نيابة عن صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، ترأس معالي الشيخ شخبوط بن نهيان آل نهيان، وزير دولة، وفد دولة الإمارات المشارك في الدورة الخامسة عشرة للقمة الإسلامية لمنظمة التعاون الإسلامي في غامبيا، والتي تقام تحت شعار «تعزيز الوحدة والتضامن عن طريق الحوار من أجل التنمية المستدامة».
وألقى معاليه كلمة أعرب فيها عن تهانيه لجمهورية غامبيا الصديقة على ترؤسها لهذه الدورة وعلى حفاوة الاستقبال وكرم الضيافة. كما أعرب عن شكره لكافة الجهود التي بذلتها المملكة العربية السعودية خلال ترؤسها للدورة الرابعة عشرة للقمة الإسلامية لمنظمة التعاون الإسلامي ولمعالي الأمين العام وللأمانة العامة للمنظمة على الجهود المبذولة.
وقال معاليه في هذا الصدد «تؤمن دولة الإمارات بضرورة دعم الأمن والسلام والمحافظة عليهما من خلال الوعي الوطني الذي يحافظ على ثقافة السلام بين المجتمعات، وتعزيز قيم التسامح والتواصل، ووضع الآليات اللازمة لمنع النزاعات المسلحة وتعزيز الدبلوماسية الوقائية في ظل ما يشهده العالم من صراعات وتحديات تهدد الأمن والاستقرار الدولي».
وأضاف «انطلاقاً من دعمنا الراسخ للقضية المحورية لمنظمة التعاون الإسلامي والمتمثلة في القضية الفلسطينية وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على أساس حل الدولتين وفقاً للشرعية الدولية والقرارات ذات الصلة، سعت دولة الإمارات، خلال فترة عضويتها في مجلس الأمن الدولي للعامين 2022 - 2023، لبذل كافة الجهود في هذا الصدد، ولأن تكون كذلك صوتاً مبدئياً وعملياً على الساحة الدولية المضطربة، وعملت على تعزيز قيم التسامح والتعايش، وناصرت القضايا العربية، ودعمت أجندة المرأة والسلام والأمن وعززت مشاركة المجلس في قضايا المناخ والسلام والأمن، ورسخت مبدأ الإيمان بالدبلوماسية والتوافق وبناء الجسور».
وتابع معاليه «في هذا السياق، وفور اندلاع الأزمة بين الفلسطينيين والإسرائيليين في قطاع غزة في شهر أكتوبر 2023، باشرت دولة الإمارات تحركاتها الدبلوماسية المكثفة على الأصعدة كافة بهدف وقف التصعيد، وإعادة التهدئة لحقن الدماء والحفاظ على أرواح المدنيين، مشددة على ضرورة إعطاء الأولوية لحماية المدنيين والمنشآت المدنية، وتأمين ممرات آمنة لإيصال المساعدات الإغاثية الإنسانية الملحة».
ولفت إلى جهود دولة الإمارات أثناء عضويتها غير الدائمة في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة ونجاحها في اعتماد المجلس للقرارين 2712 و2720 للعام 2023، اللذين طالبا باتخاذ خطوات ملموسة لزيادة تدفق المساعدات الإنسانية التي يحتاج إليها الفلسطينيون بشدة، وحماية موظفي الأمم المتحدة والعاملين في المجال الإنساني على الأرض في قطاع غزة.
وجدد معاليه دعوة دولة الإمارات للمجتمع الدولي إلى بذل كافة الجهود من دون إبطاء للوصول إلى وقف فوري لإطلاق النار لتجنّب المزيد من تأجيج الوضع في الأرض الفلسطينية المحتلة، ودعوتها إلى تكثيف الجهود لمنع اتساع دائرة الصراع في المنطقة وضرورة توفير الحماية لكافة المدنيين والحفاظ على أرواحهم، وتقديم استجابة إنسانية مكثفة وآمنة ومستدامة للشعب الفلسطيني الشقيق، لاسيما في قطاع غزة، وضمان وصول المساعدات الإنسانية والإغاثية والطبية بشكل عاجل ومكثف وآمن ودون أي عوائق، ومنع المزيد من الخسائر في الأرواح.
وأكد إدانة دولة الإمارات الشديدة لأي ترحيل قسري للشعب الفلسطيني الشقيق، وأي ممارسات مخالفة لقرارات الشرعية الدولية والقانون الدولي والإنساني، موضحاً موقف دولة الإمارات الداعي إلى تهيئة مسار لإحلال السلام وترسيخ الأمن والاستقرار في المنطقة، وهو ما يتطلب تعاوناً من الأطراف الفاعلة كافة في المجتمع الدولي لإنهاء التطرف والتوتر والعنف، وإيجاد أفق سياسي جاد وبناء لإعادة المفاوضات بهدف تحقيق السلام الشامل القائم على أساس «حل الدولتين»، وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة.
وشدد معاليه على أن دولة الإمارات لم تألُ جهدا في الوقوف إلى جانب الشعب الفلسطيني الشقيق وتقديم كافة أشكال الدعم الإنساني، كما بادرت بإطلاق الممر البحري من قبرص إلى مناطق شمال غزة عبر «مبادرة أمالثيا»، وبالتعاون مع قبرص ومؤسسة المطبخ المركزي العالمي، واستطاعت تحريك باخرتين حملتا المئات من الأطنان من المواد الغذائية. كما أطلقت عملية «الفارس الشهم 3» وسيرت جسراً جوياً لا يزال مستمراً في إيصال المساعدات الإغاثية والطبية، وصلت إلى أكثر من 256 رحلة جوية و1231 شاحنة و6 سفن نقلت نحو 31 ألف طن من الإمدادات الإنسانية العاجلة.
كما استعرض معاليه جهود الإمارات العربية المتحدة، بالشراكة مع الوكالة الأميركية لمساعدة اللاجئين في الشرق الأدنى «أنيرا»، وإعلانها عن النجاح في إيصال 400 طن من المساعدات الغذائية لشعب غزة الشقيق، والمخصصة لشمال القطاع، والتي ستوفر الطعام لنحو 120 ألف شخص، في إطار التزام دولة الإمارات الثابت بتقديم الإغاثة ومعالجة الأزمة الإنسانية في غزة.
وأشار معاليه إلى توجيهات صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، بعلاج 1000 طفل من قطاع غزة في مستشفيات دولة الإمارات، إلى حين تماثلهم للشفاء وعودتهم، واستضافة 1000 فلسطيني من المصابين بأمراض السرطان من القطاع من مختلف الفئات العمرية، لتلقي العلاجات. وفي الصدد ذاته، افتتحت دولة الإمارات مستشفى ميدانياً شاملاً جنوبي قطاع غزة بإشراف فريق طبي إماراتي بالإضافة لمستشفى عائم في مدينة العريش المصرية.
وفي إطار دعم الشعب الفلسطيني لمواجهة التداعيات الإنسانية الصعبة، أقامت دولة الإمارات ست محطات تحلية مياه لإمداد سكان القطاع بمياه الشرب النظيفة توفر 1.2 مليون جالون من المياه يومياً.
وأضاف معالي الشيخ شخبوط بن نهيان «حرصت دولة الإمارات على ترسيخ مكانتها بصفتها بلداً فاعلاً في تنفيذ أهداف التنمية المستدامة من خلال العمل المشترك مع دول العالم كافة، وبما يعود بالنفع على الشعوب والمجتمعات بهدف إنجاز أهداف التنمية وصنع مستقبل أفضل للجميع».
وتحدث معاليه عن استضافة دولة الإمارات الناجحة للدورة الثامنة والعشرين لمؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ «COP 28»، الذي عقد في مدينة إكسبو دبي. وتقدم معاليه بالشكر والتقدير لكافة الدول على مشاركتها في المؤتمر، وعلى دورها وإسهاماتها الفاعلة التي أفضت إلى إنجاح أعمال المؤتمر وتتويجه بوثيقة «اتفاق الإمارات» التاريخي بشأن المناخ، مشيراً إلى أنه يعد إعلانا غير مسبوق للتصدي لتداعيات التغير المناخي، ويشكل نقطة تحول استثنائية في مسيرة العمل المناخي الدولي.
وأشار معاليه إلى الإعلانات والمبادرات الهامة التي صدرت عن المؤتمر، وأبرزها الإعلان عن إنشاء صندوق بقيمة 30 مليار دولار أميركي للحلول المناخية على مستوى العالم لسد فجوة التمويل المناخي، وإعلان الإمارات لتطوير آليات التمويل وتسريع العمل المناخي العالمي، وإقرار تفعيل الصندوق العالمي للمناخ بمساهمة تجاوزت 550 مليون دولار أميركي، مؤكداً أن هذه الجهود المشتركة تهدف إلى تقديم استجابة فعالة لتداعيات تغير المناخ وتحقيق التنمية المستدامة، حيث إن الفرص التي تتيحها الحلول المتفق عليها، في العمل المناخي، ينبغي أن تكون متاحة لجميع الدول والاقتصادات، المتقدمة منها والنامية، على حد سواء.
وقال «إن دولة الإمارات شرعت في رحلة طموحة نحو الاستدامة والطاقة المتجددة، وكانت أول دولة في المنطقة توقع وتصادق على اتفاق باريس للمناخ، وأول دولة تلتزم بخفض الانبعاثات على مستوى الاقتصاد، وأول دولة في المنطقة تعلن عن مبادرة استراتيجية لتحقيق الحياد المناخي بحلول عام 2050».
ولفت معاليه، في هذا السياق، إلى إطلاق صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، «مبادرة محمد بن زايد للماء» لمواجهة التحدي العالمي العاجل المتمثل في ندرة الماء، والتي تهدف إلى تعزيز الوعي بأهمية أزمة ندرة المياه وخطورتها على المستوى الدولي، بجانب تسريع تطوير حلول تكنولوجية مبتكرة لمعالجتها، إضافة إلى اختبار فاعلية هذه الحلول لمواجهة هذا التحدي العالمي المتفاقم، لتعزيز التعاون مع الشركاء والأطراف المعنية في العالم.
وقال معاليه «تؤمن دولة الإمارات بأن العمل المتعدد الأطراف ضروري لمواجهة تحديات العالم الإسلامي المتغير، وأن المنصات الفاعلة مثل منظمة التعاون الإسلامي تعمل كصوت واحد على المستوى الدولي، وتعزيز الحوار البناء».
وأضاف «وفي هذا الصدد، تدعم الإمارات العربية المتحدة باستمرار السلام والأمن والتنمية على مستوى العالم من خلال توسيع التدفقات التجارية وتشجيع الاستثمار والسياحة وتعزيز التبادلات العلمية والتكنولوجية وتبادل الخبراء والتعاون في البرامج والمشاريع التنموية، وزيادة تنسيق الجهود في مواجهة الكوارث الطبيعية».
وأوضح معاليه أنه في إطار الدعم اللامحدود الذي تقدمه قيادة وحكومة الإمارات العربية المتحدة للشباب في العالم، تحوز أفريقيا بالتحديد على أولوية، حيث يشكل الأشخاص دون سن الخامسة والعشرين عاماً ما يزيد على 60% من السكان. وباعتبار أن مستقبل القارة يعتمد على الخدمات الصحية والتعليمية النوعية وتعلم المهارات التي يتلقاها الشباب، فقد أعلنت دولة الإمارات عن تقديم منحة مالية جديدة في مجال الصحة بمبلغ 220 مليون دولار أميركي، بهدف تحسين الأوضاع الصحية للشباب ودعم القطاع الصحي في أفريقيا. فالاستثمار في الشباب سيطلق إمكانيات الملايين في قارة أفريقيا وسيضمن لهم مستقبلاً مزدهراً.
وأكد أن «الإمارات العربية المتحدة تتطلع إلى قمة المستقبل في سبتمبر 2024 في نيويورك وتعول الكثير على هذا التجمع التاريخي، الذي يعد فرصة لا تتكرر إلا مرة واحدة في كل جيل، لدعم نظام تعددية الأطراف وإعادة الالتزام بالتضامن العالمي، بحثا عن حلول مبتكرة لتحدياتنا المشتركة وتعزيز استخدام التقنيات الجديدة. وستعمل الإمارات العربية المتحدة بشكل بناء مع شركائنا لضمان نتائج هادفة وطموحة لقمة المستقبل».
وختم معاليه كلمته بالقول «نود أن نعرب عن دعمنا لجهود فخامة آداما بارو، رئيس جمهورية غامبيا، خلال رئاسة بلاده الصديقة لأعمال هذه الدورة، وأننا على ثقة بأنكم لن تدخروا جهداً في تحقيق هدفنا المنشود، متمنين لأعمال هذه الدورة التوفيق والنجاح».
وعلى هامش الدورة الخامسة عشرة للقمة الإسلامية لمنظمة التعاون الإسلامي في غامبيا، التقى معالي الشيخ شخبوط بن نهيان آل نهيان، في اجتماعات ثنائية كلا من فخامة محمد ولد الشيخ الغزواني، رئيس الجمهورية الإسلامية الموريتانية، وفخامة باسيرو ديوماي فاي، رئيس جمهورية السنغال، ومعالي مامادو تانغرا، وزير خارجية جمهورية غامبيا، حيث تم التوقيع على مذكرة تفاهم بين أكاديمية أنور قرقاش الدبلوماسية ووزارة الخارجية بجمهورية غامبيا، ومعالي عبدالله ديوب، وزير خارجية جمهورية مالي، ومعالي بكاري ياو سانجاري، وزير خارجية جمهورية النيجر، ومعالي ريجيس اونانجا ندياي، وزير خارجية جمهورية الغابون.