د. شريف عرفة
في بداية كل عام، يضع الناس نصب أعينهم الكثير من الأهداف المهنية والمادية، كادخار مبلغ أو الانتقال لعمل أفضل أو إصلاح خلل ما في الحياة.. إلاّ أنه ينبغي أيضاً مراعاة الأهداف التي تضمن الصحة النفسية والسعادة.
فما هي الأهداف التي يمكن كتابتها في مفكرتك، والحرص على تنفيذها خلال العام الجديد؟
1- الأهداف ذات المعنى
الحياة ليست مجرد جري وراء المال، رغم أن هذا ما تبدو عليه! بل إن الحرص على تحقيق أهداف ذات معنى وقيمة، يجعل الإنسان أكثر سعادة ورضا عن نفسه وحياته. لذلك، فكر فيما هو مهم وذي قيمة طبقاً لمنظومتك القيمية وفلسفة حياتك. هل تجد أن «عمل الخير» أمر ضروري وتشعر بالحاجة إلى ممارسته أكثر؟ إذن اجعله هدفاً وقم بتوزيع خطواته العملية على مدار العام!
حسب دراسات مارتن سليجمان، فإن ممارسة الأنشطة التي تتناسب مع قيمك الذاتية، يزيد من السعادة والرضا عن الحياة.
2- وقت الفراغ
كلنا نعاني من «فقر الوقت» حسب تعبير أشلي ويلانز أستاذة في كلية هارفارد للأعمال.. وهو ما يقوض سعادتنا ويصيبنا بالإرهاق الدائم.. لذلك، احرص أثناء تقسيم جدوله الأسبوعي، على تخصيص وقت للا شيء! نعم.. وقت فراغ حر يشعرك أنك لست قطاراً يجري على القضبان طوال الوقت، بل عندك متسع للقيام بأيّ شيء تريد في هذه اللحظة، حتى وإن كان مجرد عدم القيام بأي شيء!
3- التواصل الاجتماعي
رغم أن سارتر قال إن الجحيم هو الآخرون، إلا أنّ دراسات علم النفس الإيجابي ترى العكس.. وهو أن وجود علاقات اجتماعية قوية في حياة الإنسان، من الأسباب المهمة التي تساعد في التمتع بصحة نفسية وحسن الحال والرضا عن الحياة. بينما تؤدي الوحدة إلى زيادة معدل الاكتئاب والمشاعر السلبية.
احرص على تخصيص وقت لتعزيز هذه العلاقات الاجتماعية.. فشريك حياتك وأبناؤك الذين تنشغل عنهم بالعمل، هم الأبقى لك بعد أن تودع شركتك بالتقاعد.. وأصدقاؤك الذين تسهر معهم في المقهى، ضروريون للحفاظ على صحتك النفسية ومواصلة العمل..
حدد وقتاً منتظماً لممارسة أنشطة مشتركة مع من تحب لتقوية العلاقة معهم.
4- الترفيه
الترفيه ليس رفاهية. بل ضرورة للحفاظ على قدرتك على الاستمرار. حسب نظرية التوسيع والبناء، لعالمة النفس باربرا فريدريكسون، فإن المشاعر الإيجابية ضرورية لزيادة الإنتاجية وتحسين الأداء الذهني. ففي التجارب النفسية، وجدوا أن الأشخاص الذين شاهدوا فيديوهات مضحكة أو مسلية كان أداؤهم أفضل في المهام التي تتطلب مجهوداً ذهنياً، أكثر من الأشخاص الذين شاهدوا فيديوهات كئيبة أو محايدة.. بل إن دراسة أخرى شهيرة وجدت أن المشاعر الإيجابية تحسّن من أداء الجهاز المناعي أيضاً!
حدد وقتاً منتظماً للأنشطة الترفيهية التي تحبها.
إلا أن السعادة لا ترتبط بالضرورة بالأهداف الكبرى، بل هي طريقة تفكير يومية يمكن التخطيط لها في بداية العام الجديد.
5- التجديد والامتنان
حسب نظرية تكيف اللذة، فإن الإنسان يعتاد كل ما هو ممتع وجميل في الحياة فيفقد تأثيره عليه. مثل السيارة التي كنت سعيداً بها يوم اشتريتها، لكنك تركبها اليوم دون أن تلاحظ أهميتها في حياتك. ونقوم بمكافحة ذلك بطريقتين..
الأولى: الامتنان.. كل عدة أيام، اكتب في مفكرتك 5 أشياء تشعر بالامتنان لوجودها في حياتك.. هذا سيعيد ضبط عقلك لملاحظة الأشياء التي اعتدتها ولم تعد تنتبه إليها.
الثانية: التغيير.. احرص على القيام بأشياء جديدة لاكتشاف مواطن سعادة لا تعرفها.. مثلما تأكل نفس الوجبة يومياً، فتشعر بالملل، بينما تجريب وجبات جديدة أو - على الأقل - إحداث تغيير طفيف في وجبتك، سيزيد من اللاستمتاع بها!
باختصار: جرّب أشياء جديدة، ومارس تدريب الامتنان، بانتظام هذا العام!