعملها المضني خلال فترة الجائحة.
 اعتادت حمدة، البالغة من العمر 31 عاماً، والتي تُعد أول مسعفة إماراتية تعمل في مجال خدمات الإسعافات الجوية بمؤسسة دبي لخدمات الإسعاف، مواجهة حالات الطوارئ الطبية التي تقف فيها على الحافة الفاصلة بين الحياة والموت. وعندما وصل فيروس كوفيد - 19 إلى الإمارات، وجدت نفسها على موعد جديد مع التحدي والمواجهة بصفتها اختصاصية رعاية صحية، فقبلت التحدي معرضة نفسها وأفراد أسرتها للخطر، ثم كان عليها أن تخوض معركتها الخاصة مع الجائحة عندما أصيبت هي وأفراد أسرتها بالفيروس وقضائها أسابيع عدة صعبة حتى كُتب لهم التعافي. 
 كانت حمدة مسؤولة عن الاستجابة لجميع مكالمات الطوارئ، بغض النظر عن كون المتصلين مصابين بـكوفيد - 19 أم لا؟ وكانت تعمل على اتخاذ القرار فيما إذا كان يمكن علاجهم في مكان البلاغ إن أمكن، أو ما إذا كانوا بحاجة إلى نقلهم إلى منشأة طبية بناءً على المعلومات الخاصة بهم والأعراض ومدى شدتها.
وحول هذه الفترة الصعبة، تقول حمدة الحمادي: «عشنا حيرة كبيرة، فقد تضاربت مشاعرنا بين رغبتنا الشديدة في مساعدة الآخرين خلال هذه الأوقات الاستثنائية، وبين خوفنا من إلحاق الضرر بعائلاتنا». 
 حلمت حمدة الحمادي في طفولتها بالعمل في مجال الطب، وكانت رغبة والدها أن تصبح يوماً ضمن طواقم الرعاية الصحية؛ لذا سارعت بالتقديم في إعلان وظائف إسعاف دبي، فور تخرجها في كليات التقنية العليا للطالبات، وعلى الرغم من المشقة الكبيرة التي كانت تنتظرها، فالصعوبة والمشقة هي سمات عمل المسعف؛ لذا توقع البعض أن تختار عملاً إدارياً مريحاً، لكن حمدة أبت إلا أن تكون دوماً على خط المواجهة، وأن تنحاز للجانب الإنساني في مهنة المسعف، واليوم لدى الحمادي 13 عاماً من الخبرة في هذا المجال الحيوي، لتتحول لأيقونة ملهمة لنساء الإمارات.
 وتقول حمدة: «كان أهلي يعلمون أن حلم والدي هو أن أعمل في مجال الرعاية الصحية، لكن أثناء دراستي، توفي والدي، وحاول بعض من حولي إقناعي بصعوبة العمل في هذا المجال وقالوا إنني بحاجة إلى مزيد من القوة البدنية وأن العمل خطير، لكنني مضيت نحو شغفي، وواصلت السير في هذا المجال وفي النهاية دعمتني عائلتي».
 كانت حمدة على موعد مع التضحية مع وصول فيروس كوفيد - 19 إلى دولة الإمارات في عام 2020، فغادرت مكانها في خدمة الإسعاف الجوي وعادت أدراجها إلى سيارات الإسعاف، وكانت من بين المجموعة الأولى من المسعفين المكلفين بالاستجابة للحالات المشتبه فيها. في بداية الجائحة، أصيبت حمدة ووالدتها وإخوتها الأربعة بكوفيد - 19، وكانت والدتها الأكثر تضرراً.
 وتتذكر حمدة ذلك الوقت قائلة: «كنا نتعرض لضغوط كبيرة، ونقضي فترات طويلة في مناوبات تصل مدتها إلى أكثر من 12 ساعة، ولم يكن العمل لفترة طويلة هو المشكلة، فقد كان أصعب ما نواجهه رؤية حالات حرجة لمصابين يكافحون من أجل التنفس، وقتها كنت أشعر بألمهم. وعندما أصبت بالفيروس أنا وأفراد عائلتي قضينا أسابيع صعبة وأتذكر عندما نقلوا والدتي إلى المستشفى؛ وعندما لم أتمكن من رؤيتها والاطمئنان على حالتها، شعرت بحزن شديد».
 وتتابع حمدة: «عندها طرحت العديد من التساؤلات على نفسي، مثل لماذا اخترت مثل هذه الوظيفة، ففي الوقت الذي كنا ندعو فيه الجميع للبقاء في المنزل معزولين عن الخطر، كنت وزملائي خارجاً نعمل في المجال الطبي ونواجه الخطر، لكن الجيد أن عائلتي كانت متفهمة ودعمتني، والحمد لله، تعافى جميع أفراد عائلتي، وعادت والدتي إلى المنزل بخير». عانت حمدة، أثناء الإصابة، من أعراض متوسطة الشدة، وتمكنت من العودة إلى العمل بعد الشفاء، ووصفت شعورها خلال المرض بـ «الضعف»، فقد تبدلت الأدوار، وبدلاً من أن تكون المسعفة صارت المريضة، ومع ذلك، ساعدتها التجربة على التعاطف أكثر مع المرضى عند عودتها إلى العمل، وقالت: «تجربتي الخاصة كمصابة بالفيروس مكنتني من فهم ما يمر به المرضى، وتفهمت أكثر الشعور الصعب أثناء نقل أحد أفراد الأسرة إلى المستشفى».

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©