عدد اليوم
هويدا الحسن (العين)
عند الحديث عن المسرح الموسيقي أو الغنائي لا نستطيع أن نقول إنه تيار حديث في المسرح، لأن استخدام الموسيقى والأناشيد المغناة يرتبط ارتباطاً وثيقاً بنشأة المسرح قديماً في اليونان القديمة، حيث كانت الأناشيد جزءاً أصيلاً من العمل المسرحي، وكانت تؤديها عادة الجوقة للتعليق على الأحداث. وقد استمر استخدام الأناشيد المغناة والموسيقى في المسرح الروماني بعد ذلك، وتطور استخدامهما عبر مراحل تطور المسرح المختلفة.
ويعرف الكاتب «لويس فرجاس» المسرح الغنائي في كتابه «المرشد إلى فن المسرح» بأنه «عرض مسرحي يتخلله عدد من الأغاني والأناشيد التي تدعم مضمون النص. والمسرح الغنائي هو جنس فني مركب له خصائصه ومقوماته ويعتمد على أشكال عدة من الفنون الأدائية، كالشعر والموسيقى والغناء والرقص، في تقديم أحداث العرض المسرحي».
لغة الغناء
ويصنف بعض النقاد المسرح الغنائي بأنه أكثر أنواع المسرح التي تشتمل على مختلف أنواع الفنون، وكما سبقت الإشارة، فهناك الموسيقى كعنصر أساسي، ويستبدل الحوار في معظم أجزاء المسرحية بالغناء للتعبير عن الأحداث والمشاعر، وكذلك الرقص التعبيري الذي يعبر عن الحالة النفسية للشخصيات بالأداء الحركي. وقد تنوعت صور المسرح الغنائي الغربي بين الأوبرا والأوبريت والكوميديا الموسيقية وغيرها من الأنماط المختلفة، ولكن يبقى أن كل شكل منها يمثل جنساً فنياً قائماً بذاته. وتعود نشأة المسرح الغنائي بمفهومه الحديث في الولايات المتحدة الأميركية إلى عام 1866 على يد «تشارلز إم بارس» من خلال مسرحيته «الوغد الأسود» التي عرضت للمرة الأولى في مسارح غاردنر في نيويورك في سبتمبر خلال 1866. وفي أوروبا تبلور على يد جيلبرت وسوليفان في بريطانيا.
وقد ازدهر المسرح الموسيقي وتطور خلال القرن العشرين، حيث قدمت أعمال فنية كبرى أشهرها موسيقى الحي الغربي عام 1957، ومسرحية البؤساء 1985، وشبح الأوبرا 1986، و«إيجار» 1996، و«المنتج» 2001، و«الشرير» 2003. ويتم تقديم المسرح الموسيقي في جميع أنحاء العالم حيث يلاقي إقبالاً جماهيرياً كبيراً، ويقدم بمسارح كبرى مثل مسارح برودواي ولندن في بريطانيا ومسرح نيويورك بالولايات المتحدة الأميركية.
عناصر العرض
وإذا كانت الموسيقى والكلمات هما حاصل المسرحية الغنائية، إلا أنها تعتمد أيضاً على استخدام مختلف عناصر العرض المسرحي من ديكور وإضاءة وملابس، واستخدام التقنية والتكنولوجيا لتكامل عناصر العرض، وهو ما يجعل تكلفة إنتاج العروض المسرحية الموسيقية مرتفعة للغاية. ويقع تفسير المسرحية الغنائية عادة على عاتق فريق إعدادها الذي يشمل المخرج والمخرج الموسيقي ومصمم الرقصات وموزع الأغاني، ويتراوح طول العرض المسرحي بين العروض القصيرة التي تتكون من فصل واحد إلى الطويلة المكونة من عدة فصول، ولكن غالباً ما تقدم المسرحيات الغنائية في فصلين بينهما استراحة قصيرة. وهناك مقولة شهيرة يعتمدها أصحاب العروض الغنائية تقول: «عندما تصير العاطفة أقوى من الكلام نغني، وعندما تصير أقوى من الغناء نرقص»، وهذا هو اختصار التعريف لذلك الشكل الفني المميز والمختلف من المسرح.
