الثلاثاء 29 يوليو 2025 أبوظبي الإمارات 45 °C
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الترفيه

«حنايا» زغوان التونسية.. نبع الحياة

«حنايا» زغوان التونسية.. نبع الحياة
19 نوفمبر 2020 00:58

ساسي جبيل (تونس)

تعد زغوان من أهم المدن التونسية، التي ما زالت محافظة على تراثها وطابعها العمراني ومعالمها المعمارية العريقة، التي تعبر في هندستها وزخارفها عن ازدهار العمارة والزخرفة فيها، حيث الشوارع والسّاحات التي تكثر فيها صنابير المياه المتدفقة، والتي تعكس ثراء وأهمية هذا التراث، في هذه المدينة أندلسية الطابع ومغاربية المعمار ورومانية المنشأ، والعربية في عاداتها وتقاليدها، ما جعلها تأبى الانصياع لتبدل الحياة السريع من حولها.

جسور معلقة
ويعتبر معبد المياه بمدينة زغوان من أهم المعالم، حيث تمّ بناؤه في عهد الإمبراطور الروماني هادربانوس، بين السنوات 117/‏‏‏ 138م، فوق مكان تنبع منه عين غزيرة، ومنه تمّ إيصال الماء إلى العاصمة تونس عن طريق الحنايا، بارتفاع 50 متراً، وهي بمثابة جسور معلقة تعلوها سواق تنبسط فوق أقواس وأعمدة شاهقة، شيّدت لنقل المياه المتدفقة، بما يقارب 32 مليون لتر يومياً.
ويبلغ طول هذه الحنايا نحو 132 كلم، بداية من جبل زغوان، حيث عين الماء، وصولاً إلى هضبة قرطاج بالضاحية الشمالية للعاصمة تونس، قبل أن يهملها الوندال ويتم ترميمها وإصلاحها فيما بعد على يد الخليفة المستنصر بالله الحفصي في القرن 13م، الذي ربطها بمناطق العاصمة وضواحيها وبمنتزهات مناطق رأس الطابية وجنان أريانة وجامع الزيتونة المعمور.
ومعبد المياه، كما يصفه المؤرخون، له شكل نصف دائري وفي الجزء الأعلى تقبع حجرة مقدسة موجهة لتعظيم الإله «نبتون»، إلى جانب منحوتات فنية تجسد حوريات الماء وعددهن 12 حورية، كما أنه يبقى نبعاً رومانياً كانت وما زالت ترتوي منه العاصمة وبعض ضواحيها منذ 19 قرناً، وهو عبارة عن معجزة هندسية، وفق تأكيد باحثي الآثار الذين أشاروا إلى أن هذا المعبد متربع على أحد سفوح جبل زغوان، على ارتفاع 1295 متراً عن سطح البحر، وكان الرومان قد قدسوا فيه المياه النابعة من تلك المرتفعات الشامخة.

الطراز الرّوماني
وفي هذا السياق، يقول الباحث التراثي محرز أحمد: «إنّ معبد المياه هو الوثيقة التاريخية الأساسية، بل تكاد تكون الوحيدة لهذه المدينة، كما أنه دليل على أهمية المياه فيها، والتّي تميزهاعن غيرها من المدن، كما أن معبد المياه هذا يعد معجزة معمارية وهندسية، وشاهداًعلى رغبة الإنسان في تلك الحقبة الزمنية في جعل حياته عصرية».
أما الباحث في علوم الآثار محمد رمضان، فقد أكد أن الحنايا تم بناؤها قبل بناء معبد المياه، حيث أمر الإمبراطور الروماني أدريانوس بتشييد الحنايا وجلب المياه من زغوان إلى قرطاج التي كانت مركز الحكم آنذاك، بعد أن اجتاحت البلاد إلى 5 سنوات من الجفاف.
وأضاف أن المعبد أقيم على الطراز الرّوماني، بطريقة تم الاعتماد فيها على حجارة، جلبت من جبال زغوان وضواحيها، بالإضافة إلى استعمال الرخام المصري واليوناني والإيطالي للزخرفة.

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2025©
نحن نستخدم "ملفات تعريف الارتباط" لنمنحك افضل تجربة مستخدم ممكنة. "انقر هنا" لمعرفة المزيد حول كيفية استخدامها
قبول رفض