شروق عوض (دبي)
أكّد يوسف الريسي، مدير إدارة الشؤون البلدية في وزارة التَّغير المناخي والبيئة، أن نجاح دولة الإمارات في خفض نسبة استيراد المواد الكيميائية التي تشكل خطراً على صحة الإنسان والبيئة في آن واحد، إلى 11% بنهاية العام 2018 والذي بلغ فيه حجم الاستيراد 5.2 مليون طن من المواد الكيميائية، مقارنة مع حجم استيراد 5.9 مليون طن من تلك المواد في عام 2017، جاء نتيجة اتخاذ الدولة على مدار السنوات الماضية ستة إجراءات تتعلق بالمواد الكيميائية والحد من مخاطرها.
وأوضح الريسي في تصريحات لـ «الاتحاد»، أنّ هذه الإجراءات التي تبنتها الدولة تمثلت في تعزيز الأطر التشريعية ذات الصلة بتلك المواد الخطرة، وتعزيز الأطر المؤسسية عبر تقوية الأجهزة المعنية بترخيص استيرادها وتداولها والتخلص منها، ومكافحة الاتجار غير المشروع بها، وبناء القدرات الوطنية العاملة في هذا المجال، والتوعية بتأثيرات ومخاطر استخدامها، خاصة بين واضعي السياسات وصناع القرار والمسؤولين في القطاع الصناعي، إضافة إلى تبني مجموعة من السياسات لخفض الاعتماد عليها في مختلف المجالات، والاستعاضة عنها بمواد أقل تأثيراً، ومنها سياسة الاقتصاد الأخضر والإنتاج الأنظف.
وأشار إلى أنّ الاتجار بالمواد الكيميائية المستوردة وتنظيم تداولها يخضع إلى أنظمة محددة تتولى الإشراف عليها عدة جهات اتحادية، من بينها وزارة التغير المناخي والبيئة، ووزارة الصحة ووقاية المجتمع، والمكتب التنفيذي للجنة السلع والمواد الخاضعة لرقابة الاستيراد، في حين تتولى السلطات المحلية مراقبة حركة هذه المواد والتخلص السليم منها، في حين تخضع النفايات الناتجة عنها إلى نظام خاص للتخلص منها بطريقة سليمة وآمنة بيئياً، حيث تتوفر في الدولة مرافق مناسبة للتخلص من النفايات الخطرة.
وبيّـن أنّ الدولة تقوم بتحديد المواد المحظورة والمقيدة الاستخدام، وتحديثها بصورة مستمرة، وفقاً لدراسات فنية وقرارات وتوصيات المنظمات الدولية ذات الصلة، وأنشأت لهذه الغاية قواعد بيانات خاصة، لافتاً إلى قيام اللجنة العلمية للمبيدات، التي أنشئت عام 2017، بدراسة واقتراح التشريعات واللوائح الفنية للمبيدات، وإعداد الدراسات العلمية حولها وفحص قوائم المبيدات المحظورة والمقيدة الاستخدام، ووضع آلية ومعايير لضبط كميات المبيدات المستوردة وتنظيم تداولها، ووضع الخطط الكفيلة باستبدالها بمواد عضوية أو مبيدات طبيعية حيوية، كما شكل انضمام الدولة إلى مجموعة الاتفاقيات الدولية ذات الصلة فرصة هامة لتطوير جهودها في مجال المواد الكيميائية وتبادل المعلومات المتعلقة بها، وقامت بدور فاعل في تسهيل الوصول لاعتماد النهج الاستراتيجي للإدارة الدولية لتلك المواد وتسهيل الوصول إلى اتفاق عالمي بشأن إدارة المواد المستنفدة لطبقة الأوزون عبر «مسار دبي لإدارة المواد الهيدروفلوروكربونية».
وذكر أنه على الرغم من ظهور القوى المحركة في استخدام المواد الكيميائية في دولة الإمارات، فإنها استطاعت عبر مؤسساتها المختصة إدارة دورة حياة هذه المواد، بدءاً من استخراجها أو إنتاجها، مروراً بنقلها واستخدامها، وانتهاء بالتخلص منها بطريقة سليمة وآمنة، ومن أهم هذه القوى النمو الاقتصادي في القطاعات ذات الاستخدام الكثيف للمواد الكيميائية، كالبناء والزراعة والإلكترونيات، والنمو السكاني المطرد الذي شهدته الدولة وتنوع الثقافات وتعددها، حيث فرض أسلوب الحياة العصري استخدام العديد من تلك المواد بصورة مباشرة كأدوات التنظيف والعناية الشخصية والمستحضرات الصيدلانية، أو بصورة غير مباشرة كأجهزة الحاسب الشخصي والهاتف المحمول، ومعدات المطابخ كأفران الميكرويف والغسالات والثلاجات التي تدخل في صناعتها مواد كيميائية، والتطور العلمي والتكنولوجي في مجال الكيمياء والطب والفضاء، وغيرها من المجالات التي مكّنت من إنتاجها بكميات كبيرة وبسرعة.
الامتثال للقوانين المنظِّمة
أوضح يوسف الريسي، مدير إدارة الشؤون البلدية في وزارة التَّغير المناخي والبيئة أنّ التجارة غير المشروعة بالمواد الكيميائية تشكل أحد المخاطر الرئيسة، ويتركز هذا النوع من التجارة على المواد ذات الأضرار والمخاطر المرتفعة التي يتم حظر إنتاجها، أو استخدامها لاعتبارات مختلفة، فعلى سبيل المثال، أدت القرارات الخاصة بحظر وخفض استخدام بعض أنواع المواد المستنفدة لطبقة الأوزون إلى نشوء حركة تجارة واسعة غير مشروعة بتلك المواد، ولهذا فإن بناء القدرات لدى السلطات المعنية بمراقبة حركة استيراد وتصدير هذا النوع من المواد، يكتسي أهمية بالغة.
وشدد على ضرورة الوعي بالمخاطر الناجمة عن المواد الكيميائية على اختلاف أنواعها، والامتثال للقوانين المنظمة لتداولها، بوصفها حجر الأساس في الحد من مخاطرها، لاسيما تلك التي يتم استخدامها بشكل فردي أو لأغراض خاصة، كالمبيدات الحشرية والمستحضرات الطبية والصيدلانية.