بقلم محمد عبدالله القرقاوي
لا يطلق مسمى الصداقة على كل عابر يمر بحياتنا ... حتى لا يُقال "الأصدقاء يتغيرون" ..
تذكرت مقولة جبران وأنا أذكر مسيرتي معك.. مسيرتي مع صديق حقيقي .. من النوع الذي يصعب إيجاده .. ويصعب تركه .. ويستحيل نسيانه ..
جمعتنا منطقة واحدة في نشأتنا .. في أسواق ديرة القديمة ..
جمعتنا العلاقات الأسرية والأخوية.. جمعتنا الحياة الجميلة .. الأحلام الكبيرة ... التشابه الفكري.. الرغبة التي تملك كل شاب لتغيير العالم للأفضل ..
علاقاتي العملية معه -بعد العلاقات الأسرية- كانت مع بدايات حياتي العملية في الدائرة الاقتصادية عندما كان هو في غرفة التجارة ..
أكثر ما ميزه .. رقي أسلوبه .. وحسن منطقه .. وعمق ثقافته .. أعجبني أن يكون لي صديق مثله .. صديق يغذي عقلك بالأفكار .. وتستطيع أن تتبادل معه الآراء حول كل شيء وحول أي شيء .. وترسخت العلاقة بيننا أكثر ..
جمعني به العمل مرة أخرى في مجلس إدارة مؤسسة الإمارات للإعلام ( والتي أصحبت مؤسسة أبوظبي للإعلام لاحقاً) ... كان يؤمن بما يفعل .. كان يحدثني أن الإعلام هو صناعة يمكن أن تخلق ثقافة .. ثقافة يمكن أن تغير مجتمعاً .. وتغير دولة .. وتغير أمة ..
كنت دائما معجباً بنظرته الواسعة للحياة ..
بتحليله العميق والشامل لأية قضية أو مشروع ..
كان يعطيني بعداً جديداً في كل مرة أناقشه في أية مسألة ..
من مثلك يا صديقي ..
في الحياة الثابت الوحيد أنها في تغير مستمر .. وأنها لا تدوم على حال .. ومثلي مثل أي شخص .. مرت بي أزمات في مسيرتي .. كشفت لي عن وجوه من حولي .. وكشفت لي عن وجهه الحقيقي ..
كان رجلاً .. بكل ما تحمله الكلمة من معاني المروءة .. مخلصاً ناصحاً .. صاحب قيم وصاحب مبادىء وصاحب مواقف ..
قليلون مثلك يا صديقي ..
عملت معه بعد ذلك ١٥ عاماً في الحكومة الاتحادية .. أفكاره كانت أكبر بحكم المسؤوليات الأعظم التي تحملها في الحكومة..
إسهاماته واضحة .. بصماته باقية .. أخلاقه راقية مع جميع المسؤولين ..
١٥ عاماً لم يذكره لي شخص بسوء .. ١٥ عاماً وهو يوسع الآفاق في عمله .. ويصنع القيادات الشابة .. وينصح للقيادة .. ويخلص للوطن ..
نقاشاتي معه كثيرة .. وماتعة .. وجاذبة .. حتى لو اختلفت معه يكبر في عينيك .. وحتى لو ابتعدت عنه بحكم كثرة الأعمال يبقى قريباً منك باتصالاته.. وتواصله .. ومحبته .. ومجلسه المفتوح ..
من مثلك يا صديقي ..
عندما أتأمل في مسيرته .. أرى تنوعاً جميلاً وعميقاً .. أستاذ في العمل الأكاديمي .. مبدع في العمل الاقتصادي .. بارع في العمل السياسي .. واسع في نسج العلاقات الدولية .. لغته سهلة ممتنعة .. وحياته بسيطة ومنفتحة..
أفكاره تتلمس فيها الجمال .. لأنه فنان ..
صاحب ذوق فني راقي .. ولمسات في اختيار مقتنياته ولوحاته.. وفي اختيار تصاميم مكتبه وبيته .. وحتى في اختيار من حوله ..
من مثلك يا صديقي
أخ وقدوة وصديق كنت وستبقى يا دكتور أنور ..
ومتأكد بأن رحلتك القادمة ستكون مليئة بالمفاجآت الجميلة ..
أخوك محمد .