يوسف البستنجي (أبوظبي)
أكد خبراء اقتصاديون أن التزام دولة الإمارات باستمرار الإنفاق على المشاريع التنموية ضمن المستويات نفسها المنفذة خلال السنوات الماضية، رغم الآثار التي خلفتها جائحة «كوفيد- 19» على الاقتصاد المحلي والعالمي، إنما هو رسالة ثقة للمستثمرين والشركات، وتحفيز لهم على المزيد من الاستثمار في السوق المحلية.
وأوضح الخبراء لـ«الاتحاد»، أن اعتماد ميزانية بنفقات تتجاوز 58 مليار درهم- رغم تراجع الإيرادات بسبب إجراءات الإغلاق التي شهدتها السوق المحلية، والإعفاءات من الرسوم التي أقرتها الحكومة خلال الأشهر الماضية، إضافة إلى الدعم الذي قدمته الحكومة للسكان والشركات والمستثمرين- يؤكد من جديد القوة المالية التي تتمتع بها دولة الإمارات من جهة، والتزامها ببرامجها التنموية من جهة أخرى.
واعتمد مجلس الوزراء، برئاسة صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، أمس، الميزانية العامة للاتحاد 2021، بإجمالي مصروفات تقديرية تبلغ 58 مليار درهم.
إنجاز جيد
وقال نجيب الشامسي مدير عام مركز المسار للدراسات الاقتصادية والنشر، إن توقيت الإعلان عن اعتماد ميزانية 2021 هو إنجاز جيد بحد ذاته؛ لأن هناك دولاً تتأخر في اعتماد الميزانية، بينما هذه أولوية لدولة الإمارات.
وأضاف: إنه تم التأكيد على استمرار الحكومة في تنفيذ مشاريع التنمية في دولة الإمارات، واستمرار الاستراتيجية التنموية المعتمدة التي لم تتأثر بالظروف غير الطبيعية التي نتجت عن الجائحة.
ولفت إلى أن دولة الإمارات تملك صناديق سيادية، ومنها صندوق سيادي هو ثاني أكبر صندوق سيادي بالعالم، ما يؤكد الملاءة المالية للدولة في تعاملاتها داخلياً وخارجياً، وأن الثقة بالقوة والملاءة المالية للدولة تعزز ثقة العالم بها وباقتصادها.
وقال: من المعروف أن اقتصاد دولة الإمارات هو ثاني أكبر اقتصاد عربي من حيث الناتج المحلي الإجمالي.
إضافة لذلك، فإن الإمارات تتبوأ المركز الأول عربياً في جذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة، وهو مؤشر على ثقة العالم والمستثمرين بالدولة واقتصادها.
وأوضح الشامسي أنه خلال فترة «الجائحة» أيضاً أرسلت الدولة مؤشرات إيجابية للعالم، تؤكد سلامة اقتصادها، وهي مؤشرات تكمن في توقيع وإنجاز العديد من الاتفاقيات الدولية التي أبرمتها العديد من الشركات الحكومية، ومنها شركة «أدنوك»، مع شركات عالمية ومستثمرين متعددي الجنسيات لجذب للاستثمار في قطاعات اقتصادية مهمة وحيوية تسهم في دعم زيادة حصة القيمة المضافة في المنتج الوطني خلال المرحلة المقبلة. وأضاف: كذلك أطلقت الإمارات مشروع مسبار الأمل الفضائي، وهو أحد المشاريع المهمة التي جذبت انتباه العالم لدولة الإمارات كمركز استثماري وتكنولوجي ومالي وابتكاري على مستوى العالم. وختم حديثه: تأتي الميزانية المعلن عنها، أمس، لتعزز ثقة العالم بهذا التوجه وهذه الرؤية.
الكثير من الثقة
من جهته، قال محمد علي ياسين الرئيس التنفيذي للاستراتيجيات والعملاء في شركة «الظبي كابيتال»، إن اعتماد المصروفات التقديرية بأكثر من 58 مليار درهم في عام 2021، إنجاز جيد من حيث المستوى في ظل الظروف غير الاعتيادية التي خيمت على الاقتصاد الوطني، والتباطؤ الذي شهدته السوق المحلية نتيجة الإغلاق، والإجراءات التي تم اتخاذها في مواجهة وباء «كوفيد 19» منذ شهر مارس 2020.
وأضاف ياسين أن حجم الميزانية يعتبر جيداً في ظل تباطؤ الاقتصاد، وتأثير ذلك على عمليات السفر والسياحة، وإنتاج القيمة المضافة عامة.
وأضاف: إن الإعلان عن الميزانية في هذه المرحلة يعطي الكثير من الثقة بأن دولة الإمارات ستستمر في مشاريعها التنموية الرئيسية حتى لو كان هناك تباطؤ في الإيرادات، نتيجة الإعفاءات الكثيرة التي أعلنت عنها الحكومة، وتخفيض الرسوم خلال فترة الجائحة، لمساعدة السكان والاقتصاد والشركات.
وقال: هذا شيء إيجابي يدعم التعافي الاقتصادي، ويشجع الشركات والمستثمرين الذين يتطلعون لهذه المشاريع الحكومية، وهذا يساعد في إدارة دوران العجلة الاقتصادية، ويؤكد أن الحكومة تنظر للمشاريع التنموية كأساس لدعم عودة الاقتصاد لمستوياته الطبيعية في عام 2021.
رؤية تنموية
قال حسام الحسيني المحلل المالي، إن الميزانية المعلن عنها تظهر التزام الحكومة بالاستمرار في الإنفاق ضمن المستويات نفسها التي شهدها الاقتصاد المحلي على مدى السنوات الأربع الماضية تقريباً، وهو أمر مطمئن للمستثمرين والشركات ورجال الأعمال، بغض النظر عن الظروف غير الطبيعية التي واجهها السوق المحلي خلال العام الحالي.
وأضاف أن هذه الميزانية تنسجم مع الرؤية الاقتصادية والتنموية العامة لدولة الإمارات، ما يعد مؤشراً مهماً لتعزيز الثقة باقتصاد الدولة.
وأكد أن حجم الميزانية العامة الاتحادية يعتبر مطمئناً رغم الانخفاض الطفيف في النفقات، لكنه مقارنة مع الدول الأخرى يعتبر محفزاً ومطمئناً للشركات والمستثمرين، حيث إن ميزانيات الدول الأخرى شهدت خفضاً بالغاً في الإنفاق المقرر للعام المقبل، نتيجة انخفاض الإيرادات خلال العام الجاري، كل هذا لا ينطبق على دولة الإمارات التي تضع ثقلها وقوتها الاقتصادية والمالية خلف رؤيتها التنموية، الأمر الذي يشكل عامل جذب للاستثمارات والشركات ورجال الأعمال للدولة.