شدد معالي الشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان وزير التسامح والتعايش على أن تجربة الإمارات الناجحة تؤكد أن تحقيق التسامح والسلام في المجتمع، وما يصاحب ذلك من تلاحم مجتمعي قوي، ومنافع مهمة لجميع السكان وإرساء موقع مرموق بين أمم العالم أجمع، إنما يتطلب توافر عوامل متعددة، أهمها وجود قيادة حكيمة وشعب مسالم حريصين معا على تحقيق كل ما يرتبط بالتسامح والسلام من تقدم إنساني واجتماعي واقتصادي، إضافة إلى وجود مؤسسات للتعليم والإعلام تؤدي دورها بنجاح وتشريعات ملائمة، تدعم تكاتف جميع الأفراد والأسر وجميع مؤسسات المجتمع، من أجل مكافحة التعصب والتطرف في إطار بيئة مجتمعية متكاملة تحث على احترام الآخر والتمسك بالقيم والمبادئ الإنسانية، التي يشترك فيها جميع البشر في هذا العالم.
جاء ذلك خلال افتتاح معاليه منتدى التسامح الرابع الذي نظمته دار زايد للثقافة الإسلامية اليوم، عبر منصاتها في مواقع التواصل الاجتماعي، بعنوان «الإمارات وطن التسامح والسلام» بمشاركة نخبة من الباحثين والأكاديميين المختصين في مجالات التسامح والتعايش والسلام من داخل الدولة وخارجها.
وقال معالي الشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان إن منتدى التسامح الرابع، إنما يسعى إلى تسليط الضوء، على دور التسامح والتعايش والسلام، في مسيرة هذه الدولة الرائدة، وأن يكون هذا الوطن دائما، وبعون الله، قادرا على استيعاب جميع أفراده ومؤسساته، وجعلهم معا، قوة إيجابية، تجسد بالسلوك والإنجاز، حب الخير، وتقدم المجتمع والعالم، والحرص على تحقيق الأخوة الإنسانية، بين البشر في كل مكان.
وأشار معاليه إلى أن «التسامح والسلام في الإمارات تجسيد حي، لتعاليم الإسلام الحنيف، وتعبير طبيعي عن الاعتزاز بالهوية الوطنية، والافتخار بعظمة تراثنا الخالد، وتاريخنا المجيد إضافة إلى كونه استجابة رائعة، للتحديات التي تواجه المجتمع والعالم وانعكاسا لموقع الدولة المرموق، الذي جعل منها، ملتقى مهما، لأصحاب الحضارات والثقافات الإنسانية، عبر الأزمنة والعصور».
وقال معاليه: إن «هذا المنتدى تأكيد على جميع هذه المبادئ وتعبير قوي عن اعتزازنا بالإرث الخالد الذي تركه فينا مؤسس الدولة المغفور له الوالد الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، وهو الذي أرسى دعائم النموذج المرموق للإمارات، في التسامح والتعايش والأخوة الإنسانية.. لقد كان الوالد زايد، رحمه الله، يؤكد لنا دائما أن الصفاء بين البشر، والحوار والتواصل الإيجابي بينهم، والسعي إلى تحقيق العدل والمساواة، وحقوق الإنسان للجميع هو طريق أكيد لتحقيق الخير والرخاء في المجتمع والعالم. إننا نحمد الله أن قادة الدولة الكرام، يسيرون على نفس النهج، ويدعمون بكل قوة رؤية القائد المؤسس لمكانة التسامح والسلام في تشكيل حاضر ومستقبل الوطن. إننا نعبر اليوم عن اعتزازنا البالغ بقيادتنا الحكيمة، وقناعتها القوية بالدور المحوري للتسامح والأخوة الإنسانية في تحقيق التنمية الناجحة في المجتمع والوطن والعالم».
واختتم معاليه كلمته بتوجيه دعوة للمشاركين والمتحدثين وقال: «إنني أدعوكم اليوم في هذا المنتدى إلى التأكيد بكل قوة على أن حرصنا على التسامح والسلام، إنما هو تجسيد لأصالة تاريخنا، وعراقة هويتنا، وحكمة قادتنا، والقيم والمبادئ، التي يحظى بها هذا الشعب المعطاء، بل وتعبير عن ثقتنا الكاملة بموقعنا الرائد في المقدمة والطليعة بين دول العالم أجمع. وليكن ذلك كله رسالة قوية من الإمارات إلى العالم عن الدور المهم للتسامح في تحقيق السلام والتقدم، والقضاء على ظواهر العنف والتشدد في كل مكان. ليكن ذلك كله مجالا لنشر النموذج الرائد في التسامح والأخوة الإنسانية لدولتنا الحبيبة في أنحاء العالم، وقناة فعالة لتبادل الأفكار والخبرات المفيدة مع كافة الأمم والشعوب والمؤسسات في هذا العالم».
حضر المنتدى معالي الدكتور مغير خميس الخييلي، رئيس دائرة تنمية المجتمع، ومعالي الدكتور حمدان مسلم المزروعي رئيس مجلس إدارة الهلال الأحمر الإماراتي، والدكتور محمد عتيق الفلاحي رئيس مجلس إدارة دار زايد للثقافة الإسلامية، والدكتور يوسف عبدالله العبيدلي مدير عام مركز جامع الشيخ زايد الكبير، ومحمد جلال الريسي المدير التنفيذي لوكالة أنباء الإمارات/ وام/ وسعيد محمد النظري مدير عام الهيئة الاتحادية للشباب، وأعضاء مجلس إدارة دار زايد للثقافة الإسلامية، وأصحاب المعالي مديري العموم في القطاع الاجتماعي في أبوظبي.
تناول المنتدى خمسة محاور، وأدار الحديث خلاله الإعلامي محمد الكعبي، وتحدث عن أبعاد التسامح والتعايش السلمي الفكرية والفلسفية.
وأكد معالي الدكتور مغير خميس الخييلي، رئيس دائرة تنمية المجتمع، أن أبوظبي تواصل مسيرتها النموذجية في غرس مفهوم وثقافة التسامح والتعايش بين شعوب العالم في مكان واحد، وسط بيئة مثالية آمنة، وتعزيز جودة الحياة الكريمة لجميع أفرادها من المواطنين والمقيمين.
وقال معاليه «يأتي منتدى التسامح الرابع امتدادا للجهود والقيم الإماراتية ومبادئ السلام والأثر العالمي الذي تم تحقيقه على أرض الواقع، عبر نشر روح التسامح بين مختلف الشعوب، وهو ما ساهم في تعزيز مكانة دولة الإمارات خارجيا. لقد قاد الوالد المؤسس المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان -طيب الله ثراه- مسيرة النهضة والتنمية، وفق أسس رصينة مبنية على قيم التسامح والتلاحم المجتمعي والترابط الأسري، حتى أصحبت أبوظبي تشكل نموذجا حضاريا ومنارة للتسامح. وقد خلد التاريخ اسمها في العديد من المواقف الدولية، إذ ارتبط اسم العاصمة بمساعيها الحثيثة نحو إحلال السلام والتآلف بين كافة الشعوب حول العالم».
وأضاف «أصبحت أبوظبي نموذجا عالميا يحتذى في التلاحم المجتمعي بفضل القيادة الرشيدة، وانعكس ذلك في تعزيز مبدأ التسامح وتخصيص عام يرمز لذلك، إضافة إلى رفع جودة حياة المقيمين بشعورهم بالثقة والأمان في أبوظبي وممارسة طقوسهم الدينية بما يعود بالنفع على الجميع، عبر تعزيز هذا المفهوم وتقوية الترابط المجتمعي بين الجميع».
من جانبه، أكد معالي الدكتور حمدان المزروعي أن المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان - طيب الله ثراه- يعتبر نموذجا في هذا العصر في التسامح والتعايش المشترك. فالإرث الذي خلفه الشيخ زايد مع دور القيادة الرشيدة للإمارات انعكس على جميع مجالات الحياة في الإمارات، مؤكدا أن الإنسان المتسامح إنسان محبوب ومنتج ومتعاون.
وعن فلسفة التسامح والتعايش والسلام في الإمارات، أشار الدكتور يوسف عبدالله العبيدلي مدير عام مركز جامع الشيخ زايد الكبير إلى شغف المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان - طيب الله ثراه - في التسامح والتعايش. فقد كان حريصا على اكتشاف المناطق الأثرية والحفاظ عليها. وجاء تأسيس جامع الشيخ زايد الكبير ليكون منارة وصرحا يرمز إلى التعايش والتسامح والسلام.
وقال: «لقد ساهمت قيادة دولة الإمارات في وضع قواعد وأسس مفهوم التسامح والتعايش بين أكثر من 200 جنسية تقيم على أرض الإمارات، وتمكنت من الحفاظ على الخطاب الديني بين مختلف الأديان».
وحول عصر الفضاءات المفتوحة ودور الإعلام في تماسك ومتانة النسيج الوطني وصناعة السلم المحلي والعالمي، أكد محمد جلال الريسي المدير التنفيذي لوكالة أنباء الإمارات/ وام/ أن هناك تحديا ودورا كبيرا ومهما يقوم به الإعلام في ترسيخ قيم التسامح والسلام.
وقال: «استطاع الإعلام الإماراتي أن يكون نموذجا في طرح المحتوى الإعلامي المناسب في مجال ترسيخ وتعزيز قيم التسامح والتعايش المشترك»، لافتا إلى أن «إعلام الإمارات يحاور اليوم أكثر من 200 جنسية وديانة بطريقة تناسب الجميع وتحافظ على قيم التعايش والتلاقي والتواصل بين البشر مهما كانت اختلافاتهم».
وتحدث سعيد محمد النظري، مدير عام الهيئة الاتحادية للشباب عن حوار التعايش ودور الشباب في صناعة السلام وتعزيز ثقافة التسامح. وقال: «احتفلنا منذ عام بكوننا نملك أقوى جواز سفر في العالم ما يؤكد المعدن النفيس لشعب الإمارات. فكثير من شباب العالم يتمنى أن يحظى بالفرص المتاحة لشباب الإمارات في التعليم والعمل من قبل القيادة الرشيدة التي وضعت ثقتها فيهم».
وأضاف أنه «في ظل الجائحة العالمية التي يمر بها العالم اليوم، يشارك شباب الإمارات في وضع الخطط للأعوام الخمسين القادمة مسلحين بالقيم الإسلامية الأصيلة محبين للعلم والعمل باجتهاد».
وعن أسس بناء جسور الثقة والسلام والعيش المشترك، قال البروفيسور حامد تشوي أستاذ بجامعة ميونغجي بكوريا الجنوبية: «إذا نظرنا إلى محور الثقافة الإسلامية وأسسها، فإننا نجد أسسها ترتكز على محورين أساسيين: الأول هو القرآن الكريم، والثاني هو سنة رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم. وعلى هذا الأساس، تدور الثقافة الإسلامية. فلقد جاء الإسلام ليحقق السلام في الأرض ويربط المجتمعات فيما بينها برابط المودة والتسامح بين أفرادها ومجتمعاتها ما يوفر الوئام في البلاد والاستقرار للحياة الاجتماعية. لذا، فإن للسلام أهمية كبيرة في استقرار الأسرة وبه يستقر المجتمع الدولي اقتصاديا وسياسيا».
من جانبها، قالت الدكتورة نضال محمد الطنيجي المدير العام لدار زايد للثقافة الإسلامية إن تنظيم الدار للمنتدى، للعام الرابع على التوالي تحت شعار «الإمارات وطن التسامح والسلام»، يأتي انسجاما مع استراتيجية حكومة أبوظبي وجهودها الحثيثة لإرساء أسس «السلام الدولي» وتقديم العون الإنساني ودعم نهج سياسات التسامح والانفتاح والتعايش الذي قامت عليه دولة الإمارات العربية المتحدة، وفق رؤية سديدة من القيادة الرشيدة وتحقيقا لتطلعات دائرة تنمية المجتمع في بناء مجتمع متماسك مبني على التسامح واحترام الآخر.
وأوضحت أن منتدى التسامح الرابع لهذا العام يستهدف تعميق قيم التسامح والانفتاح لدى مختلف شرائح المجتمع، والاحترام المتبادل، وحفظ الكرامة الإنسانية، وتأصيل التعايش والتسامح عند الشباب باعتبارهم أمناء قيم الثقافة الإماراتية، بالشراكة بين دار زايد للثقافة الإسلامية والجهات المجتمعية ذات الصلة، إضافة إلى إثراء قيم التسامح والتعايش المشترك عبر المنصات الإعلامية والرقمية المتنوعة من أجل تحقيق الألفة بين البشر على تنوع واختلاف أديانهم ومعتقداتهم وثقافاتهم ولغاتهم، وذلك من خلال تناول «منتدى التسامح» قضايا حياتية مختلفة في مجالات عدة، ومرتكزات فكرية وفلسفية وإنسانية وثقافية وقانونية وإعلامية محليا وعالميا إبرازا لقيم التسامح والسلام في دولة الإمارات العربية المتحدة.