الإثنين 16 سبتمبر 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

التراث الإماراتي.. كنزُ التشكيليين

التراث الإماراتي.. كنزُ التشكيليين
20 يونيو 2024 00:59

فاطمة عطفة (أبوظبي) 

منذ أن بدأ الإنسان القديم ينقش في الصخر أو يخط على جدران الكهوف ما يمر به من تجارب وأحداث، والفن في التراث يشكل ملامح الهوية ويغني تجارب الفنانين بأعمال جديدة تعبر عن مشاعرهم الوجدانية وتطلعاتهم الفكرية العميقة، لتصبح تلك الأعمال وقائع وآثاراً جمالية من التاريخ الثقافي في مسيرته الإنسانية. 
وحول هذا الينبوع الفني العريق الذي أبدعه شعب الإمارات، يقول الفنان محمد الأستاد: التراث الإماراتي بحد ذاته ثقافة إنسانية اجتماعية راقية متجذرة بنيت عليها الحضارة والتطور في المنطقة، ومفردات التراث الملموسة كانت وما زالت مواضيع أعمال الفن التشكيلي الإماراتي من سفن صيد وحرف يدوية بحرية، ومفردات البيئة البدوية والجبلية، كلها كانت مصدر إلهام للعديد من الفنانين والكتاب والشعراء وغيرهم من الباحثين عن الجمال وصوره. وقد أبدع الرسامون والنحاتون في إنتاج العديد من الأعمال الفنية التي تحكي تراث وكنوز الماضي الجميل، ناهيك عن القصص التراثية والخراريف وغيرها التي تعد منبعاً جميلاً للسرد والكتابة والبحث.
وعن دور الزخرفة والخط في التراث وتأثيراته على فن التشكيل، يقول الأستاد: الزخرفة والخط العربي يكملان بعضهما في الكثير من أعمال الخط العربي. وقد استمد الكثير من الخطاطين المعروفين إلهامهم في مواضيع لوحاتهم من الكنوز التراثية الأصيلة، من المقولات والشعر والحِكم. وهذا يؤكد أهمية منتج الخطاط العربي في حفظ التراث ويرفع من قيمته، مبيناً أن الفنانين التشكيليين والنحاتين أبدعوا كذلك في دمج الخط العربي والزخرفة في أعمال فنية متكاملة لوحات كانت أم منحوتات.
وعن جديده الفني يقول الفنان محمد الأستاد: أعمال فن دانات الشواطئ هي الأساس حالياً، وأنا مستمر في تطوير هذا الفن المبتكر منذ سنة 1998، وتعدت الأعمال كونها لوحات تعلق على الحائط إلى مواضيع أخرى مثل المنحوتات والأشكال المختلفة لتكون على الأرض، ومنها ما يتم تعليقه من السقف حتى الأرض، ولا تحكم هذه الأعمال المساحات ولا الأحجام. ولكن لا تزال الأعمال الواقعية التي توثق وتؤرخ للتراث موجودة وحاضرة بقوة مثل لوحة جسر المقطع.

جديلة سعف
من جانبه، يقول الفنان السوري أحمد معلا: التشكيل في الإمارات جديلة سعف تتضافر متجهة نحو الأعلى، كجذع نخلة، يرتقي بفضل الجهود المخلصة للفنانين الناشطين في البلاد، سواء الفنانون الإماراتيون أو الفنانون المقيمون في الإمارات، حيث يسعون بين البحث عن هوية محلية وانتماء للثقافة العالمية، فتجوب تجاربهم آفاقاً متنوعة واتجاهات متعددة وصياغات تتكاثر حاملة وعودها وآمالها لغدٍ مضيء، بين التقليد والتجديد والحداثة والتأثر والتأثير، في حيوية مرتبطة بالشروط التي تفرضها صالات العرض والقيمون على المعارض والمؤسسات الثقافية الخاصة والعامة. التراث المحلي ينمو عضوياً في جسد المنتج المعاصر، والنص الإبداعي التشكيلي، وهو خيار متاح للتناول والتطوير والتطويع والمعارضة. إنه ارتسام للماضي في الحاضر، ومنهل إبداعي، يتمظهر بأشكال مختلفة تأليفاً وتشكيلاً، مرجعاً أو مستنداً. 
ويشير أحمد معلا، إلى أن بعض الميول تقود لاعتماد الخط أو الزخرفة في الإنشاءات والتراكيب التشكيلية، وتستعذب العلاقة مع مفردات مألوفة يعيد الفنان إنتاج هيئتها أو قوامها، حضورها أو تجليها، ساعياً إلى بلورة مفاهيم يتم تطويعها لمصلحة دوافع إيديولوجية أو مزاجية، فالعمل التشكيلي أولاً وأخيراً هو مجموعة من الخطوط والألوان المتجاورة متشاركة الحضور قاصدة الجمال. 

ميزة خاصة
ويرى الفنان محمود الرمحي، أن الحضارة الإنسانية مبنية على السلام والمحبة والتعاون والتطور والبناء والإبداع الجماعي في خدمة الإنسان، وهناك شعوب حكمت مساحات شاسعة من الأراضي، لكن لم تستطع أن تضيف للذاكرة البشرية لمسة حضارية واحدة. ويضيف قائلاً: في المقابل هناك شعوب عملت على نشر العلوم والتطور والإبداع والبناء في جميع مجالات العلوم والفنون، ثم رحلوا، لكن تأثيرهم لا يزال كبيراً على العقل والتفكير والسلوك البشري إلى يومنا هذا. إن تجربة الحركة التشكيلية في الإمارات في مطلعها كانت تتميز بثلاث خصال: أولها التنوع بالمدارس والأفكار، ثانيها النضج، ثالثها قبول جميع الأفكار والحوارات، مما منحها تميزاً في المنطقة، حيث يوجد الفنانون والمبدعون ولا يزالون في جميع المجالات الفنية التشكيلية والأدبية، مروراً بالمعمارية والموسيقى وغيرها، سواء كانوا من المواطنين أو المقيمين باختلاف المنطقة التي أتوا منها، لكنهم استطاعوا أن يصلوا جميعاً وبطريقة طبيعية إلى اتحاد الأهداف الثلاثة التي ذكرتها.
ويشير الفنان الرمحي، إلى أن هوية الإنسانية هي ميزة خاصة لكل مجتمع، وهدف التطور الطبيعي للمجتمعات والأفراد والرقي الفكري والأخلاقي من أجل المصلحة والفائدة العامة، مؤكداً أن الثقافة المحلية العربية مليئة بالتجارب والقيم الأخلاقية والإبداعية في جميع المجالات، البعض يقول لبعض التجارب السابقة مثال الخط وصل إلى قمته والكلمة وصلت الاكتمال، ولكنني أرى أن المبدعين من الفنانين التشكيليين في الإمارات وغيرهم أمامهم مساحات شاسعة ليملؤوها بإبداعاتهم وفنونهم وثقافتهم، شريطة أن يكون هذا الإبداع والعطاء من أجل المجتمع والوطن والإنسانية، كما هي بنية الثقافة المحلية والعالمية والعربية.

القاعدة الأساسية
من جهته، يقول الفنان مطر بن لاحج: نحن نعرف بعمق معنى التراث، وهو القاعدة الأساسية لنا بفن التشكيل، ومن بداياتنا كنا نجسد طرق التدريب وعندنا مخزون عريق عن طريق التراث المتاح في ذلك الوقت، لأننا في بدايتنا كنا مرتبطين جداً بالتراث الإماراتي، وهو أسس لنا قاعدة كبيرة. أما بالنسبة لعلاقته بالثقافة فهذا مؤكد، لأن إنتاج الفن التشكيلي هو عبارة عن إنتاج ثقافة وهي مرتبطة بفن التشكيل، والنقاط المهمة الموجودة بالتراث الإماراتي لها دور كبير في تشكيل شخصية الفنان الإماراتي.
أما بالنسبة لي، فالتراث الإماراتي كان له دور كبير في تأسيس الخيال بين العناصر الفنية وما زالت موجودة، وهي أدوات تدريب كاملة بشكل كبير. لذلك قاعدتها بالنسبة لي مهمة جداً، وسوف يطول الكلام عن العلاقة لأن الفن التشكيلي قاعدة أساسية في دولة الإمارات، وهو يمثل واجهة من الواجهات العالمية، وإذا كان الفن التشكيل يمثل هذه الواجهة، فلا بد أن نكون مرتبطين بعمق أساسي بالتراث الإماراتي.

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©