لسعادتك: كيف تمارس الامتنان؟!

د. شريف عرفة

نعرف جميعاً أن الرضا بما لدينا سبب من أسباب السعادة. وهو الأمر الذي أكدته دراسات نفسية عديدة، حيث وجد الباحثون ارتباطاً وثيقاً بين ممارسة الامتنان، وزيادة السعادة وتقليل أعراض الاكتئاب، وزيادة مقاومة التوتر والقلق، بالإضافة لتحسين العلاقات مع الآخرين!
هذا ما يؤكده الباحثون بجامعة بيركلي، في دليل إرشادي صدر مؤخراً لمقاومة الضغوط النفسية التي يواجهها مقدمو الرعاية الصحية، يحمل عنوان «ممارسة الامتنان للعاملين في مجال التمريض» يوضح الفوائد النفسية للامتنان وكيفية ممارسته بطريقة تحقق للاستفادة القصوى من نتائجه على الصحة النفسية. كثير من التدريبات العملية وردت في هذا الدليل، كان من بينها ما يلي:

تقدير التفاصيل
هذا تدريب يهدف لتقدير الأشياء الصغيرة وتعمل تأملها وملاحظتها. خصص 20 إلى 30 دقيقة من الوقت للمشي في الهواء الطلق، يفضل أن يكون وسط مظاهر الطبيعة بعيداً عن نشاط العمل.

أثناء المشي، حاول أن تلاحظ أكبر عدد ممكن من الأشياء الإيجابية من حولك. يمكن أن تكون هذه مشاهد أو أصواتاً أو روائح أو أحاسيس داخلية.
عندما تلاحظ كل هذه الأشياء الإيجابية، احتفظ بكل منها في ذهنك. لا تدعها تمر مرور الكرام. اقتنصها واستشعر جمالها، مهما كانت تفاصيل صغيرة. استحضر جمال الحياة من حولك، ونعمة كونك تعيش في هذه اللحظة متأملاً تفاصيلها الصغيرة، التي لا ينعم بها كثير من الناس. أشعر بالامتنان لهذه النِعم، ولا تتجاهل كل تفصيلة جميلة مهما كانت ضئيلة.. فكل شيء حولك مصدر سعادة، إن قرر الاستمتاع بها. تأمل تفاصيل زهرة.. أوملمس العشب.. أو صوت طائر.. أو ملمس نسمة الهواء على وجهك..
هناك أشياء جميلة في حياتنا لكننا نعتادها ولا نكاد نلاحظها.. فتعمد ملاحظتها.

الشكر
تفيد الدراسات بأن التعبير عن الامتنان والشكر إزاء شيء جيد قام به شخص آخر، له أثر إيجابي مفيد لكل من الشخص الذي يعبر عن الامتنان والشخص الذي يتلقاه.
نحن محاطون بأشخاص يساعدوننا في تحسين حياتنا.. حتي إن كان تأثيرهم بسيطاً.. هناك دائماً أفعال غير أنانية يقوم بها أشخاص مقربون منا، أو حتى أشخاص لا نعرفهم.. كسائق السيارة الذي أفسح لك الطريق أو البائع الذي ابتسم، وهو يناولك ما اشتريت.. زميلك الذي ساعدك، أو شريك حياتك أو أطفالك الذين يملؤون حياتك..

الشكر ضروري.. لكن هذا التدريب لا يجعله مجرد كلمة عابرة. بل ينصح الباحثون بأن تتضمن هذه الممارسة قول «شكراً» بالإضافة لثلاثة مكونات مهمة.. هي:
- وصف ما فعله هذا الشخص من أجلك..
- والاعتراف بالجهد الذي تطلبه هذا الأمر.
- وشرح كيف أثر فيك وانعكس عليك هذا السلوك بالضبط.
هذه الصيغة - حسب الباحثين - تحقق أقصى فائدة للشكر على الطرفين، وتعزيز العلاقة بينهما. كما يقترح الباحثون أن يقوم المرء بذلك في العمل قدر الإمكان، لأن بيئة العمل هي أقل البيئات عرضة لتقديم الشكر والتعبير عن الامتنان، حيث الجميع مشغولون بأشياء أخرى قد تنسيهم ضرورة إثارة مشاعر طيبة فيما بينهم!

التدوين
في نهاية يوم عملك، ابحث عن مكان هادئ بعيداً عن زحام العمل، حيث يمكنك الكتابة في دفتر يومياتك. أكتب خمسة أشياء أنت ممتن لأجلها. كل ما سار على ما يرام خلال يومك، أو النعم التي تتمتع بها في حياتك. حافظ على دفتر يوميات الامتنان الخاص بك مفتوحاً جنباً إلى جنب مع القلم بشكل واضح كتذكير لك. يفضل أن تكون الكتابة في وقت محدد وثابت خلال اليوم، كي تصبح عادة لديك، سواء كنت تكتب كل يومين أو مرة في الأسبوع «لا يشترط أن تقوم بهذا التدريب يومياً».

أثناء الكتابة ينبغي التركيز في التفاصيل. أن تكون محدداً قدر الإمكان. ركز في الأشياء والأشخاص والمشاهد والمواقف التي تعتبر نِعماً في حياتك. لا تكتب فقط الأشياء الجيدة التي حدثت، بل ضع في اعتبارك أيضاً، أن هناك أشياء سيئة لم تحدث! فكن ممتناً لذلك أيضاً!
هناك تنويعات كثيرة لهذا التدريب، مثل الاحتفاظ بصور وتذكارات للأحداث الجيدة التي مرت عليك وإعادة النظر فيها كل فترة. لهذا يجد الناس متعة في تآكل ألبومات صورهم القديمة، ويستعيد المرء المشاعر المصاحبة لرحلته سياحية إذا تأمل صورها واستعاد ذكرياتها!
كما يمكن ممارسة هذا التدريب شفهياً مع أطفالك، قبل النوم، بتعديد الأشياء الجميلة التي حدثت خلال اليوم أو في الحياة عموماً.