الخميس 14 نوفمبر 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

جهاز البيجر قصة طفرة تكنولوجية في التسعينيات

جهاز البيجر قصة طفرة تكنولوجية في التسعينيات
18 سبتمبر 2024 00:30

أحمد عاطف (القاهرة)
تسبب انفجار عدد كبير من أجهزة البيجر في مناطق مختلفة في لبنان في مقتل تسعة أشخاص وإصابة 2800 آخرين.
وبرز جهاز البيجر كوسيلة فعالة للتواصل السريع، وكان ثورة في عالم الاتصالات في تسعينيات القرن الماضي.
ولعب البيجر دوراً مهماً في تاريخ التكنولوجيا حيث كان بداية انطلاق في تحقيق التواصل السريع، خصوصًا في الأوساط المهنية مثل الطب، الأعمال والخدمات الطارئة.
نتناول في هذا التقرير بالتفصيل جهاز البيجر بدءًا من نشأته وتطوره مرورًا بكيفية عمله واستخداماته، وصولًا إلى الأثر الذي تركه على عالم الاتصالات، ونلقي نظرة معمقة على سبب اعتباره أحد أعمدة التكنولوجيا في وقته وكيف أحدث فرقًا في حياة الكثيرين

تاريخ جهاز البيجر
ظهر جهاز البيجر لأول مرة في منتصف القرن العشرين وتحديداً في الأربعينيات وكان هدفه الأساسي تسهيل التواصل في الظروف التي يصعب فيها إجراء المكالمات الهاتفية، إلا أن شعبيته لم تبدأ في الانتشار الواسع حتى الثمانينيات والتسعينيات.
وكان الاستخدام الأول للجهاز في الولايات المتحدة الأميركية وتم تصميمه في البداية للاستخدام داخل المستشفيات لمساعدة الأطباء على تلقي تنبيهات سريعة حول حالات الطوارئ، وحينها كان تصميم الجهاز بسيطًا جدًا ومحدودًا حيث لم يكن بإمكانه سوى استقبال إشارات أو رموز بسيطة مثل الأرقام.
بعدها بدأ بالانتشار التجاري في السبعينيات والثمانينيات حيث تطورت التكنولوجيا بشكل ملحوظ مما أدى إلى تحسين وظائف البيجر، وأطلقت شركات الاتصالات حينها خدمات أكثر تطورًا مثل القدرة على استقبال رسائل نصية قصيرة وليس فقط تنبيهات صوتية أو رقمية، وهو ما أدى هذا التطور إلى زيادة استخدام البيجر في الأوساط المهنية.
بحلول التسعينيات وصل البيجر إلى ذروة شعبيته فقد شهد إقبالاً كبيراً وكان يستخدم من قبل الملايين حول العالم، وكانت خدمات البيجر متاحة بشكل واسع من خلال شركات الاتصالات الكبرى وقد تمكن المستخدمون من تلقي رسائل نصية قصيرة تتضمن معلومات هامة أو أرقام هواتف ليقوموا بالاتصال بها لاحقًا.
في هذا الوقت تحول البيجر إلى وسيلة أساسية للتواصل السريع، ليس فقط بين المهنيين ولكن أيضًا بين الأفراد العاديين الذين كانوا يبحثون عن وسيلة موثوقة وسريعة لتلقي الرسائل.


أنواع أجهزة البيجر
تطورت أجهزة بيجر بمرور السنوات وتم تطوير عدة أنواع منها تختلف في وظائفها وتصميمها، أولها البيجر أحادي الاتجاه وهو النوع الأكثر شيوعًا ويُمكن للمستخدم من خلاله تلقي الرسائل فقط دون القدرة على الرد، وكانت هذه الأجهزة رخيصة نسبيًا وتعمل بشكل جيد في البيئات التي تتطلب تنبيهات سريعة.
ويأتي البيجر ثنائي الاتجاه كتطوير لما سبقه ويسمح لمستخدمه بتلقي الرسائل والرد عليها أيضا، وجاء هذا التطور مفيدًا بشكل خاص للأشخاص الذين يحتاجون إلى التواصل المتبادل أثناء التنقل مثل رجال الأعمال والأطباء.
وقدمت بعض الشركات أجهزة بيجر مصممة لأغراض معينة، مثل تلك المخصصة للأطباء فقط وتتميز بخصائص مثل إرسال التنبيهات الطبية المشفرة لضمان خصوصية المريض.
ويأتي تصميم الجهاز متشابهاً فهو صغير الحجم وسهل الحمل وغالبًا ما يتم ربطه بالملابس من خلال مشبك، ويحتوى على شاشة صغيرة لعرض الرسائل وذو بطارية تدوم لفترات طويلة، مما جعله جهازًا عمليًا للاستخدام اليومي.
بالإضافة إلى ذلك كانت البطاريات المستخدمة في البيجر من النوع الذي يمكن استبداله بسهولة ما يعني أنه لم يكن يتطلب شحنًا متكررًا كما هو الحال مع الهواتف الذكية اليوم.

كيف يعمل؟
التقنية التي يعتمد عليها جهاز البيجر بسيطة ولكن فعالة فهي تقنية جهاز استقبال راديوي صغير يقوم بتلقي إشارات من محطات إرسال مركزية تغطي مناطق جغرافية واسعة، يقوم المُرسل بإرسالها من خلال مركز خدمة البيجر الذي يبث الإشارة إلى الجهاز المستقبل.
وبمجرد تلقي الإشارة يظهر على شاشة البيجر رسالة وهي إما رقم يمكن الاتصال به أو رسالة نصية قصيرة وكانت النسخ المبكرة من البيجر تعتمد على الرسائل الرقمية فقط، ولاحقًا أصبح بإمكانه استقبال رسائل نصية قصيرة (SMS) تتراوح ما بين 100 إلى 200 حرف، وهو ما عزز من فعاليته في نقل المعلومات بسرعة وبدقة.


استخدامات البيجر
كان جهاز البيجر ذا استخدامات متعددة وتنوعت أهميته بناءً على الفئات التي استخدمته في ذروة شعبيته فقد كان وسيلة اتصال أساسية للعديد من المهن والصناعات، في مقدمتها المجال الطبي.
وبرزت أهميته في المجال الطبي في وقت لم يكن هناك جهاز آخر يمكن أن ينافسه خلال الثمانينيات والتسعينيات، واعتمد عليه الأطباء والممرضون بشكل أساسي خاصة في المستشفيات الكبرى والمراكز الطبية. 
واستخدمته المستشفيات في تنبيهات الطوارئ حيث كان يسمح للمستشفيات والأطباء بإرسال تنبيهات سريعة حول حالات المرضى أو الأحداث الطارئة، وكان هذا النوع من التواصل السريع حاسمًا لإنقاذ حياة المرضى، حيث يتلقى الطبيب تنبيهًا على الفور، ويعرف أنه بحاجة إلى العودة إلى المستشفى أو الرد على مكالمة معينة.
إضافة إلى ذلك فقد كان وسيلة سهلة للتواصل في الأماكن الكبيرة بين الطاقم الطبي بدلاً من البحث عن الطبيب في أرجاء المستشفى يمكن ببساطة إرسال رسالة عبر البيجر لتنبيه الطبيب بالحضور إلى مكان معين.
وفي قطاع الأعمال، كان البيجر يُعتبر أداة أساسية للتواصل بين المديرين والموظفين أثناء التنقل، ونقل المعلومات والاتفاق على الاجتماعات، كذلك مفيداً بشكل خاص في الأوقات التي لا تكون فيها الهواتف المحمولة متاحة على نطاق واسع أو كانت تغطية الشبكات ضعيفة
واستخدم الجهاز أيضا في مجال الأمن والخدمات الطارئة مثل الشرطة وخدمات الإطفاء والإسعاف، سواء كان ذلك حادثًا مروريًا أو كارثة طبيعية كانت خدمات الطوارئ تعتمد على البيجر لتنبيه الفرق بسرعة وبكفاءة.
وأخيرا الاستخدام الشخصي في فترة التسعينيات كان بعض الأشخاص يعتمدون على البيجر كوسيلة لتلقي الرسائل من أفراد العائلة أو الأصدقاء، خصوصًا في الحالات التي يحتاجون فيها إلى البقاء على اتصال مستمر ولكن دون الحاجة إلى هاتف محمول.
البيجر كان يُعتبر وسيلة اقتصادية أكثر من الهواتف المحمولة في ذلك الوقت، حيث كانت تكاليف استخدامه أقل بكثير من تكلفة المكالمات الهاتفية وكانت البطارية تدوم لفترات طويلة، مما جعله خيارًا موثوقًا للتواصل على مدار اليوم.

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©