سعد عبد الراضي (الشارقة)
الدكتور وائل فاروق أستاذ اللغة العربية وآدابها بجامعة ميلانو، صاحب جهد وتجربة في خدمة لغة الضاد، وحمل وقارها إلى عوالمها التي تستحقها، فمنذ أن بدأ العمل في جامعة ميلانو في عام 2012، عندما وجهت له الدعوة لتأسيس قسم للغة العربية بها، حقق في عشر سنوات إنجازات كبيرة ومشهودة في خدمة اللغة العربية على المستوى العالمي، حيث وصل عدد الدارسين في قسم اللغة العربية بجامعة ميلانو إلى أكثر من 500 طالب، بالإضافة لثمانية محاضرين وباحثي دكتوراه، وذلك من خلال ابتكاره لطريقة جديدة في تدريس اللغة العربية للناطقين بغيرها أثبتت نجاحها، حيث يتعلم هؤلاء الطلاب لغة الضاد داخل فصولهم في 200 ساعة فقط.
وخلال مشاركته في معرض الشارقة الدولي للكتاب 2022 تحدث د. وائل فاروق عن هذه التجربة، قائلاً: تجربة التدريس في جامعة ميلانو مهمة جداً للثقافة العربية، لأن هؤلاء الطلاب الذين يتعلمون اللغة العربية في الجامعة سيكونون محامين وسيقفون في الصف الأول الذي يدافع عن القضايا والثقافة العربية في الغرب، بعدما درسوها وقضوا سنين في تعلمها وفي محبتها.
وعن قصة المخطوطات العربية بمكتبة الأمبروزيانا بميلانو والمعروض جزء منها بمعرض الشارقة الدولي للكتاب بعد ترميمها يقول: إن التواصل الحضاري والعلاقة بين العالم العربي والإسلامي وبين العالم كله علاقة ممتدة، ونهر يجري لم ينقطع أبداً، وهذه المكتبة تم إنشاؤها في بداية القرن السابع عشر، وتحديداً عام 1601، ولأن الثقافة العربية كانت ثقافة العلم، ومرجعية الفنون، كان من تقاليد المكتبات الكبرى أن تقتني أكبر عدد ممكن من الكتب والمخطوطات العربية، فقام مؤسس هذه المكتبة باقتناء ما يقرب من 3000 مخطوطة عربية، ولكن للأسف هذه المخطوطات ظلت خارج دائرة الاهتمام والدراسة والبحث لقرون طويلة.
اكتشاف الكنوز
ويضيف د. وائل فاروق: المكتبة أنتجت بعض الفهارس لهذه المخطوطات، ولكنها لم تكن متاحة بشكل عام للدارسين ككل، فقط لبعض الدارسين، حيث كانوا يعرفون بوجود بعض المخطوطات النادرة في الطب وكتاب الحيوان للجاحظ، ولكن مجموع المخطوطات بشكل عام كان مجهولاً، وفي زيارة لي إلى المكتبة عندما كنت أعد لكتاب جديد عن رسائل إخوان الصفا، وذهبت إليها للبحث عن مخطوطة، اكتشفت هذه الآلاف المؤلفة من المخطوطات ذات الأهمية الاستثنائية، التي يعود كثير منها إلى القرن الثاني الهجري.
وعن قصة وصول بعض هذه المخطوطات لمعرض الشارقة الدولي للكتاب، قال: العلاقة مع الشارقة وصاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، علاقة وثيقة، فسموه شخصية ثقافية مستنيرة، وكذلك العلاقة مع هيئة الشارقة للكتاب ورئيسها أحمد بن ركاض العامري، علاقة قديمة، فقد كنا شركاء في إقامة أكبر مهرجان ثقافي عربي بأوروبا في الجامعة الكاثوليكية في ميلانو، وأشرت إليهم بوجود هذه المخطوطات، فذهبنا لمشاهدة بعضها وقررنا فوراً ترميم المخطوطات المعرضة للخطر والتلف، حتى تكون متاحة للباحثين ولاستكشاف هذا الجزء المحجوب من التراث والثقافة العربية.
حاكم الشارقة
ويعلق د. وائل فاروق على الحوار الذي دار بينه وبين صاحب السمو حاكم الشارقة أمام المخطوطات الثمينة في المعرض، قائلاً: كنت أقدم له هذه المخطوطات، واكتشفت أن عنده معرفة وافرة بتاريخ العديد من المخطوطات والكتب، وتحدثنا عن طبعات مختلفة للقرآن الكريم، ولم تكن هذه المخطوطات مفاجئة له، ولكن أثارت الكثير من المعارف لديه فأفاض علينا ببعضها، ونحن نشاهد هذه المخطوطات النادرة، وسموه في الحقيقة متحمس جداً لأن هذا مما يبقى في الأرض وينفع الناس.
وعن الدور الذي تقوم به المؤسسات الثقافية بالإمارات لتعزيز حضور اللغة وآدابها عالمياً، يقول فاروق: تقوم بدور عظيم جداً، وبدأنا نرى ثمار هذه الجهود، وأنا شخصياً من خلال ترميم ورقمنة المخطوطات أستطيع القول إن ما يتم إنتاجه في الإمارات ثقافياً ليس بدافع التفاخر، وإنما عمل حقيقي يبقى وينفع الناس، وهذا هو المعيار الأساسي.