إيهاب الرفاعي (منطقة الظفرة)
«أرض اللؤلؤ وأقدم مستوطنة بشرية ساحلية»، هكذا دللت كتب التاريخ والوثائق على جزيرة «دلما»، في منطقة الظفرة بإمارة أبوظبي، التي شكلت بموقعها الاستراتيجي قبالة السواحل، مركز اهتمام كبار التجار والقوافل البحرية على مختلف تجارتها، وكذلك محط اهتمام الرحالة الذين دونوا قبل مئات السنين عن ازدهار تجارة اللؤلؤ وتبادل السلع في الجزيرة، وبقيت «دلما» تواصل رحلة تطورها حتى شهدت النقلة النوعية في عهد المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان طيب الله ثراه، بتوفير البنية التحتية اللازمة وإعمار الجزيرة وبناء المستشفيات والمدارس وشق الطرق وتنفيذ المشاريع المتنوعة التي تلبي احتياجات السكان وتطلعاتهم.
واليوم بفضل الرعاية الكاملة التي تحظى بها الجزيرة والمتابعة الحثيثة من سمو الشيخ حمدان بن زايد آل نهيان، ممثل الحاكم في منطقة الظفرة أصبحت معلماً بارزاً يحمل الحضارة والتاريخ والعراقة ويسرد أصالة الشعب الإماراتي.
وتضم «دلما» آثاراً تعود إلى أواخر القرن السادس وأوائل القرن الخامس قبل الميلاد، تمثل بقايا مستوطنة وجدت على الجزيرة، مع عدة قبور إسلامية قديمة، بالإضافة إلى آثار قرية من العصر الإسلامي المتأخر في غرب الجزيرة، حيث حرصت إمارة أبوظبي على الاهتمام بهذه الموروثات التاريخية من خلال إعادة صيانة وترميم تلك المباني التراثية والحفاظ عليها، والتي كشفت مراحل مهمة في حياة الجزيرة قديماً، وكيف انتشرت فيها الحركة الصناعية والتجارية بجانب صيد اللؤلؤ، وهو ما كشفت عنه المدابس القديمة التي عكست صورة للحياة داخل الجزيرة قديماً، ويعود تاريخ أول موطئ لقدم بشرية على أرض الجزيرة إلى العصر الحجري القديم العلوي قبل نحو 7000 سنة، والتي جذبتها وفرة المياه العذبة، والتي دللت عليها الأواني الفخارية المكتشفة والهاون المصنوع من الحجر الجيري، وأدوات تكسير الحجارة، ومجموعة متنوعة من الأصداف والخرز الحجري.
بيت المريخي
ويعد بيت محمد بن جاسم المريخي «متحف دلما الآن»، والذي تم تشيده عام 1835، أحد أهم العلامات البارزة والمميزة في حياة تجار اللؤلؤ والغواصين، مشكلاً نقطة تواصل حضاري بين التجار من مختلف الجنسيات، ويعد برلماناً مصغراً لمناقشة أحوال الصيد والغوص وتجارة اللؤلؤ آنذاك، وفيه تتخذ القرارات وتعقد الصفقات المرتبطة بحياة الناس وشؤون أعمالهم وحياتهم.
ولأن «المريخي» كان أشهر وأكبر تاجر لؤلؤ في جزيرة دلما.. بل والخليج العربي قاطبة، تحول منزله إلى ملتقى لتجار اللؤلؤ وسلع أخرى، ممن يأتون من دول مجاورة قاصدين دلما بغرض التبادل التجاري مع دول أخرى مثل السعودية واليمن والعراق وإيران والهند، فيوردون للجزيرة الأقمشة والبهارات والتمور والبن والفواكه والخضراوات، ويتزودون، في المقابل، بسلع ومنتجات مما اشتهرت به الجزيرة كالتمور واللؤلؤ والأسماك والمشغولات اليدوية والسيوف وأدوات الصيد. ساهم ذلك كله في جعل بيت المريخي أشبه بمجلس شورى للتجار، فتحول لمركز لتبادل المعلومات والأخبار الخاصة بالتجارة وصيد اللؤلؤ، فضلاً عن تحوله إلى أرشيف وسجل لتدوين أنصبة تجار اللؤلؤ من الأرباح وحصص الصيادين من رحلة الغوص.. وغيرها من معاملات تجارات أخرى.
وينقسم بيت المريخي إلى طابقين: أرضي يضم عدة غرف، منها غرفتان متجاورتان لتخزين المواد الغذائية التي يتم جلبها، تجاورهما غرفة ثالثة تحوي ثلاث مدابس متصلة بعضها ببعض، ومحفورة في الأرض على شكل أخاديد متجاورة، استخدمت لتسيح التمر وإعادة تصديره بوصفه أحد أهم منتجات الجزيرة. وفي الطابق الثاني من البيت يقبع المجلس، وقد خصص له سلم خارجي، حيث يستبين لناظره مدى تأثير القيم الدينية والتقاليد العربية الأصلية لسكان الجزيرة.. حيث مراعاة حرمة المسكن، والفصل بين مدخل الرجال والنساء، كون أسرة صاحب البيت تسكن الطابق الأرضي. في عام 1997 تحول بيت المريخي إلى متحف تراثي أثري، بعد الانتهاء من أعمال الصيانة والترميم، مع احتفاظه بقطع من الآثار كالخزف والزجاج والأواني الفخارية والمعادن والعملات العائدة للعصر الإسلامي، وتحديداً القرنين الثامن والتاسع عشر، كما يوجد بالمتحف كنوز أثرية ومبانٍ ومواقع تعود إلى آلاف السنين وفقاً لهيئات أثرية بريطانية. ويتبع متحف بيت المريخي بدلما الآن هيئة أبوظبي للسياحة والثقافة.
المدابس القديمة
وتتواجد في جزيرة دلما المدبسة القديمة التي كان يتم من خلالها استخراج الدبس من التمور، وبناء المدابس هي مهنة قديمة درج على امتهانها سكان الإمارات منذ فجر التاريخ، وعلى رغم تشابه الشكل العام في بناء المدبسة، فإن هناك فروقاً طفيفة في بنائها، وهناك نوع من التدرج في بناء المدبسة، من الأكثر بساطة إلى المدابس الأكثر تعقيداً.
ويتم تصنيع الدبس من خلال وضع التمور بغرفة صغيرة تسمى (الجصة أو المعصرة أو المدبسة) حيث تسوى الأرض وتبطن بالأسمنت أو الجص مع بعض الميل البسيط، ثم توضع مجموعة من الأخشاب الطويلة المربعة الشكل بشكل متوازٍ ليرص فوقها جريد النخل مكونة مجاري، ثم يرص فوق الأخشاب أكياس مملوءة بالتمر، وقد تكون الأكياس مصنوعة من خوص النخيل أو من البولي أثلين، وفي الحالة الأخيرة تثقب الأكياس حتى يكون هناك مجال لخروج الدبس، ويحفر على زاوية من زوايا تلك الحجرة أو الجصة حفرة صغيرة تسوى وتبطن بالجص، وذلك لجمع الدبس.
الطريق إلى دلما
يمكن للراغبين في زيارة جزيرة دلما الذهاب عن طريق البر إلى منطقة جبل الظنة (طريق الرويس من أبوظبي)، وعند جبل الظنة هناك موقف للعبارة وهي (الباخرة التي تقل المسافرين والسيارات إلى جزيرة دلما)، وهناك مواعيد للباخرة تختلف ما بين رحلتين إلى 3 رحلات يومية، حسب ضغط الركاب وأيام الإجازات والعطلات وزيادة الإقبال على الجزيرة.
وكانت دائرة النقل قد قامت بتطوير خدمة النقل البحري في الجزيرة، بتزويدها بعبارتين على أحدث مستوى من التميز والجودة والقدرة على مواجهة تقلبات الأحوال الجوية، ومزودة بأعلى معايير الأمن والسلامة البحرية، وهي العبارة «الظفرة» والعبارة «يميلة»، أما عشاق السفر الجوي، فيمكنهم الذهاب بالطائرة ليتمكنوا من رؤية الجزيرة من السماء، والتقاط صور جوية لها، حيث يتواجد مطار جوي داخل جزيرة دلما، مرتبط برحلات جوية شبه يومية مع مطار أبوظبي الدولي.
المساجد الأثرية
تتميز المساجد الثلاثة الموجودة في جزيرة دلما بمستوى عالٍ من الحرفية والبراعة في تصميم الزخارف الجصية الموجودة على النوافذ والأعمدة والأبواب وأفاريز الأسقف، حيث يُعتبر مسجد المهندي المعروف باسم «مسجد سعيد علي القبيسي» الوحيد من بين مساجد الجزيرة، الذي يجمع بين المحراب (نتوء في منتصف الجدار المواجه للقبلة) والمنبر (مكان مرتفع في المسجد يقف عليه الإمام لإلقاء الخِطبَة)، ويتميز مسجد الدوسري والذي كان يُعرف سابقاً باسم «مسجد سعيد جمعة القبيسي» بمُصلى ذي سطح مستوِ شُيّد من أخشاب شجر المانغروف وجرائد النخيل مع القصب المحبوك المغطى بالجص.
مشروعات تطويرية
شهدت جزيرة دلما على مدى السنوات الماضية، العديد من المشروعات التطويرية في مختلف المجالات وكافة القطاعات لتوفير الخدمات والبنية التحتية التي تلامس اهتمام واحتياجات السكن، حيث انتهت بلدية منطقة الظفرة من تنفيذ عدد من المشاريع التطويرية في عدد من المواقع المختلفة داخل جزيرة دلما، وذلك لتحسين البنية التحتية والمرافق داخل جزيرة دلما، وتوفير مرافق عامة وخدمية تلبي احتياجات السكان وتوفر لهم سهولة العيش وجودة الحياة.
وانتشرت داخل الجزيرة المساكن الحديثة وصيانة المساكن وأعمال إنارة الشوارع بشعبية خليفة وأعمال إنارة الطريق الدائري، وأقيمت المدارس المتطورة التي تلبي احتياجات العملية التعليمية وتتميز ببنية تعليمية على أعلى مستوى، كما توافرت فيها المرافق والخدمات العديدة التي تساهم في توفير سبل العيش الكريم والحياة الرغدة للسكان، وإنجاز العديد من الحدائق العامة والمتنزهات، وإنشاء الطريق الجبلي الجنوبي الغربي والطريق الجبلي الشمالي الغربي، وأعمال الحماية الصخرية للشاطئ خلف المستشفى ونادي السيدات.
خدمات صحية
تضم جزيرة دلما مستشفى طبياً متميزاً تابعاً لإدارة مستشفيات الظفرة، إحدى منشآت شركة أبوظبي للخدمات الصحية «صحة»، ويقدم المستشفى باقة متنوعة من الخدمات العلاجية والطبية المتطورة إلى سكان الجزيرة وفق أعلى المستويات العالمية، ويُعرف مستشفى دلما بأنه المرفق الوحيد للرعاية الصحية في الجزيرة، حيث يضم المستشفى الذي تم إنشاؤه عام 1985، مجموعة من التخصصات العلاجية والطبية ومنها الجراحة والباطنة والتخدير، والنساء والتوليد، والأطفال، والأنف والأذن والحنجرة، وممارس عام، وطب الطوارئ والأسنان، وطقم التمريض، بجانب فنيي المختبر وفنيي الأشعة والصيادلة وفني علاج طبيعي وفني أسنان. كما يضم مجموعة من الأقسام والخدمات، منها الطوارئ، والصيدلية، والأشعة والمختبر، وغسيل الكلى، والعلاج الطبيعي، والعمليات والولادة، وحضانات للأطفال، وعيادة الأمومة والطفولة، والعيادات الخارجية.
أرض خصبة للسياحة
تعتبر جزيرة دلما أرضاً خصبة للقطاع السياحي بفضل ما تضمه من تنوع حضاري كبير ومكتشفات أثرية عديدة تمثل مراحل تاريخية متنوعة، بجانب البنية التحتية المتميزة اللازمة لتنمية القطاع السياحي، هذا بجانب ما تتميز به الجزيرة من مقومات طبيعية ساحرة تجعلها مؤهلة لاحتضان العديد من الأنشطة السياحية المختلفة.
وحرصت دائرة النقل، بالتعاون مع طيران أبوظبي، على إطلاق خدمة للسياحة والسفر في جزيرة دلما، من خلال إنشاء مبنى لخدمات السفر في الجزيرة، بهدف تعزيز التعاون المشترك لتلبية احتياجات المواطنين القاطنين في جزيرة دلما والارتقاء بجودة الخدمات المقدمة لهم ولزائري الجزيرة.
وذكرت دائرة النقل أن المبنى الجديد سيسهم في زيادة حركة السفر من وإلى جزيرة دلما، ويختصر المسافة بين الجزيرة والمطارات الأخرى في إمارة أبوظبي.
وتشهد جزيرة دلما مشاريع فندقية ومنتجعات بقيمة 150 مليون درهم في جزيرة دلما؛ حيث يقوم القطاع الخاص بتطوير المشاريع، وتشمل هذه المشاريع ثلاثة فنادق ومنتجعات في جزيرة دلما.
الخضراوات والفواكه
اشتهرت جزيرة دلما بزراعة أنواع مختلفة من الخضراوات والفواكه التي يصعب نجاحها إلا في الجزيرة، نظراً لما تتمتع به من أرض خصبة ومياه عذبه منذ القدم، حيث تضم الجزيرة مساحات كبيرة من الأراضي الزراعية والمزارع، وتشتهر بزراعة أشجار الزيتون والحمضيات والخضراوات والأعلاف، كما تنتشر بها مزارع المواطنين التي تتم زراعتها بمختلف أنواع الخضراوات، والأعلاف التي يتم استهلاكها محلياً داخل الجزيرة.
تطوير ميناء دلما
أنجزت موانئ أبوظبي، إحدى الشركات التابعة لـ«القابضة» (ADQ)، أعمال المرحلة الثانية من مشروع تطوير ميناء دلما في إطار مساهمتها في خطة حكومة أبوظبي لتطوير منطقة الظفرة، وتقود موانئ أبوظبي جهود تطوير هذا الميناء الرئيس متعدد الأغراض في منطقة الظفرة، بالإضافة إلى تطوير بنى تحتية بحرية رئيسة أخرى في إمارة أبوظبي، ويهدف المشروع إلى تعزيز قدرات الميناء لتلبية حاجة المجتمع المحلي والمنطقة إلى خدمات نقل وتجارة وترفيه وصيد متطورة، حيث تساعد الأعمال التطويرية الجديدة في تسهيل حركة نقل البضائع، والعبّارات المخصصة لنقل المسافرين، والوسائل البحرية الترفيهية، وقوارب الصيادين.
شملت المرحلة الثانية من أعمال تطوير الميناء بناء جدار رصيف بطول 315 متراً، وعدد من المرافق الحديثة لتوفير خدمات متميزة تعود بالفائدة على جزيرة دلما والمجتمع البحري في منطقة الظفرة. ويسهم مشروع التوسعة الذي يؤمن المراسي لنحو 60 قارباً، في تسهيل انتقال قوارب الصيادين من ميناء دلما القديم إلى الميناء المطوّر.
أهالي دلما: كلمات حمدان بن زايد لامست القلوب والوجدان
كان لكلمات سمو الشيخ حمدان بن زايد آل نهيان ممثل الحاكم في منطقة الظفرة صدى كبير على مختلف الأصعدة في جزيرة دلما وانتشرت بين الجميع كبير وصغير وتحولت إلى مصدر فخر وسعادة لدى جميع السكان في جزيرة دلما الذين توجهوا بالشكر إلى القيادة الرشيدة التي لا تدخر وسعا لتطوير جزيرة دلما وتوفير كافة احتياجات السكان وتلبية متطلباتهم.
وأكد مهنا عبيد المهيري (من أهالي جزيرة دلما) أن كلمات سمو الشيخ حمدان بن زايد آل نهيان لامست القلوب والوجدان ودخلت قلب كل مواطن ومقيم داخل الجزيرة، وأن التلاحم القوي بين القيادة والشعب لا يوجد له مثيل إلا في دولتنا الحبيبة، موضحاً بأن القيادة الرشيدة كانت دائماً قريبة من المواطن وحريصة على توفير كافة احتياجاته، وهو ما ظهر واضحاً خلال جائحة كورونا والتي لم يشعر بها أي مواطن، وسهرت قيادتنا من أجل توفير كافة احتياجات السكان حتى ظلت الخدمات مقدمة على أعلى مستوى، مما يعكس مدى حرص القيادة على أبناء الشعب.
وأضاف محمد المهيري: إن كلمات سمو الشيخ حمدان بن زايد آل نهيان ممثل الحاكم في منطقة الظفرة «أن أهالي جزيرة دلما لهم مكانة غالية لدينا، ولا نود أن يكون هناك أي تقصير تجاههم، وندعوكم إلى متابعة جميع احتياجاتهم ومتطلباتهم وخاصة في مجال تأمين السكن الملائم للمواطنين وتحسين القطاعات التعليمية والصحية ومشاريع البنية التحتية ورفع تقرير بشأنها في ختام الزيارة، حيث وجهنا جميع الجهات المختصة بتلبية احتياجاتكم وتوصياتكم». لا تجد ما يتم وصفه بها من الإحساس والروعة التي كشفت مدى عمق اهتمام قيادتنا الرشيدة بجزيرة دلما وسكانها، وهو ليس بجديد على قيادتنا.
وقالت موزة هزيم القبيسي (من أهالي دلما): «نؤمن دائماً بجهود قادتنا وقياداتنا الرشيدة بأنهم لم ولن يتوانوا في توفير وتطوير أفضل الخدمات وأحدثها على مر الزمن لتحقيق متطلبات أنباء الجزيرة وتوفير احتياجاتهم، وحرصهم على تقديم أرقى وأجود الخدمات لجميع أهالي دلما، فلهم منا كل الشكر والتقدير على جهودهم واهتماهم الدائم ومتابعتهم الحثيثة لكل صغيرة وكبيرة، ودمتم ذخراً للوطن، وحفظكم الله ورعاكم وأدامكم لنا عزاً وفخراً».
وثمن هزيم حمد المزروعي جهود قادتنا حول تطوير الجزيرة
وتلبية متطلبات المواطنين فيها، وهذا يبين لنا أهمية دلما لقيادتنا الرشيدة التي لا تدخر جهداً لراحة المواطن والارتقاء به، مما يعكس المكانة التي يشغلها الشعب في فكر ووجدان قيادتنا الرشيدة.
وثمن سلطان المزروعي اهتمام القيادة الرشيدة بجزيرة دلما، مؤكداً أن اهتمام قيادتنا الرشيدة بالسكان وتلبية احتياجاتهم لا يتوقف، سواء من خلال اللقاءات أو الزيارات المستمرة للجزيرة، وكذلك المشاريع التي لا تتوقف، وهو ما يعكس حرص قيادتنا على الجزيرة، وكان آخرها كلمات سمو الشيخ حمدان بن زايد آل نهيان التي لامست القلوب والوجدان.
وأوضح سعيد الحوسني (من سكان الجزيرة)، بأن الكلمات تعجز عن التعبير عما يشعر أهالي دلما من حب وولاء نحو قيادتنا الرشيدة التي لا تدخر وسعاً لإسعاد الشعب، موضحاً بأن التركيز على قطاع اللؤلؤ لما له من أهمية كبيرة لأهالي المنطقة؛ كون دلما تمثل جزءاً مهماً من تاريخ تجارة اللؤلؤ في الخليج العربي واشتهرت تاريخياً بهذه التجارة، إضافة إلى اعتماد أهالي دلما عليها، سيكون له آثار إيجابية عديدة على سكان الجزيرة والمهتمين باللؤلؤ.
وأشار طحنون راشد علي (من سكان دلما)، إلى أن الجزيرة شهدت خلال السنوات الماضية نهضة شاملة في كافة القطاعات ومختلف المجالات، وهو ما يؤكد أن قيادتنا الرشيدة حريصة على تقديم كل ما من شأنه الارتقاء بالمواطن، حيث انتشرت المدارس والمستشفيات والمساكن والمرافق الخدمية والبنية التحتية، وغيرها من المشاريع التي تلبي احتياجات المواطن في جزيرة دلما وتوفر له الأمن والراحة والرخاء، فشكراً قيادتنا الرشيدة على جهودكم التي لا تتوقف لراحة الشعب والمواطن والارتقاء بالوطن.
وبين فتحي محمد (من سكان جزيرة دلما)، أنه يشعر بالفخر لوجوده على أرض دلما، وأن الجزيرة منذ وجوده على أراضيها وهي تشهد تطوراً ونهضةً مستمرةً في كافة المجالات والقطاعات، وأن الخدمات المقدمة تعكس مدى حرص القيادة الرشيدة على توفير كافة مقومات الحياة الكريمة للسكان، مؤكداً أن جزيرة دلما تزخر بالعديد من المواقع الأثرية والسياحية التي تستحق أن يشاهدها الجميع، نظراً لما تمثله من مكانة تاريخية عريقة ومكتشفات يصعب وجودها إلا في جزيرة دلما.
تاريخ الأجداد
الباحث الإماراتي خالد بن عيد بن محمد بن جاسم المريخي، ابن دلما، وأحد أبنائها، وحفيد محمد بن جاسم المريخي وهو أحد أكبر تجار اللؤلؤ والذي كان منزله ملتقى للتجار من مختلف أنحاء العالم، وتحول منزله حالياً إلى متحف يضم أهم المقتنيات الأثرية والتراثية في الجزيرة، حرص على توثيق المراحل التاريخية في جزيرة دلما من خلال كتاب «جزيرة دلما والغوص على اللؤلؤ في الوثائق البريطانية»، استطاع من خلاله الإبحار في المكتبة البريطانية والأرشيف البريطاني للاطلاع والبحث عن الوثائق التي أعدها المسؤولون البريطانيون عن جزيرة دلما، سياسياً واقتصادياً واجتماعياً، واستعرض الكاتب الأسماء المختلفة التي أطلقت على الجزيرة ومن بينها «درة الجزر»، و«بومباي الخليج»، و«باريس الساحل»، إذ شهدت تألقاً لسنوات طويلة، واستمدت بريقها من اللؤلؤ المستخرج من أعماق شواطئها والمغاصات القريبة منها، ففي الموسم كان يقصدها تجار من كل صوب، فتقام الأسواق، وتشرع الصفقات على ساحل الجزيرة، ففي تلك الآونة من السنة، كانت تزدحم الجزيرة التي كان عدد سكانها محدوداً «إلى عشرة أضعاف مقارنة ببقية أوقات العام، بسبب قدوم السفن ونواخذتها والطواويش وصيادي اللؤلؤ والغواصين من إمارة أبوظبي وغيرها من الإمارات المتصالحة، وكذلك تجار اللؤلؤ الذين كانوا يأتون إليها من مناطق بعيدة، وخاصة من الهند، بحثاً عن اللؤلؤ، الذي كان يعتبر سلعة هامة في منطقة الخليج العربي ومن أهم مصادر الدخل – إن لم يكن أهمها جميعاً – للسكان والحكام على حد سواء. كان عدد سكان دلما المقيمين بصفة دائمة في الجزيرة حتى بداية القرن الماضي لا يتعدى خمس عشرة أسرة، وهو ما أكده لوريمر (عمدة المسؤولين البريطانيين الذين كتبوا بإسهاب عن الخليج العربي) في تقريره لعام 1904، حيث ذكر أن دلما يقيم بها 15 أسرة في قرية صغيرة وبرج في المنطقة الغربية من الجزيرة». وتضاعف عدد سكان الجزيرة خلال فترة بسيطة، ليصل إلى نحو 600 شخص، في عام 1937، حسب تقرير للمعتمد البريطاني، كما يذكر خالد المريخي في كتابه، مشيراً إلى أن الجزيرة كانت نقطة استقطاب بشري منذ حقب زمنية بعيدة، وهو ما تنطق به الاكتشافات الأثرية التي عثرت عليها بعثات التنقيب في الجزيرة، مؤكدة أن السكان لم يكونوا بمعزل عن الحضارات المجاورة، وتشهد على ذلك الآبار العذبة (تذكر إحدى الروايات أن دلما كان يوجد بها 200 بئر للمياه).