الأربعاء 13 أغسطس 2025 أبوظبي الإمارات 36 °C
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

نشأة الرواية.. سردية الإنسان القديمة الجديدة!

نشأة الرواية.. سردية الإنسان القديمة الجديدة!
5 ابريل 2023 01:44

هويدا الحسن (العين)

الحكي من أقدم أنواع الفنون التي مارسها الإنسان بالفطرة منذ قديم الزمان وحتى قبل أن يعرف اللغة المكتوبة، فإنسان الكهف عرف الحكي من خلال الرسم البدائي على جدران الكهوف حيث كان يسجل من خلاله أحياناً مشاهد من حياته اليومية وما قد يشاهده أحداث ومناظر طبيعية. وربما استخدم أيضاً الرقص ولغة الجسد ليحكي جوانب مما صادفه أثناء رحلات صيده ومصارعته للحيوانات المفترسة بحثاً عن طعامه. ومع تطور وسائل حياة الإنسان وثقافته تطورت أيضاً طرق استثمار واستخدام اللغة، وأصبح الحكي منطوقاً ومتداولاً من خلال اللغة عبر ذاكرات الأجيال.
وفي الحضارات القديمة، أنتجت مخيلة الإنسان ما يعرف بالأساطير وأضفيت على أبطالها  صفات خارقة ومفارقة للواقع، مثلما هو الحال في مدونة الأساطير في مصر القديمة وبلاد وبلاد الرافـديــن وبلاد الإغـريق وغيرها من الحضارات القديمة.

أنماط سردية
وفي الأزمنة الحديثة والمعاصرة تعرّف الرواية بأنها أحد أشكال القص النثرية المتعددة، وتشترك مع الأنماط السردية الأخرى مثل الملحمة والقصة القصيرة و«النوفيلا» بخاصيتين أساسيتين هما: وجود قصة، ووجود راوٍ.
ويعتقد أن الرواية الحديثة والمعاصرة تطورت عن أشكال سردية أخرى بكيفية يصعب معها تحديد تاريخ لنشأتها، ولكن بعض الدارسين الغربيين يعتبر رواية «دون كيشوت» للأديب الإسباني سيرفانتس، التي كتبت بين عامي (1605-1615)، بداية لظهور الروايات الواقعية في الغرب، وهي تحكي عن رجل مجنون يسعى للعيش وفقاً لقيم ومثل «الرومانس» ذات الأخلاق العليا كأخلاق الفرسان! ولكن، مع ذلك، تظل رواية سيرفانتس على رغم شهرتها الواسعة مجرد إرهاص من إرهاصات ظهور فن الرواية الحديث والمعاصر.
 أما الرواية في شكلها الحديث كما نعرفها الآن، فقد ذهب بعض النقاد والدارسين إلى أن أول ظهور حقيقي لها كان مع صدور روايتي دانيال ديفو الموسومتين «روبنسن كروزو» عام 1719 و«مول فلاندرز» 1722، وكلتا الروايتين من نمط قصص «البيكاريسك» حيث تدور كل واحدة منهما حول سلسلة أحداث مترابطة، لكونها لا تحصل لشخصية واحدة فحسب. غير أن الشخصية الرئيسية في الروايتين تبدو مقنعة للغاية وتعيش في عالم متماسك ومحدد، وكل هذه العوامل جعلت أولئك النقاد ينظرون لديفو، باعتباره أول من كتب الرواية الواقعية.
أما أول رواية نفسية، فهي رواية «باميلا» التي كتبت بين عامي (1740-1741) لكاتبها صاموئيل ريتشاردسون، وهي رواية مكتوبة بشكل سلسلة رسائل تتصف بعناية تخطيط الكاتب للحالات العاطفية. أما رواية ريتشاردسون الثانية «كلاريسا» (1747-1748) فيرى بعض النقاد الغربيين أنها تفوق روايته الأولى من حيث الأهمية. ووفق هذا الرأي، يعد كل من ديفو وريتشادسون أول كاتبين بارزين للرواية باعتبار أنهما لم يعتمدا في حبكة رواياتهما على الأساطير، أو التاريخ، أو الخرافات، أو الأدب السابق، وإنما وضعا الأساس لفن الرواية باعتبارها وصفاً أميناً لحيوات الأفراد الحقيقية.

شعبية الرواية
وقد لقيت الرواية رواجاً كبيراً منذ القرن الثامن عشر لتصبح أكثر الأشكال الأدبية انتشاراً بين القراء، بعد أن حلت محل الشعر والمسرحية ربما لقربها من حياة الأفراد العاديين. وتزايدت شعبية الرواية بعد ذلك لأن مجالها الاجتماعي بدأ في الاتساع ليشمل شخصيات وقصصاً من الطبقة المتوسطة وما دونها من طبقات. وما تزال الرواية تستحوذ على اهتمام كبير في وقتنا الحالي وقد تنوعت أشكالها، فظهرت الرواية الاجتماعية والتاريخية والعاطفية والبوليسية وروايات الخيال العلمي وغيرها من الأشكال السردية السائدة الآن.

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2025©
نحن نستخدم "ملفات تعريف الارتباط" لنمنحك افضل تجربة مستخدم ممكنة. "انقر هنا" لمعرفة المزيد حول كيفية استخدامها
قبول رفض