السبت 23 نوفمبر 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
علوم الدار

«مزن سات» ينطلق إلـى الفضاء اليوم

«مزن سات» ينطلق إلـى الفضاء اليوم
28 سبتمبر 2020 01:37

ناصر الجابري (أبوظبي) 

ينطلق اليوم القمر الاصطناعي المكعب «مزن سات»، والذي يعد أول قمر اصطناعي يتم تصنيعه بالتعاون بين جامعتين بالدولة، وهما جامعة خليفة والجامعة الأميركية برأس الخيمة، وذلك بإشراف عام من وكالة الإمارات للفضاء، حيث سينطلق عبر صاروخ «سويوز» الروسي، من قاعدة بليسيتسك الفضائية في روسيا، وذلك في الساعة الثالثة و20 دقيقة مساء. 
وتتمثل الفائدة العلمية التي سيقدمها «مزن سات» في قياس كميات انبعاثات غازات الانحباس الحراري، وبالتحديد غازا الميثان وثاني أكسيد الكربون وتوزعهما في الغلاف الجوي، باستخدام كاشف بالأشعة تحت الحمراء ذات الموجات القصيرة، وسيتم رصد ومعالجة وتحليل البيانات التي يرسلها إلى المحطة الأرضية في مختبر «الياه سات»، التابع لجامعة خليفة، إضافة إلى المحطة الفرعية الأرضية في الجامعة الأميركية برأس الخيمة.
ويتمثل الهدف الرئيس من المشروع في بناء القدرات والكوادر المواطنة، وإدخالهم ضمن مشروع فعلي للأقمار الاصطناعية، حيث يسهم المشروع في منحهم الخبرات المطلوبة والمعارف العلمية اللازمة حول بيئة العمل الشبيهة بالأقمار الاصطناعية، انطلاقاً من أهمية منح المسؤولية والتواجد ضمن إطار حقيقي تنفيذي، والذي يمثل تجسيداً للدور الهام للكوادر الشابة في رفد قطاع الفضاء بالمزيد من المنجزات. 
وسيستفيد من القمر الاصطناعي وبياناته مجموعة من الجهات البيئية والعلمية في الدولة، نظراً لدوره في جمع المعلومات البيئية لإجراء دراسات عن ظاهرة المد الأحمر على سواحل الدولة، والتي تؤثر سلباً على البيئة المائية والثروة السمكية، كما سيشكل فرصة لتدريب مجموعة جديدة من الطلبة على كيفية قراءة البيانات واستقبالها من القمر الاصطناعي، واستعمال أجهزة الاتصالات مع القمر، وكيفية تحليلها وتقديمها للجهات المعنية في الدولة.
ويضم «مزن سات» 3 أجهزة علمية، منها مقياس طيفي بالأشعة تحت الحمراء ذات الموجات القصيرة التي تتراوح بين 1000 و1650 نانومتراً، حيث يقوم المقياس بدراسة توزيع غازات الانبعاث الحراري في الغلاف الجوي، إضافة إلى كاميرا رقمية لتوضيح عملية الاستشعار عن بعد، ولدعم مستوى دقة الإرشاد الخاص بالمقياس الطيفي، كما يضم مجموعة من المكونات التي تتضمنها أنظمة الدعم الفرعية للقمر، وتتمثل في الهيكل الميكانيكي والطاقة والحاسوب الرئيسي للقمر، وأنظمة الاتصالات ونظام التوجيه والتحكم، والتي تسهم في رصد ومعالجة وتحليل البيانات التي سيرسلها القمر.

تأثير إيجابي
 أكد مجموعة من المهندسين المشاركين ضمن مشروع «مزن سات» لـ«الاتحاد»، أن التأثير الإيجابي للقمر الاصطناعي شمل 5 محاور رئيسية، تتمثل في تعزيز وعيهم حول برنامج الإمارات الفضائي ومستهدفاته المستقبلية الاستراتيجية، إضافة إلى إنجاز المعرفة الفعلية حول طريقة بناء الأقمار الاصطناعية، وتعزيز التواصل وتبادل الخبرات بين الطلبة من مختلف المؤسسات الأكاديمية، كما ساهم المشروع في استقطابهم وجذبهم لدراسة وتعلم المزيد حول العلوم الفضائية، والاستفادة من المعارف والدورات العلمية التثقيفية في صقل المهارات الشخصية. 

  • علي الطنيجي
    علي الطنيجي

وقال المهندس علي الطنيجي: تعد تجربة العمل على القمر الاصطناعي «مزن سات»، إحدى التجارب التي لا تنسى، نظراً لدورها العلمي والمعرفي في التعريف بآلية العمل على المهام والمشاريع الفضائية المختلفة، ولأنها شكلت تجربة هامة في صقل المهارات وتطبيق العلوم عملياً، وتعزيز المعرفة حول قطاع الفضاء ودور برنامج الإمارات الفضائي، كما شملت التجربة فرصة في الاستفادة من قدرات كل طالب، ضمن آلية تستند إلى التعاون الجماعي. 
وأضاف: عملت ضمن المشروع على ضمان ثبات القمر الاصطناعي خلال تواجده في المدار واستطاعته تحمل الظروف المحيطة عبر ضمان التوازن، إضافة إلى قدرته على تحمل درجة الحرارة في الفضاء، حيث بخلاف الأرض، هناك ظروف متغيرة يتسم بها الفضاء، وقد تسبب تبايناً ملحوظاً في درجات الحرارة في أجزاء القمر الاصطناعي، بما يفرض أهمية إيجاد الحلول العلمية التي تضمن أداء القمر لمهامه العلمية المتمثلة في جمع البيانات، خاصة التي تتعلق بغازات الانحباس الحراري. 
وأشار إلى أن أبرز التحديات تتمثل في الحسابات الفيزيائية والعلمية المعقدة الخاصة بالفضاء، خاصة لوجود اختلاف بين البيئة في الأرض والفضاء، لافتاً إلى أنه استفاد من تخصصه في الهندسة الميكانيكية، خاصة في الآليات والمفاهيم المرتبطة بالانتقال الحراري والصيانة والأوزان، كما ساهمت تجربة العمل في إضافة المزيد من المفاهيم العلمية الجديدة، والتي أدت إلى صقل المعرفة الشخصية بالنظريات العلمية المرتبطة بالفضاء. 
ولفت إلى أنه عمل خلال فترة دراسته في المرحلتين الثانوية والجامعية على عدد من المشاريع العلمية، إلا أن شعور الترقب لإطلاق مزن سات يختلف عن بقية المشاريع، لأنه مشروع واقعي يمنح فائدة علمية لدولة الإمارات ومؤسساتها الأكاديمية وجهاتها البيئية، كما أنه سيكون أول مشروع فضائي يتم بالتعاون بين عدد من جامعات الدولة، وهو الأمر الذي سيكون له بالغ الأثر في ترسيخ مكانة الدولة الفضائية، وتعزيز قدراتها وإمكانياتها نحو تحقيق الاستدامة في البرنامج الفضائي الوطني.

  • هيا راشد العجال
    هيا راشد العجال

ومن ناحيتها، قالت المهندسة هيا راشد العجال: عملت ضمن المشروع في فريق هندسة نظام المحاكاة للقمر الاصطناعي، والذي يختص بتشغيل برنامج خاص بالأقمار الاصطناعية وإجراء عمليات المحاكاة للقمر، وتشغيل الكاميرات ونظم العمل الخاصة بالقمر، بما يضمن التأكد من جاهزية مزن سات وقدرته على العمل وسط أجواء شبيهة بالأجواء والظروف التي ستكون في الفضاء. 
وأضافت: أحد التحديات التي واجهتها هو اختلاف تخصصي في الهندسة الصناعية عن طبيعة العمل ضمن مشروع القمر، وهو ما تطلب الاعتماد على التعلم الذاتي والالتحاق بعدد من الدورات العلمية والتثقيفية حول كيفية عمل برنامج المحاكاة، حيث تدربت في مختبر الياه سات، وسعيت مع فريق العمل للحرص على التعلم المتواصل، بهدف أن يكون نظام المحاكاة قادراً على العمل وإجراء البيانات اللازمة التي تدعم منظومة العمل الكاملة للعاملين ضمن القمر الاصطناعي. 
وأشارت إلى تطلعها للعمل في الجهات الفاعلة ضمن قطاع الفضاء، خاصة بعد الحصول على التجربة العلمية الواقعية خلال فترة العمل على مزن سات ووجود التحصيل الأكاديمي الذي تمتلكه، لافتة إلى أن دولة الإمارات تفخر بالإمكانيات التي وصلت لها الجامعات في الدولة، وبالكفاءات والخبرات التي يمتلكها الطلاب، والذين استطاعوا أن ينجزوا قمراً اصطناعياً خلال فترة زمنية وجيزة، عبر التعاون والتكاتف ووجود الثقة في الكادر البشري. 

مراحل القمر
بدأت مراحل العمل على القمر الاصطناعي، من خلال الاتفاقية التي تم توقيعها خلال فبراير من عام 2018، والتي ضمت وكالة الإمارات للفضاء وجامعة خليفة والجامعة الأميركية برأس الخيمة، لإطلاق مشروع «مزن سات»، والذي أتى ضمن الأهداف الاستراتيجية لوكالة الإمارات للفضاء لتنمية المقدرات الوطنية، وتعزيز أنشطة البحث العلمي، وتنظيم أنشطة القطاع الفضائي الوطني، كما يعتبر مثالاً حول جهود الوكالة في تنسيق الأنشطة المشتركة بين جميع الأطراف المعنية، ضمن القطاع الفضائي، لتحقيق الأهداف المشتركة المتعلقة بتطوير المقدرات الوطنية. وتمت خلال السنوات الماضية مراجعة مفهوم المشروع والتصميم المبدئي للقمر الاصطناعي، والانتهاء من التصميم النهائي، كما تم العمل على تجميع القمر الاصطناعي والمتمثل في استلام القطع والأجهزة وتجميعها، وإجراء اختبارات بعد تجميع القطع.
وعمل فريق المشروع على مرحلة الفحوص البيئية، من خلال وضع القمر الاصطناعي المكعب ضمن بيئة مشابهة للظروف التي ستجرى فيها العمليات، حيث تم وضعه ضمن مرافق تحتوي على أجهزة معينة تقوم بفحص نظام التشغيل للقمر وسط ظروف مطابقة للفضاء، تتضمن متغيرات درجات الحرارة وبيئة الجاذبية الصغرى، وفحص الاهتزازات التي ستمر بها مركبة الإطلاق، وحجم تأثر القمر بها، كما عملت الفحوص الميكانيكية على قياس هذه الاهتزازات، والتأكد من سلامة مكونات القمر، وقدرته على استمرارية التشغيل والقيام بمهامه.

  • فاطمة العيان
    فاطمة العيان

ريادة عالمية
وبدورها، أكدت المهندسة فاطمة العيان، أن القمر الاصطناعي «مزن سات» استطاع أن يكتب فصلاً مشرقاً جديداً في حكاية برنامج الإمارات الفضائي، والذي تمتلأ صفحاته بالمشاريع والمهام والمنجزات المتنوعة، والتي ساهمت فيها الجهات المعنية، إضافة للعديد من الجامعات والمؤسسات الأكاديمية في الدولة، بما عزز من حضور الدولة في الساحة الدولية الفضائية، وجعلها رائدة إقليمياً في الفضاء والعلوم والمرتبطة به. 
وقالت: عملت ضمن فريق البرمجة للمشروع، حيث تمثلت واجبات الفريق في بناء البرنامج الأساسي الذي يعمل عليه القمر الاصطناعي، ولذلك عملت منذ الانخراط في الفريق على دراسة الموضوعات الخاصة بالبرمجة والتعمق حول لغات البرمجة، والتلقي النظري لهذه المفاهيم، ومن ثم التطبيق العملي على البرمجة والأنظمة التي تم إنجازها، كما حرصت مع الفريق على حضور العديد من العروض التقديمية والمؤتمرات، كما شاركنا في اجتماعات لشرح مراحل التقدم التي تتم دورياً. 
وأشارت إلى أن أبرز التحديات تمثل في ضيق الوقت، خاصة مع الاتساع في لغات البرمجة، إلا أنه تم تجاوز التحدي، عبر تحديد جدول زمني واضح وضعته لأداء المهام المطلوبة، إضافة إلى العمل الجماعي مع بقية أفراد الفريق، لافتة إلى أن تخصصها في هندسة الاتصالات يرتبط بالقمر الاصطناعي، والذي يعنى رئيسياً بالاتصال مع المحطة الأرضية، وهو الأمر الذي دفعها للمشاركة أيضاً لتقديم جانب من الدعم حول الاتصالات، برغم التواجد في فريق البرمجة. 
ولفتت إلى وجود العديد من الآثار الإيجابية لفترة العمل على القمر الاصطناعي، منها الفهم بشكل أكبر حول الفضاء والتخصصات المرتبطة به، ومعرفة كيفية النجاح في إطلاق قمر اصطناعي.

  • آلاء الطنيجي
    آلاء الطنيجي

البرامج الفضائية المستدامة 
ومن جهتها، أكدت المهندسة آلاء عبدالله بن جمعة الطنيجي، أن مزن سات يمثل قصة أمل وطموح لطلبة الإمارات، الذين استطاعوا أن يبرهنوا على قدراتهم العلمية والأكاديمية، متسلحين بالإرادة الصلبة لتحقيق المنجزات التي تعزز من دور دولة الإمارات العلمي وقدراتها الفضائية، وتسهم في ترسيخ مكانة الدولة المتزايدة بين دول العالم، باعتبارها منصة للعلم والمعرفة والعلوم، بوجود البرامج الفضائية المستدامة والمشاريع والمهام الناجحة، والتي تؤكد أن الريادة في قطاعات المستقبل تتم عبر الانخراط في قطاعات العلم والمعرفة. 
وأشارت إلى أن مهامها ضمن «مزن سات» تمثلت في هندسة الاتصالات الخاصة بالقمر، عبر ضمان آلية الاتصال بين القمر والمحطة الأرضية لاستقبال البيانات العلمية المطلوبة خلال فترة عمله في مداره، حيث حرصت حتى بعد التخرج في الجامعة على إكمال العمل في المشروع وتقديم الدعم والمساعدة المطلوبة لزملائي من أعضاء الفريق الآخرين، والذين قدموا مساهمات عديدة خلال العمل، بوجود بيئة العمل المشترك والتي ضمنت إنجاح مختلف المراحل وفقاً للجدول الزمني المعتمد.
ولفتت إلى أن أبرز التحديات تمثلت في معرفة المفاهيم الجديدة خلال المشروع، والتي لم نشترك فيها من قبل، كما كانت هناك العديد من الآثار الإيجابية، منها تلقي العديد من الدورات وتعزيز مهارات التواصل الجماعي، والقدرة على تقديم العروض التقديمية الخاصة بالقمر الاصطناعي، كما تعمقت المعرفة حول قطاع الفضاء وأهدافه الاستراتيجية وأبرز المشاريع المستقبلية، لافتة إلى أن يوم الإطلاق يمثل حلماً تحول لواقع لكافة العاملين ضمن المشروع. 

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©