آمنة الكتبي (دبي)
قال الدكتور حميد مجول النعيمي، رئيس الاتحاد العربي لعلوم الفضاء والفلك ومدير عام أكاديمية الشارقة لعلوم الفضاء والفلك: إن الأهمية الأساسية أو المعنوية لمشروع مسبار الأمل، هي بناء موارد بشرية إماراتية وعربية عالية الكفاءة، في مجال علوم وتكنولوجيا الفضاء، تساهم في خدمة مجتمعاتنا اقتصادياً واجتماعياً وتعليمياً وعسكرياً وأمنياً، وفي شتى المجالات الحيوية، من خلال تطوير المعرفة والأبحاث العلمية والتطبيقات التقنية الفضائية، التي تعود بالنفع على البشرية.
وأكد في حوار مع «الاتحاد»، أنه من ضمن أهداف مشروع مسبار الأمل، تأسيس اقتصاد مستدام مبني على المعرفة، وتعزيز التنويع وتشجيع الابتكار، والارتقاء بمكانة دولة الإمارات العربية المتحدة والأمة العربية في سباق استكشاف الفضاء، باستخدام أحدث التقنيات التي تشمل الحوسبة والمعلوماتية والذكاء الاصطناعي و«إنترنت الأشياء»، من خلال البيانات الكبرى التي سيحصل عليها المسبار، والتي تهدف إلى توسيع نطاق الفوائد والعوائد للبشرية، وتعزيز جهود الإمارات في مجال الاكتشافات العلمية، وإقامة شراكات دولية في هذه القطاعات، لتعزيز مكانة دولة الإمارات العربية المتحدة.
وتابع: «بالإضافة إلى الاستحضار العملي، وبتميز لتراثنا العلمي العربي والإسلامي المتمثل في ميادين الفضاء والفلك، إذ لا يكاد يذكر الفضاء عربياً أو إسلامياً إلا وتستحضر شخصية عباس بن فرناس، ومساعيه الجريئة في آفاق الفضاء، الأمر الذي يؤكد أننا كعرب ومسلمين صناع هذه الميادين ومؤسسوها بين شعوب وحضارات الأمم».
وقال د. مجول: «إن فكرة وتصميم وبناء وإطلاق مسبار الأمل، وإيصاله إلى مدار حول كوكب المريخ لدراسة غلافه الجوي، وتغيراته الطقسية والفيزيائية، تشتمل على تخصصات وتقنيات عديدة في مختلف المجالات الهندسية والعلمية والاتصالات والحوسبة والمعلوماتية، فضلاً عن المجالات الاقتصادية والاجتماعية والصحية»، مؤكداً أن «المشروع سيخلق جيلاً قوياً ومبتكراً من الشباب الإماراتي والعربي في جميع التخصصات»، فضلاً عن بناء المصانع الدقيقة والمختبرات التقنية العليا في الدولة، تكون قادرة على استكشاف الكون والأرض على حد سواء، أي دراسة موارد الأرض الطبيعية وغلافها الجوي ومحيطها الحيوي، بالتزامن مع الدراسات الاقتصادية والاجتماعية والأمنية بكل دقة واقتدار، وأن استكشاف المريخ وغلافه الجوي من قبل المسبار، سيقدم صورة شاملة وكاملة للتغيرات الطقسية الحاصلة على سطح المريخ، سواءً كان يومياً أو شهرياً أو موسمياً، ليغطي التغيرات الجوية على مدار العام الواحد.
إثراء المعرفة البشرية
وأكد أن أحد أهم أهداف مشروع الإمارات لاستكشاف المريخ، هو إثراء المعرفة البشرية في مجال يعمه الكثير من الغموض حالياً، ألا وهو حقيقة الغلاف الجوي والمناخ على كوكب المريخ، حيث سيقدم المشروع أول صورة شاملة وكاملة للغلاف الجوي المريخي على مدار العام، وسيدرس كيفية تفاعل الطبقة العليا والطبقة السفلى من الغلاف الجوي للكوكب الأحمر، كما سيبحث في العلاقة بين مناخ المريخ الحالي، وما كان عليه في الزمن الماضي قبل تلاشي غلافه الجوي، وبالتالي سيثري المعرفة البشرية، ويفتح آفاقاً جديدة وعديدة لاستكشاف كواكب أخرى بما فيها الأرض، وبالتالي استكشاف الكون من خلال ما تم توافره في دولة الإمارات العربية المتحدة من كوادر بشرية شبابية، ومستلزمات عالية التقنية في مختلف المجالات.
وقال د. مجول: «إنه إنجاز يمثل نقطة تحول للعالمين العربي والإسلامي في مجال الفضاء والتقنيات الحديثة في مختلف المجالات، للتأكيد بأننا كعرب ومسلمين قادرون على أن نخوض هذه الميادين العلمية الكبرى، وبكفاءة مستمدة من تاريخنا العلمي العريق والغني، وأنه لا شيء مستحيل علينا، ويمكننا بهذه القوة المشفوعة بالأمل أن نختصر المسافة بين الأرض والسماء، كما أنه يضاف إلى مشاريع غزو الفضاء من جميع الدول التي تعنى بهذا الغزو، وأنه سيسبق هذه الدول فيما سيحققه المشروع، ويجعل هذه الدول تعتمد إلى حد كبير على ما يحققه هذا المشروع من عائدات وبيانات علمية وعملية كثيرة جداً، نحتاج إلى تحليلها ودراستها لأشهر بل ولسنوات، للحصول على نتائج يمكن توظيفها فيما بعد في مجمل غزواتهم إلى الفضاء».
مكونات الفضاء
وأضاف رئيس الاتحاد العربي لعلوم الفضاء والفلك، أن ما يحققه في ميادين الاستفادة من مكونات الفضاء وتراكماته، وما يتحرك فيه من أجرام وكتل ومكونات تتزايد معدلات الاستفادة منها بين البشر، أكثر بكثير مما هو قائم الآن، وفي كثير من التقنيات، الأمر الذي يشكل دعماً كبيراً للثورة التقنية السائدة الآن على المستويات العالمية، والتي تعيد الآن تشكيل الاحتياجات البشرية ومتطلبات حياتها، فضلاً عما يمكن لمثل هذه الرحلة أن تحققه من نتائج وعائدات علمية وعملية فضائية كانت أو فلكية، وفي مجالات عديدة ترتبط بالحياة البشرية.
وقال: إن كوكب المريخ من الكواكب المهمة جداً في البحث العلمي، والدراسات المهمة التي تهم علماء الفلك والفضاء، كونه الأقرب للأرض، وله بعض الصفات المشابهة لها، خاصة فيما يتعلق بمواسمه السنوية. وتابع: تتراوح درجة حرارته بين -143 مئوية في الشتاء عند الأقطاب و+35 مئوية في الصيف، ومن الخصائص الفيزيائية المهمة الأخرى لدى المريخ، أن غلافه الجوي الرقيق جداً بحدود 0.01 بالنسبة لغلاف الأرض الجوي، ويتألف من حوالي 96% من ثاني أكسيد الكربون، و1.93% من الأركون، و1.89% من النيتروجين، إلى جانب آثار الأكسجين وبخار الماء، الغلاف الجوي مترب (غبار) للغاية، والذي يمنح سماء المريخ لوناً باهتاً عند رؤيته من السطح، وقد يستغرق تدرج اللون الوردي بسبب جزيئات أكسيد الحديد المعلقة فيه.
الألواح الشمسية
مسبار الأمل يحمل معه أجهزة مهمة جداً، مثل الألواح الشمسية الثلاثة للتخزين، وتوليد الطاقة اللازمة لاستكمال رحلة المسبار، وكذلك الحواسيب المجهزة ببرامج متطورة جداً، والتي تعد العقول المفكرة للمسبار، ووظيفتها تسيير وتعديل اتجاهات المسبار في داخل مدار المريخ، كما يحمل متحسسات وكاشفات في غاية الدقة، مع كاميرا لتصوير الكوكب في اتجاهات مختلفة من قرب، فضلاً عن أجهزة قياس طيفية للأشعة تحت الحمراء، وأخرى تعمل بالأشعة فوق البنفسجية، لدراسة أنماط التغيرات الجوية بدرجات الحرارة والسوائل المجمدة وبخار الماء، إضافة إلى الغبار والعواصف الترابية المتغيرة في الجو، فضلاً عن دراسة الطبقات العليا من الغلاف الجوي، وتعقب آثار غازي الهيدروجين والأوكسجين عند هروبهما إلى الفضاء.