هالة الخياط (أبوظبي)
«دع المكان أنظف مما كان» دعوة وجهها مرتادو البر ومحبو رحلات التخييم للحفاظ على ديمومة هواية التخييم، وحماية أماكن البر للأجيال القادمة، وأكدوا «أن حماية البيئة يجب ألا تكون، وألا ينظر إليها كقضية خاصة بالجهات الرسمية فقط، بل هي مسألة تهمنا جميعاً... إنها مسؤولية الجميع ومسؤولية كل فرد في مجتمعنا، مواطنين ومقيمين».
وتشكل الرحلات البرية متنفساً وسط جمال الطبيعة وهدوئها وصفائها، وممارسة هوايات متصلة بالبر، ينعش من خلالها هواة التخييم قيم وتقاليد البداوة، ويتعرفون على التنوع البيئي الغني في الصحراء، بعيداً عن صخب المدينة.
ونظراً للإقبال المتزايد من الجمهور على الأماكن البرية، مستفيدين من الأجواء الشتوية المميزة، وفي خطوة نحو الحفاظ على مكنونات البيئة البرية تنفذ الجهات المعنية حملات توعية لمرتادي البر ومالكي العزب للتوعية بالممارسات البيئية غير الضارة بالطبيعة، وانتهاج سلوكيات تحقق مبادئ السياحة البيئية المسؤولة، وتوفر الحماية للتنوع البيولوجي، ونظافة البيئة.
تعزيز الأواصر الأسرية
وروى عيسى الهاشمي، من محبي رحلات البر، أن العديد من المواطنين والمقيمين يستهويهم الذهاب إلى التخييم، لا سيما أن أبرز فوائده تعزيز الأواصر الأسرية، حيث يوفر فرصة مناسبة للأهل للجلوس مع بعضهم دون وجود لأجهزة التواصل الاجتماعي التي تؤثر على حياة الكبير والصغير، كما يخلق لدى الأطفال الشعور بالمسؤولية والعمل الجماعي أثناء التحضير لرحلات التخييم ونصب الخيام.
ومن أبرز السلبيات التي تلاحظ في البر، أشار الهاشمي إلى أن إلقاء المخلفات في أماكن التخييم، وهو ما يضر بالصحة العامة، كما أن المخلفات المتراكمة تجمع الدواب غير المرغوب بها. ولفت إلى أن القيادة غير الآمنة والإضرار بالمناطق الصحراوية يعدان من الممارسات السلبية يلجأ إليهما بعض المخيمين بما يذهب المتعة بالمكان، ويضر بالمصلحة العامة.
وقال الهاشمي: عندما نذهب إلى الصحاري لنشاهد الطبيعة التي تزينها أشعة الشمس في الصباح وينيرها ضوء القمر في الليل، ناهيك عن أمواجها الرملية الساحرة بمنظرها الجذاب وأشجارها التي تتغذى على خيراتها كل دابة تعيش في أحضان الطبيعة، ولكن أحياناً ما تلاحظ زيارات البعض من الهواة إلى هذه الصحاري في أوقات مختلفة ليظهروا قيادتهم وسيطرتهم على المركبات التي تمشي بسرعات عالية ومزودة بأجهزة تجعلها تمشي بسرعات وبأصوات مزعجة، إضافة إلى الضرر الذي يلحق بالصحاري وبالطبيعة ومن يسكن فيها، وهذه الأفعال لا ترضي أي شخص بالغ وعاقل.
وأضاف: «تجاه ذلك، تصدر دائماً جهاتنا الشرطية قيوداً وبنوداً على ما تمارسه هذه الفئة من الشباب، ونصيحتي لهم أن يتجنبوا العبث بالطبيعة، وأن يذهبوا إلى المناطق الصحراوية بهدوء، وأن يجلسوا في الأماكن المخصصة وعند مغادرتهم يتركون المكان أفضل مما كان».
الرمي العشوائي
ورصدت الجهات المعنية في مدينة أبوظبي مجموعة من المخالفات التي يقوم بها هواة رحلات التخييم في البر، وتمثلت في الرمي العشوائي للنفايات وترك المكان غير نظيف، بالإضافة إلى رمي الأكياس والطعام المكشوف، وعدم الالتزام بجمع المخلفات.
ويعد ترك النفايات العشوائية في أماكن التخييم من أكبر التحديات التي يتم رصدها في مواقع التخييم لأثرها السلبي على البيئة وتشويهها لجمال الطبيعة، كما يشكل خطراً على الكائنات الحية وخصوصاً الجمال، لا سيما أن تطاير الأكياس البلاستيكية وانتشارها في البر يؤديان إلى نفوق الكثير من الحيوانات، فأكل هذه الأكياس يؤدي إلى انسداد القناة الهضمية أو الجهاز التنفسي، وخاصة الرئتين والقصبات الهوائية في الحيوانات التي تبتلعها، ما يؤدي إلى نفوقها أو مرضها أو فقدان شهيتها، وبالتالي انخفاض إنتاجها، سواء من اللحوم أو الحليب.
وأكدت هيئة البيئة - أبوظبي أهمية تفاعل الجمهور الإيجابي مع مجتمعهم ورغبتهم في الارتقاء بمدينتهم، والمحافظة على البيئة، والابتعاد عن الممارسات السلبية ومظاهر الاعتداء عليها، بما في ذلك رمي المخلفات، كبقايا الطعام أو النفايات الورقية والبلاستيكية في المتنزهات البرية وفي أماكن التخييم، بما يشوه جمال الطبيعة.
وأطلقت «الهيئة» حملة مجتمعية عبر منصاتها الرقمية بعنوان «دارنا مسؤوليتنا»، وجهت العديد من النصائح التي تتيح للجمهور الاستمتاع بالطبيعة، تزامناً مع الأجواء الشتوية، والتخطيط للمغامرات بأفضل طريقة ممكنة مع وضع حماية البيئة في الاعتبار.
حماية التراث الطبيعي
ودعت فايزة الصيعري اختصاصي أول برامج التوعية في هيئة البيئة - أبوظبي محبي رحلات البر، والراغبين في قضاء لحظات لا تنسى في أحضان الطبيعة واستكشاف الجمال الطبيعي لإمارة أبوظبي، إلى المساهمة في حماية التراث الطبيعي، والمحافظة على الأماكن الطبيعية، ومعرفة قيمتها الحقيقية، والحفاظ عليها كما لو كانت جزءاً من ممتلكاتهم الخاصة.
وأشارت إلى خطورة رمي الأكياس البلاستيكية، لكونها مادة قاتلة للحياة الفطرية إذا استهلكت وأكلت، كما أن ترك النفايات يتسبب في انبعاث روائح كريهة من المخلفات التي يتركها البعض وراءهم، وتحرم غيرهم من المتنزهين من البقاء في البر والاستمتاع بأجوائه الجميلة، فضلاً عن الأضرار التي تخلفها تلك المخلفات على التربة لما تحتويه من عناصر ضارة تلوث البيئة بشكل عام والتربة بشكل خاص، كما يساهم في استقدام بعض الحيوانات الدخيلة للمنطقة، ومنافسة الحياة الفطرية المحلية في الموائل.
وأكدت أهمية الالتزام بالقيادة في المسارات الواضحة بالمناطق الصحراوية، وتجنب القيادة على النباتات، لكونها غذاءً رئيساً للماشية، وملجأً للحيوانات للابتعاد من حرارة الشمس.
ودعت إلى شراء الحطب من المحال ومحطات الوقود، وليس من الباعة المتجولين، ليكون لهم دور في الحد من التعدي على الأشجار، وعدم قطع الأشجار والنباتات البرية؛ لأن في ذلك تهديداً للبيئة الصحراوية، بالإضافة إلى اختيار الأماكن الآمنة والمناسبة لإشعال النار عند التخييم، بعيداً عن الأشجار والجحور، والتأكد من نظافة المكان قبل المغادرة.
ولفتت الصيعري إلى ضرورة المحافظة على البيئة ومواردها الطبيعية، والتقيد بالأنظمة المتعلقة بتنظيم الصيد، بما في ذلك القانون رقم «22» لسنة 2005 بشأن تنظيم الصيد البري بإمارة أبوظبي الذي يمنع، وفقاً للبند «6» من المادة «4» من القانون، نصب أي نوع من الفخاخ أو إقامة مراكز التمويه أو استعمال أدوات بقصد الإمساك بالطيور، وأي من الحيوانات الفطرية البرية الأخرى.
العزب والبيئة
دعت بلدية مدينة أبوظبي إلى ضرورة تطبيق كافة الاشتراطات عند إقامة العزب، ومنها الحفاظ على البيئة المحيطة خالية من المخلفات والتلوث ضماناً لسلامة الحياة البرية، كما يلتزم صاحب العزبة بعدم استخدام الأضواء الكاشفة ومكبرات الصوت، والالتزام بحدود الموقع طبقاً للإحداثيات الموضحة في التصريح، وعدم الإخلال بالنظام العام أو التقاليد وردم أي حفريات يتم عملها داخل موقع المخيم، إلى جانب وضع لوحة رقمية للمخيم على المدخل.
وعن إجراءات السلامة في المخيمات الشتوية، أكدت البلدية ضرورة إحضار طفاية الحريق، وتجنب استخدام البنزين لإشعال النار، والتأكد من جود حقيبة الإسعافات الأولية، وتجنب النوم قرب الفحم أو الحطب أو مكان مغلق، واتباع احتياطات الأمان عند قيادة الدراجات النارية بكافة أنواعها خصوصاً خوذة الرأس، والالتزام بالإجراءات الاحترازية للوقاية من فيروس «كورونا»، والتباعد الجسدي، وترك مسافة آمنة، ولبس الكمامات والتعقيم وغسل اليدين.
5 أطنان حجم النفايات اليومية المجمعة من أماكن التخييم
أوضح مبارك سهيل العامري مدير إدارة مشاريع الجمع والنقل في مركز أبوظبي لإدارة
النفايات «تدوير» أن الجمهور يزداد توافدهم على مناطق البر بشكل مكثف خلال فصل الشتاء،
وخاصة عطلات نهاية الأسبوع، مبيناً أن تمركز وجود الجمهور يكون في الأماكن التالية: منطقة الختم، طريق قرية بوذيب، بحيرة الوثبة، سبخة الحفار، رملة النهضة، مخيم الفاية الشتوي، طريق العدلة، الشوامخ، وبحر منطقة ربدان.
وأشار إلى أن المركز يخصص خلال هذه الفترة عدداً من القوى العاملة والمشرفين للتعامل مع النفايات في المناطق التي تشهد إقبالاً من الجمهور، وتتراوح كمية النفايات التي يتم جمعها من 3 - 5 أطنان من النفايات من مناطق التخييم يومياً.
وأوضح العامري أن المركز يقدم خدمات النظافة العامة للمناطق التي يرتادها محبو التخييم في البر للحفاظ على البيئة والمظهر العام، ويراعي توفير العمالة اللازمة والمعدات والحاويات على المداخل الرئيسة لتلك المناطق وعلى امتداد الشوارع الرئيسة، إضافة إلى توفير سيارات دفع رباعي لسهولة تنقل العمال لجمع النفايات المتبعثرة بشكل عشوائي والمتروكة من قبل الجمهور في المناطق المرتادة يومياً مع مشرفين.
ولفت إلى أن هنالك تعاوناً من قبل الجمهور الذين يقومون برمي المخلفات في المواقع المخصصة، ولكن يترك بعض المرتادين النفايات في مواقع التخييم من غير وعي ومسؤولية مجتمعية بما يؤثر على المظهر العام، وعلى مستوى تقديم الخدمات على الرغم من توفير حاويات مخصصة لها، إضافة لذلك، يقوم بعض المرتادين بالعبث بالحاويات المتواجدة في مناطق التخييم كصدمها بالمركبات أو إلقاء نفايات مشتعلة تتسبب في إتلاف الحاويات.
وحول أبرز التحديات التي تكون في مناطق التخييم، أشار العامري إلى أنها تتمثل في الرمي العشوائي للنفايات، وفي غير المواقع المخصصة لذلك، الاستخدام الخاطئ للحاويات، وضع أكياس النفايات بطريقة عشوائية مما يؤدي إلى تطاير النفايات منها، مبيناً المركز أن الرمي العشوائي يكبد المركز تكلفة تشغيلية مضافة، وتؤدي إلى تشتيت جهود المركز في المناطق المرتادة من قبل محبي البر والتخييم.
وبين أن دور المركز يتمثل في الرقابة والتفتيش لمتابعة أداء الشركات المشغلة المقدمة للخدمات البيئية ومراقبة المناطق، بحيث يتم التأكد من نظافتها وتوجيه الشركات نحو زيادة الموارد المطلوبة عند الحاجة، والتأكد من بقاء المناطق نظيفة لمرتادي البر.
وينصح العامري بالتزام الجمهور المقبل على رحلات التخييم بمتطلبات الصحة والسلامة، جمع ووضع النفايات في داخل الحاويات المخصصة، ونقل النفايات إلى الأماكن المخصصة لها، ترك أماكن التخييم نظيفة وخالية من أي نفايات.
الممارسات الخاطئة
وأكد يوسف الحمادي، وهو من هواة التخييم، أن من أبرز الممارسات الخاطئة التي تلاحظ في مناطق التخييم، ترك المخلفات وردم النيران المشتعلة «الفحم» في الرمال، والتي تستغرق أياماً عدة حتى تتحول إلى رماد تام وتنطفئ بشكل كلي وآمن، بما يلحق الضرر بزوار البر.
وأشار إلى أنه على الرغم من قيام الجهات المعنية بتنفيذ برامج توعية ووضعها لوحات تعريفية بأماكن رمي النفايات والفحم المشتعل، وضع غرامات على المخالفين وتعريف الجمهور بها، إلا أن هذه السلبيات لا تزال مستمرة.
وينصح بتحديد مواقع وأماكن معينة خاصة بالتخييم، مع وضع شروط لها واضحة للجميع وغرامات صارمة وتوفير كافة المرافق أو الخدمات، مثل أكياس القمامة، كما يؤكد أهمية وجود مفتشين ومراقبين في كافة مناطق التخييم لتفعيل الرقابة، وتقديم التوعية والنصح.
ويؤكد الحمادي، ضرورة التزام هواة التخييم بحماية المكان الذي يقصدونه، واصطحاب كافة، ما يلزم لضمان عدم رمي النفايات، وترك المكان أفضل مما كان كون نظافة برّنا مسؤوليتنا جميعاً.
وطالب الحمادي بأن تكون هناك معايير موحدة للخيام التي يتم وضعها في أماكن البر، وأن تكون مصنوعة من مواد غير قابلة للاحتراق، بالإضافة إلى تأكيد أهمية التزام رواد البر بشراء الحطب من الأماكن المعتمدة.
مراقبة السلوكيات
أشار حسام متولي «مقيم» مهتم بالتخييم، إلى أن هناك فئات من المجتمع لا تأبه أو تكترث بموضوع البيئة والمحافظة عليها، مشيراً إلى أن الشباب المراهقين بحاجة إلى توعية وتثقيف في هذا الجانب، حتى لا تكون هناك سلوكيات خاطئة ومخالفة في أماكن التخييم ورحلات البر.
ولفت إلى أن هناك تهوراً من فئة الشباب المراهقين عند استمتاعهم بمركباتهم وقيادتها بطريقة طائشة، ما يتسبب في إلحاق الأذى للناس الجالسين في مخيماتهم أو إحداث الصوت العالي المزعج الذي يثير ضوضاء وضجيجاً وجلبة في المكان الذي يريد الناس قضاء وقت من الراحة والاسترخاء فيه بعيداً عن صخب المدينة.
وأكد أن المصلحة العامة تقتضي مراقبة هذه السلوكيات المخالفة من قبل دوريات الشرطة، ناهيك عن مخلفات الطعام والشراب التي يرميها بعض الناس من المواطنين والمقيمين، الأمر الذي يهدد البيئة والطبيعة، وينشر التلوث في هذه الأماكن.
غذاؤكم في ترحالكم
من خلال نصائح توعوية للبر بثتها هيئة أبوظبي للزراعة والسلامة الغذائية عبر منصاتها الرقمية، أكدت «الهيئة» أهمية استخدام أدوات الطعام ذات الاستعمال الواحد لتفادي التلوث العرضي المسببة لانتقال الأمراض، بالإضافة إلى التأكد من فصل الدجاج واللحوم النيئة عن المأكولات المطبوخة أو الجاهزة للأكل، مثل الخضراوات والفاكهة عبر وضعها في أكياس عازلة، مع ضرورة وضع كميات كافية من الثلج في الصندوق المخصص لحفظ الأغذية، والمحافظة على نظافة الأيدي وكافة الأدوات المستخدمة في تحضير الطعام.
وتنصح «الهيئة» باستخدام الفحم الطبيعي أو الأخشاب أثناء عملية الشواء مع تركها بعيدة عن مكان التجمع، بحيث يتم التخلص من جميع أبخرة الكربون والغازات السامة قبل استخدامها.
وفي ظل الإجراءات الاحترازية للوقاية من «كوفيد - 19»، تنصح «الهيئة» بارتداء الكمامة عند الخروج إلى البر، والابتعاد عن مناطق التكدس والازدحام، والاحتفاظ بمسافة التباعد الآمن بمسافة لا تقل عن 1.5 متر، حفاظاً على سلامتك، ومنعاً لانتقال العدوى، والحرص على غسل الأيدي باستمرار واستخدام معقم اليدين كإجراء إضافي.