فاطمة عطفة (أبوظبي)
يشارك الفنان السوري البارز نزار صابور في معرض «فن القاهرة» المقبل، الذي سيقام في المتحف المصري الكبير في الفترة من 7 إلى 11 فبراير 2025، بأحدث أعماله الفنية تحت عنوان «نواويس مصرية». والفنان صابور من أبرز الفنانين السوريين المعاصرين. تخرج في كلية الفنون الجميلة بجامعة دمشق، وحصل على الدكتوراه في فلسفة الفن من جامعة موسكو. وإلى جانب مسيرته الفنية الطويلة، يشغل منذ عام 1991 منصب أستاذ في كلية الفنون الجميلة بدمشق. وهو يعتمد في أعماله على استلهام التراث السوري بأسلوب حديث يمزج بين الأصالة والابتكار، وتتميز لوحاته باستخدام مواد وتقنيات متنوعة، مستوحاة من الأيقونات الشرقية التقليدية التي يعيد صياغتها بأسلوب بدائي يعكس القوة الفطرية للعمل الفني. وفي مجموعته الجديدة «نواويس مصرية»، يقدم نزار صابور 30 عملاً فنياً يصور فيها شخصيات مصرية وعربية بارزة، منها كوكب الشرق أم كلثوم، وتوفيق الحكيم، ونجيب محفوظ، والموسيقار محمد عبد الوهاب. وعلى الرغم من تركيز المجموعة على شخصيات راحلة، إلا أنها تتضمن اثنين من الشخصيات البارزة على قيد الحياة هما فاروق حسني، وزير الثقافة المصري الأسبق، والفنانة فيروز، الأسطورة الغنائية اللبنانية.
يقول الفنان السوري نزار صابور لـ «الاتحاد» عن تجربته الفنية مع التراث السوري والمصري: من خلال تجربتي في العمل على «نواويس سورية»، يمكن ملاحظة أن هناك تلاقياً واضحاً بين التراثين السوري والمصري فيما يتعلق بالنواويس، حيث يتشاركان في رمزيتها كوسيلة لتخليد الشخصيات البارزة، إلا أن الاختلاف الجوهري يكمن في الأسلوب الفني والرموز المستخدمة. النواويس السورية تأثرت بالفينيقيين مع عناصر رومانية وفارسية، بينما نجد في مصر تركيزاً أكبر على طقوس الموتى في العصور الفرعونية والرومانية، من خلال النقوش والتفاصيل المرتبطة بالحياة الآخرة. والاتفاق الأساسي بين التراثين هو الاعتقاد المشترك بضرورة الاحتفاظ بالروح أو تخليد الذكرى، بينما يظهر الاختلاف في الأساليب الفنيّة المستخدمة والرموز المستوحاة من البيئات الثقافية لكل حضارة.
وحول أهمية التراث الفني للأجيال الصاعدة، يقول الفنان صابور: إن التراث الفني وسيلة لتعزيز الهوية الثقافية للأجيال الجديدة، من خلال إعادة إحياء الرموز الثقافية، وتقديمها بأسلوب فني يجمع بين الماضي والحاضر. وفي نظري أن الفن يمكن أن يربط بين الأجيال عبر الزمن من خلال تخليد القيم الإنسانية، وتعزيز الانتماء والوعي الثقافي، إذ من الضروري تربية الأجيال على تقدير الشخصيات التي أثرت في المجتمع من خلال الفن والإبداع. فالتراث الفني يمثل دعامة أساسية لفهم الأجيال الصاعدة لتراثهم وتاريخهم، ما يتيح لهم القدرة على مواجهة تحديات الحاضر والأمل بالمستقبل، وهم يحملون إرثاً ثقافياً غنياً يعزّز من مكانتهم في العالم.
وعن دور المعارض الفنية في إغناء التجربة الفنية لدى الفنانين الناشئين، يقول الفنان صابور: المعارض الفنية ليست مجرد منصة لعرض الأعمال، بل هي مساحة حيوية للحوار والتعلم، وهي مساحة إبداعية للفنانين الناشئين، حيث تتيح لهم فرصة التعبير عن أنفسهم، والاطلاع على تجارب فنية متنوعة لتعزيز تطورهم الفني، والتفاعل مع جمهور واسع.
ويرى الفنان صابور أن مشاركته في معرض «فن القاهرة»، بنسخته السادسة، لا تقتصر فقط على عرض الأعمال الفنية، بل تهدف أيضاً إلى إثراء الحوار الثقافي، وتشجيع الفنانين الشباب على استلهام التراث ودمجه في أساليبهم المعاصرة. مؤكداً أن التبادل الفني بين الشعوب يساهم في تعزيز الحوار الثقافي، وفتح آفاق جديدة للإبداع، من خلال استلهام عناصر التراث الثقافي المتنوعة.