الشارقة (الاتحاد)
أكّدت مجلّة مجمع اللّغة العربيّة في ملف خاصّ نشرته في عددها الجديد، أنّ افتتاح صاحب السّموّ الشّيخ الدّكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشّارقة، للمعهد الثّقافيّ العربيّ في جامعة القلب المقدّس الكاثوليكيّة بميلانو، يمثّل خطوة رائدة في مشروع الشّارقة الثّقافيّ العالميّ، الّذي يترجم رؤية حكيمة تهدف إلى إعادة إحياء التّراث العربيّ وتقديمه في صورته الجليّة للعالم.
تجوّلت المجلّة في عددها الـ12 في أروقة تعليم العربيّة بجامعة القلب المقدّس، مشيرة إلى أنّ تدريس اللّغة العربيّة في الجامعات الإيطاليّة يعود إلى القرن الرابع عشر، أمّا في الجامعة الكاثوليكيّة فبدأ في ثمانينيات القرن الماضي، ومع بداية الألفية الثّالثة وازدياد الاهتمام العالميّ بالعرب ولغتهم، ارتفع عدد الطّلّاب الرّاغبين في دراسة اللّغة العربيّة، وهو ما دعا إلى تطوير ملموس ومنهجيّ في المواد التعليميّة، أثمر تعزيز العلاقات الثّقافيّة والتّعليميّة مع إمارة الشّارقة.
من أعلام العربيّة وفي دراسة بعنوان «البشير الإبراهيمي.. عَلَم الأعلام وإمام العربيّة» سلّط الدّكتور امحمد صافي المستغانمي، الأمين العامّ لمجمع اللّغة العربيّة بالشّارقة، الضّوء على أحد أعلام العربيّة الكبار، مشيرًا إلى أنّ البشير الإبراهيمي أبدع وبرز في العلوم العربيّة والعقليّة، وعُرف بالبلاغة والبيان في خطبه ومقالاته الّتي ملأت الآفاق، لدرجة أنّه حفظ كتاب «نفح الطّيب من غصن الأندلس الرّطيب» المكوّن ممّا يزيد على سبعة آلاف صفحة، من بديع الشّعر وبليغ النّثر والحكم، وروائع القصص والأمثال.
أعظم اللّغات
واستكشف العدد الثّاني عشر من المجلّة، في مقال بعنوان «هل اللّغة العربيّة أعظم اللّغات» معايير عظمة أيّ لغة، مؤكّدًا أنّ ذلك إنّما يكون بعظمة مبدعيها، وأنّ اللّغة العربيّة حاضنة للحضارة الإسلاميّة، وفيها من الأعلام من أمثال أبي الريحان البيرونيّ الّذي عاش في القرن الخامس الهجريّ، (العاشر الميلادي)، وشهد له العالم بإنجازاته في الفلسفة والفلك والفيزياء والجغرافية والمعادن والصّيدلة والتّاريخ والتّرجمة، حتى إنّه وصل إلى وسيلة لقياس محيط الشّمس، ووضع أوّل تصوّر لجهاز الإسطرلاب، وكرّمته الأمم المتّحدة بإطلاق اسمه على إحدى مكتباتها. أمّا مقال «أفراد من المستشرقين وإنصافهم للغة الضّاد»، للباحث وفيق صفوت مختار، فأشار إلى أنّ هناك جوانب مشرقة لعدد من المستشرقين، الّذين أسهموا في إحياء التّراث الإسلاميّ وإخراجه للنّاس بمنهج منظّم ودقيق، من أمثال المستشرق المجريّ عبد الكريم جرمانوس، الّذي قال: «إنّ في الإسلام سندًا مهمًّا للّغة العربيّة أبقى على روعتها وخلودها»، والمستشرقة الألمانيّة زيغريد هونكه، صاحبة المقولة الشهيرة: «كيف يستطيع الإنسان أن يقاوم جمال هذه اللّغة ومنطقها السّليم وسحرها الفريد؟!، فجيران العرب أنفسهم في البلدان التي فتحوها سقطوا صرعى تحت سحر تلك اللّغة».
الحكاية فيها «إنّ»
وحول قصة أحد الأمثال العربيّة، سلّطت المجلّة الضّوء على مثل يقول: «الحكاية فيها إنّ»، مشيرة إلى أنّ حاكماً كان يريد إيذاء رجل ذكيّ، فأرسل رسالة إليه من خلال كاتبه، لكنّ الكاتب كان صديقًا للرّجل، فأراد تحذيره من دون أن يكتشف الحاكم ذلك، فكتب في نهاية الرسالة «إنَّ شاء الله تعالى» وشدَّد على حرف النّون ليُفهم صديقه المعنى الحقيقيّ للرّسالة، وهو التّحذير من خطر داهم، وكأنّه يذكّره بقوله تعالى: (إنّ الملأ يأتمرون بك ليقتلوك)، ويقال هذا المثل عندما يراود الإنسانَ شكّ في حكاية أو أمر ما.
«فقه اللّغة»
واستقت مجلّة المجمع في عددها الثّاني عشر عددًا من الفوائد اللّغويّة من كتاب «فقه اللّغة» للثّعالبي، كأن لا يقال «كأس» إلّا إذا كانت مملوءة، وإلّا فهي زجاجة، و«مائدة» إلّا إذا كانت محمّلة بالطعام، وإلّا فهي خوان، كما تناول العدد مجموعة من الدّراسات المتنوّعة، بدءاً من نظرات في البيان القرآنيّ وصولًا إلى وقفة مع الأعمال الفائزة في جائزة الشّارقة للدّراسات اللّغويّة والمعجميّة، مروراً بدراسات حول أهمّيّة اللّغة العربيّة في العلوم الشّرعيّة والصّيغ الصّرفيّة في البناء اللّغويّ، وطرائف عن كتاب «العين»، وقراءات في كتابي «اللّغة هويّة ناطقة» و«المصباح المنير».