شعبان بلال (القاهرة)
تحفل الصين الشعبية بالكثير من المناطق الأثرية المميزة التي تجتذب ملايين الزوار من كل حدب وصوب، ولكن وسط العاصمة بكين يقف أقدم المباني الخشبية في التاريخ.
وتعتبر المدينة القرمزية أو المحرمة (أي لا يمكن لأحد الدخول دون إذن الإمبراطور) أحد مراكز الجذب السياحية داخليًا وخارجيًا، فالغموض الذي يصاحب الاسم يشكل فضولًا عند الزائرين، فهي قصر الإمبراطور والمتحف الذي سجلته اليونسكو كأحد مراكز التراث الثقافي.
بناها مليون مهاجر
قرر الإمبراطور تشنجزو من أسرة مينج الصينية الحاكمة للبلاد بناء قصر كبير، ولكنها تحولت إلى أحد أقدم وأكبر المباني الخشبية في التاريخ، وخصص مساحة 720 ألف متر مربع لبناء قصره الجديد، ونظرًا لضخامة البناء تقدم مليون عامل مهاجر لبنائها.
وذلك على امتداد 16 عامًا في بدايات القرن الخامس عشر الميلادي بين عامي 1406 و1420 ليتتابع عليها الحكام الصينيون، حيث عاش فيها 24 إمبراطوراً على مدار 491 عاماً، عاشوا جميعًا في المدينة التي ضمت 70 قصراً و9999 غرفة، وبينهم 90 فناءً.
يقول شريف هاشم الباحث في العمارة إن المدينة لم تكن تعرف باسمها الحالي حتى وقت إعلان الحرب بين الصين واليابان عام 1925، بل أطلق عليها الاسم لضمان حماية الآثار من التدمير أو السرقة، وفي تلك الأثناء نقلت القطع الأثرية إلى مدينة شنغهاي ونقلت الصين حينها 13427 صندوقاً و64 حزمة من الآثار الثقافية على 5 دفعات لحمايتها.
عمارة ذهبية
اختار بناة المدينة المحرمة أن تكون مستطيلة الشكل فامتدت بطول 961 متراً وبلغ عرضها 753 متراً، ولزيادة الأمان أحاط بالمدينة خندق مائي بعرض 52 متراً، وهو نموذج للقلعة المحصنة .
واحتضنت المدينة القرمزية الاحتفالات والاجتماعات السياسية الكبرى ولهذا خصص بها مكان عرف باسم القاعات الثلاث لإقامة كل المناسبات الهامة، يليهم 3 قصور رئيسية كبرى، أحدهم هو قصر الإمبراطور وعائلته.
يوضح هشام لـ«الاتحاد» أن الطوب الذهبي اجتمع مع الرخام والخشب الزان ليشكل عمارة المدينة، مضيفاً أنه بسبب صلابة المواد الثلاث حافظت المباني على قوتها ورونقها.
وتركت كل أسرة ذكرى لها داخل المدينة فهناك 420 لوحة من عهد أسرة يوان، وتركت الأسرة نفسها 310 قطع خطية، و350000 قطعة سيراميك وأكثر من 36000 عينة خزفية، والمئات من الأواني البرونزية.
تحفة نادرة
أدرجت منظمة اليونسكو المدينة المحرمة ضمن لائحة التراث الثقافي العالمي، وتحول القصر إلى متحف عام 1987.