أبوظبي، لندن (وام)
حين افتتح «مركز زايد لأبحاث الأمراض النادرة لدى الأطفال في لندن» أبوابه في 2019 كان يتطلع لاستقبال آلاف المرضى ومئات الأطباء والباحثين، للعمل معاً تحت سقف واحد لتطوير علاجات للأطفال المصابين بأمراض نادرة ومعقدة.
لكن الأمر اتخذ منحى آخر، فحين اجتاح وباء «كوفيد-19» العالم في وقت سابق من هذا العام، سخر المركز جميع كوادره الطبية وأنشطته وخبراته ومرافق أبحاثه لدعم المستشفى في معالجة المرضى وفي الأبحاث الخاصة بالوباء، لمعرفة المزيد عن الفيروس، واطلاع المسؤولين على كل ما يتعلق به.
ولهذه المهمة فقد اختير «مركز زايد للأبحاث» بمرافقه المتطورة ذات المستوى العالي وطاقتها الاستيعابية الضخمة، لصنع النسخة المطلوبة من الفيروس واستخدامها في تجربة أول تحد بشري لتطوير لقاح ضد «كوفيد-19» والتي تم الإعلان عنها في شهر أكتوبر الماضي.
فضلاً عن ذلك، أجرى الباحثون اختبارات على عينات أخذت من المصابين من الموظفين والمرضى الآخرين لإخضاعهم للعلاج، وتمكنوا من تتبع أكثر من 1300 قاعدة أو حرف جيني في الجينوم المسبب لـ«كوفيد-19»، ما يساعد العلماء في التعرف على التغييرات التي تطرأ على الفيروس بمرور الوقت، ومن ثم معرفة كيفية انتشاره بين فئات مختلفة من السكان.
وقالت البروفيسور مها بركات، مدير عام مكتب فخر الوطن: «كان مركز زايد مرناً وسريعاً جداً في استجابته لتحديات الوضع الحالي، وقد أعاد تحديد الأولويات في برامج أبحاثه ليضع في مقدمتها إجراء الأبحاث الخاصة بكوفيد-19.. وتمكن المركز من تسخير جميع أدواته وآليات عمله وخبرته المنهجية، واضعا الابتكار وتقديم الدعم والعون نصب عينيه.. ونحن فخورون جداً بمساهمتهم في التصدي لحالة الطوارئ العالمية هذه».
وقال البروفيسور جوديث من مستشفى جريت أورموند ستريت وكلية لندن الجامعية التي كان لها دور رئيس في قيادة جهود البحث منذ أبريل 2020: «يأتي عملنا استكمالاً لجهود المملكة المتحدة في تسجيل التسلسل الخاص بالجينوم المسبب لـ«كوفيد-19»، والتعرف على كيفية انتشار الفيروس في بريطانيا.. كما أننا نستخدم هذا التسلسل في تجربة الأدوية والعقاقير ومعرفة تأثيرها، ويتصل ذلك اتصالاً مباشراً بالعمل الجاري في مركز زايد لبحث تأثير الفيروسات على الأطفال».
وأشار جوديث إلى دور المركز بمرافقه وتصميمه الحائز جوائز في تمكين الباحثين والأطباء من مواجهة الصعاب على مدى أشهر قليلة حافلة بالتحديات.
وأضاف: «يتميز المركز بكونه مكاناً مناسباً للعمل، وتجلى ذلك بالدرجة الأساس حين اضطررنا لتطبيق التباعد الجسدي، فقد أتاحت لنا مساحته الواسعة إمكانية التكيف والاستجابة لمتطلبات العمل الآمن أثناء انتشار الوباء.. ونحن محظوظون بالعمل في هذه المرافق المتميزة التي تضاهي خبرة الفرق العاملة على مدار الساعة لتمكيننا من الارتقاء بمستوى الرعاية التي نقدمها للأطفال المصابين بأمراض خطيرة».
وعن العام الأول للمركز، قالت لويز باركس، الرئيسة التنفيذية لمؤسسة مستشفى جريت أورموند الخيرية للأطفال: «إن الهدف الذي نسترشد به ويحفزنا لبذل جهد استثنائي هو إحداث تغيير جذري في حياة الأطفال المصابين بأمراض خطيرة، والقادمين من أنحاء مختلفة من المملكة المتحدة لتلقي الرعاية الصحية في مستشفى جريت أورموند ستريت.. ومن الطبيعي أن يكون لمركز زايد دور محوري في الأبحاث الخاصة بفيروس كوفيد-19 نظراً لكونه مركزاً مخصصاً للأبحاث التي يؤمل أن تثمر نجاحاً في معالجة الأمراض النادرة.. حين احتفلنا بافتتاح مركز زايد للأبحاث في عام 2019، لم نكن نتخيل للحظة أننا سنعمل في ظروف كهذه بعد عام واحد فقط من افتتاحه، مضيفة: إن المركز تجسيد فعلي لما يمكننا تحقيقه بالعمل المشترك».
شكر
قالت مات شو، الرئيس التنفيذي لمستشفى جريت أورموند ستريت: «يمثل التعاون أحد الأركان الرئيسة لعملنا والرعاية التي نقدمها للأطفال المصابين بأمراض خطيرة، وهذا هو الوقت الأمثل لذلك - ونحن نواجه تحديات فيروس كوفيد-19.. إن وجود مرفق يتيح لمستشفى جريت أورموند ستريت وكلية لندن الجامعية العمل جنباً إلى جنب، أمر في غاية الأهمية، ونحن ممتنون لجميع العاملين في مؤسساتنا ومراكزنا من علماء وباحثين وأطباء لتفانيهم وتضافر جهودهم التي كان لها الدور الأكبر في تحقيقنا هذا الكم من الإنجازات في هذا الوقت القصير».
وأعربت عن شكر مركز زايد لمعهد «انغلاند ريسيرتش»، ومؤسسة وولفسون، ومؤسسة جون كونولي واوديلي غريفيث، ومؤسسة ميد فاميلي لدعمها وتبرعاتها السخية التي كان لها الفضل في إنشاء مركز زايد للأبحاث الذي انبثق عن شراكة بين مستشفى جريت أورموند ستريت وكلية لندن الجامعية ومؤسسة مستشفى جريت أورموند الخيرية للأطفال.
جدير بالذكر أن «مركز زايد للأبحاث» كان قد افتتح قبل عام بفضل منحة سخية بقيمة 60 مليون جنيه إسترليني قدمتها سمو الشيخة فاطمة بنت مبارك، رئيسة الاتحاد النسائي العام، رئيسة المجلس الأعلى للأمومة والطفولة، الرئيس الأعلى لمؤسسة التنمية الأسرية.