ساسي جبيل (تونس)
تقع قرية «توجان» البربرية التونسية التابعة لمحافظة قابس، جنوب شرقي البلاد، على تلة ترتفع عن الأرض نحو 500 متر، وهي جبلية معلقة يسكنها «الأمازيغ» منذ مئات السنين. وهم من المسلمين ويتكلمون العربية، بالإضافة إلى اللغة «الأمازيغية» التي تناقلوها عن آبائهم وأجدادهم، تمسكاً بجذورهم الأصلية. تعيش القرية من الطبيعة، بيوتها شبيهة بلون الأرض، وأبوابها ونوافذها زرقاء زاهية اللون، تدب منها الحياة نحو الفضاء الخارجي.
تقويم فلاحي
أسس «الأمازيغ» القادمون من «الساقية الحمراء» المغربية، قبل 1500 سنة، قرية «توجان» في أعالي جبل منطقة «مطماطة» المجاورة، لتفادي خطر الغزو الأجنبي، ولا يزال تراثها المادي والمعنوي شاهداً على حضارات تعاقبت على المنطقة. وتعني كلمة «توجان»، عين في بداية الجبل، وكلمة «الأمازيغ» تعني الرجال الأحرار. وتقول بعض المصادر إن تاريخها يرجع إلى عصر الإمبراطورية الرومانية على الأقل. وذكر الباحث الدكتور عبد المجيد القابسي أن القرية تتميز باعتمادها على تقويم خاص كباقي قرى ومدن «الأمازيغ» في شمالي أفريقيا، وهو تقويم فلاحي يرتبط بالأرض، ويرجع إلى عام 950 قبل الميلاد، السنة التي استطاع فيها الملك «شيشونق» الانتصار على ملك الفراعنة «رمسيس الثالث». وأكد أن عدد التونسيين الناطقين بـ «الأمازيغية» يتراوح، بين 40 و50 ألفا.
وقال الناشط الاجتماعي هشام التوجاني: إن «الأمازيغ» استغلوا قديماً الطبيعة الجبلية وبنوا منازلهم بسواعدهم، ما سهل عليهم العيش هناك، بعدما طوّعوا الجبل لكي يسكنوا فيه.
وذكر أن صناعة الصوف وسجادة «المرقوم» تُعتبر من أهم الصناعات التقليدية التي ينتجها الأهالي، مشيراً إلى أن معظم منازلهم بمثابة غار محفور في الجبل تقع وسطه ساحة مفتوحة على السماء، فيما أدوات المطبخ كانت تُصنع من الطين.
أنفاق وممرات
وأوضح أن هذه البيوت تكون مفتوحة على بعضها للاستعانة بها في الأزمات، ففي الفناء يوجد خندق بمثابة نفق، حيث تمتد منذ قرون شبكة ممرات تحت الأرض لحماية سكان «توجان» من الهجمات. ومع بناء القرية على قمة التل، فإن هذه الأنفاق تسير أفقياً ورأسيا تحت الأرض ولها 7 نقاط وصول رئيسة،لافتاً إلى أن الأهالي استخدموا الأشجار في صناعة أدوات الفلاحة.
أما أهالي القرية فقد اعتمدوا على الفلاحة للتغذية، حيث يأكلون ما تنتجه الأرض والحيوانات، فضلاً عن اشتهار المنطقة بمنتجات الزيوت والعسل، وباستخدام الحمير كوسيلة نقل من سفح الجبل إلى القمة.