السبت 2 أغسطس 2025 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الترفيه

بناء بيوت الحَجَر.. مهنة «الحشيد»

راشد الظهوري أمام أحد البيوت الجبلية (تصوير: إحسان ناجي)
25 ابريل 2022 02:48

خولة علي (دبي) 

تكشف تصاميم البيوت القديمة مدى تميُّز الأجداد في هندسة مساكن تلائم طبيعة الأجواء المحلية وظروفها، والاستفادة من موارد البيئة وتطويعها لتشييد مساكن تكون قادرة على مواجهة قسوة الحياة وصعوبتها. وعلى بساطة هذه البيوت وتنوّعها، تعكس عراقة الماضي وأصالته. 

قسوة الحياة
من البيوت التي أبدع «البناي» بتشييدها قديماً، الحجرية التي تعود إلى سكان البيئة الجبلية، ومازالت منتصبة على سفوح الجبال منذ مئات السنين. والحنين يدفع المهتمين دائماً ليتعرفوا على مرحلة مهمة من تراثهم وتاريخهم، وكيف استطاع الأجداد أن يكسروا الحصى ويبنوا منها مساكنهم. 
ويتحدث راشد سعيد الظهوري عن تفاصيل تشييد البيوت الحجرية ودور الحرفي فيها، قائلاً: بيوت البيئة الجبلية تميّزت بصلابتها ومتانتها وقوة صمودها في وجه أصعب الظروف الطبيعية، إذ إن مكوناتها الحجرية جعلتها باقية على سفوح الجبال حتى يومنا هذا، لتروي تراث سكانها وتعكس ثقافتهم. وتصف الظروف التي عاشوها كيف تحدّوا قسوة الحياة وشدتها، ليبنوا منازل تعلو قمم الجبال وتصوَّر مهارة «البناي» بالتعاون مع مساعديه. أما عملية البناء ومراحل التشييد فكانت تُسمى «الحشيد». 

«بيت القفل»
ويوضح الظهوري أن بناء البيوت قديماً كان يقوم على تعاون أهل القرى الجبلية، وتوزيع المهام فيما بينهم. فالبعض يكسر الصخور، ومنهم من يحمل الحصى ويجلبها إلى الموقع، و«البناي» يشرف على البناء ويضع حجر الأساس، وآخرون يجلبون الطعام والماء لفريق العمل. وهكذا فإن تكافل الأهالي وتكاتفهم مع بعضهم البعض هوّن عليهم الكثير من الصعوبات والتحديات اليومية.
ويلفت الظهوري إلى أن البيوت الحجرية مشيَّدة وفقاً لطبيعة المواد المتوفرة في البيئة الجبلية. ومن مكوِّناتها «بيت القفل»، ويُستخدم في السكن شتاءً، وهو عبارة عن غرفة واحدة تتّسع لكل أفراد الأسرة. ويُشيَّد «بيت القفل» بعمق متر ونصف المتر تحت مستوى الأرض، وتتشكّل جدرانه من الصخور الجبلية الضخمة والحصى المرصوصة بإتقان وبسماكة مترين. وعادة ما تكون خالية من الشبابيك، وفيها فتحات صغيرة تعلو الباب للتهوية، وفوقها أخشاب الأشجار المتوفرة في البيئة نفسها كـ «السدر» و«الشريش» و«السمر»، والقادرة على مقاومة ظروف البيئة المحلية. ونتيجة لهذه المواصفات تميّزت البيوت الحجرية بدفئها شتاءً وقدرتها على حفظ البرودة صيفاً.

«الصفة» 
ويذكر راشد الظهوري أن «الصفة»، هو البيت الصيفي ويُبنى من الحجارة التي لا تمتص الحرارة، ويُشيَّد على عمق نصف متر. تتوزع على جدرانه عدة فتحات للتهوية، سقفه من خشب «السدر» وسعف النخيل، تستخدمه الأسرة بقصد الراحة أو كمجلس لاستقبال الضيوف. ويكون المطبخ في منطقة مفتوحة ومكشوفة يوضع فيها الموقد المرصوص بالحجارة، وجزء آخر للرحى لطحن الحبوب، ويوضع في مكان بعيد عن اتجاه الرياح وهبوبها.
ويؤكد الظهوري أن عملية بناء «غرفة القفل» تمتد من شهرين إلى 3 أشهر، نظراً لمتطلبات هذا النوع من البناء الذي لابد أن يقاوم البرودة الشديدة، ولحماية قاطنيه من الحيوانات الجبلية المفترسة ليلاً. 

على السفوح
اعتمد الأهالي قديماً على مهنهم لتسهيل ظروف حياتهم اليومية، وتلبية احتياجاتهم. وكان «البناي» كما يُطلق عليه، شخصية لها قيمتها وأهميتها في تشييد البيوت على سفوح الجبال. وبالرغم من رحيل هؤلاء الحرفيين البنّائين، إلا أن آثارهم مازالت صامدة أمام زحف التحضر والتمدن.

حماية
بيت الحَجَر يتميز بصلابته ومتانته وصموده وقوة مقاومته لعوامل الطبيعة، كما يحمي قاطنيه من الحرارة والبرودة وهبوب الرياح، إضافة إلى شر الحيوانات المفترسة.

 

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2025©
نحن نستخدم "ملفات تعريف الارتباط" لنمنحك افضل تجربة مستخدم ممكنة. "انقر هنا" لمعرفة المزيد حول كيفية استخدامها
قبول رفض